إلى أبي عبدالله، النائب محمد هايف المطيري، الذي يبادلني الخصومة، والذي رفض حتى الظهور في برنامجي السابق «لأن الوشيحي ليبرالي، كتاباته في جريدة (الراي) تدل على ذلك»…
الله يشهد أنني أختلف معك من البذرة إلى الثمرة، ومن الحقل إلى المائدة، ومن الدعامية إلى الدعامية، ولن أجلس على رصيفك أرتشف الشاي، ولن تجلس أنت على رصيفي، ولن أسرّح شعري في مرآتك، ولن تهذّب أنت لحيتك في مرآتي… كان هذا موجز النشرة، وإليك الأنباء بالتفصيل.
أبا عبدالله، أعترف أن لحيتك أكرم من أن تدنسها القصة الأخيرة، قصة وساطتك للمتهم باغتصاب طفل. أعرف أنك ذهبت للمطالبة بالتوقف عن تعذيب المتهم، وإحالته فوراً إلى النيابة، بصفتك عضواً في لجنة حقوق الإنسان. بل أرى أنك ملزم بالمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق. أنا بحثت وسألت وتحريت فثبت لي صدق حجتك. مفترون هم، فاجرون في الخصومة، ولا يفجر في خصومته إلا الراقصات وضعيفو الحجة. وأنت لا تحتاج إلى من يفتري عليك، فأفعالك التي تفاخر بها تكفي لإدانتك وزيادة، وثلاجتك مليئة بالفواكه الفاسدة، ليس أفسد منها إلا فواكه المفترين عليك. يقول أحدهم متحمساً: «محد بهدلنا إلا ثوابت الأمة ورئيسها محمد هايف، وثوابت الشيعة ورئيسها اللي كلكم تعرفونه»! هل لاحظت «اللي كلكم تعرفونه»؟ لم يجرؤ على ذكر اسمه. صدقني، ليس أخطر منك ومن حسين القلاف – الوجه الآخر لعُملتك – إلا هذا العنصري المقنّع.
نعم، أنت رجل صادق، لم تحمل الدين في «سامسونايت» وتحوّله إلى عقود «بي أو تي»، كما يفعل غيرك، ولم تتاجر بحقوق الإنسان، فترأس «شركة قابضة»، لكنك من نوعية أخرى، نوعية «دراويش الدين»… أعرف بطولتك ومقاومتك أيام الغزو. الجميع تحدث عن ذلك، ولن أنكره، لكنه لا يمنعني من القول إنك ومن سار معك، صورتم الدين سبعمئة مليون نسخة، ووضعتم نسختين على كل طاولة، وتدخلتم في كل شيء، وأوهمتمونا أن الدين زجاجة من الكريستال المغشوش سريعة العطب سهلة التهشم، فمنعتم الكتب، وقمعتم الحريات، وصورتم لحومكم مسمومة ولحومنا بالكاري والخل، ورفعتم فوق رؤوس الناس هراوتين «افعل» و»لا تفعل»، والناس ولدوا أحراراً يكرهون «الأفعليات واللا تفعليات»، ونثرتم على الأرض جمراً فتقافز الناس حرقاً، فصرختم عابسين: «الرقص حرام»، فتأوّه الناس: «ماذا نفعل إذاً؟»، فأجبتموهم: «احترقوا بصمت».
أمسكتم المنظار بالمقلوب، فشاهدتم الفيل نملة والنملة فيلاً بخرطوم. فحفلة نانسي عجرم وفستانها أهم من مراقبة ميزانية الدولة ومكافحة الواسطة. شغلتمونا بالخرافات، فملأت الفوضى بيوتنا، ورحنا نكنسها ونعيد ترتيبها. «بو عنتر»، ابني سلمان، كان يعتقد أن الدعاء وحده يكفي لأن تصنع الكويت «طيّارات قوية»، والمرحوم والدي منعني – أيام دراستي الثانوية – من السفر إلى مدينة «ليل» في فرنسا – والشهود إخوتي – لتمثيل الكويت في المسابقة العالمية «المتميزون في الرياضيات» (كنت واحداً من الأوائل الثلاثة)، خشية أن «أموت وأنا في ديرة النصارى فأُحشر معهم». كل هذا بسبب تلويثكم عقول كبار السن بسيطي الثقافة، فلوثوا هم بدورهم عقول أبنائهم، فتلوّث المجتمع.
صورتم لنا «الروم» أعداءً، وهيأتمونا لحربهم بحبة البركة وعسل السدر والدعاء. ويأتي «الكريسماس» فتقدّم أمم الأرض ورودها هدية للمسيحيين، ويتبادلون معهم الابتسامات، إلا نحن المسلمين، نقف هناك عابسين، نلعنهم ونلعن من يهديهم الورود، لأنهم أعداؤنا، فيأتي عيد بوذا، فتقدّم أمم الأرض ورودها هدية للبوذيين في عيدهم، مشفوعة بابتساماتهم، إلا نحن المسلمين، نقف هناك عابسين، نلعنهم ونلعن من يهديهم الورود، فهم أعداؤنا، ويأتي دين الهندوس، وووو، وكلهم أعداؤنا، ويأتي عيدنا، فيقدّمون هم لنا الورود، فنصدهم بعبوس قمطرير، ثم يتقدم أحدكم ويمسح لحيته ويخطب: «إن الإسلام دين الوسطية».
سحقاً لمنهجكم يا أبا عبدالله، ولمنهج ذوي العمائم، وسحقاً «للزقمبي» الأكبر الذي قاد مجموعة من ذوي اللحى الطويلة والعقول القصيرة في تظاهرة قبل يومين، لإرهاب إدارة سوق «هايبر بندة» في جدة، اعتراضاً على توظيف النساء «كاشيرات»، فصدّه مدير السوق – البريطاني الجنسية – بعد أن أخرج له قرار وزارة العمل، فاندحر «الزقمبي» خاسئاً وهو حسير، ونشر بياناً إرهابياً تحريضياً عن «النصراني وأعراض نساء المسلمين»! تباً له، أين كان عندما طاول أنين أولئك النسوة السماء من الجوع؟ هو بطريقته هذه يدفعهن إلى المتاجرة بأجسادهن، لكنهن أشرف منه.
يا أبا عبدالله، كلنا في نظركم مشتبه به، وكلنا وقود للنار التي ستشعلها أنت وحسين القلاف، ذو السامسونايت السوداء، وصديقه ذو الفاكس الملعون.
وعيدكم مبارك.