احمد الصراف

فوضى الحواس، فوضى الانتباه

ورد في إيلاف الإلكترونية، 24/11 التالي «في غرائب ذلك الأسبوع نقرأ خبر قتل رجل سوري زوجته يوم عيد الأضحى بطعنها بسكين وضربها بمطرقة وفصل رأسها عن جسدها. كما أنهى آخر حياة زوجته بعدما اكتشف علاقتها غير الشرعية برجل تعرفت إليه عبر الشات». واستدرج قضاة بمصر طالبة حقوق وتناوبوا الاعتداء عليها واغتصابها. وجمعت امرأة في مصر بين خمسة أزواج في وقت واحد. وفي الكويت هتك حارس عرض تلميذ يبلغ من العمر 7 سنوات. وقتلت فتاة تبلغ من العمر 17 سنة والدتها عن طريق دس السم لها في طعامها. وأصدر قاض أردني قراراً بتوقيف متهم بتعذيب فرد من أهله! انتهى.
يحدث كل ذلك في بلاد تنام وتصحو على الصلوات والعبادات وتستشير الشيخ وتطلب فتوى وتستخير في كل أمر، وهنا يقول القمني إن الدول الإسلامية هي الوحيدة التي في إمكانها إصدار فتوى تخالف بها القوانين الدستورية، بل وتعلو عليها، لأن تلك الفتاوى تستمد قوة مشروعيتها من السماء وليس من المواطنين وعقدهم الاجتماعي وبرلماناتهم. والفتوى قد تصدرها هيئة إفتاء تابعة للدولة أو تصدرها جمعية أهلية مثل علماء الأزهر، أو يصدرها تجمع كالاخوان المسلمين أو يصدرها فرد كالقرضاوي أو ابن لادن. وكلهم لا يمثلون الوطن ومواطنيه باختلاف مللهم! والفتوى أقوى من كل النصوص التشريعية والمجالس النيابية، ولا تشغلها مصلحة الوطن، وترفض مفهوم المواطنة من أصله، ولا تشغلها مصالح الناس والبلاد. وأن هؤلاء المفتين لم ينتخبهم أحد لأداء هذه المهمة، وليس في يدهم دليل وثائقي يبرز علاقتهم بالسماء ولا صك يفيد بتعيينها لهم في الأرض ليصدروا التشريعات نيابة عنها، ويوقعوا باسمها تحريم إهداء الزهور وتحريم اللغة الإنكليزية والتصفيق في محاضرة أو حفل أو مباراة، وتحريم أداء التحية العسكرية للشرطة والجيش، وحرمة رياضة كرة القدم والتدخين والولاية العامة للمرأة وفوائد البنوك والتأمين وتحريم فن النحت والغناء، ووجوب قتل الفويسقة ميكي ماوس. كما افتت أم أنس بحرمة جلوس المرأة على الكراسي، لأنه مدعاة للفتنة والتبرج، وهو رذيلة وزنا. وبين سيل التحريمات تجد بعض فتاوى التحليل كشرب بول النياق للعلاج من كل داء، وفتوى بحلالية الزواج من الطفلة الرضيعة (…)، وأفتى آخر بجواز الكذب وشهادة الزور ضد العلمانيين وأصحاب الديانات الأخرى لأن ذلك في مصلحة الإسلام كما أفتوا بحلالية نهب أموال العلمانيين وانتهاك حرماتهم والتلفيق لهم كذباً بحرب الإشاعة، كذلك ضد أصحاب الأفكار المنحرفة لصرف المسلمين عنهم فلا يستمعون إليهم! كما أفتوا برضاع زميل العمل، وأن غير المحجبة تدخل النار، ويعذب من عالج نفسه بالخلايا الجذعية، ويحدث كل ذلك من دون وجود أي نصوص في المقدس الإسلامي حول مثل هذه الشؤون. فإعلان الحرب على العالم من طالبان أو القاعدة أو الجهاد هو إعلان من غير ذي صفة، من أفراد لا علاقة لنا بهم، فلا اخترناهم ولا عرفناهم ولا بايعناهم ولا عينهم أحد لأداء هذه المهمات. هو إعلان حرب على العالم والإنسانية باسمنا من دون رضا منا، وتعود آثاره وعواقبه على كل المسلمين الأبرياء منهم قبل المجرمين. كما أن أوامر كيف وماذا نأكل وأن تشرب قاعداً وأن تنام على أي جنب. وأن تضع كفك تحت خدك، والتقنين لكل شاردة وواردة من دخول المرحاض وكيفية التبول قاعداً أم واقفاً إلى ما يحدث تحت اللحاف بين الزوجين من شروط النكاح حتى لا تشاركنا الشياطين في نكاح زوجاتنا… وغير ذلك كثير!
وبهذه المناسبة أفتي الشيخ عجيل النشمي، القبس 26/11، بأن إهداء الزهور للمرضى عادة إسلامية أخذها الغرب منا! وهو هنا يخالف من سبق وأفتى بحرمة إهدائها! فهل نهدي أم نتوقف، خلصونا؟

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *