سعيد محمد سعيد

في رحاب الحسين «ع» (1)

 

بين يوم العاشر من العام 61 للهجرة ويوم العاشر من العام 1432 الحالي فارق زمني قدره 1370عاماً… ترى، كيف يمكن توظيف نهضة الإمام الحسين عليه السلام ومبادئها الإسلامية والإنسانية الرفيعة لإسقاطها على وقتنا المعاصر؟ وهل من المنطقي القول، كما يحلو للبعض أن يثير، أنه من الخطأ والشرك وفساد العقيدة أن يستمر إحياء ذكرى عاشوراء؟ وهل إحياء عاشوراء هو للطم والبكاء والنحيب فحسب وإثارة العداوات والحزازيات بين أبناء الأمة – كما يؤمن أصحاب النظرة الأحادية ومؤيدو الخط الأموي- أم أنها نهضة متجددة لها بعدها الديني والاجتماعي والوطني والإنساني؟ لعلني أوفق للإجابة على تساؤلات كثيرة من خلال هذه السلسلة.

@@@

ليس من الهين اليسير في وقتنا الحاضر الكتابة عن نهضة الإمام الحسين «ع»، كنهضة مرجعية أصيلة لكل أبناء الأمة الإسلامية، وليس لطائفة واحدة هي الطائفة الجعفرية، وتتبدى صعوبة الأمر في تكييف مبادئ النهضة الحسينية العظيمة بحيث تلامس معايشة العصر الحديث… وهذه المعايشة التزامنية تعني بصورة أو بأخرى، ترسيخ القيم الدينية في شخصية الإنسان المسلم قبال أشكال الظلم والطاغوت والفساد، إحياءً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه واحدة من مقدمات نهضة الإمام الحسين «ع» الذي قال قولته الشهيرة التي خلدها التاريخ :»وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، إنما خرجت (لطلب الإصلاح في أمة جدي)، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».

ولعل من الأهمية بمكان أن أشير الى بضع أفكار مقحمة يعتنقها البعض عمداً دون تفكير، وفيها ما فيها من محاولات بائسة لتفريغ محتوى نهج إسلامي قويم مثلته نهضة الإمام الحسين «ع»، ومن تلك الأفكار أن الشيعة اليوم يلطمون ويبكون (ندماً)على ما فعلهم أجدادهم الذين استدعوا الإمام ثم خذلوه وسلموه بعد ذلك! ولو فرضنا – جزافاً – أن هذه (حقيقة تاريخية)، فليس أقل من القول إنه إذا كان أحد أجدادي شارك في قتل الإمام، فعلى جدي وأمثاله اللعنة إلى يوم يبعثون! وإذا سلمنا إلى أن (الشيعة العرب) يبكون ويلطمون في ذكرى عاشوراء ندماً على ما فعله أجدادهم، فهناك من شيعة باكستان وإيران والهند وأوزبكستان ونيجيريا وغيرها من الدول يبكون ويلطمون ولا علاقة نسبية لهم بالأجداد العرب! إن الحقيقة الواضحة، هي أن من قتل الإمام الحسين «ع»، شراذم من المرتزقة، سواء كانوا من الشيعة أم من السنة، بقيادة أموية في الشام… فليس من حصافة العقل أن يحاول البعض إسقاط هذه الفكرة الهزيلة على واقع المجتمعات الإسلامية اليوم ليشرب نخبه مسروراً على إشعال المزيد من فتيل الفتنة.

السؤال: «ما مدى حاجة الأمة الإسلامية في عصرنا الحاضر لاستلهام مبادئ النهضة الحسينية كامتداد لتعاليم الإسلام؟»… للحديث صلة.

احمد الصراف

وجهة نظر غربية

أجرت قناة في تورنتو ــ كندا مناظرة بين طوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق، والكاتب كريستوفر هيتشنز تعلقت بمدى اهمية الدين في حياتنا. وحضر المناظرة جمهور زاد على 2700. وبالرغم مما عرف عن بلير المحامي ورئيس الوزراء البريطاني السابق، من قوة حجة وخبرة، اضافة الى تدينه، بعد ان تحول قبل سنوات من البروتستانتية الى الكاثوليكية، فان هيتشنز المريض والمنهك من مرض السرطان، تغلب عليه بالحجة، وفق رأي الحضور.
سعى بلير للتركيز على ان الدين قوة لا يستهان بها في نشر الخير في العالم، وجاء ذلك في رده عن سبب وقوفه الى جانب أميركا في حربها الاخيرة في العراق. وقال ان العالم بحاجة للاعتقاد الديني ليبقى متماسكا. ورد هتشنز بأن هذا صحيح بنفس مقدار حاجة العالم لتخويف الاطفال من عذاب النار، وجعل المرأة في مستوى ادنى، فهل هذا في مصلحة البشرية؟ واضاف ان للدين دورا في منع استتباب السلام في الشرق الاوسط، كما ان له دورا فيما تتعرض له النساء من اضطهاد في انحاء عدة من العالم، واعطى مثالا على حالات الاغتصاب والقتل الجماعية التي تعرضت لها رواندا، والتي تعتبر من اكثر دول العالم تدينا، والتي لا يزال كثير من المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الجماعية فيها يختبئون خلف منابر الكنائس فيها! وهنا رد بلير معترفا بأن الدين تم استخدامه لارتكاب ما لا يمكن وصفه من جرائم، ولكنه كان ايضا المحرك للخير، فجميع من شارك ويشارك في التخفيف من المجاعة في افريقيا هم من المدفوعين دينيا. كما كان للمبادئ الدينية، وبالتعاون مع المبادئ العلمانية، الدور الاكبر في القضاء على الرق، وقال ان الدين هو الذي رعى محادثات السلام في شمال ايرلندا، وكيف انه حضر أخيرا اجتماعا لردم هوة الاختلاف الديني بين الطرفين المتنازعين! وهنا رد عليه هيتشنز ساخرا بأنه تأثر من كلامه عن تجسير الاختلافات الدينية في ايرلندا، ولكن من اين جاءت الاختلافات الدينية؟ أليس من أكثر من اربعمائة سنة من قتل كل طرف لأطفال الطرف الآخر، اعتمادا على اي نوع من المسيحيين هم؟ ورد بلير بأنه يعترف بان للدين دورا في كثير من الصراعات، ولكن مما لا طائل تحته وضع الدين جانبا في حياتنا، فعلى رجال السياسة والدين، في عصر العولمة الذي نعيشه، ايجاد طريقة لدفع الناس للعب دور ايجابي اكبر مع بعضهم.
وكانت نتيجة المناظرة ان %68 من الحضور اتفقوا مع هيتشنز على ان الدين عامل مهدم اكثر منه قوة دافعة! وهذا ينطبق على مجتمعاتهم المتحررة والمفتوحة والحرة في مناقشاتها، ولا تنطبق بالضرورة على مجتمعاتنا (!).
وفي السياق نفسه قامت هيئة متخصصة في الاستقصاءات في شهر سبتمبر الماضي بطرح ما يشبه اسئلة المناظرة على عينة من 18000 مشارك من 21 دولة، والسؤال عما اذا كان للدين تأثير ايجابي في حياة البشر، وجاءت النتائج متفاوتة، فأكثر من %90 في السعودية واندونيسيا قالوا نعم. وجاءت بعدهم الهند والبرازيل وجنوب افريقيا بنسبة %56 واميركا %62 وكوريا %60 وتركيا %45 تقريبا الى أن تصل الى اقل من %20 في دول اوروبا الغربية، وبالاخص بلجيكا والسويد.

أحمد الصراف