بين العبارتين العاميتين "شفت شلون سوو فيه" و"زين سوه فيه" تبدو واضحة حالة الاستقطاب في المجتمع الكويتي الصغير، فهناك الكثيرون من الكتلة الحضرية الذين أبدوا سخطهم وغضبهم في جريمة الاعتداء على محمد الجويهل، لم أسمع من هؤلاء غير كلمات الغضب والسخط على جريمة الاعتداء، لم يسأل هؤلاء أنفسهم عن مبررات زيارة الجويهل لتجمع "إلا الدستور" وهو (الجويهل) الذي كان له صولاته وجولاته الإعلامية في استفزاز أبناء القبائل بمبرر وبدون مبرر، كان أحرى به أن يدرك أن مجرد دخوله هذا المكان سيوفر كل الأسباب "اللاعقلانية" للاعتداء الأهوج على شخصه… نعم… للجويهل حقه الثابت في حرية التعبير، وحقه الأكيد في الحضور إلى المكان والتعليق بالنقد على خطابات المشاركين في الندوة، وهذا أبسط مظاهر الممارسة لحقوق المواطنة الدستورية التي من أجلها يفترض الغرض من التجمع، ولكن يظهر بصورة قاطعة أن الجويهل بممارسته لهذا الحق، وفي مثل "ظرفه" الخاص كان "يدور الطلايب" بجهد كبير، بمعنى أنه كان يمهد الأرض لإثارة عدد من المتجمعين خارج ديوان السعدون للاعتداء عليه ليظهر بصورة الضحية التي تستحق التعاطف معه، هذا لا يعني بطبيعة الحال تبرير الجريمة ولا يعني إصدار أحكام البراءة مسبقاً على المعتدين، فهم ارتكبوا جريمة الأذى البليغ بأضعف الأوصاف القانونية، و"ساهم" المجني عليه ذاته في هذه الجريمة بمجرد حضوره إلى هذا المكان من غير إدراك مغبة (وربما بإدراك وتوقع) ما قد يحدث له.
لنترك ما حدث لحكم القانون، ونحن يفترض أن نحيا تحت ظل المؤسسات القانونية ولا نرضخ لشريعة الغاب وسلطة الغوغاء، ونسأل النائب علي الراشد إن كان تعقيبه على الجريمة منصفاً بحق أحمد السعدون، فهل نقبل عبارة "دم الجويهل برقبة أحمد السعدون…"؟! هل يصح أن تصدر مثل تلك العبارة من رجل عمل بالقضاء في السابق ويفترض به الحياد والإنصاف؟! ماذا يعني النائب علي الراشد بتحميل زميله جريرة ما حدث للجويهل؟ فهل كان أحمد السعدون أحد المعتدين، أم ان علي الراشد يعلم يقيناً أن السعدون كان على علم مسبق بوجود الجويهل في الشارع المقابل للمنزل، فقام بدوره بتحريض الجناة للاعتداء عليه؟ مهما كان اختلاف المواقف بين الراشد والسعدون، ومهما تباعدت المسافات السياسية بين جماعة الموالاة وجماعة المعارضة للحكومة لا يصح بأي حال أن تصدر مثل تلك التعقيبات الجائرة تجاه أحمد السعدون أو غيره… فلم تحمل عبارة النائب علي الراشد سوى كلمات ثأرية تجاه السعدون جاءت في غير مكانها الصحيح، ولا يصح أن تكون مثل تلك الحوادث المزرية سبباً للانتقام من الآخرين أو تصفية حسابات قديمة معهم.