حسن العيسى

علي الراشد ومدور الطلايب

بين العبارتين العاميتين "شفت شلون سوو فيه" و"زين سوه فيه" تبدو واضحة حالة الاستقطاب في المجتمع الكويتي الصغير، فهناك الكثيرون من الكتلة الحضرية الذين أبدوا سخطهم وغضبهم في جريمة الاعتداء على محمد الجويهل، لم أسمع من هؤلاء غير كلمات الغضب والسخط على جريمة الاعتداء، لم يسأل هؤلاء أنفسهم عن مبررات زيارة الجويهل لتجمع "إلا الدستور" وهو (الجويهل) الذي كان له صولاته وجولاته الإعلامية في استفزاز أبناء القبائل بمبرر وبدون مبرر، كان أحرى به أن يدرك أن مجرد دخوله هذا المكان سيوفر كل الأسباب "اللاعقلانية" للاعتداء الأهوج على شخصه… نعم… للجويهل حقه الثابت في حرية التعبير، وحقه الأكيد في الحضور إلى المكان والتعليق بالنقد على خطابات المشاركين في الندوة، وهذا أبسط مظاهر الممارسة لحقوق المواطنة الدستورية التي من أجلها يفترض الغرض من التجمع، ولكن يظهر بصورة قاطعة أن الجويهل بممارسته لهذا الحق، وفي مثل "ظرفه" الخاص كان "يدور الطلايب" بجهد كبير، بمعنى أنه كان يمهد الأرض لإثارة عدد من المتجمعين خارج ديوان السعدون للاعتداء عليه ليظهر بصورة الضحية التي تستحق التعاطف معه، هذا لا يعني بطبيعة الحال تبرير الجريمة ولا يعني إصدار أحكام البراءة مسبقاً على المعتدين، فهم ارتكبوا جريمة الأذى البليغ بأضعف الأوصاف القانونية، و"ساهم" المجني عليه ذاته في هذه الجريمة بمجرد حضوره إلى هذا المكان من غير إدراك مغبة (وربما بإدراك وتوقع) ما قد يحدث له.

لنترك ما حدث لحكم القانون، ونحن يفترض أن نحيا تحت ظل المؤسسات القانونية ولا نرضخ لشريعة الغاب وسلطة الغوغاء، ونسأل النائب علي الراشد إن كان تعقيبه على الجريمة منصفاً بحق أحمد السعدون، فهل نقبل عبارة "دم الجويهل برقبة أحمد السعدون…"؟! هل يصح أن تصدر مثل تلك العبارة من رجل عمل بالقضاء في السابق ويفترض به الحياد والإنصاف؟! ماذا يعني النائب علي الراشد بتحميل زميله جريرة ما حدث للجويهل؟ فهل كان أحمد السعدون أحد المعتدين، أم ان علي الراشد يعلم يقيناً أن السعدون كان على علم مسبق بوجود الجويهل في الشارع المقابل للمنزل، فقام بدوره بتحريض الجناة للاعتداء عليه؟ مهما كان اختلاف المواقف بين الراشد والسعدون، ومهما تباعدت المسافات السياسية بين جماعة الموالاة وجماعة المعارضة للحكومة لا يصح بأي حال أن تصدر مثل تلك التعقيبات الجائرة تجاه أحمد السعدون أو غيره… فلم تحمل عبارة النائب علي الراشد سوى كلمات ثأرية تجاه السعدون جاءت في غير مكانها الصحيح، ولا يصح أن تكون مثل تلك الحوادث المزرية سبباً للانتقام من الآخرين أو تصفية حسابات قديمة معهم.

احمد الصراف

الوعي العقلي في نصف قرن

أجرى المحاضر الأميركي فرانسس بويل Frances Boyle، الذي له أنشطة سياسية عديدة على المستوى الدولي، سواء مع السلطة الفلسطينية أو حكومة بوسنيا أو منظمة العفو الدولية، مقابلة انتشرت على الإنترنت، تحدث فيها عن الممارسات العدوانية التي طالته في الفترة الأخيرة من قبل جماعات الضغط الصهيونية في أميركا بعد أن اشتهر بمواقفه المؤيدة للحقوق الفلسطينية وقضايا العرب والمسلمين بشكل عام. وقال انه لا يستثني أي هيئة أو مؤسسة تعليمية كبرى في أميركا من تهمة التحيز، سواء كانت جامعتي «ييل» و«هارفرد» أو غيرهما، فجميعها تعاملت معه بعنصرية واضحة، كما أنها، حسب تصوره، منافقة ومتناقضة في كل أمر يتعلق بالفلسطينيين، وأنه منع من إلقاء محاضراته في جامعات ثانوية، ووصل الأمر لقطع التمويل عنه مرة وفي مناسبة أخرى لم تدفع له حتى مصاريف تنقلاته.
وعندما قمت بتوزيع رابط المقابلة للأسماء الموجود في قائمة بريدي الإلكتروني، ومنهم الصديق محمد ثابت، أو سابت، كما يميل لكتابة ونطق اسمه بالانكليزية، وهو مثقف أميركي مصري، فرد علي بأنه، ومن واقع خبرته الطويلة في أميركا، يؤيد ما ذكره البروفيسور بويل تماما، وأن اليهود يسيطرون على كبريات المؤسسات التعليمية وأقوياء بدرجة كبيرة ولهم نفوذ في المال والإعلام والتعليم! ولكن السيد سابت استدرك قائلا ان قوتهم لم تنبع من رغبتهم في قتل أنفسهم والغير معهم، ولا في القيام بعمليات إرهابية، ولا في خلافات طوائفهم مع بعضها البعض، ولا في اختلافهم على اتباع تعاليم السلف اليهودي والصلاة عدة مرات في اليوم مثلا، بل جاءت كنتيجة طبيعية لتفوقهم التعليمي والثقافي العالي وحماسهم ورغبتهم في مساعدة بعضهم البعض. وقال ان من الحقائق المعروفة في أميركا أن أفضل الكتاب يهود، وأفضل العقول في الاقتصاد يهود وأهم الأدمغة في العلوم والطب يهود، كما أنهم يشكلون أكبر اثنية بين خريجي هارفرد وأم آي تي وييل، وبقية نادي الجامعات الخمس الكبرى، أو الآي في ليك. كما يعتبر غالبيته، إن لم يكن جميع أعضاء الكونغرس اليهود من المبرزين في مجالهم، حتى أفضل كوميديي أميركا وكتاب السيناريو والمخرجين العظام هم من اليهود. ويعتقد السيد سابت أن ليس هناك من سبيل للتغلب على النفوذ اليهودي، أو الصهيوني في أميركا بغير الاقتداء بهم في كل أو بعض مجالات تفوقهم، وحتى يحدث ذلك، إن حدث، فسيستمر النفوذ اليهودي طاغيا في أميركا! (انتهى).
وبمناسبة الحديث عن تقاعسنا في كل مجال، فإنني لا أزال أتذكر الحملة التي قامت بها مجلة «الحوادث» اللبنانية عام 1966، أو 67، لجمع مبلغ 20 الف دولار تقريبا لنشر إعلان رمزي على صفحة كاملة في الـ «نيويورك تايمز»، نطالب فيه دول العالم الغربية بإصدار وعد بلفور جديد لوطن قومي للفلسطينيين! فبعد شهر تقريبا اعتذرت المجلة بأن ما استطاعت جمعه من مال كان مخيبا وبالتالي أعادت لنا، نحن السذج، تبرعاتنا! ولا أعتقد ان الوضع والوعي «العقلي» لدى شعوبنا اصبحا أفضل مما كانا عليه قبل نصف قرن تقريبا!

أحمد الصراف