في التسعينيات لاحظت ظاهرة خطيرة جدا هي بدء عمليات تحريض منظمة للشباب الاسلامي الملتزم وارساله لافغانستان والشيشان وكوسوفو ليقتل ويُقتل، بينما يبقى من حرضه آمنا في بيته وعند اهله لا يصيبه ضرر، تصدينا حينها لتلك الظاهرة التي لم تتوقف للاسف الا بعد ان دفعنا ضريبة الدم عام 2005، وقد غضب منا بعض الاحبة آنذاك الا انهم عادوا وبعد تكشف الحقائق ليوافقونا الرأي وهو ما سعدنا به.
تتكرر هذه الايام ظاهرة التحريض والتأجيج لشبابنا اليافع متخذة اتجاها آخر ومستقصدة هذه المرة شباب القبائل الكرام ودفعهم نحو التحرك للداخل لا الخارج في عملية لا مصادفة فيها بل هي امور منظمة، حيث نقرأ على بعض المنتديات الشهيرة التي تتشكل فيها عقول الشباب، مقالات محرضة كالتي كان عنوانها «الى ابناء القبائل عامة ومطير خاصة» وأتى ضمنها «يا حكومتنا اذا تريدين حربا فنحن لها وهي حرب نخوضها انتصارا لكرامتنا» ومثل هذا المقال كثير، ومما يظهر ان الامر مخطط له وبشكل متعمد حقيقة ان المعرفات التي تدعو للحرب والضرب والعصيان والاقتتال الاهلي جميعها مسجلة حديثا وبأسماء محرضة كالمقاتل والمناضل وسيف القبائل، وبالطبع لا يعلم احد ان كانت هذه المعرفات كويتية أم عدوة للكويت وهو الامر المرجح.
ان القبائل وشبابهم وعبر تاريخهم الناصع كانوا اقرب لعمود الخيمة التي يستظل بها البلد، وقبيلة مطير تحديدا التي وجه لها مقال وخطاب الفتنة هي الاكثر قربا ونسبا مع القائمين على البلد، وهي اول من حاز اعلى المناصب الوزارية بعد رئاسة الوزراء ابان تولي ضيف الله شرار نائب الرئيس، كما ان لها في الحكومة الحالية وزيرين يمثلان خُمس الوزراء الشعبيين من غير ابناء الاسرة الحاكمة، فهل ينطلي على احد بعد ذلك اكذوبة ان تلك القبيلة الكريمة مستهدفة في البلد؟!
وأقسم بالله انني لو كنت اعلم ان لابناء القبائل الكرام مصلحة وفائدة فيما يحدث لكنت اول قلم يسخّر لنصرتهم، وقد سبق لي ان انتقدت اطروحات السيد جويهل في اكثر من مقال، الا ان الحقيقة الجلية تظهر أنهم ـ لا المحرضين المستفيدين ـ المتضرر الاكبر مما يحدث، فالكويت الممزقة والمنقسمة هي بلدهم والسمعة السالبة التي يحاول المحرضون إلصاقها به هي سمعتهم وسمعتنا معهم، ولا نطلب منهم الا التهدئة وعدم الاستماع لمن ينوي الضرر ببلدهم وقبله بهم.
آخر محطة:
1 – بعد ان طال التحريض والتأجيج ابناء القبائل الكرام، تم توجيه معول التحريض والهدم لابناء البدون الشرفاء حيث كتب من يسمي نفسه محمد العنزي من لندن، مقالا في نفس المنتدى عنوانه «الكويتيون البدون وجبة لاسماك القرش الاسترالية» ادعى ضمنه انه كان على مدار اسبوعين على اتصال مع 67 من البدون الكويتيين كانوا ينوون التوجه بحرا الى استراليا الا انهم غرقوا في تلك الرحلة، مؤججا المشاعر ومحملا الكويت مسؤولية وفاتهم، وعندما رُد عليه بحقيقة ان جميع الضحايا، كما تناقلت وكالات الانباء، من الايرانيين والعراقيين ومن ثم لا يجوز تحميل الكويت مظلمتهم، اغلق الموضوع وكله يهون ما دام الامر تحريضا في تحريض وكذبا في كذب..!
2 – ما اسهل ان تمشي مع التيار في زمن الدغدغة والانفعال والجنون، وما اصعب ان تحكم ضميرك وعقلك والا تجامل على حساب وطنك وأحبتك حتى لو غضب بعضهم، فالايام كفيلة، كما ذكرنا في بداية المقال، بكشف عدوك من صديقك ومن يضحك معك ومن يضحك عليك.