سامي النصف

معنى أن تكون وطنياً هذه الأيام!

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني ان تدوس بقدمك على الدستور بحجة حمايته! وتقفز على القانون وتمنح كباباوات القرون الوسطى صكوك الغفران الوطنية لمن يسبح بحمدك، وتحرمها عمن يكشف خداعك وكذبك..

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني أن تفخر ـ بدلا من ان تخجل ـ من تحويلك ديموقراطية القدوة الحسنة التي أنشأها الآباء الحكماء المؤسسون الى ديموقراطية القدوة السيئة القائمة..

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني ان تفخر ـ بدلا من أن تخجل ـ من تسببك في إلغاء مشاريع الدولة الكبرى كحال الـ B.O.T الذي قامت عليه نهضة الكويت العمرانية الحديثة قبل إلغائه، والداو كيميكال الذي كان حلمنا الكبير ببيع النفط كمشتقات وليس كمادة خام وقد تبنت الشقيقة العاقلة السعودية تلك الشراكة مما يثبت صحتها، والمصفاة الرابعة التي كانت ستؤهلنا لبيع مشتقاتنا النفطية لدول مجاورة كإيران والعراق، وإلغاء مشروع تحديث أسطول «الكويتية» الذي تسبب في قتلها ولم يبق إلا إصدار شهادة الوفاة لها عاجلا أو آجلا.

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني اتهام الوطنيين الحقيقيين ومحبي الكويت الصادقين في ذممهم المالية وتشويه سمعتهم على الملأ دون دليل أو قرينة، وكل يرى الناس بعين طبعه..

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني أن تدخل مضمار الوطنية المتباكى عليها وانت لا تملك شروى نقير فتستغل غفلة البسطاء وانفعال الأغبياء لتبيع مشاعرهم الصادقة على من تريد لقاء الملايين من الدنانير.. والعملات الأخرى!

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني ان تستهدف أي مسؤول شريف عفيف على هويته وتمنعه من خدمة وطنه وتصمت صمت الحملان على السراق والمتجاوزين لأن هويتهم تلقى هوى في نفسك..

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني ان تبيع أرضك ووطنك في أسواق النخاسة الدولية كي يصبحا ملعبا آخر لصراعات الدول الأخرى فيتحول أمننا الى خوف ورغد عيشنا الى عوز، وما الغزو عنا ببعيد.

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني ان تعمر بلدانهم وتدمر بلدك وتصمت عندهم وترفع صوتك عندنا وتحترم وتجل مسؤوليهم وتقل أدبك أمام مسؤولي بلدك..

أن تكون وطنيا ملتزما بالدستور هذه الأيام يعني ان تقتله باسم حمايته وتمدح مؤسسيه عبر مخالفة ما خطوه وكتبوه وأوصوا عليه ولو عادوا للحياة لسحبوا رداءه الذي تتدثر به كي تخرج العقارب والثعابين والذئاب والضباع المختبئة تحته.

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني ألا تمانع في تفتيت الوطن عبر تشجيع القبلية والفئوية والطائفية وتجعلها طريقك لحصد الأصوات بأمل الوصول للكراسي الخضراء التي يهون كل شيء في سبيل الوصول اليها.

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني ان تكون سيد التحريض والتأجيج والفوضى والخروج على القانون تحت دعاوى الحفاظ على الدستور.

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني ان تقسم وتفتت الشعب الكويتي وتخدعه فتصبح ـ لأجل الوصول لأهدافك الشيطانية ـ حضريا مع الحضر وقبليا مع القبائل وسنيا مع السنّة وشيعيا مع الشيعة ومعارضا مع المعارضة (بالعلن) وحكوميا حتى النخاع مع الحكومة (بالسر) وكله باسم الوطنية والرزق كما يقال.. يحب الخفية!

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني ان تطلب منا ومن الآخرين ان نعترض على ما يقوله جويهل ـ وهو ما نفعله ـ إلا انك تشجع بالمقابل مائة جاهل كبير يشتمون شرائح المجتمع الأخرى عبر تسميتهم بـ«الكلاب» ـ أجلّكم الله!

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني أن تقلب آراءك السياسية كتقلب الرياح الأربع فتذمّ من أوصلتهم بنفسك إلى المجلس عبر انتخابات ممنوعة وتمدح من لم يجف حبر قلمك في قدحهم.

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني أن تخلق إعلاما «شديد الفساد» يستسهل الخداع ويحترف التزوير ويمتهن الكذب ويستمرئ شتم الشرفاء عبر الردود المصطنعة ثم تتحدث عن… الإعلام الفاسد!

أن تكون وطنيا هذه الأيام يعني أن تقسم الناس المتساوين أمام الله وأمام الدستور حسب فكرك الفاسد الى دماء حمراء ودماء زرقاء ولا مانع لديك بالطبع ان تكتب في صحف من تسميهم بـ «أصحاب الدماء الزرقاء» وأي كذب ونفاق وخداع اكثر من هذا؟!

آخر محطة:

أن تكون وطنياً هذه الأيام يعني أن تدعي الحب «الزائف» لبعض شرائح المجتمع، ثم تضر بهم عبر التحريض الدائم لهم ومحاولة تصويرهم بأنهم ضد الشرعية والدولة والقانون، مستغلا قلة قليلة تحركهم كما تشاء، لا يعلم أحد إن كانوا كويتيين أم لا، متناسيا أن أبناء تلك الشريحة الكريمة كانوا ومازالوا أحد أهم عوامل الاستقرار في البلد، والأقرب الى النظام الذي ينتمون اليه بصلات القرابة والنسب والمودة التاريخية، وانهم بفطنتهم وحكمتهم وذكائهم كفيلون بـ «إطفاء» النيران التي تحاول إشعالها.. في البلد وفيهم!

احمد الصراف

نواب الشهوات ومايوهات البحار

اجرى المحاضر الأميركي فرانسس بويل Frances Boyle، الذي له عدة انشطة على المستوى الدولي سواء مع السلطة الفلسطينية او حكومة بوسنيا او منظمة العفو الدولية، مقابلة انتشرت على الانترنت تحدث فيها عن الممارسات العدوانية التي طالته في الفترة الاخيرة من جماعات الضغط الصهيونية في أميركا بعد ان اشتهر بمواقفه المؤيدة للفلسطينيين وقضايا العرب والمسلمين. وقال انه لا يستثني اي هيئة او مؤسسة تعليمية كبرى في أميركا من تهمة التحيز، سواء كانت «ييل»، «هارفرد» او غيرهما، فجميعها تعاملت معه بعنصرية واضحة، كما انها، وفق قوله، منافقة ومتناقضة في كل امر يتعلق بالفلسطينيين، وانه منع من القاء محاضراته في جامعات كثيرة، ووصل الامر إلى قطع التمويل عنه وعدم دفع مصاريف تنقلاته!
وعندما قمت بتوزيع رابط المقابلة على قائمة بريدي الالكتروني، وردني تعليق من الصديق محمد ثابت المثقف الأميركي المصري الاصل، قال فيه انه، ومن واقع خبرته الطويلة في أميركا، يتفق مع البروفيسور بويل فيما ذكر، وان اليهود يسيطرون على كبريات المؤسسات التعليمية واقوياء بدرجة كبيرة ولهم نفوذ في المال والاعلام والتعليم! ولكن قوتهم لم تنبع من رغبتهم في قتل انفسهم والغير معهم، ولا في القيام بعمليات ارهابية، ولا في خلافات طوائفهم بعضها مع بعض، ولا في اختلافهم على اتباع تعاليم سلف اليهود والصلاة عدة مرات في اليوم مثلاً، بل جاء كنتيجة طبيعية لتفوقهم التعليمي والثقافي العالي وحماستهم ورغبتهم في مساعدة بعضهم البعض، وقال ان من الحقائق المعروفة في أميركا ان افضل الكتاب يهود، وافضل العقول في الاقتصاد يهود، واهم الادمغة في العلوم والطب يهود، كما أنهم يشكلون اكبر اثنية بين خريجي هارفرد و«أم آي تي» وييل، وبقية اعضاء نادي الجامعات الخمس الكبرى، أو الــIV.
كما يعتبر غالبية، ان لم يكن جميع، اعضاء الكونغرس اليهود من المبرزين في مجالهم، وحتى افضل كوميديي أميركا وكتاب السيناريو والمخرجين العظام هم من اليهود، ويعتقد السيد ثابت ان ليس هناك من سبيل للتغلب على النفوذ اليهودي، او الصهيوني، في اميركا بغير الاقتداء بهم في كل او بعض مجالات تفوقهم، والى ان يحدث ذلك، ان حدث، فسيستمر النفوذ اليهودي طاغيا في أميركا! انتهى التعليق.
وبمناسبة الحديث عن تقاعسنا في كل مجال، فانني أتذكر حملة قامت بها مجلة الحوادث اللبنانية في 1966، او 67 لجمع مبلغ يكفي لنشر اعلان على صفحة كاملة في «النيويورك تايمز»، نطالب فيه دول العالم الغربية باصدار وعد بلفور جديد لوطن قومي للفلسطينيين! بعد شهر تقريباً اعتذرت المجلة بان ما استطاعت جمعه من مال كان مخيباً، وبالتالي اعادت لنا، نحن السذج، تبرعاتنا! ولا أعتقد ان الوضع والوعي «العقلي» لدى شعوبنا اصبحا افضل مما كانا عليه قبل نصف قرن تقريباً، فعلى الرغم من كل التحديات التي تحيق بنا وتهدد كامل وجودنا، فان لدى نوابنا الوقت والجرأة لاقتراح شكل المايوه النسائي على شواطئنا، في الوقت الذي لم يترك فيه البعض من هؤلاء شهوة في شبابه الا ونال منها حتى الثمالة، جنسا وشربا ولعبا ولهوا!

أحمد الصراف