محمد الوشيحي

خذا وانتظرا

صباحاتكما عسل أيها العملاقان، أستاذ محمد عبدالقادر الجاسم ودكتور عبيد الوسمي، كلٌّ في محبسه. افتحا أيديكما لتتلقفا الأخبار… لكن قبل ذاك سأروي لكما حديثاً مختصراً دار بيني وبين أحد الأصدقاء عندما سألني مستنكراً: «هل تعلم ما هي قيمة صفقة (الهراوات والمطاعات) التي تنوي الحكومة شراءها؟»، فأجبته: «لا، لكنني أعرف ما هي قيمة المواطن عبيد الوسمي الذي تعرض للضرب بها، وأعرف قيمة نواب الأمة الذين مرت على ظهورهم هذه الهراوات».

عن الأخبار تسألان؟ لا جديد يستحق الحبر، إلا أن بعض النواب سقط من على صهوة كرامته فداستهُ أقدام الناس، وهو مَن كنا نراه فارساً.

عن الجديد تستفسران؟ لا شيء يستحق الالتفات إلا أن البعض يتساءل عن معنى مصطلح «الاعلام الفاسد»، وأستأذنكما للإجابة عن هذا السؤال: «الإعلام الفاسد أيها السائل اللزج، ربما هو الذي يدعمه ثريّ فاسد، أو ربما هو الإعلام الذي يدعمه المسؤول «النيروني» الذي لا يهمه سوى البقاء على قيد المنصب ولو احترقت روما، أو ربما هو إعلام تدعمه الرياح الشرقية التي ماتزال خفيفة السرعة، لكنها بالتأكيد ستتحول إلى عاصفة جارفة قريباً، أو ربما هو الإعلام الذي جمع كل هذه «الربماءات»… الإعلام الفاسد هو الذي يتكتم على حالة الزميل «محمد السندان» الصحية، وهو الإعلام الذي يقلب الحقائق على بطونها، فيصوّر الخرائب بساتين، والبساتين خرائب، ويُظهر نواب الأمة وأبناء الوطن المحترقين عشقاً «مؤزمين ومشعلي حرائق».

لا جديد إلا أن النائب الفذ مسلم البراك مندهش من كل هذه الكاميرات التلفزيونية والمايكروفونات التي توضع أمامه في كل ندوة ولا تنقل ما يقوله هو والمجتمعون… هو لا يعلم أن الكاميرات تلك إنما جاءت لتكون «شاهد إثبات» عليه إذا خرجت منه كلمة يمكن «تكييفها» كقضية أمن دولة، كما هي الموضة الآن. هو لا يعلم أن الكاميرات تلك «تركّزت» أمامه ليستمع أصحاب القناة لما يقال ويعرفوا عدد الحضور (يهمهم كثيراً عدد الحضور)، هو لا يعرف أن الكاميرات جاءت لتسجل كل ما يقال في الندوة، لتتم بعد ذلك «منتجته»، ويتم قطع هذه الجملة ولصق تلك بتلك، قبل أن يعرضوها على الناس مشوّهة الوجه مبتورة الأصابع. البراك لا يعرف أننا تجاوزنا مرحلة «الإعلام الفاسد» إلى «الإعلام المفسد».

لا جديد يستحق النهوض من الفراش وارتداء النظارة الطبية، إلا أن من كان يُتقن الكذب ويجيد الخداع، تخلى عن «الإتقان والإجادة»، وبات يقدم لنا الأكاذيب مكشوفة ضخمة يمشي على زنودها التيس، دون حتى أن يكلف نفسه تغليفها، ولو بغلاف رخيص من الصناعة الصينية، أو بكيس جمعية.

لا جديد… إلا أن الكويت تعيش في آخر لحظات الليل الطويل، لم يتبقّ على «الشروق» إلا قليل. تفاءلا، وشاركانا في نظم قصيدة ترحيب بالشمس التي تأخرت على غير عادتها… والغايب عذره معه.

هذه هي آخر تفتيحاتنا من الأخبار، خذاها وانتظرا كراتين الأخبار التي سنعرضها قريباً… دمتما عاشقين.

سامي النصف

كويتيون ضد كويتيين

في زمن الانفعال والجنون تقفل العقول ويفوت علينا جميعا بديهيات ما كان لها أن تفوت ومن ذلك:

– في القضية الأصلية التي بنيت عليها الإشكالات الحالية ونعني قضية الشيك الشهير، فالمنطق والبداهة يفرضان علينا خيارين، أولهما صحة ما قاله محامي الرئيس من أن الشيك كان ثمن خدمة قانونية وعليه لم يكن هناك داع لاختراق سرية المصارف والدخول للحسابات الشخصية وما تبع ذلك من مشاكل، والخيار الآخر صحة ما قيل تلميحا أو تصريحا بأن الشيك رشوة سياسية وحينها نسأل: بداهة، كيف يصح قانونا محاسبة من دفع ولا يتم الحديث عن محاسبة من تسلم فيما لو صحت فرضية ذلك المُعطى؟!

– وفي ديوانية الصليبخات كان من البديهيات أن يلتزم الجميع بأوامر رجال الأمن متى ما تأكدوا من هويتهم كما يحدث في جميع الدول الأخرى خاصة أن ذلك تحقيق لرغبة أميرية مطابقة لصحيح القانون كما أتى في دراسة د.هاشم الصالح، وليس من المنطق وضع شرط رؤية الأوامر والقوانين والتشريعات مكتوبة لتنفيذها، فأمر كهذا سيخلق الفوضى حيث سيفرض على رجال الأمن والمرور ألا يخالفوا على سبيل المثال من يتخطى الإشارة الحمراء ما لم يكونوا يحملون معهم قوانين المرور والجزاء وغيرها من تشريعات حتى يحققوا رغبة وشرط المواطن برؤية الأوامر والتشريعات مكتوبة قبل التزامه بتنفيذها.

– ودعوى أن المواطنين ونوابهم لا يضربون بالهراوات في الدول الأخرى، والحقيقة أن وسائل الإعلام تنقل لنا يوميا صور اشتباكات رجال الأمن الذين يحملون الهراوات، مع المواطنين في أرقى الدول والديموقراطيات مثل اليابان وكوريا وألمانيا وبريطانيا وأميركا متى ما رفض المواطنون الانصياع لأوامر رجال الأمن، أما التعدي على نواب الشعب هناك فلا يحدث كوننا لم نسمع قط انهم تركوا كونغرسهم ومجلس عمومهم للاشتراك في التجمعات الممنوعة بالخارج، ولو قاموا بذلك الأمر لعرضوا أنفسهم لعصي رجال الأمن التي يفترض ألا تفرق بين من يخالف الأوامر ويخرج على النظام مواطنا كان أو نائبا، فشرطتهم لا تعرف أساسا وجوه نوابهم كونهم لا يتصدرون الصفحات الأولى لصحفهم كحالنا.

– دعوى أن سبب الإشكال الحالي هو أن هناك نوابا موالين للحكومة مما خلق أغلبية مريحة لها ومن ثم ضرورة العمل على حل البرلمان والضغط على النواب الآخرين لإصلاح تلك المعادلة «الخاطئة»، البديهة تقول اننا استمرأنا الخطأ حتى أصبحنا لا نعرف الصواب، ففي «جميع» الديموقراطيات المتقدمة والمتخلفة الأخرى تملك الحكومات «أغلبية» مريحة في البرلمانات كي يمكن لها ان تمرر خططها ومشروعاتها لذا فبرلماننا الحالي هو الصح حيث ان المشكلة هي ألا يكون للحكومة – أي حكومة – أغلبية في البرلمان لا العكس.

– دعوى ان الندوات والتجمعات القائمة ستضعف وتعصف بالحكومة وتتسبب في إسقاطها، الحقيقة أن التجمعات بشكلها الحالي تسببت بإرعاب الآخرين في المناطق الأخرى والضغط على نوابهم للاصطفاف مع الحكومة مما قواها بدلا من إضعافها بدلالة غياب كثير من نواب المناطق الأخرى عن تلك التجمعات وعلو أصوات النواب والكتاب الذين قرروا الوقوف طواعية مع الحكومة مقابل ما يرونه من دعاوى تحريض وتأجيج تضر بالبلد وتضرب وحدته الوطنية.

آخر محطة:

(1) النتيجة الوحيدة المتفق عليها بين الكويتيين هذه الأيام هي ان الندوات والتجمعات المحرضة قد فرقت بين أبناء الشعب الواحد وجعلت الكويتي يقف ضد الكويتي سواء كان مواطنا أو رجل أمن.

(2) ردا على من يحاول استغفال الناس والتفريق بينهم، نذكر بأنه سبق أن حقق وحجز كل من د.ناصر صرخوه وخالد الفضالة ومحمد الجاسم وبعد ذلك الشيخ صباح المحمد وهم من يمثل مختلف شرائح المجتمع الكويتي لقضايا تختص بدعاوى قضائية أقيمت ضدهم وترك للقانون ان يأخذ مجراه.

(3) ليس من الملائم على الإطلاق سواء كان الهدف التحريض أو التعاطف، إظهار صورة شخص وهو في وضع غير لائق، والتلميح يغني عن التصريح وقصة الدب وصاحبه الفلاح ليست عنا ببعيدة.

احمد الصراف

الكتابة في الحدث وتصريح قناص

تمر الكويت هذه الأيام بمرحلة خطرة، وقد تكون الأخطر في تاريخها الحديث. وقد سألني البعض عن سبب «إحجامي» عن التعليق على الأحداث الأخيرة، وتوضيح موقفي منها، أو على الأقل بيان سبب صمتي. والحقيقة انني اشعر بمعاناة وطني واشارك الكثيرين قلقهم على مستقبله وأوضاعه، ولكن الكتابة السياسية تتطلب المعرفة بمجريات الأمور وإلمام محدد بها، وهذه لا يمكن أن تتأتى من دون مشاركة، أو على الأقل مراقبة مستمرة، للأنشطة السياسية وحضور جلسات مجلس الأمة وزيارة الدواوين وقراءة غالبية الصحف اليومية ومشاهدة التلفزيون وحضور الندوات وتسجيل الأحداث واستمرار الاتصال بالنواب والسياسيين من وزراء وغيرهم، والاحتفاظ بصداقة الجميع والتواصل معهم، وهذه الأمور في غالبيتها تخالف طبيعتي وطريقة حياتي. فأنا مثلا لم احضر سوى جلسة برلمانية أو اثنتين، ولم اكملهما، ولا اقرأ غير صحيفتين يوميتين، ولا اذهب للندوات إلا نادرا، ولا ازور الديوانيات! فكيف يمكن ان اكتب عن حدث بمثل أهمية، وتعقيد، ما حصل مؤخرا، وانا مطمئن لحياديتي ومعرفتي بكل أو غالبية الملابسات؟ إضافة إلى ذلك فإن الميدان الصحفي لا يشكو من قلة من يكتبون عن الأحداث اليومية، إن بحكم عملهم الصحفي، ومتابعتهم المستمرة، أو بسبب مصالحهم الانتخابية أو المالية أو انتماءاتهم السياسية، أقول ذلك بالرغم من شعوري بأن غالبية من يعلق على الأحداث بشكل عام، إما أنه يكتب بشكل مغرض أو أنه مدفوع من قبل جهة ما أو لغرض شخصي أو طائفي أو قبلي، إلا قلة القلة التي تنشد المصلحة العامة. وبالتالي تفتقد كتابات الكثير من الزملاء الدقة والمصداقية والتحليل الموضوعي المفيد. ونأيي عن الكتابة في مثل هذه المواضيع ما هو إلا احترام لقدراتي المتواضعة في هذا المجال، واعتراف سار بعجزي التام عن مجاراة الآخرين في هذا السباق الطريف!
***
ملاحظة: بمناسبة حلول أعياد الميلاد، والسنة الجديدة، نتمنى للجميع، والمسيحيين بالذات، أعيادا سعيدة وسنة جميلة. وبمناسبة ما أعلنه عزيزنا الأخ قناص العدواني، من وزارة الإعلام والرقابة الأخلاقية، من أنه لم يتسلم أي طلب من أي فندق أو شركة فنية لترخيص اقامة حفلة «ساهرة» بمناسبة السنة الجديدة، فقد قررنا والعائلة قضاء الأعياد في مكان أكثر بهجة وسرورا، ونيابة عن مطاعم ومطارات وفنادق البحرين ولبنان والقاهرة وسوريا وغيرها، وشركات السفر والسياحة والطيران، نتقدم للأخ قناص بجزيل الشكر على هذا التصريح الواضح والنافع.
وكل عام والجميع بخير.

أحمد الصراف