محمد الوشيحي

عندما تجالسنا 
غادة عبدالرازق

أسبوع «بالكثير» هو أقصى مدة متصلة أستطيع تحمّلها في الكتابة في الشأن السياسي، يبدأ بعدها قلمي يحكّ رأسه متبرّماً متململاً، فأضطر إلى الهمس في أذنه «غيّر هدومك بنطلع نتصرمح».

وفي الكويت، ستجد «قلم الدستور» أستاذنا العظيم احمد الديين لا يكح ولا يمح من الكتابة في السياسة الجادة، ومثله «شغيغي» الزميل سعود العصفور، الذي يحمل فصيلة الدم السياسي نفسها. ولو جلست الممثلة التي تملأ أنوثتها الجهات الأربع وتفيض منها كميات لا بأس بها «غادة عبدالرازق» بين الديين والعصفور لتحدث الأول معها عن المذكرة التفسيرية ولتحدث معها الثاني عن المكتسبات الشعبية، أما لو نهضت غادة وجلست بجانبي فسأطفئ لأجلها الأنوار وأنثر الشموع وأدير آلة التسجيل على أغنية عبدالحليم «فاتت جنبنا» قبل أن أطلب منها أن تحدثني عن «اللائحة الداخلية» بتفصيل وتسبيل.

والأوضاع السياسية في الكويت لا تحتاج إلى أن تلصق وجهك على فاترينتها وتُحيطه بكفّيك كي تتمكن من رؤيتها بوضوح، فكل شيء على المكشوف. والناس تتحدث عن أن النائب القلاف قال في جلسة الاستجواب «السرية» بعد أن شاهد واستمع إلى عرض كلمة د. عبيد الوسمي: «الله أكبر، كل هذا قاله»، أي أن القلاف كان مؤيداً لضرب الوسمي وسحله قبل أن يعرف تحديداً ما قاله الوسمي، وهو ما يُسمّى في لعبة «البلوت» وقوانينها «صن مغطّى»، أي إعلان الموافقة على «المغامرة الكبرى» قبل أن تنكشف أوراق اللعب، بمعنى «شراء السمك بمبلغ خيالي وهو مايزال في الماء»… سحقاً للتنمية.

والنائب الدويسان يقول عن المستجوبين ومرافعاتهم: «لم يأتوا بجديد، كل ما قالوه في الاستجواب هو تكرار لما قالوه في ندواتهم»، وأظنه كان يتوقع أن «يغيّروا» كلامهم و»يدبلجوا أفلامهم»! يقول ذلك وهو مثلي يعلم أن جلسة الاستجواب تلك، تحديداً، ليست إلا خطوة إجرائية «روتينية» لا يمكن تجاوزها، فالأمور «مصلّعة»، والحجج معروفة مسبقاً.

أما بعض من يردد الكليشة المعروفة «الحكم بعد المداولة وبعد الاستماع إلى حجج الطرفين» – أكرر، في هذه الجلسة تحديداً – فهو يراعي «الإعلام» لا أكثر، ويريد أن يرتدي قبعة «النبلاء». والكليشات فكرة استخدمها الفنانون والفنانات فتبعهم السياسيون، وأشهر الكليشات هو ما تردده بعض الممثلات من اللواتي اختلط عندهن الليل بالنهار: «الفن سرق أمومتي»، أو «تزوجتُ الفن»، وكليشات أخرى متفرقة حفظناها عن ظهر قلب، نحن عشاق قراءة المجلات الفنية في صالون الحلاقة «عيبي أنني طيبة جداً وأثق في كل الناس»، «صحيح أنا عصبية بس قلبي أبيض»… هي كليشات لزوم الإعلام. بل حتى نحن أبناء الصحافة لنا كليشاتنا التي نرددها ولا نتوقف عند معانيها كثيراً، تعلمناها من «آبائنا الأولين» في الصحافة، مثل «الجريدة الغراء»، ولا أدري لماذا يجب أن تتلازم كلمتي «جريدة» و»غرّاء»! أو جملة «الحمل الوديع»، على اعتبار أن هناك «حملاً مفترساً» بمخالب وأنياب تسيل منها الدماء.

احمد الصراف

كاسيات عاريات!

قام الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، الخاضع لحزب الإخوان المسلمين فرع التنظيم العالمي للإخوان في الكويت، بطبع منشور زاهي الألوان بعنوان «عائدة بقلبي…حياء من ربي»! وقد زينت قمة صفحته الأولى بسؤال: «ماذا يحدث إذا لم أتحجب؟» حيث تجيب النشرة بأن «ما سيحدث لن تشعر أو تدري به غير المحجبة، بل إن الملائكة من حولها سيحسون(!) وإن السيئات ستتزايد بشكل مفاجئ في «صحيفة أعمالها» فور خروجها من المنزل، لأنها تحمل إثم كل رجل ينظر إليها، فعلى الرجل سيئة وعليها سيئات بعدد من نظر إليها من الرجال وهي متبرجة، لأنها تسببت في وقوعهم في المعصية!» وهذا إسقاط مؤذ وجريء في وقاحته، وتحميل للمرأة مسؤولية كل معاصي المجتمع وخطاياه ووزر إغواء الرجال!
ويستطرد المنشور في أذاه بالقول «إن من اتخذت قراراً بعدم ارتداء الحجاب، والتلذذ بسماع التعليقات يجب أن ترضى تالياً بالتنازل عن شيء غال بالمقابل! وأنها إن احتاجت إلى العون من ربها فلن يعطيها «ربي» ذلك «هكذا!» وهنا تظهر ضحالة أسلوب المنشور المكلف الطباعة والإخراج، وسوء تعبيره الذي يقول كاتبه الفرد، و«ليس المؤسسة الطلابية، بأن «ربه» لن يستجيب لها!» ولا أدري من أين أتى هذا الطالب بهذه الصلاحية؟ وكيف أمتلك هذا الحق في توزيع صكوك غفرانه على من يشاء؟ ومن أين امتلك كل هذه الحقائق، وهو لايزال على مقاعد الدراسة؟
ثم يبلغ المنشور ذروة سخفه بالقول «إن المتبرجة من أهل النار، ولا تستحق دخول الجنة!» ولا أدري كيف توصّل الطالب، محرر النشرة، إلى هذه النتيجة، ومَن أخبره بهذا السر، والحجاب كان وسيبقى موضع خلاف بين كبار رجال الدين، فماذا ترك هذا التلميذ لهم؟
إن الهدف من مثل هذه الدعوات والمنشورات ليس حجاب المرأة في حد ذاته، فهذا آخر هم هؤلاء، بل الهدف يكمن في كسب انتمائهم السياسي والحزبي فور تحجبهن، فهذا سيقوي حتماً من مكانتهم في المجتمع، ويزيد من سيطرتهم على المؤسسات الثقافية والتعليمية والمالية بالذات، ويسهّل في نهاية الأمر من سيطرتهم على مقاليد الأمور في الدولة.
نكرر، إن الشرهة، كل الشرهة، ليس على من اتهم نساءنا وأخواتنا بكل هذا الكم المقذع من السّ.باب غير المؤدَّب، بل اللوم كل اللوم على من سكت عنهم سنة وراء أخرى، وبارك ورعى مؤتمراتهم السنوية، فبئس فعلهم.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

سجينات بحرينيات… أخطأن وينتظرن المكرمة!

 

في تفاصيل الرسالة التي تسلمتها من أهالي عدد من السجينات البحرينيات بمركز التأهيل والإصلاح بمدينة عيسى، تنتظر السجينات مكرمة ملكية سامية بالعفو، مع اعترافهن بأنهن أخطأن في حق أنفسهن وعائلاتهن وأبنائهن، ولكن ننشر الرسالة كما وردت على لسان السجينات.

وقبل ذلك، لابد من الإشادة باللقاء المهم الذي عقد حديثاً بين وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة مع وفد المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بشأن الزيارة التفقدية التي قام بها وفد من المؤسسة الى مركز الإصلاح والتأهيل، فهذا اللقاء يؤكد الرغبة في تحسين أوضاع النزلاء من الجنسين، وخصوصاً أن اللقاء أكد مبدأ الانفتاح والتواصل والحوار مع الجميع من أجل صون الحريات وضمان حقوق الإنسان، وهذا هو المنهج الذي نأمله من الدولة ومؤسسات المجتمع المدني في مختلف القضايا والملفات.

في رسالتهن، ناشدت السجينات القيادة الرشيدة بإدخال الفرحة في بيوتهن، بالعفو عنهن، ويقلن في رسالتهن: «لا نخفي اعترافنا بأخطائنا في حق أنفسنا وعائلاتنا وأبنائنا، ونحن الآن نقضي مدداً متفاوتةً من أحكام السجن، لكننا ندرك حرص قيادتنا على استقرار أسرنا وإعادة إدماجنا في المجتمع وعودتنا الى أهلنا وأبنائنا».

وتواصل السجينات: «نحن نعلم جميعاً مدى حرص القيادة الرشيدة على أبناء المملكة من خلال المكرمات التي لا يمكن ان تمحى من ذاكرة كل بحريني، وخصوصاً تلك المكرمات التي مثلت عرساً بحرينياً للبلد وأهلها حين مددتم أياديكم البيضاء بالعفو عن المسجونين، والتي انعكست على وجوه أبناء البحرين من جميع الأعمار وزينت الفرحة شوارع البحرين وأزقتها وبيوت العوائل البحرينية، فحين نتذكر ذلك، نأمل في مكرمة من هذه المكارم للعفو عنا وإنهاء معاناتنا، ومنحنا الفرصة للتكفير عن أخطائنا وبدء حياة جديدة أفضل من السابق لخدمة وطننا وأهلنا».

بناتكم وأخواتكم: سجينات مركز الإصلاح والتأهيل – مدينة عيسى

@@@

في رسالة السجينات كما بدا من مضمونها، اعتراف بأنهن أخطأن، وهن يقضين الآن فترة العقوبة، ويشعرن بالندم على ما فعلنه، لكن الأمل دائماً في الله سبحانه وتعالى وفي القيادة الرشيدة، ومن خلال منهج وزارة الداخلية في الإصلاح والتأهيل لمنح كل من أخطأ الفرصة للعودة الى الحياة الطبيعية والاندماج في المجتمع من جديد.

سامي النصف

الحوار بالاستجواب

استجواب آخر ينتهي وعشرات الاستجوابات قادمة على الطريق كي يتوقف حال البلد في وقت تتفرغ فيه دولنا الخليجية الاخرى لمشاريع التنمية وخلق فرص العمل والسعي حثيثا الى ان تصبح مراكز مالية عالمية بقصد خلق موارد بديلة للنفط الناضب، بينما نبقى نحن «مكانك راوح» ثم يتساءل البعض، وبراءة الاطفال في عينيه، عن سبب تقدمهم وتخلفنا.

 

قام الخلاف اللبناني ـ اللبناني الذي تسبب في حرق لبنان الاخضر لمدة 17 عاما، على معطى غياب الحوار الفاعل بين القوى المعارضة والقوى الحكومية، وانزلت المعارضة الناس للشوارع وانطلقت رصاصة في الظلام لتقتل الزعيم المعارض المعروف معروف سعد وتطلق اولى شرارات الثورة والعصيان والحرب الاهلية، وكان بالامكان حل كل تلك المعضلات لو جلست الحكومة والمعارضة على طاولة الحوار وتم حل اشكال التعديل الدستوري الواجب خلال نصف ساعة بدلا من تدمير لبنان للوصول لنفس الهدف، السؤال: لماذا لا تلتقي الحكومة والمعارضة الكويتية في غرف مغلقة لحل الاشكالات القائمة قبل خراب البصرة ـ او جنوبها تحديدا ـ لا بعده؟!

 

تحدث العم عباس مناور وهو احد الآباء المؤسسين للدستور فأتى كلامه ينقط عسلا وألما وعقلا وحكمة، وينضح بحب هذا البلد والخوف والحرص على مستقبل ابنائه، ومما قاله العم ابومطلق ان دواوين الاثنين قامت على معطى غياب الديموقراطية والحرية الاعلامية آنذاك فما سبب اللجوء للشوارع والدواوين هذه الايام؟! سؤال آخر مستحق من رجل حكيم.

 

هل نذكر بأن الآباء المؤسسين للدستور الذين لا يزايد احد على حبهم له وحرصهم عليه، لم يرفعوا قط شعار «إلا الدستور» ولم ينزلوا للشارع للتأجيج والتحريض حتى ابان احداث 67 و76 و86 بل جعلوا جل همهم مصلحة الوطن ومستقبل ابنائه وقدروا ببصيرتهم خطورة الظروف الحرجة المحيطة فنجا بلدنا مما كان يخطط له آنذاك من احداث جسام.

 

وهل نذكر البعض كذلك بالمتغيرات الكبرى التي تحدث في العالم وفي منطقتنا من تحول بعض الدول الحليفة والمؤثرة من تأييدنا ودعمنا الى دعم وتأييد احد جيراننا حتى سمعت بالامس ـ وسمع معي آخرون ـ ديبلوماسيا كويتيا مطلعا يقول «ان مصلحتنا كانت تحتم علينا الحرص على بقاء نظام صدام الضعيف الذي تعاديه كل الدول بدلا من الاوضاع الخطيرة المستجدة».

 

آخر محطة: بعد تقاعد 3 وكلاء مساعدين في وزارة الاعلام، الاعلامي البارز يوسف مصطفى هو احد ابطال عام 90 الذي مازال صوته يرن في اسماع الشعب الكويتي محفزا ومشجعا له آنذاك على الصمود والمقاومة، الزميل ابومحمد يستحق وبحق بحكم اهليته وكفاءته وثقافته وأقدميته منصب الوكيل المساعد لشؤون الاخبار، حيث يملك خبرة تتجاوز 3 عقود في ذلك القطاع المهم.. نرجو ان نسمع قريبا خبرا مفرحا يضع الرجل المناسب في المكان المناسب… ومبروك مقدما.

احمد الصراف

الليل الطويل

يمثل المسلمون ربع سكان العالم تقريبا، ولكن ثلثيهم يعيشون في مجتمعات قروية فقير،ة ويفتقرون إلى الكثير من أساسيات الحياة، وخاصة في افريقيا واندونيسيا وباكستان وأرياف الدول العربية، كما أن للأمية نصيبا كبيرا بينهم، ففي الوقت الذي نجد فيه أن عدد جامعات الولايات المتحدة وحدها يقارب الـ6000، فإن عددها في الدول الإسلامية لا يزيد على الألف بكثير! كما أن الفائزين بالجوائز العلمية العالمية المرموقة فيها لم يتعد اثنين، وكلاهما تلقيا تعليما غير تقليدي.
كان لابد من هذه المقدمة لكي نتطرق إلى المواضيع الثلاثة التالية باختصار شديد:
أولا: أقامت إحدى مدارس منطقة الأحمدي التعليمية في الكويت قبل أيام دورة تدريبية على مدى يومين لطالبات المدرسة تتعلق بكيفية التعامل مع الجن، وإخراجه من جسد الفتاة!
وفي باكستان، قام أربعة رجال باغتصاب علني لفتاة تبلغ 18 عاما، تنفيذا لحكم محكمة قبلية في قرية «ميروالا» الباكستانية، عقابا لقيام شقيقها بإقامة علاقة مع امرأة من قبيلة تنتمي إلى مستوى أرفع، علما بأن عمر الصبي لم يتجاوز 11 عاماً!
وجرت عملية الاغتصاب أمام حضور بلغ أكثر من ألف شخص، يتقدمهم والد الفتاة نفسها، إمعانا في الإهانة. كما أجبرت الضحية بعدها على العودة عارية لبيتها أمام الناس.
وورد في تقرير لـ «حقوق الإنسان الباكستانية» أن السلطات هناك تعلم بتلك الاغتصابات العلنية، ولكنها لا تفعل شيئا لمنعها، وأن الحادث يتكرر عشرات المرات سنويا.
وفي أفغانستان، تم اختيار «خالدة» البشتونية لتكون كابتن الفريق الوطني لكرة القدم. وطوال سنوات تعرض والدها واخوتها للسخرية لسماحهم لابنتهم باللعب، وعندما قرروا منعها أقدمت على الانتحار، وتم انقاذ حياتها بمعجزة، فاضطروا للموافقة على رغبتها. وفي مقابلة مع الـ «بي.بي.سي» قالت خالدة إن حياتها لا تساوي شيئا بغير هوايتها، وانها تعلم أن الموت ينتظرها، بسبب المجتمع الشديد التعصّب الذي تعيش فيه، ولكنها تصرّ على مزاولة هوايتها، ففي ذلك يكمن وجودها، كما أنها تلعب لتشد أزر غيرها، ومن منطلق حبها لوطنها وسمعته الدولية.
وفي رد على أسئلة أخرى قالت إنها تعلم أن فرصتها في الزواج وتكوين أسرة قد قضي عليها، فلا أحد يود الاقتران بفتاة تسافر مع زميلاتها لتمثيل وطنها في الخارج، وقالت إنها حرمت من اشياء كثيرة لكي تستمر في مزاولة هواية تحبها، ومعاناة زميلاتها في الفريق لا تقل عن معاناتها!
وفي أفغانستان، وأجزاء من إيران، انتشرت أخيرا عادة اقتناء الصبية الذكور كمرافقين، ولإحياء الحفلات والرقص فيها وممارسة الجنس معهم في نهاية اليوم، كما أصبح اقتناؤهم مظهرا للوجاهة، وتسمى هذه العادة بـ «بجه بازي».
والسؤال: ألا تستحق الشعوب الإسلامية، مثلها مثل غيرها، فرصة أفضل في الحياة؟ وإلى متى يستمر هذا الظلم في كل أرجائها؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الخوف.. سيد الموقف

أصبح واضحا أن الخوف المسيطر على الادارة الحكومية هو السبب في المشاكل التي عشناها في الايام الماضية بسبب قرارات وإجراءات حكومية مستغربة! أما وقد اكتشفنا العلة، وهي هاجس الخوف من المجهول، فلن نستغرب كل ما حصل.
خذ مثلا غياب الحكومة المتعمد عن جلسات التصويت على رفع الحصانة!! سببه الخوف من ألا ترفع الحصانة عن النائب ان تم التصويت!! وهذا جعل الاجواء متوترة داخل القاعة عندما رفعت الجلسة.
وكذلك ضغط الحكومة على نوابها لتغييبهم كي يفقد النصاب! ادى الى احراج نوابها، ونعتهم بالحكوميين، ودخولهم في مشاكل مبكرة مع قواعدهم الانتخابية. الامر نفسه عندما تداعى النواب لعقد لقاءات مع جماهيرهم في الدواوين، خافت الحكومة من تأثير ذلك على الشارع، وبالتالي على نوابها، فاستخدمت القمع في ازالة هذا الهاجس لديها، واطمأنت بعد تفريق النواب والناس!!
الخوف، وليس غيره، سيطر على اجواء مجلس الوزراء عندما قرر طلب جلسة سرية كي يتحاشى تأثير ذلك على قرارات نوابها!! والخوف ولا غيره جعل الحكومة تطلب من وزير الداخلية تجاوز المادة 118، وتطويق الطرق والمداخل المؤدية الى مبنى البرلمان، حتى لا يتأثر نوابها بالجماهير الكبيرة التي بدأت تزحف منذ ساعات الفجر الاولى للتجمع في ساحة الارادة فيغيروا تصويتهم في اللحظة الاخيرة.
اذاً حكومتنا الرشيدة تتكتك بدافع الخوف من كل شيء!! فعلى ماذا يدل ذلك؟
يدل ع‍لى ان رأي الشارع غير رأي نواب الحكومة. ويدل على ان قناعات نواب الحكومة تختلف عن طلب الحكومة ورغبتها. ويدل على ان موقف نواب الحكومة ركيك وضعيف، وممكن في اي لحظة، وتحت اي ضغط، يتغير!!
الآن بعد انتهاء الجلسة السرية سيبدأ الشارع بالضغط مرة اخرى، وستبدأ الحكومة في اتخاذ اجراءات جديدة لتقليل التأثير على نوابها. ولمعرفتي بالعقلية التي تفكر عن الحكومة وتشير عليها بالرأي، فالحكومة قد تذهب الى ابعد مدى لتحقيق رغبتها، وازالة تخوفها، وان ادى الى كسر القوانين والدوس عليها.
الخلاصة.. إن هذا الخوف ادى الى هذه الاجراءات.. وان هذه الاجراءات ادت الى هذا الشحن وهذا التوتر وهذا التأزيم!! صحيح ان النواب ببعض الفاظهم يتحملون جزءا من ردة الفعل لكن لكل فعل ردة فعل تساويه في المقدار وتعاكسه في الاتجاه، بس اللي شفناه الحكومة دوبلتها عشر مرات.

***

لفتة كريمة
لو أن الحكومة تركت النواب يحضرون الجلسة ويصوتون معها لرفع الحصانة اهون الف مرة على النواب انفسهم من حالهم اليوم امام جماهيرهم.

محمد الوشيحي

السابع عشر 
من يناير

إحدى قناعاتي القديمة الجديدة التي بحّ قلمي وهو يرددها تقول إنني «لو امتلكت رصاصة واحدة فلن أطلقها على إسرائيل بل على جامعة الدول العربية، فإسرائيل عدو ظاهر، تسهل معرفة عنوانه واسمه من بطاقته الشخصية، أما «الجامعة» فعدو يحمل أسماءنا وعناوين بيوتنا، وضررها علينا أشد من ضرر إسرائيل».

واليوم أقول إنني لو امتلكت رأساً نووياً شامخاً لما أطلقته على وزير الإعلام، الذي ترك قوانين فنلندا والنرويج واستعان بقوانين «دولة الغساسنة» وقوانين أخرى كان معمولاً بها قبل اختراع الماء، بل سأطلقه على الصحف التي ساهمت في تزوير الحقائق. ولو امتلكت سلاح «طرح الثقة» فلن أطلقه على الوزراء بل على «نواب الحكومة» الذين تكفلوا بتنظيف الصالة كلما لخبطتها «عمّتهم» الحكومة، وتطوعوا للجري أمامها وفتح باب السيارة لها، وتحولوا من محاسبين لها إلى مرافقين وحشم وسكرتارية، يدعمهم من الجهة الغربية النائب السابق الرائع ناصر الدويلة الذي يستحق البيت الشعري الذي قالته الخنساء في رثاء أخيها صخر: «حمّالُ ألويةٍ هبّاطُ أوديةٍ… شهّادُ أنديةٍ للجيش جرارُ»، والدويلة يحمل الألوية ويهبط الأودية ويتناول الأدوية ويحل الأحجية، ويقتل الصدق ولا يدفع الدية. الدويلة هو الكائن البشري الوحيد الذي يحلم قبل أن ينام بنصف ساعة، ثم يذيع أحلامه. ولَكم تمنيت أن أكرهه لكن «ما كل ما يتمنى المرء يدركه».

عموماً… يقابل تطوع هؤلاء النواب لخدمة العَمة، تطوع مجموعة من الشبّان نذروا أنفسهم لخدمة هذه الديرة وحماية حريات أهلها. وآه ما أجمل أيام «نبيها خمس» وما أجمل شبّانها الذين تعملقوا حتى سقط «عقال» الحكومة وهي تنظر مذهولة إلى طول قاماتهم. واليوم تكرر مجموعة أخرى من الكويتيين هذه التضحيات والتطوعات عبر إنشاء «قناة كاظمة»، وهي قناة «شغل بيت»، قامت على اقتطاع أجزاء من رواتب شبّان في عمر الحماسة والوطنية! هذا اقتطع من راتبه مئتي دينار، وذاك اقتطع ثلاثمئة، والثالث تبرع بألف، والرابع بتسعمئة، والخامس بمئة، ووو، فخرجت لنا تلك القناة، التي تبرعت بدورها بنظارات طبية للشعب الكويتي كي تمكّنه من رؤية الأحداث بوضوح. شكراً أطباء العيون والبصائر.

***

تم تأجيل قضية الشامخ د. عبيد الوسمي مع استمرار حجزه إلى يوم السابع عشر من يناير المقبل، وهو يوم له في أذهان الكويتيين ذكرى لا تنسى، إذ انطلقت فيه «عاصفة الصحراء» لتحرر رقبة الكويت من قبضة صدام حسين وجيشه الأهوج… فيا سبحان الله، بعد عشرين سنة بالتمام يحبس الكويتيون أنفاسهم ويعيشون بأنفاس مستعارة إلى ذلك الحين.

احمد الصراف

الإباحية المقدسة

نشر وليم كراولي William Crawley في موقعه الإلكتروني تعليقا على فيلم وثائقي سبق أن قامت الـ «بي بي سي» بإنتاجه تعلق بالأرباح التي تجنيها كثير من الشركات من تجارة وصناعة المواد الإباحية، إن بصورة مباشرة أو غير ذلك. وتضمن الفيلم الوثائقي مقابلة مع thomas Strobhar، وهو منظم حملات وكاثوليكي محافظ، سبق أن أخذ على عاتقه كشف الاستثمارات التي كانت تقوم بها المؤسسة الاستثمارية التي تدير أموال الكنائس الكاثوليكية، ومنها مؤسسة «الإخوان المسيحيين» المالية، وهي واحدة من أكبر المؤسسات التي تتعامل معها الكنائس الكاثوليكية في أميركا (وهي هنا تشبه «الأذرع» الاستثمارية العديدة لحركة الإخوان المسلمين في بلداننا)! حيث ذكر أن «الإخوان المسيحيين» يقومون باستثمار مليارات الدولارات لمئات الجهات الكنسية والمعاهد الدينية والهيئات التعليمية الدينية ومنظمات التأمين الصحية الدينية وغيرها، وأنها قامت في السنوات الأخيرة، بتغيير استراتيجياتها، بعد أن أقر أساقفة الكنائس الكاثوليكية الأميركية في عام 2003 تعديلات جوهرية تتعلق بأخلاقيات سياساتها الاستثمارية وسبل وطرق استثمار اموال الكنائس، حيث سمحت لمؤسسات مثل «الإخوان المسيحيين» وغيرها باستثمار الملايين في شركات تحقق أرباحا مجزية من تجارة المواد الجنسية، شريطة أن تكون الأرباح الناتجة عنها غير كبيرة مقارنة ببقية الإيرادات!
ويقصد ب‍‍‍ـ «الأنشطة الإباحية» شركات إنتاج الأفلام الجنسية والمنشورات الفاضحة والمطبوعات الإباحية وبرامج الكمبيوتر الجنسية وخدمات الهاتف والإنترنت الجنسية.
وبالرغم من هذا التساهل الذي تبديه الكنائس الكاثوليكية مع الشركات في ما يتعلق باستثماراتها، فانها لا تبدي المرونة نفسها في أمور جنسية أخرى، مثل اسهم شركات انتاج وترويج مواد تخالف تعليمات الكنيسة كصناعات الكوندوم، أو الواقي الذكري، والعيادات، والمنتجات المتعلقة بخدمات الاجهاض، أو مختبرات تجارب استخدام النخاع الشوكي!
وقال متحدث باسم «الإخوان المسيحيين» في البرنامج الوثائقي انهم يهدفون للتأثير في الاتجاهات الأخلاقية للشركات التي يقومون بالاستثمار فيها، وأن سياساتهم الاستثمارية منسجمة مع منطق العصر الذي نعيش فيه، وأن أية جهة مسيحية لا تتفق معها في استثماراتها وتشكك في أخلاقية ما تقوم به، يجب عليها بالتالي عدم استخدام الإنترنت، وتجنب السكن في اي من فنادق العالم، والتوقف عن مشاهدة التلفزيون!
وهكذا نرى بوضوح تام أن المسألة، لدى الجهات الدينية او غيرها، تخضع للربح والخسارة! وفي هذا السياق أتذكر أننا في اوائل الثمانينات كنا في أحد المصارف نتنافس مع مؤسسة مالية دينية على وديعة بعشرات الملايين تخص جهة علمية متخمة بالأموال النقدية. وكنا في وضع اقوى، حيث إن مدير أموال الجهة العلمية كان يصر على ان يعرف ما سيحصل عليه من عائد في نهاية سنة، وهذا ما لم يكن بإمكان الجهة المالية الدينية التعهد به، والتي كانت دائمة التشدق بانها تعمل بنظام المرابحة، وليست بالتالي في وارد التقيد بفوائد محددة مسبقا. وعندما أصر المدير على موقفه، وتبين للجهة «الإسلامية» أن الوديعة الكبيرة ستطير منها، قامت بالايعاز لـ «الهيئة الشرعية» لإيجاد مخرج، وكان لها ما أرادت، وفازت بالوديعة!
وقديما قيل: كرمال ملايين الدنانير تكرم ملايين النصوص!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

سياسة عامة وليست مصادفة!

في السبت الماضي استضافت مجموعة صوت الكويت» وعلى نطاق ضيق بعضاً من نواب المجلس، وهم رولا دشتي، وأسيل العوضي، ومرزوق الغانم، وعلى الرغم من أن سبب الاستضافة لم يكن له علاقة مباشرة بأحداث ديسمبر فإن الحديث لم ينقطع عن مناقشة هذه الأحداث ورؤية النواب الضيوف بشأنها. وقد كان أغلبية الحضور متفقة حول فداحة ما حدث باستثناء الدكتورة رولا دشتي، فهي تعتقد أن ما حدث وتحديداً في 8 ديسمبر في «ندوة الحربش» بالصليبيخات ليس بسياسة عامة للحكومة، بل هو وليد ظروف مرحلية استثنائية أرغمت الحكومة على التعسف المؤقت، وهو أمر لا يستدعي مساءلة أعلى الهرم التنفيذي ممثلاً برئيس الوزراء. طيب… ما حدث ليس بسياسة عامة ولكنه حدث استثنائي، لنناقش ذلك قليلاً لمن يؤيد رؤية رولا دشتي وكثيرين غيرها، وإليكم المعطيات: الحضور في «ندوة الحربش» لم يتجاوز الـ250 شخصاً في الداخل والخارج، وعدد القوات العسكرية فاق الخمسمئة فرد، وعلى الرغم من أن القوات إن كانت تريد حفظ النظام فحسب فلن توجد بهذا العدد المهول مقارنة بالحضور، فنهائي كأس ولي العهد يحضره عشرون ألف متفرج، وعدد القوات العسكرية في الملعب لا يتجاوز عددهم في «ندوة الحربش»، وهو الأمر الطبيعي للمحافظة على النظام. مؤتمر وزارة الداخلية الذي دلّس كل الحقائق وألقى اللوم كله على الرصيف المسكين في طريقة تشبه وللأسف أسلوب محمد الصحاف في 2003… تسخير تلفزيون الكويت الرسمي والممثل للدولة لكل من يقف مع إجراءات الحكومة دون غيرهم من النواب وأصحاب الرأي… منع القنوات الفضائية الخارجية من مقابلة أي كويتي رفض ما حدث… إغلاق مكتب «الجزيرة» وهو ما لم يحدث طوال أعوام شتم الكويت منذ تأسيسها وإلى ما قبل 8 ديسمبر… تسخير كل مساجد الدولة للحديث عن موضوع واحد ورأي واحد ورؤية واحدة… التعسف في محاسبة أصحاب الرأي من سحل في الشوارع وتكبيل بالأصفاد رغم وجودهم في المستشفيات… استبدال الحبس لحالة وحيدة مدانة قضائيا وإيقاف أمر الاستبدال ومازال المذنب حراً طليقاً حتى كتابة هذا المقال. إن لم يكن كل ما سبق هو سياسة عامة انتهجتها الحكومة، وإن لجأنا إلى الصمت فستستمر بها أكثر، أقول إن لم تكن سياسة عامة، فإنها بالتأكيد تعسف أكثر من استثنائي، بل إنه تعدى التعسف بمراحل ليصل إلى أمر أكثر من ذلك، وإن لم يكن يستحق مساءلة رئيس الوزراء فإنه على الأقل يستلزم أن تستمع الكويت إلى ردوده خصوصاً ممن ضُرب وسُحل في 8 ديسمبر.

سامي النصف

حقائق تحت شمس الدستور

يذكر الرئيس جيفرسون، احد الآباء الحكماء المؤسسين للولايات المتحدة، في كتاب ذكرياته ان سبب نجاحهم في خلق مشروع الوحدة الفيدرالية للدول الأميركية التي كانت العلاقة بينها أوهن من خيط العنكبوت، أنهم طلبوا من بعض النواب ان يحضر ويوافق والبعض الآخر ان يحضر ولا يعترض والبعض الثالث ان يبقى في بيته، وجميع تلك التكتيكات السياسية مقبولة في خارج الكويت وداخلها دون تخوين احد لأحد أو الطعن في وطنيته.

وعليه فإن عدم اكتمال النصاب في جلسة رفع الحصانة لا تلام عليه الحكومة التي حضرت ولا بعض النواب الذين تواجدوا في المجلس ولم يحضروا، وهو امر سبق ان استخدم من قبل نفس الجماعة المعترضة على ذلك التكتيك السياسي إبان اعتراضهم على عرض قوانين الخصخصة وغيرها، وعليه لا يمكن ان تصبح نفس الاداة حلالا محبذا عندما يستخدمها زيد وحراما مطلقا عندما يستخدمها عبيد.

في جميع بلدان العالم دون استثناء، هناك دائما أماكن لاجتماع الرجال بها مساء، تاركين المنازل لربات البيوت لتدريس الأبناء أو تحضير العشاء وغيرها من امور منزلية، وتسمى تلك الأماكن في الكويت بالدواوين وفي بلدان اخرى بالمقاهي وغيرها من المسميات، وبالطبع لا يقوم صاحب الديوانية في الكويت أو المقهى في مصر ولبنان وفرنسا.. إلخ بأخذ إذن من السلطات لذلك التجمع الاجتماعي اليومي المعتاد.

تلك الرخصة للدواوين لدينا والمقاهي وغيرها لديهم لا تعني على الاطلاق القبول بإخراجها عن مقاصدها «كاجتماعات عامة» لعدد محدود من الناس الى وضعية اخرى هي «التجمعات السياسية الحاشدة» التي تتطلب عندنا وعندهم موافقة السلطات التي تحدد لها أماكن وأوقاتا لا تخرج عنها، كما توفر لها رجال أمن يضمنون السلامة وعدم الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة ولا يسمح لتلك التجمعات بأن تخرج عن اهدافها او اوقاتها او اماكنها كي لا ينتهي الأمر بالاشتباكات التي تحدث بين المتجمهرين وقوات الأمن كما يحدث في أرقى الدول الديموقراطية.

إن الحفاظ على الدستور يعني الحفاظ على روحه ونصه وأحكام المحكمة الدستورية كحال الحكم الصادر في 9/10/2006 والذي نص على الاستجوابات، والمسؤولية السياسية تقع على «الوزراء فرادى»، وأن مساءلة رئيس الوزراء اليوم أو بعد عام او مائة عام مختصة بالسياسات العامة التي تناقش في مجلس الوزراء وهو السبب الذي جعل دستورنا يمنع وبشكل استثنائي عن الديموقراطيات الأخرى، تقلد رئيس الوزراء اعمال اي وزارة او يسمح بطرح الثقة به، ان المحذور في محاسبة الرئيس عن اعمال الوزير هو ان بعض الوزراء قد يعمدون في القادم من الايام والأعوام بالتواطؤ مع بعض اعضاء مجلس الأمة الى القيام بما يقوم به بعض الوكلاء هذه الأيام من تعمد الاخطاء وتسريبها للنواب كي يستجوبوا الوزراء الذين لا شأن لهم بها، اي قد يتعمد مستقبلا الوزراء ارتكاب الاخطاء لعلمهم بأن المحاسبة لن توجه لهم بل للرئيس.

 آخر محطة:

مع نهاية العام يكثر في العالم المتنبئون بما سيحدث في بلدانهم، وعادة ما تخطئ وتصيب تلك التنبؤات، الغريب عدم وجود كويتيين متنبئين بما سيحدث في بلدنا في العام المقبل والاعوام اللاحقة رغم سهولة ذلك التنبؤ واستحالة الخطأ فيه، فهناك ازمات سياسية متلاحقة متحركة لا تنتهي وبلد واقف تمر عليه سفن وقطارات وطائرات الجيران مسرعة الى الأمام.. وكل عام وانتم بخير.