الحكومة نفذت رغبة النواب و»مدّت يدها» إليهم، لكنها كانت تحمل عصا. عساها الكسر. أقصد العصا طبعاً، لأن يد الحكومة لا تُكسر بل يد النائب الشجاع وليد الطبطبائي. والطبطبائي هو الذي «زلق» (أي تزحلق) فانكسرت يده، كما تقول قيادات الداخلية في مؤتمرها «الصحّاف»، أو الصحافي، نسيت الياء. وهو مؤتمر من أجمل المؤتمرات الصحافية في التاريخ، إذ سمح بتلقي اتصال يتيم من النائبة سلوى الجسار، والحمد لله أن الأمور لم تلتبس عليها فتظن أن المؤتمر برنامج سهرة فتطلب أغنية.
والخبير الدستوري الفذ د. عبيد الوسمي – أنعم به من شنب ودماغ وقلب – «زلق» هو الآخر فأغمي عليه. والعساكر الثلاثة الذين كانوا يسحبونه من رجله وبأيديهم هراوات، كانوا يقولون «اسم الله اسم الله»، كما يبدو من حركة شفاههم في الصورة. والنائب عبدالرحمن العنجري زلق هو الآخر، لكن على الزرع لا على الرصيف. والصحافي محمد السندان الذي تغيرت معالم وجهه، وما يزال يستمتع في سريره الأبيض في مستشفى الصباح، هو الآخر «زلق»، والهراوات المرفوعة في أيدي العساكر في وجوه الشعب ونوابه كانت لإزالة قشور الموز المتناثرة، والصورة التي يظهر فيها عسكري يمسك بدشداشة الطبطبائي كانت خوفاً من أن يزلق الطبطبائي.
والداخلية لا تكذب، أبداً، لأنها بنت الحكومة التي أحسنت تربيتها، و»اقلب الجرّه على تمّها تطلع الداخلية لأمها»، وللأسف لم أكمل متابعة مؤتمر الداخلية الصحافي، وغيّرت القناة قبل أن أسمع من أحد القيادات العسكرية «إن جمهور الندوة رمانا بالقنابل اليدوية واستشهد منا ثلاثة وثلاثون عسكرياً، وتمالكنا أعصابنا، وقلنا «الله يسامحكم»، ثم تحرك النائب جمعان الحربش بدباباته ودهسنا وكسر أربعة أضلع فينا و»عدّيناها»، وعندما حلقت طائرات الجمهور فوق رؤوسنا، رمينا قشور الموز وهربنا فـ»زلق» الشعب ونوابه. ومن لا يصدق فليسأل النائب المتدين حسين القلاف. هو مثلنا لا يكذب».
ومن اليوم، سنتمرن «معدة وظهر» قبل حضور أي ندوة، وسنحفر خنادق «فيتنامية»، وسنرتدي «الواقي ضد الرصاص»، كي لا يزلق أحدنا فتخترق قلبه رصاصة طائشة عاقة… واليوم كان الغضب على شكل استجواب لرئيس الحكومة، وغداً قد نبني خياماً للندوات، كخيام الأعراس، نجتمع فيها، فتضيق بالناس وتفيض، فننصب أخريات، وقد يستشهد مواطن من حضور الندوة، أو نائب، أو ناشط أو كاتب، وقد نعلن العصيان المدني، وقد تتوقف الدراسة، وقد تتعطل مصالح الناس، وقد تتوقف الحياة، وقد وقد وقد، وإن «قداً» لناظره قريب… فالشعوب الحرة لا تُهزم.
والآن نوابنا فسطاطان، فسطاط يدافع عن كرامة الناس فيتعرض للسياط، وفسطاط عينه على «التنمية» والبطاط. والنواب المؤيدون لاستجواب رئيس الحكومة وعدم التعاون معه شارفوا على بلوغ العدد المطلوب (يجب ألا يقل عن 25 نائباً)، وإلى هذه اللحظة لم يحدد «التجمع السلفي» موقفه، هل هو مع كرامة الناس أم مع «التنمية»، والنائب علي العمير يرفع راية الكرامة ويتحدث عن التنمية، والنائب خالد العدوة اقترض من رئيس البرلمان – المتواري عن الأنظار والأسماع – تصريحاً من تصريحاته المدهونة بالفازلين، والتي تخلو من أي خبر ومبتدأ، لكنها «جملٌ اسمية» على كل حال. ثم أعلن العدوة لاحقاً تأييده الاستجواب، لكننا لن نثق به ما لم يدفع «ديبوزيت»، أو «مقدم ربط كلام»، و»يوقّع» على شرط جزائي في حال تراجع – كالعادة – عن كلامه، لدواعي «التنمية».
والنائبة د. أسيل العوضي تعطي هذه الأيام دروساً في «المرجلة والثبات على المبادئ»، وللنواب الذين لم يحددوا مواقفهم إلى هذه اللحظة حصصٌ مجانية عند أسيل.
وأهم تصريح بعد ليلة «الزلق» كان للنائب «التنموي» عسكر العنزي «أطالب بزيادة مكافأة الطلبة»، نشرته «جريدة الشاب العصامي» باهتمام «مالغ»، وأظن أن عسكر في يوم الاستجواب سيطالب بدعم علف المواشي… على أن ما أذهلني هو ركوب فريق الحكومة، كلهم بدون استثناء، في حافلة الكذب الجماعي. لم يستحِ أحدٌ منهم من أحد… الكذب هنا على المكشوف، عرضة للذباب… اللهم سلّط عليهم من «يزلقهم» تحت قيادة وزير الداخلية ذي التاريخ العسكري المشرف أثناء الغزو عندما كان رئيساً للأركان.