علي محمود خاجه

كم درساً آخر تريدون؟

في 2006 حينما كنت أكتب في «الطليعة»، أرسلت مقالا بعنوان «لا للـ29»، كنت أقول فيه بأنه ليس من المنطقي أبدا أن نقف ونؤيد ونؤازر 29 نائبا معظمهم لا يرغبون بالدستور بشكله الحالي، ولكنهم تبنوا تقليص عدد الدوائر الانتخابية، كما طالبنا نحن حينذاك، فوقوفنا مع هؤلاء سيعني أننا سنتحمل 4 سنوات من غيّهم وتعديهم على الدستور من أجل تصويت واحد سيقفون فيه صفا واحد من أجل إصلاح النظام الانتخابي جزئيا. كنت في تلك الفترة في بدايات كتابتي، وقد تلقيت حينها اتصالا من أحد القائمين على «الطليعة» في ذلك الوقت، ينصحني فيها بعدم نشر المقال لعدم مواءمته للظروف التي تعيشها الكويت، ولا نريد أن ندق الإسفين فيما بيننا، فقضيتنا أهم من خلافاتنا، للأسف فقد قبلت تلك النصيحة وأقر بخطئي حينها، وما كنت أخشاه في ذلك اليوم تحقق، فقد أقروا الدوائر الخمس في أول أيام المجلس، وعانينا بعدها الأمرّين من طعن معظمهم في دستور الكويت وثوابته وحرياته. اليوم تتكرر الأسطوانة ذاتها بحدّة، وقد تكون إلى اليوم أقلّ وقد تتزايد مع الأيام، ولكنها نفس الأسطوانة، فبعد التصرف الحكومي السمج بالغياب المتعمد عن الجلسات لفقد النصاب، التأم أكثر من عشرين نائبا تحت شعار «إلا الدستور» مهددين بالويل والثبور وعظائم الأمور إن تم الاعتداء على الدستور!! على الرغم من أن قبر الحريات التي وأدوها بأنفسهم لم يجف بعد، وعلى الرغم من أن ثلة منهم هم مجرمو انتخابات مارسوا كل أنواع الغش في سبيل الوصول إلى المجلس، وآخرون يهددون الوزراء في حال تطبيقهم للقانون، هؤلاء ونفر قليل آخرون ممن رحم ربي هم التجمع الذي يحمل شعار «إلا الدستور»! فعن أي دستور تدافعون؟ لقد أثبتت كل تجارب الديمقراطية الكويتية أن الدستور هو ملجأ الجميع، ولكن معظمنا لا يتذكره إلا حينما يمسه سوء ما، فالتيار الديني لا يتذكره إلا حينما يريد التصويت على وأد أفكارنا… وحريتنا… وأفراحنا، واللصوص لا يتذكرونه إلا حينما يدانون شعبيا قبل القضاء، و»الجويهليون» لا يتذكرونه إلا حينما يساء إلى مصالحهم، و»اللاجويهليون» لا يعرفونه إلا حينما يتطرق لهم «الجويهليون». اليوم تجربة جديدة، ومجددا الحامي هو الدستور وهو الملاذ الذي لا غنى عنه، ولكننا لن نسمح أبدا بأن يكون الدستور مطية لكل مغتصب له، لذا فإن واجبنا تجاه هذا الدستور هو الوقوف أولا في وجه من يتعدى عليه من نوّاب ارتدوا ثياب الدستور اليوم وحكومة لا تعرف التزاماتها بعد، وبعد ذلك من الممكن أن نرفع شعار «إلا الدستور»، عدا ذلك فإننا مساهمون في انتهاك الدستور والانتقاص منه. خارج نطاق التغطية: السيد حسين القلاف صرّح بأنه سيحلق نصف شاربه إن فازت الدكتورة أسيل في الانتخابات المقبلة، وأنا أرجو من السيد الفاضل أن يشرفني بتحمل نفقات «موس ورغوة الحلاقة» حينها، وإن غداً لناظره قريب.

سامي النصف

هل هي مشاريع لوردات حرب؟!

لا تمنع القوانين المرعية أحدا من حضور الندوات العامة التي تعقد، إلا ان الحصافة كانت تقتضي ان يبتعد السيد محمد جويهل عن ندوة يعقدها الخصوم، فالوعي السياسي في البلد لم يصل الى حدوده الدنيا، هذا الحضور لا يبرر على الإطلاق الاعتداء الذي تعرض له والذي أوصله للعناية المركزة وتعريض حياته للخطر.

ولا يمكن تصور أو قبول وبعد نصف قرن من العمل الديموقراطي الذي من أسسه احترام الرأي والرأي الآخر واللجوء لمبدأ «اللاعنف» والحوار والاحتكام للقضاء لحل الإشكالات التي تقوم بين الناس، ان يحدث ما حدث، فمع رفضنا الذي كررناه في أكثر من مقال لطرح السيد جويهل، إلا ان الواقع يظهر بشكل جلي ان هناك الكثيرين ومنهم مرشحون وأعضاء حاليون في مجلس الأمة، لا يختلف طرحهم عن طرحه سواء في الاتجاه نفسه أو في الاتجاه المضاد.

فهل سيسمح مستقبلا بأن يتعرض من نعترض على رأيه للاعتداء على رأسه لإظهار استنكارنا لما يحتويه رأسه من أفكار؟! ان ما حدث هو نتيجة طبيعية لعمليات التحريض والتأجيج المستمرة بين شرائح المجتمع الكويتي وطوائفه التي تسمم الأجواء العامة وتؤدي الى الفتن، والواجب على أعضاء مجلس الأمة إصدار تشريع يجرم ويغرم ويسجن الداعين قولا أو عملا لـ «جرائم الكراهية» أيا كان نوعها، ولو صدر مثل ذلك القانون لمنع وأوقف على الفور كثيرا مما نراه من مساس بالوحدة الوطنية وتجريح مؤسف للآخرين دون رادع أو عقاب.

ان وشائج الود والحب والقربى التي تربط الشعب الكويتي، والتي عشنا في ظلها قرونا عدة، تمزق كل صباح ومساء بتخندقات ما أنزل الله بها من سلطان كمسميات البدو والحضر والسنة والشيعة والدماء الحمراء والدماء الزرقاء والأغنياء والفقراء والتجار والموظفين وغيرها من مصطلحات وكلمات لم تحل في بلد إلا حلت الفرقة والتناحر والخراب في ربوعه.

إننا بحاجة لعقد اجتماعي بين شرائح المجتمع الكويتي، وسياسي بين كتله لا يأتي بجديد بل يجدد ما عشنا في كنفه منذ بدء خلق كيان الدولة، ننصرف ونبتعد من خلال ذلك العقد عن تحريض الناس على الناس والتفريق بينهم واللجوء للشارع عند كل تباين في وجهات النظر، فالمتربصون بالبلد كثيرون وما نفعله بأنفسنا ـ بغفلة أو دونها ـ يفوق كثيرا ما يدبره لنا أسوأ أعدائنا، وكفى تحريضا، فقد سالت الدماء، وقانا الله شرور مثل تلك الدماء مستقبلا، فلن تسلم الجرة في كل مرة.

آخر محطة:

(1) رفضنا الاعتداء على السيد جويهل يتوازى مع رفضنا ما نسب إليه من فعل ـ ان صدقت بعض الروايات ـ فنواب الأمة هم اختيار الشعب ويستحقون الاحترام الواجب، وكان واجبا في هذا السياق ان تبادر الجهة المنظمة برد الاعتداء عليه حتى لا تتفاقم القضية.

(2) في الديموقراطيات المتقدمة، لا يعقد اجتماع عام أو تجمع شعبي إلا بعد إخطار الوزارة المعنية كي يتم توفير رجال الأمن لمنع الشغب وحماية الأرواح.

(3) نرجو ألا يكون فيما نرى ونسمع، مشاريع صناعة «لوردات حرب» تثري جيوبها وتزدهر أعمالها على حساب دماء مواطنيها وخراب أوطانها.

احمد الصراف

الصوت الذي كشف العطش

حضرت و500 مدعو آخر تقريبا حفل الطرب الجميل الذي نظمته شركة رائدة في مجالها، والذي شدت فيه الفنانة اللبنانية جاهدة وهبه بمجموعة من أعذب الالحان في ليلة أصبح ما يماثلها شديد الندرة في الزمن الرديء الذي أصبحنا نعيشه. لقد كشف أداء جاهدة وصوتها الراقي كم هي عطشى نفوسنا لسماع شيء جميل يطرب قلوبنا ويفتح مسامات نفوسنا التي أغلقتها فتاوى الانغلاق والتي «سرحت» بنا بعيدا عن المحبة والخير لندمن البغض والتكفير وكراهية الآخر!
وكان لافتا للنظر ما ذكره مقدم الحفل، الفنان المؤدب فيصل خاجة، في نهاية كلمته في معرض شكره للفنانة جاهدة وفرقتها ولمنظمي الحفل وإدارة فندق «جي دبليو ماريوت» ووزارة الإعلام، ثم شكره وزارة الداخلية! ولا أدري كيف قبلت الحكومة إقحام وزارة الداخلية في مثل هذه الأمور «الفنية والثقافية» البحتة، وهي التي تنوء أكتاف المسؤولين عنها بثقل مهامهم الأمنية، وإلى متى تبقى الدولة اسيرة اصوات بعض النواب الذين يصرون على أن تبقى الكويت بعيدة عن الفن خالية من الأدب وغريبة على الثقافة ولا صلة لها بالعالم الجميل من حولها؟ ونرى بالتالي أن الأمر يتطلب قيام معالي وزير الداخلية بإعفاء وزارته من مثل هذه الأمور، وعدم إقحامها وإضاعة وقتها في موافقات لا صلة لها بها، فلديها ما يكفيها من مشاغل.
وتعليقا على الحفل، كتب لي صديق وقارئ الكلمات المعبرة التالية: يوم الحفل شاهدت نخبة جميلة من المجتمع، وشاهدت مدى عطشهم للفن الجميل والراقي وعشقهم للثقافة. كما شاهدت افرادا من عائلتي والتقيت بأناس كثر، والكل فرح بتواجده ولسان حالهم: «أنت هناك أيضا، عفيه عليك؟» ولكن من دون كلام، بل بلغة العيون والشفاه فقط. وكنت في الحفل برفقة جيلين غير جيلي وزوجتي، حيث استمتع والدي وابني بمقدار استمتاعي نفسه بذلك الفن المميز، إن لم يكن أكثر. فشكرا لكل من أدخل الفرح لقلوبنا في تلك الأمسية، وما يحزن حقا أن الكويت لا تزال بحاجة للمزيد من هذا الفن وللمزيد من الأوبريتات والحفلات الموسيقية المحلية والعالمية ولبناء دار أوبرا ومسارح في كل محافظة، فقد سئمت قلوبنا من كل هذا الضيق والتضييق.
***
• ملاحظة: بينت أحداث الفوضى وإغلاق الشوارع التي قام بها مئات الشباب فور إعلان فوز الكويت على العراق (كرويا)! عن مدى جفاف الحياة في الكويت وغياب السعادة، ورغبة الناس في الترفيه عن أنفسهم، ولو على حساب راحة وسلامة الغير، فيا حكومة تحركي وابتعدي، ولو قليلا عن مجاميع الحزن والغم والتخلف!

أحمد الصراف