لماذا لا تكتب عن مآسي وزارة الصحة؟ هل تعلم أن هناك طوابير من الوافدين يحتاجون للعلاج الفوري، ولكن لا يتم علاجهم والسبب عدم قدرتهم على دفع مبالغ العلاج؟
لماذا لا تكتب عن تخبطات وزارة الأشغال؟ هل تذكر أنك مررت في شارع بالكويت يخلو من الحفر؟
لماذا لا تكتب عن مآسي مجمع الصوابر السكني؟ هل تعلم أن بعض ملاك الشقق في هذا المجمع قاموا بتأجير شققهم على وافدين وعزّاب ليتحوّل مجمع الصوابر في عاصمة الكويت إلى مكان قذر مشبوه؟
لماذا لا تكتب عن مؤسسات الدولة الخدماتية؟ هل تعلم أن الموظفين الكويتيين باتوا يتلقون الرشاوى التي قد يصل مستواها إلى كروت تعبئة الهاتف من أجل تخليص الأعمال والمعاملات؟
لماذا لا تكتب عن أبناء الكويتيات الأرامل والمطلقات؟ هل تعلم أن هناك ما يفوق الألف مستحق ومستحقة للجنسية الكويتية من هؤلاء الأبناء لم يتم منحهم الجنسية بعد، والسبب أن مجلس الوزراء لم ينهِ التوقيع بعد؟
لماذا لا تكتب عن دولة اسمها جليب الشيوخ؟ هل تعلم أنها باتت دولة مستقلة بذاتها ولا يستطيع أي نظام أن يحكمها؟
لماذا لا تكتب عن القاذورات التي أزكمت أنوف أهل مشرف ولوثت بحر المسيلة منذ عامين أو أكثر؟ هل تعلم أن لجان التحقيق لم تنته بعد من التحقيق؟
أستطيع أن أستمر بسرد ما تم اقتراحه عليّ خلال الفترة القصيرة الماضية ما بين واقع ومبالغة من ناقلي المواضيع دون توقف، وأعلم أن كلاً منكم لديه العشرات من المصائب التي لم أذكرها أو أسمع بها حتى، بل إني لو طلبت من أي شخص أن يذكر لي 10 إيجابيات (وأقول هنا إيجابيات وليس وضعا طبيعيا مفروضا) في هذا البلد الصغير سيجد صعوبة بالغة في ذكر ذلك، هذا إن حصل على عشر إيجابيات أصلا.
ولكن فعلا لماذا لا أكتب عن كل تلك المشاكل رغم أهميتها لكثير من الناس وملامستها لهمومهم مباشرة؟
إجابتي يا سادتي وبكل بساطة أنني لا أرى جدوى في ذلك أبدا، فأنا لست ببلد يسير جيدا باستثناء بعض الهفوات هنا وهناك، كي أشير أنا أو غيري لها فيتجاوب المسؤولون وتنصلح الحال، فالمأزق أكبر من ذلك بكثير، فنحن لم نعد بحاجة لتقويم اعوجاج بسيط أو حتى كبير في مؤسسة أو إدارة أو وزارة واحدة، بل إن المشكلة مشكلة نظام وآلية عمل مفقودة وهوية مبتورة.
نعم مصيبتنا مصيبة إدارة تتحملها الحكومة الحالية والحكومات السابقة أيا كان هذه الحكومات، فما هو مرفوض هنا مقبول هناك، وما هو صالح في تلك الزاوية فاسد في الزاوية المقابلة لأنه وباختصار لا آلية ولا طريقة ولا مسطرة ولا قانون، بل اجتهادات تصيب مرة وتخطئ ألف مرة، ولن أتمكن أبدا من إبقاء بيتي في وسط الصحراء خاليا من الرمال مهما أجريت من عمليات تنظيف مادمت لا أغلق الثغرة الكبيرة التي تدخل الرمال، ولن يفيدني جهدي في التنظيف والعناية ما دامت الثغرة موجودة، هذه هي حال بلادي، ولهذا لا أكتب إلا عن الفتحة ومشاكلها ولا أهتم بالأوساخ المرمية في أطراف البيت، فمتى ما سُدّت الثغرة سهل التنظيف.
كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة