سامي النصف

قليلا من الحياء يا مؤزمون!

المباركة القلبية لدولة قطر الشقيقة على ثقة العالم بها وفوزها غير المسبوق باستضافة كأس العالم، حيث تعتبر أصغر دولة في التاريخ تستضيف المونديال وهو ما يمنح كثيرا من الدول الصغيرة الأمل في استضافة تلك البطولة العالمية الهامة.

وقد سبق لقطر ان بهرت العالم إبان اقامة مسابقات الآسياد في الدوحة مما عزز فرص فوزها أمام المنافسين الآخرين وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي لم تتقبل الخسارة بروح رياضية كما يفترض واحتجت دون داع على ذلك الانجاز القطري الكبير، وتعلم الشقيقة قطر ان الكويت وكل شقيقاتها الخليجيات يضعون مواردهم وخبرتهم لدعم قطر وإنجاح البطولة التي ستقام على أرضها.

والشيء بالشيء يذكر، ألا يخجل بعض مؤزمينا الدائمين من خلق المشاكل والأزمات السياسية المتتالية التي تشغل البلد عن التفرغ للانجاز، فما نلحظه بحسرة هو انتقالنا من أزمة الى أخرى دون ان يفهم أحد سبب تلك المشاكل التي يشتكي منها ـ يا للعجب ـ من يفتعلها؟!

فاللجوء للمحاكم على سبيل المثال هو حق أصيل كفله الدستور للجميع دون استثناء، كما ان احترام الأحكام القضائية أمر واجب على الجميع في الدول الدستورية، وفي هذا السياق فإنه قد ساد في الحياة السياسية الكويتية فهم خاطئ يتلخص في ان النجاح في الانتخابات النيابية لا يقوم على الطرح العاقل والمتفائل الذي يقدم الحلول للمشاكل التي تعاني منها الدولة والمواطنون، بل يتم النجاح لمن يزايد في شتم حكومة لم تتشكل بعد! وقد يكون فيما حدث درس بليغ للمدغدغين والمتلاعبين بمشاعر البسطاء حيث سيدفع الثمن مستقبلا من ينتهج ذلك المسار الخاطئ ومن ثم سنرى تسابقا على الطرح الايجابي المفيد.

وقد ذكرنا مرارا وتكرارا ان حسن النوايا هو السبيل الأمثل للعلاقة الصحية بين السلطتين، وان من يتقصد خلق المشاكل عبر محاكمة النوايا وتتبع السقطات والهفوات عليه ان يتقبل المعاملة بالمثل عبر لجوء الطرف الآخر كذلك لتحقيق أهدافه عبر التكتيكات السياسية المشروعة، وألا يجزع من أداة اعتاد هو تكرار استخدامها.

آخر محطة:

نحن ضد سجن الإعلاميين على ألا يتعدوا على كرامات الآخرين، والإشكال هو ان استبدال السجن بالعقوبات المالية المغلظة قد يخرب البيوت ويضر بعائلات الإعلاميين بأكثر من أحكام السجن.

احمد الصراف

أين اختفت ضمائرنا؟

مرت حادثة الاعتداء على كنيسة سيدة النجاة في العراق من قبل إرهابيين متطرفين من القاعدة مرور الكرام على الغالبية منا ولم يتم ذرف دمعة عليها، فتاريخنا المملوء بدم الآخرين، لم يترك لنا المجال للتوقف أمام هذه الحادثة أو غيرها بعد أن سبقتها المئات من الأحداث المأساوية التي جعلت من قلوبنا صخورا صوانية صعبة العراك، وليس من شيء أدل على ذلك مما يحصل في باكستان بين الشهر والآخر من اعتداء مسلمين شيعة على مساجد السنة والعكس، والقتل جارٍ على قدم وساق داخل ما يعتبره البعض «بيوت الله» ويعتبرها الطرف الآخر مجرد مسالخ لسفك دماء المئات من أخوته في الوطن والدين.
يقول المطران جورج خضر، في مقال له في النهار تعليقا على حادثة سيدة النجاة، ان المسلمين يؤمنون بأنهم خير أمّة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولكنهم لم يحركوا ساكنا أمام جريمة قتل مصلّين، نساء واطفالا ورجالا أبرياء، في العراق (ومصر ولبنان والسودان وأندونيسيا والفلبين وتايلند وغيرها). وقال انه لا يستطيع تصديق ان مليار مسلم لا يستطيعون وضع حدٍّ لهؤلاء القتلة، فخطب الجمعة «النادرة» التي القيت ضد هؤلاء المجرمين الذابحين للمصلين الطاهرين لا تكفيه. واضاف أن المسلمين متماسكون لا يقبلون الضيم، غير انها أمة ظالمة لنفسها وقابلة لتشويه صورتها ان قبلت سلطان هؤلاء المجرمين على سمعتها، ولا يعقل أنهم، في عصر الأقمار الصناعية، لم يسمعوا بالجريمة! وتابع: إن صمتهم يعني ضلوعهم في الجريمة! والسؤال هو من له مصلحة بإبادة الذين كانوا يصلّون في كنيسة سيدة النجاة؟ من يستفيد من قتل هؤلاء الشهداء؟
وتتساءل البريطانية العراقية الأصل منى الصديقي (بي بي سي 16/11) وهي تشاهد أحداث الكنيسة على التلفزيون، بأنها لا تعرف ما كان سيكون عليه شعورها لو عاشت في وطن مقسم وممزق بحروبه الطائفية والدينية، فهي لم تعتد أن يأتي شخص ويطرق باب بيتها ويقتل أهلها ويستولي عليه، ويدفعها للفرار لأرض أخرى والبدء من جديد ضمن محيط غريب ووجوه غير معروفة وأصوات غير مألوفة، ولكن هذا بالضبط ما يحدث لمسيحيي العراق!
أسئلة المطران جورج وتساؤلات الصديقي، وعشرات غيرهما من القلة المسلمة ومن مسيحيين آخرين، ستبقى دون جواب، فقد فقدنا بوصلتنا الأخلاقية بعد أن رضينا بأن يتحكم شرذمة من المجرمين والقتلة بضمائرنا قبل مصائرنا، وبعد أن اصبح لدينا برلمانيون على استعداد للدفاع عنهم، وربما توفير الحماية والمال لهم، إن احتاجوا الى ذلك!

أحمد الصراف