بين يوم العاشر من العام 61 للهجرة ويوم العاشر من العام 1432 الحالي فارق زمني قدره 1370عاماً… ترى، كيف يمكن توظيف نهضة الإمام الحسين عليه السلام ومبادئها الإسلامية والإنسانية الرفيعة لإسقاطها على وقتنا المعاصر؟ وهل من المنطقي القول، كما يحلو للبعض أن يثير، أنه من الخطأ والشرك وفساد العقيدة أن يستمر إحياء ذكرى عاشوراء؟ وهل إحياء عاشوراء هو للطم والبكاء والنحيب فحسب وإثارة العداوات والحزازيات بين أبناء الأمة – كما يؤمن أصحاب النظرة الأحادية ومؤيدو الخط الأموي- أم أنها نهضة متجددة لها بعدها الديني والاجتماعي والوطني والإنساني؟ لعلني أوفق للإجابة على تساؤلات كثيرة من خلال هذه السلسلة.
@@@
ليس من الهين اليسير في وقتنا الحاضر الكتابة عن نهضة الإمام الحسين «ع»، كنهضة مرجعية أصيلة لكل أبناء الأمة الإسلامية، وليس لطائفة واحدة هي الطائفة الجعفرية، وتتبدى صعوبة الأمر في تكييف مبادئ النهضة الحسينية العظيمة بحيث تلامس معايشة العصر الحديث… وهذه المعايشة التزامنية تعني بصورة أو بأخرى، ترسيخ القيم الدينية في شخصية الإنسان المسلم قبال أشكال الظلم والطاغوت والفساد، إحياءً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه واحدة من مقدمات نهضة الإمام الحسين «ع» الذي قال قولته الشهيرة التي خلدها التاريخ :»وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، إنما خرجت (لطلب الإصلاح في أمة جدي)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».
ولعل من الأهمية بمكان أن أشير الى بضع أفكار مقحمة يعتنقها البعض عمداً دون تفكير، وفيها ما فيها من محاولات بائسة لتفريغ محتوى نهج إسلامي قويم مثلته نهضة الإمام الحسين «ع»، ومن تلك الأفكار أن الشيعة اليوم يلطمون ويبكون (ندماً)على ما فعلهم أجدادهم الذين استدعوا الإمام ثم خذلوه وسلموه بعد ذلك! ولو فرضنا – جزافاً – أن هذه (حقيقة تاريخية)، فليس أقل من القول إنه إذا كان أحد أجدادي شارك في قتل الإمام، فعلى جدي وأمثاله اللعنة إلى يوم يبعثون! وإذا سلمنا إلى أن (الشيعة العرب) يبكون ويلطمون في ذكرى عاشوراء ندماً على ما فعله أجدادهم، فهناك من شيعة باكستان وإيران والهند وأوزبكستان ونيجيريا وغيرها من الدول يبكون ويلطمون ولا علاقة نسبية لهم بالأجداد العرب! إن الحقيقة الواضحة، هي أن من قتل الإمام الحسين «ع»، شراذم من المرتزقة، سواء كانوا من الشيعة أم من السنة، بقيادة أموية في الشام… فليس من حصافة العقل أن يحاول البعض إسقاط هذه الفكرة الهزيلة على واقع المجتمعات الإسلامية اليوم ليشرب نخبه مسروراً على إشعال المزيد من فتيل الفتنة.
السؤال: «ما مدى حاجة الأمة الإسلامية في عصرنا الحاضر لاستلهام مبادئ النهضة الحسينية كامتداد لتعاليم الإسلام؟»… للحديث صلة.