سامي النصف

قوانين نيوتن السياسية

حديث القيادة السياسية عن ضرورة الحرص على ان يكمل مجلس الأمة مدته أمر طبيعي ومنطقي، فالدستور ينص على ان مدة المجالس اربع سنوات كاملة خاصة ان هناك كلفة كبيرة على المال العام عند كل حل تتمثل في توقف اعمال الدولة انتظارا لنتائج الانتخابات ودخول وجوه جديدة تحتاج الى الخبرة والتجربة، اضافة الى الرواتب التقاعدية المجزية وغير المسبوقة في العالم أجمع التي تمنح لمن لا ينجح في تلك الانتخابات من النواب دون النظر لسنوات الخدمة! للتذكير.. نصوص الدستور المتباكى عليها أناطت كذلك حل البرلمان بيد سمو الأمير لا بيد من يرغب من أعضائه.

لكل فعل رد فعل، وما نراه هذه الأيام من تأجيج وتحريض وفوضى بهدف حل مجلس الأمة يفتح أمام المؤرخين والشباب الكويتي الغض أبواب إعادة النظر فيما حدث عامي 76 و86 وهل كان الحل الذي تم آنذاك فعلا بذاته ام «رد فعل» لأعمال من ساسة ونواب تمادوا في الخطأ ودفعوا البلاد الى حافة الهاوية فأتى القرار لمنع سقوط البلاد فيها؟

فلو رأيت شخصيا شخصا يدفع شخصا آخر أمامك فحكمك على الظاهر يقتضي ان تخطّئ من قام بالدفع، اما لو تمعنت بالصورة ووجدت ان الشخص المدفوع هو من تعدى وقام بالدوس برجله الثقيلة على قدم الأول مما خلق حالة فعل خاطئ استوجب ردة الفعل تلك لتصحيح ذلك الوضع غير المحتمل، لتغير بالتبعية تقييمك للأوضاع تماما.

ان على المؤرخين الجادين والمتابعين السياسيين غير المؤدلجين ان يعودوا لوقائع وأحداث وصحف تلك الحقب يوما بيوم لمعرفة هل استيقظ المسؤول في الدولة ذات صباح ولم يجد ما يفعله فقرر حل المجالس النيابية وتعليق بعض مواد الدستور ام ان الأمر أتى بعد تكرار ارتكاب الأخطاء الكبرى والتحذير المتكرر بقصد وقفها حتى لا يتم اللجوء «للكي» وما يلحقه من لوم من دفع لا من داس على القدم.

ان التاريخ يعيد نفسه هذه الأيام ومن قبل نفس الأشخاص الذين قال عنهم الزميل العزيز فيصل الزامل في مقاله قبل أيام ان عدم محاسبتهم على ما فعلوه في عام الغزو وما قبله جعلهم يكررونه بعد الغزو وفي أحداثنا الحاضرة دون ان يسأل احد عن دوافعهم «الحقيقية» لتلك الأفعال التي تهدف لاستجلاب ردود الأفعال.. غير الدستورية!

وقد أصبحنا في الكويت وبحق «بلد شهادات» اي بلد لا يعتمد على الثقافة العامة والاحتراف المهني والتحصيل المعرفي بل يعتمد على الحصول على الشهادات وتطريز الأسماء بها دون مضمون، والا كيف نفسر عدم معرفة من يحمل شهادة المحاماة أن إلقاء التهم جزافا ودون إثبات يعرّض الانسان للمساءلة القانونية والأمر كذلك مع من يحملون الشهادات العليا في القانون وعدم معرفتهم بأبسط مسؤوليات الإنسان فيما يخص تحمله تبعة ما يتلفظ به من أقوال بالعلن، فماذا تركوا للكاتب غير المختص بالقانون والإنسان العادي البسيط؟!

آخر محطة:

عودة الوعي أخيـــرا، للمعلومة العم الفاضل جاسم القطامي لم يولد بالأمس حتى يكتشف اليوم، والنائبة الفاضلة د.أسيل العوضي لم يجف حبر من قال فيها ما لم يقله مالك في الخمر. الحمد لله على السلامة ومبروك الاكتشاف المذهل!

احمد الصراف

فوضى الحواس، فوضى الانتباه

ورد في إيلاف الإلكترونية، 24/11 التالي «في غرائب ذلك الأسبوع نقرأ خبر قتل رجل سوري زوجته يوم عيد الأضحى بطعنها بسكين وضربها بمطرقة وفصل رأسها عن جسدها. كما أنهى آخر حياة زوجته بعدما اكتشف علاقتها غير الشرعية برجل تعرفت إليه عبر الشات». واستدرج قضاة بمصر طالبة حقوق وتناوبوا الاعتداء عليها واغتصابها. وجمعت امرأة في مصر بين خمسة أزواج في وقت واحد. وفي الكويت هتك حارس عرض تلميذ يبلغ من العمر 7 سنوات. وقتلت فتاة تبلغ من العمر 17 سنة والدتها عن طريق دس السم لها في طعامها. وأصدر قاض أردني قراراً بتوقيف متهم بتعذيب فرد من أهله! انتهى.
يحدث كل ذلك في بلاد تنام وتصحو على الصلوات والعبادات وتستشير الشيخ وتطلب فتوى وتستخير في كل أمر، وهنا يقول القمني إن الدول الإسلامية هي الوحيدة التي في إمكانها إصدار فتوى تخالف بها القوانين الدستورية، بل وتعلو عليها، لأن تلك الفتاوى تستمد قوة مشروعيتها من السماء وليس من المواطنين وعقدهم الاجتماعي وبرلماناتهم. والفتوى قد تصدرها هيئة إفتاء تابعة للدولة أو تصدرها جمعية أهلية مثل علماء الأزهر، أو يصدرها تجمع كالاخوان المسلمين أو يصدرها فرد كالقرضاوي أو ابن لادن. وكلهم لا يمثلون الوطن ومواطنيه باختلاف مللهم! والفتوى أقوى من كل النصوص التشريعية والمجالس النيابية، ولا تشغلها مصلحة الوطن، وترفض مفهوم المواطنة من أصله، ولا تشغلها مصالح الناس والبلاد. وأن هؤلاء المفتين لم ينتخبهم أحد لأداء هذه المهمة، وليس في يدهم دليل وثائقي يبرز علاقتهم بالسماء ولا صك يفيد بتعيينها لهم في الأرض ليصدروا التشريعات نيابة عنها، ويوقعوا باسمها تحريم إهداء الزهور وتحريم اللغة الإنكليزية والتصفيق في محاضرة أو حفل أو مباراة، وتحريم أداء التحية العسكرية للشرطة والجيش، وحرمة رياضة كرة القدم والتدخين والولاية العامة للمرأة وفوائد البنوك والتأمين وتحريم فن النحت والغناء، ووجوب قتل الفويسقة ميكي ماوس. كما افتت أم أنس بحرمة جلوس المرأة على الكراسي، لأنه مدعاة للفتنة والتبرج، وهو رذيلة وزنا. وبين سيل التحريمات تجد بعض فتاوى التحليل كشرب بول النياق للعلاج من كل داء، وفتوى بحلالية الزواج من الطفلة الرضيعة (…)، وأفتى آخر بجواز الكذب وشهادة الزور ضد العلمانيين وأصحاب الديانات الأخرى لأن ذلك في مصلحة الإسلام كما أفتوا بحلالية نهب أموال العلمانيين وانتهاك حرماتهم والتلفيق لهم كذباً بحرب الإشاعة، كذلك ضد أصحاب الأفكار المنحرفة لصرف المسلمين عنهم فلا يستمعون إليهم! كما أفتوا برضاع زميل العمل، وأن غير المحجبة تدخل النار، ويعذب من عالج نفسه بالخلايا الجذعية، ويحدث كل ذلك من دون وجود أي نصوص في المقدس الإسلامي حول مثل هذه الشؤون. فإعلان الحرب على العالم من طالبان أو القاعدة أو الجهاد هو إعلان من غير ذي صفة، من أفراد لا علاقة لنا بهم، فلا اخترناهم ولا عرفناهم ولا بايعناهم ولا عينهم أحد لأداء هذه المهمات. هو إعلان حرب على العالم والإنسانية باسمنا من دون رضا منا، وتعود آثاره وعواقبه على كل المسلمين الأبرياء منهم قبل المجرمين. كما أن أوامر كيف وماذا نأكل وأن تشرب قاعداً وأن تنام على أي جنب. وأن تضع كفك تحت خدك، والتقنين لكل شاردة وواردة من دخول المرحاض وكيفية التبول قاعداً أم واقفاً إلى ما يحدث تحت اللحاف بين الزوجين من شروط النكاح حتى لا تشاركنا الشياطين في نكاح زوجاتنا… وغير ذلك كثير!
وبهذه المناسبة أفتي الشيخ عجيل النشمي، القبس 26/11، بأن إهداء الزهور للمرضى عادة إسلامية أخذها الغرب منا! وهو هنا يخالف من سبق وأفتى بحرمة إهدائها! فهل نهدي أم نتوقف، خلصونا؟

أحمد الصراف