علي محمود خاجه

والله ما أقدر

لماذا لا تكتب عن مآسي وزارة الصحة؟ هل تعلم أن هناك طوابير من الوافدين يحتاجون للعلاج الفوري، ولكن لا يتم علاجهم والسبب عدم قدرتهم على دفع مبالغ العلاج؟

لماذا لا تكتب عن تخبطات وزارة الأشغال؟ هل تذكر أنك مررت في شارع بالكويت يخلو من الحفر؟

لماذا لا تكتب عن مآسي مجمع الصوابر السكني؟ هل تعلم أن بعض ملاك الشقق في هذا المجمع قاموا بتأجير شققهم على وافدين وعزّاب ليتحوّل مجمع الصوابر في عاصمة الكويت إلى مكان قذر مشبوه؟

لماذا لا تكتب عن مؤسسات الدولة الخدماتية؟ هل تعلم أن الموظفين الكويتيين باتوا يتلقون الرشاوى التي قد يصل مستواها إلى كروت تعبئة الهاتف من أجل تخليص الأعمال والمعاملات؟

لماذا لا تكتب عن أبناء الكويتيات الأرامل والمطلقات؟ هل تعلم أن هناك ما يفوق الألف مستحق ومستحقة للجنسية الكويتية من هؤلاء الأبناء لم يتم منحهم الجنسية بعد، والسبب أن مجلس الوزراء لم ينهِ التوقيع بعد؟

لماذا لا تكتب عن دولة اسمها جليب الشيوخ؟ هل تعلم أنها باتت دولة مستقلة بذاتها ولا يستطيع أي نظام أن يحكمها؟

لماذا لا تكتب عن القاذورات التي أزكمت أنوف أهل مشرف ولوثت بحر المسيلة منذ عامين أو أكثر؟ هل تعلم أن لجان التحقيق لم تنته بعد من التحقيق؟

أستطيع أن أستمر بسرد ما تم اقتراحه عليّ خلال الفترة القصيرة الماضية ما بين واقع ومبالغة من ناقلي المواضيع دون توقف، وأعلم أن كلاً منكم لديه العشرات من المصائب التي لم أذكرها أو أسمع بها حتى، بل إني لو طلبت من أي شخص أن يذكر لي 10 إيجابيات (وأقول هنا إيجابيات وليس وضعا طبيعيا مفروضا) في هذا البلد الصغير سيجد صعوبة بالغة في ذكر ذلك، هذا إن حصل على عشر إيجابيات أصلا.

ولكن فعلا لماذا لا أكتب عن كل تلك المشاكل رغم أهميتها لكثير من الناس وملامستها لهمومهم مباشرة؟

إجابتي يا سادتي وبكل بساطة أنني لا أرى جدوى في ذلك أبدا، فأنا لست ببلد يسير جيدا باستثناء بعض الهفوات هنا وهناك، كي أشير أنا أو غيري لها فيتجاوب المسؤولون وتنصلح الحال، فالمأزق أكبر من ذلك بكثير، فنحن لم نعد بحاجة لتقويم اعوجاج بسيط أو حتى كبير في مؤسسة أو إدارة أو وزارة واحدة، بل إن المشكلة مشكلة نظام وآلية عمل مفقودة وهوية مبتورة.

نعم مصيبتنا مصيبة إدارة تتحملها الحكومة الحالية والحكومات السابقة أيا كان هذه الحكومات، فما هو مرفوض هنا مقبول هناك، وما هو صالح في تلك الزاوية فاسد في الزاوية المقابلة لأنه وباختصار لا آلية ولا طريقة ولا مسطرة ولا قانون، بل اجتهادات تصيب مرة وتخطئ ألف مرة، ولن أتمكن أبدا من إبقاء بيتي في وسط الصحراء خاليا من الرمال مهما أجريت من عمليات تنظيف مادمت لا أغلق الثغرة الكبيرة التي تدخل الرمال، ولن يفيدني جهدي في التنظيف والعناية ما دامت الثغرة موجودة، هذه هي حال بلادي، ولهذا لا أكتب إلا عن الفتحة ومشاكلها ولا أهتم بالأوساخ المرمية في أطراف البيت، فمتى ما سُدّت الثغرة سهل التنظيف.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

بذخ واستنزاف ثروة

ما ان يعطل البلد حتى لا يبقى فيه احد، وهذه ظاهرة تحتاج الى دراسة مختصة و«معالجة»، فالكويت ليست بذلك السوء انما هناك قصور واضح في تسويق ما هو موجود ومعه بيروقراطية عقيمة تمنع من يريد استثمار ماله في تطوير القطاع السياحي عبر انشاء القرى السياحية على البحر وفي المناطق الزراعية ووجود «تشريعات حسد وحقد» مضمونها «ان اراضينا العامة نورثها صفراء قاحلة ولا نسمح لاحد بأن يطورها»، ان الخروج او النزوح الجماعي الذي نشهده يكلف الخزينة العامة مليارات الدولارات من الثروة الضائعة.

البعض يسافر دون حاجة بسبب الاستخدام السيئ لـ «الكردت كارد» والذي نلحظه حتى في الجمعيات الاستهلاكية والاسواق العامة حتى اصبح شراء «العلك» يتم بـ «الكردت» والسلف، قبل ايام استخدم مليونير صيني من هونغ كونغ بطاقته الائتمانية لدفع اجرة تاكسي اقله من المطار الى قلب «منهاتن» والمبلغ لا يزيد عادة على 60 دولارا فأساء صاحب التاكسي استخدام معلومات البطاقة وحصد ما مجموعه 880 الف دولار من حساب الثري الصيني فيما اعتبرته جريدة «النيويورك بوست» اغلى مشوار تاكسي في التاريخ.

ومن اوجه البذخ غير المفهومة حقيقة ان الكويت بلد قصير المسافات لا توجد فيه جبال ومرتفعات تبرر الحاجة لشراء سيارات ذات سرعة عالية توفر الوقت او ذات مكائن ضخمة كـ «الثمانية سلندر» وحتى «الستة سلندر» للصعود وللنزول، ومع ذلك فالكويت تحوز اعلى النسب في العالم فيما يخص الضخامة غير المبررة لمكائن السيارات التي تستنزف الكثير من الوقود المدعوم الذي لا يمكن تعويضه.

وبلدنا لا انهار ولا امطار فيه ومع ذلك فنحن الاكثر استهلاكا للمياه العذبة في العالم وكأننا بلد استوائي تنهمر عليه الامطار طوال العام، لو قمنا بايقاف هدر المياه عندما «نفرّش» اسناننا وعند اخذنا «الدوش» وكذلك عند غسل السيارات وري الزرع لاستطعنا وبسهولة مطلقة توفير ما يقارب الـ 50 أو 70% من المياه المهدرة دون داعٍ كل صباح ومساء.

آخر محطة:

سأل وزير الخارجية البريطاني انتوني ايدن عام 39 وابان مؤتمر لندن، الامير فيصل بن عبدالعزيز وزير الخارجية السعودي آنذاك عما يمكن لبلديهما ان يتبادلاه، ولم تكن السعودية قد بدأت بانتاج وتصدير النفط، فأجاب على البديهة «يمكن لنا ان نصدر لكم شمسنا ويمكن لكم ان تصدروا لنا امطاركم».

احمد الصراف

حلم التمسح بالحرير

قامت الحكومة قبل سنوات بسحب وإلغاء عقد إدارة المنطقة الحرة من إحدى الشركات بحجة وقوع مخالفات منها، ولا ننكر هنا صحة البعض منها! صفق الكثيرون وقتها للخطوة، وباركوها، ولكن، وبعد مرور سنوات لم نجد أن شيئا تغير إلى الأحسن في المنطقة، بعد تولي أجهزة «الحكومة الرشيدة» مهمة إدارتها! وربما «لاشي» تكون مقبولة، ولكن الحقيقة أن وضعها ــ وهنا أكتب بتجرد فلا مصلحة لي مع أي طرف ولست مستأجرا ولا مالكا فيها ــ تدهور فلا عوائد الدولة ارتفعت ولا المخالفات أزيلت ولم تصبح شوارعها أفضل ولا مساحتها المزروعة أجمل ولا طرقاتها أكثر وضوحا بأرقامها وعلاماتها المفقودة أصلا، فلا تعرف كيف تصل لأي مبنى بغير شرح وخريطة واستدلال بمكتب فلان وفندق علان. كما زادت أعماق حفر الشوارع المتهالكة التي لم تعرف الصيانة أبدا، وأصبحت المنطقة عنوانا لفوضى السير، خاصة في ساعات الذروة، وانقطعت الصلة بها وبالهدف الذي انشئت من أجله، فلا تجارة حرة ولا مدينة مستقبلية، ولا تخطيط مستقبلي ولا شيء من هذا القبيل. ولو قام أي شخص بالاطلاع على فكرة المنطقة في بدايتها والتي تضمنت إنشاء الحديث من المباني الذكية والشوارع العالية التخطيط، والمساحات الجميلة الاخضرار، وحرية التجارة والحركة، وقارن كل ذلك بحالها الآن لشعر بحزن. حتى مجرد دخول المنطقة والخروج، من خلال بوابتها الوحيدة، أصبح بائسا ويشكل كابوسا لمراجعي المنطقة ومستغليها، والطريف أنك عندما تنجح في تخطي الازدحام تقابلك لوحة اعلانية ضخمة عن مشروع تأهيل الشريط الساحلي، الذي يبدو أنه لن يتم، بعد أن مرت سنة 2006، وهي سنة الانتهاء من المشروع، دون علم ولا خبر عن موعد تنفيذه!
موضوعنا هنا لا يتعلق بالمنطقة الحرة البائسة، بل كمثال لما يحدث لأي مشروع تتولى الحكومة امره. فهذا المشروع الرائد والحيوي اصبح مكانا نموذجيا لمقاهي الشيشة، والكبائن الخاصة وتداول الممنوعات، كما ورد في خبر أمني نشر اخيرا! ولا تزال المنطقة حتى اليوم تفتقر لمحطة وقود وعيادة طبية ومركز إطفاء، ولو وقع اي حادث خطير فيها أثناء ساعات العمل لصعب على سيارات الشرطة والاطفاء والإسعاف الوصول لداخلها لأسباب عدة! وهكذا أصبحنا نشاهد الموت البطيء لفكرة المنطقة التجارية الحرة!
حديثنا عن هذا المشروع يجرنا الى بناء وإدارة مدينة الحرير، التي تزيد في حجمها وتعقيداتها ومتطلباتها المنطقة الحرة بعشرات المرات. فكيف ستتمكن الحكومة نفسها التي فشلت في إدارة المنطقة الحرة من تنفيذ مشروع مدينة الحرير، أو بقية مشاريع خطة التنمية العملاقة؟ فالأحلام والأماني التي يتحدث عنها المروجون لمشاريع خطة التنمية هي الأحلام والأماني نفسها التي سبق ان تحدثوا عنها عند توقيع عقد المنطقة الحرة، أو مدينة المستقبل!!
وهل يأتي يوم نعي فيه أن الجهاز الحكومي غير قادر على تنفيذ أي مشروع بكفاءة عالية، دع عنك معضلة إدارته بطريقة سليمة؟ ومتى نقتنع أن القطاع الخاص هو الجهة الوحيدة المؤهلة للقيام بمثل هذه المشاريع؟

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

ختنوا نساءهم…وعقولهم

هذه الأيام فرصة لا تعوّض للمطرب الفاشل، للوقوف على خشبة المسرح أمام أي جمهور مهما كبر حجمه، فقد اختفت الطماطم من الأسواق، لذا فهو في مأمن ما لم يستبدل الناس الطماطم بالأحذية.

واختفاء الطماطم بلاء من رب العالمين، تماماً مثل "سيول جدة" التي أرسلها الله عقاباً للشعب الجداوي "كي ينتبهوا ويرعووا ويعودوا إلى المنهج الرباني القويم"، بحسب أحد مشايخ التبرير. على اعتبار أن جدة على وشك أن تصبح "شارع بيغال"، الشارع الفرنسي الأشهر عالمياً في خدمات الدعارة. ومن يخالف قول شيخ التبرير فهو ضال مضل تغريبي داعر. طيب وماذا عن القاضي، رجل الدين، الذي تلقى رشاوى بمئات الملايين من الريالات ليسمح بالتلاعب في الأراضي والخدمات؟ هذا ملبوس من جني فاسد، نسأل الله السلامة.

وفي إيران، تضرر البسطاء الأميون، في قراهم النائية الملقاة في كوع الخريطة، من سوء الخدمات، فلا شوارع، ولا عيادة طبية تنقذهم من جزاري الطب الشعبي، ولا أمن يحمي غنيماتهم من السرقات التي لا تنقطع، ولا ولا ولا، فاشتكوا، فأرسلت إليهم السلطة معمماً يفهم عقليات القرويين الأميين البسطاء ونفسياتهم، فخطب: "أنتم تعلمون أننا الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق تعاليم آل البيت عليهم السلام (لاحظ، ابتدأ بالتخدير قبل إجراء العملية)، وكلما قرر الرئيس تخصيص ميزانية لخدمات قريتكم والقرى المجاورة، جاءته في المنام رؤيا ربانية: إني أختبر صبر عبادي من شيعة آل البيت، وإني أعددت لأهل هذه القرية نعيماً ليس كمثله نعيم، وإني أخشى أن تُضلهم مطامع الدنيا عن نعيم الآخرة، فإن كانوا يحبون آل البيت فليصبروا صبراً جميلاً"، فتعالت صيحات كبار السن المساكين واختلطت مع نشيجهم البريء الساذج: "صلوات على محمد وآل محمد" وراحوا يمسحون دموعهم ويستغفرون ربهم من وساوس الشيطان التي كادت تحرمهم نعيم الآخرة.

هذا ما نقله أحد شباب هذه القرى المتعلمين، المقيم في طهران، في مدونته التي ختمها متسائلاً: "لماذا تحرص حكومتنا على رصف شوارع الضاحية الجنوبية في لبنان، لمَ لمْ يصبر أنصار آل البيت هناك ليعوضهم الله الجنة مثلنا؟ وماذا عن حماس التي استنزفت جزءاً من ميزانيتنا، وهي ليست من أنصار آل البيت؟ وماذا عن ملياراتنا التي تنثرها حكومتنا هنا وهناك في أرجاء الأرض؟ وهل استبدل كبار الملالي الجنة بالمستشفيات والطرق والمشاريع الضخمة؟ يبدو أننا الوحيدون الذين سندخل الجنة. ستكون موحشة"… هذا الشاب تم اعتقاله واختفى عن أنظار أهله الذين أهملوه وتركوا أمه وحيدة تبكيه، بعد أن "أغضب آل البيت".

وقبل أربعة أيام، نشرت جريدة جنوب إفريقية اسمها "ميل اند غارديان" خبراً مرعباً: "نسبة النساء اللواتي تم ختانهن في مصر تجاوزت التسعين في المئة". وفي الصعيد الجواني، في سبعينيات القرن الماضي، تحدث أحد الشبان المثقفين عن أن ختان النساء لا يجوز (طبعاً الهدف من ختان المرأة هو حرمانها من الرغبة الجنسية على اعتبار أنها خُلقت لمتعة الرجل، أما هي فلا متعة لها)، ووصف الشاب الختان بأنه ظلم وتخلف، فثار عليه الناس واتهموه أنه يأكل لحم الخنزير الذي قتل الغيرة فيه، وصرخوا في وجهه: "يا ديوث، يا منحل، أتقبل أن تخرج أختك أو بنتك او زوجتك إلى السوق بشهوتها؟"، فانسحب يتلمس رقبته لا يرجو إلا السلامة.

وسابقاً في السودان، كان كل من يعارض النظام، يتم بث الشائعات عنه بأنه يتبع اليهود والنصارى ويعارض ختان النساء، فيتكفل به أهل قريته. وقيل إن بيت أحد معارضي الختان، تعرض لاقتحام من مجموعة من "الصيّع" بحثاً عن النساء فيه، على اعتبار أن رب البيت لا غيرة عنده، فنساؤه غير مختونات، لذا فهن يتحرقن شوقاً لأي رجل عابر.

ولو كنت أنا مسؤولاً كبيراً في الدولة، أي دولة عربية، لما احتجتُ إلا إلى "رجال دين" يصرفون عني عيون الناس، ويختنون عقولهم، فأتفرغ للهبش والهبر والاستحواذ. جزاهم الله خيراً.

سامي النصف

من قتل أول عالم ذرة عربي؟!

كرر قبل مدة الزميل أحمد المسلماني في برنامجه الشائق «الطبعة الأولى» ما كتبه عدد من كبار الكتاب المصريين كالأستاذ عادل حمود وغيره من أن عالم الذرة المصري يحيى المشد الذي اغتيل في باريس عام 1980 لم يكن أول عالم ذرة عربي يتم اغتياله بل سبقته عالمة الذرة المصرية سميرة موسى التي توفيت في حادث سيارة بالولايات المتحدة عام 52 وتم الادعاء بأن للموساد يدا في قتلها.

والحقيقة أن سميرة موسى لم تكن عالمة ذرة بل كانت رغم تفوقها مختصة بالأشعة السينية في مستشفى القصر العيني، أما عالم الذرة المصري والعربي «الأول» والذي يحتاج الى إعادة النظر في أسباب وفاته الغامضة وهو لم يتجاوز الـ 29 من عمره فهو د.إسماعيل أحمد أدهم المولود عام 1911 من أب مصري ذي أصول تركية وأم ألمانية والذي حاز عام 1931 وهو في العشرين من عمره الدكتوراه في الفيزياء الذرية من موسكو وقام بالتدريس في جامعاتها وكان عضوا في مجمع علومها ثم مدرسا في جامعة أتاتورك التركية قبل أن يستقر في مصر منتصف الثلاثينيات ويعرفه الناس عبر العديد من مؤلفاته الأدبية والعلمية.

وفي عام 1940 بدأ جمع كبار علماء الذرة في العالم للبدء في مشروع «منهاتن» الأميركي لصنع القنبلة النووية وفي نفس العام كانت طائرات هتلر تغزو بريطانيا وقوات رومل تكتسح شمال افريقيا وتدق أبواب الاسكندرية التي هجرها أهلها وانتقل اليها بالمقابل الدكتور الشاب إسماعيل أدهم ليستقبل كما قيل الجنرال رومل حال وصوله وينتقل من هناك إلى برلين التي كان على تواصل معها للمشاركة في المشروع النووي النازي.

وفي العدد 366 من مجلة «الرسالة» المصرية الشهيرة الصادر في 8/7/1940 ينتقل د.أدهم من الكتابة الأدبية المعتادة الى مقال احتل 4 صفحات مليء بالمعادلات الفيزيائية المعقدة والمعلومات العلمية أسماه «الذرة وبناؤها الكهربائي» وقد كتبه الدكتور ـ لسوء حظه لربما ـ بالإنجليزي كذلك THE ELECTRICAL STRACTURE OF THE ATOM ذكر ضمنه أن ما وصل إليه العالم الألماني «هينزنبرغ» قد أثبته هو في معامل البحث العلمي في موسكو قبله بسنوات، وأن ما أعلنه البروفيسور الروسي «سكوبلزن» عام 1938 ينسجم مع مبادئ الفيزياء الحديثة التي أثبتها د.أدهم عام 1933.

لم يمر على ذلك المقال «القاتل» إلا أيام قليلة حتى أعلن عن وفاة د.إسماعيل أحمد أدهم غرقا على ساحل «جليم» بالاسكندرية وهو لم يبلغ 29 عاما، وقيل انه وجدت في جيبه رسالة يعلن فيها انتحاره ويطلب حرق جثته وتشريح مخه، ومعروف أن دعوى الانتحار هي أقدم وأشهر وسائل الاغتيال المخابراتي وكان الغريب أن الرسالة لم يبللها ماء البحر وهي في جيب معطفه كما أن من يريد حرق جسده وتشريح دماغه لا يلقي نفسه في البحر حيث قد تختفي الجثة أو تأكلها الأسماك وقد أعلن شقيقه د.إبراهيم أدهم أن جميع أوراق وكتب وأبحاث د.إسماعيل ومنها 3 كتب في الفيزياء والذرة قد اختفت في ظروف غامضة ولا يعرف مكانها أحد.

إن عدم تسليط الضوء على مقتل أول عالم ذرة عربي قد تكون له أسباب عدة منها أن انتحاره أو قتله قد تم قبل 5 سنوات من إلقاء القنبلة الذرية على اليابان، لذا لم يعلم أحد في مصر أهمية علوم الذرة التي كتب عنها د.أدهم، كذلك كان د.أدهم قد أصدر كتابا أسماه «لماذا أنا ملحد» فيما بعد كتب الفيلسوف البريطاني برتراند رسل كتابا بنفس العنوان – مما جعل كثيرين يرون في فاجعته وهو شاب صغير عقابا ربانيا له لا يصح النقاش حوله..

آخر محطة:

 (1) المعلومات السابقة لم يتطرق إليها أحد في مصر من قبل، لذا نرجو أن يعاد فتح ذلك الملف للحقيقة وللتاريخ.

(2) أتى في نفس عدد مجلة الرسالة الصادر عام 1940 مقال مترجم لمستشرق بريطاني تحدث فيه عن وحدة أمة العرب التي لم يبلغ عدد سكانها آنذاك 54.5 مليونا مقسمة كالآتي ولاحظ نسبة عدد سكان الكويت على سبيل المثال مقارنة مع البحرين وقطر وعمان: مصر (15 مليونا)، السعودية (5 ملايين)، العراق (3.5 ملايين)، سورية (3 ملايين)، لبنان (900 ألف)، الكويت (50 ألفا)، البحرين (120 ألفا)، قطر (150 ألفا)، عمان (500 ألف)، الأردن (300 ألف)، فلسطين (1.5 مليون).. الخ

حسن العيسى

إعلامنا المُغتصَب

"إن مسألة تدهور الإعلام هي التي تطرح نفسها على الساحة السياسية"، بهذه العبارة لـ"بيار ريمبير" فتحت مجلة "لوموند دبلوماتيك" في عددها الأخير ملف "زواج القُربى بين الصحافة والسلطة والمال"، ومضت المجلة لتنبش دور الإيديولوجيا المسيطرة في المجتمع في تكريس ذاتها حين تهيمن على الإعلام، حتى لا يسبب الأخير الإزعاج لأي شخص، طبعاً هذا الشخص يُفترَض أن يكون من رموز السلطة أو صاحب المال، أو من حراس العقيدة…، والتعبير الأدق من زواج القُربى بين الصحافة والسلطة والمال هو اغتصاب حريات الضمير (حرية التعبير والاعتقاد والنشر…)، من السلطة السياسية أو من سلطة المال أو من سلطات اجتماعية، فلا يوجد هنا زواج قُربى، بل سلطةٌ غاصبة -من دون تحديد نعتها- ورأي مُغتصَب، والسلطة ليست بالضرورة أن تكون سلطة الحكم الرسمية، فهي أحياناً تكون سلطة المال، حين يُسخِّر صاحب الجريدة أو القناة التلفزيونية أو أي وسيلة إعلام أخرى يملكها جريدتَه أو قناتَه، لمصالحه الخاصة مصوِّراً فسادَه على أنه العدل ويحقق المصلحة العامة…! أو يستغل ملكيته للطعن في خصومه، وهنا يصبح الكاتب أو مُعِدُّ البرنامج مخلبَ القط لأصحاب الملكية.

وقد تكون السلطة اجتماعية مثل سلطة الجماعات الدينية في الكويت على سبيل المثال، فتلك الجماعات وإن لم تمتلكْ وسائل الإعلام، فالأخيرة تتواطأ معها لتكريس حال الغيبوبة العقلية في الدولة، فهناك الصفحات الطويلة لتفسير الأحلام للفقيه ابن الأوهام، وهناك صفحات الترويع والزجر للحرية، تُلبَّس عبارات الأخلاق والعادات والدين… ولا بأس أن تنشر الصحيفة أخباراً رخيصة مثل: الأمن يكشف وكراً للدعارة، القبض على وافد مع مواطنة في وضع "مثير"، أو الأمن يقبض على ثلاثة بنغاليين يصنّعون الخمور المحلية، فهنا الخبر اللاهث خلف "الإثارة" على تفاهته يروِّج لسلطة الدولة الرسمية ومسؤولها الأمني، وفي الوقت ذاته يخدم أصحابُ الخبر -بقصد سيّئ أو ببلاهة السبق الصحافي- القوى المحافظة الدينية حين تتم المبالغة في تصوير الفساد الأخلاقي في الدولة، ولابد حينها من تدخل حراس القيم والعادات لحفظ ثوابت المجتمع… فتبدأ الأسئلة البرلمانية الجوفاء… ويهرول نواب القيم لتقديم الاقتراحات بقوانين لقبر ما تبقى من الحريات الشخصية في الدولة.

صور اغتصاب الحريات من قِبَل السلطات السياسية والاجتماعية عبر وسائل الإعلام لا حصر لها… إذ يكفي أن تفتحوا صفحات بعض جرائدنا اليومية أو تتفرجوا على بعض القنوات التلفزيونية، لتتأملوا كيف يدسُّ آسياد المال والسلطة السُّمَّ في الدسم.

احمد الصراف

دعاة أم مكتشفون؟

تساءل الزميل القطري عبدالحميد الأنصاري، في مقال له بعنوان «دعاة جدد أم رجال أعمال جدد؟»، عما قدمه الدعاة من أمثال عمر عبدالكافي وسلمان العودة، وعمرو خالد، الأكثر غنى بينهم، لمجتمعاتهم؟ ليجيب بأنهم لم يقدموا شيئا حقيقيا ولا معالجة معرفية نقدية للقضايا الرئيسية التي تشكل تحديا لنا جميعا. وقال ان الكويتي طارق سويدان مثلا تباهى بالقول ان الدعاة اليوم يديرون دعوتهم كما يدير التجار أعمالهم!
وقد اتفق اني في يوم اطلاعي على مقال الأنصاري شاهدت محاضرة «جماهيرية» للداعية المصري وجدي غنيم (الجزيرة 2010/8) تحدث فيها عن بعض آداب التصرف التي يجب أن يتحلى بها المسلم في ما يتعلق بالأكل والشرب ودخول الحمام والتثاؤب. وقال ان من المهم ألا نمكث في الحمام طويلا، ليس لأن الجلوس على كرسي التواليت مثلا له مضار صحية وتأثير سلبي على البواسير، وليس بسبب التعرض لروائح ملوثة، بل لأن الحمام، حسب قوله، هو بيت الشيطان ويجب ألا نمكث في بيت الشيطان طويلا، وأن نسارع بالخروج منه، مع الحرص على تقديم الرجل اليمنى عند الخروج(!)
وعندما تكلم عن كيفية التثاؤب طالب جماهير محاضرته بضرورة قيامهم بتغطية افواههم بأيديهم، وهذا أمر جميل، ولكن السبب الذي أعطاه افتقر للمنطق والذوق والأدب، فبدلا من أن يكتفي بالقول ان من آداب التثاؤب تغطية الفم لكي لا يرى من هو أمامك ما بداخل فمك، وما ينتج عن التثاؤب من دفع خارج الفم لهواء قد لا تكون رائحته طيبة، فإنه برر سبب طلبه تغطية الفم بالكف عند التثاؤب بمنع الشيطان من أن يبول في الفم المفتوح! وقدم دليلا علميا على «اكتشافه» بالقول اننا نرى أن من يتثاءبون من غير تغطية افواههم يقومون بعدها مباشرة بتحريك فمهم…. لأنهم يقومون ساعتها بمضغ… البول وبلعه!!
هذه بعض اكتشافات «الدعاة الجدد» وهذه وسائلهم في تحقيق الثروات ومنافسة نجوم السينما والتلفزيون وخلق نجومية لأنفسهم. والحقيقة أنهم لا يلامون على فعلهم بقدر ما تلام الحكومات التي تسمح لاصحاب مثل هذه العقليات والمنطق الفاسد بإلقاء الخطب وإفساد عقليات مستمعيهم، وغالبيتهم من الشباب، بتوافه الأمور التي تفتقر الى المصداقية. والعجيب أنك عندما تنظر لوجوه «جماهير» هذه الندوات تجد أفواه الكثيرين منهم فاغرة من شدة الدهشة والاعجاب، ولكنك لا تجد بينهم من يقوم بأي عملية مضغ.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ردة الفرسان

حاولت ان أتجنب الخوض في موضوع مقابلات قناة الوطن مع مؤلف كتاب «ردة الفرسان» على مدى أربع حلقات، لاعتقادي أن المؤلف قادر على الرد على الانتقادات الموجهة اليه، خاصة ان الموضوع شخصي بالنسبة إليه، وعسكري بالنسبة الى المؤسسة التي يتحدث عنها. لولا مقالة للأخ المبدع الدكتور عبدالمحسن الخرافي في صحيفة القبس قبل عيد الاضحى، عتب فيها على عائلة المؤلف التي لم تتدخل لوضع حد لما أسماه بمهزلة الاستخفاف بدور الجيش الكويتي اثناء الغزو الغاشم ومعركة التحرير!
ولأنني معني بهذا الانتقاد الأخوي من هذا الكاتب الملهم في كل مقالاته، أجدني مضطرا لأن أبدي رأيا في هذا الموضوع، وهو رأي شخصي لا يمثل إلا من يكتبه الآن ولا يتعداه الى سواه.
أولا: لا أخفيكم أننا كنا نحاور الأخ مؤلف الكتاب قبل وبعد كل حلقة تقييما وتوجيها، وكانت معظم ملاحظاتنا على صمته على مقدم البرنامج الذي اتبع معه اسلوب الاستخفاف بالانجازات والاستهزاء بالارث التاريخي للعائلة في بعض الأحيان، وكان رد الأخ المؤلف أن هذا الانتقاد يوجه الى مقدم البرنامج ومعده ومخرجه، وليس له شخصيا، فإن كان من تقصير في أسلوب الحوار فمن جهة المقدم وهو لا يتحمل أخطاءه.
ثانيا: استنكرنا عليه وضع خارطة لمنطقة الخليج تظهر احتلال الكويت لمناطق شاسعة من إيران والعراق، وهذا ما «يدش العقل»، فأجاب أن الخارطة من تصميم مقدم البرنامج ومعده وليس له دخل في رسمها أو عرضها، وان ما تم احتلاله من ايران والعراق ذكره بالاسم مثل خرم شهر وأم الرصاص وعبادان وغيرها مما ذكرته بعض المراجع التاريخية التي كشف عن اسمها واسم مؤلفها، وناقل الكفر ليس بكافر. وأضاف ان هذا اللبس مثل حادثة سقوط صاروخ على المؤلف دون أن يصاب بأذى، والحقيقة التي ذكرتها أن الصاروخ سقط على مركبة بعض الجنود وليس علي! فالعلة في فهم ما يقال ونقله بشكل مشوه.
ثالثا: استنكرنا عليه تشويه أداء بعض قيادات الجيش وقطاعاته اثناء الغزو ويوم التحرير، فأجاب ان السبب يرجع الى التشويه المتعمد طوال الفترة الماضية لأداء اللواء الخامس والثلاثين من قبل بعض القيادات العسكرية وبعض الاقلام الصحفية، وانه سكت طوال الفترة الماضية ينتظر من المعنيين التعليق وانصاف رجال اللواء، ضباطا وافرادا، كما أن الفترة التي تحدث عنها مر عليها اكثر من عشرين عاما، يعني ما عاد فيه شيء مستور أو كشف أسرار، وما ذكرته حوادث لا تسيء للمؤسسة كمؤسسة، بل تبرز جانبا مضيئا من اداء احد قطاعات هذه المؤسسة العسكرية. فذكر أداء الأبطال يشرف ويرفع الرأس، وليس كما يتصوره البعض تشويه أداء جيشنا الباسل!
رابعا: قلنا له ان هناك من يحاول الغاء المناظرة حتى لا تحدث فتنة أو بلبلة، فأجاب أن المناظرة ستكون بين فريقين.. فريق يعتقد أن ما ذكره المؤلف في كتابه ومقابلاته محض كذب وافتراء، وفريق يرى أن لديه الدليل القطعي على أن كل ما ذكر صحيح ومثبت. اذاً المسألة لا تعدو كونها مظهرا من مظاهر الممارسة الديموقراطية، وسواء نجح هذا الفريق أو ذاك، فالفائز هو المواطن الذي سيعرف حقيقة غائبة عنه لاكثر من عشرين عاما، وستكون تاجا على رؤوس أصحابها. اذا المؤسسة العسكرية غير معنية اليوم بهذا الحوار الديموقراطي الراقي.
ومنا الى الدكتور عبدالمحسن وعشرات الزملاء الذين اتصلوا يستفسرون!

***
«لفتة كريمة»
في النهاية.. ما يصح إلا الصحيح.. ولا تبوق.. لا تخاف.

مبارك فهد الدويلة

سامي النصف

مصر حلواني.. الكويت نفساني

يقال إن مصر بناها حلواني، لذا فدم شعبها شربات، الكويت على الأرجح بناها طبيب نفساني لكثرة العقد النفسية المتفشية فيها والتي تعكس ظواهر عدة منها كثرة المشاكل في العمل وتفشي حالات الطلاق وسرعة الغضب والأزمات السياسية التي لا تنتهي.

أصدرت جمعية الأطباء النفسيين في الولايات المتحدة نتائج دراسة قامت بها الجمعية أثبتت خلالها أن الأزمة الاقتصادية زادت من تفشي الأمراض النفسية وأن النساء أكثر انفتاحا وبنسبة 28% من الرجال بالإشكالات النفسية التي يتعرضن لها مما يساعد على معالجتها، بينما يسود على الرجال ظاهرة الإنكار والمكابرة فيبقى المرض دون علاج حتى يقع الفاس بالراس.

وهناك في منطقتنا خلط واضح وفاضح بين المرض النفسي الذي يحتاج إلى علاج من قبل دكاترة مختصين يتضمن جلسات علاج هادئة وأدوية طبية مجربة، والاعتقاد بالمقابل بتلبس المريض النفسي بالجن والعفاريت التي يتم إخراجها بالتف والصراخ الهستيري واستخدام العصي التي تنتهي في بعض الأحيان بموت المريض من شدة الضرب كما حدث مؤخرا في السعودية حيث يعتقد المعالج الجاهل ـ الذي قد تكون له أساسا ميول سادية تجعله يسعد بالأذى والتعذيب ـ أن من يتلقى الضرب هو الجني وليس الضحية الجالس أمامه.

ولو أدخلت كلمة JINN على «اليوتيوب» لرأيت بعض الممارسات العجيبة لإخراج الجن من مرضى مسلمين ومسيحيين واتباع العديد من الديانات القديمة الأخرى مما يدل على ان الأمراض النفسية التي ينكرها البعض قديمة قدم التاريخ وأن تغيير الصوت والهيئة والشكل دلالة على المرض النفسي لا على العفريت اللاإنسي.

آخر محطة:

في العام 1949 عقد في لندن مؤتمر فلسطين الذي رعته الحكومة البريطانية وحضرته 3 دول عربية منها المتوكلية اليمنية التي مثلها الأمير سيف الإسلام وكان المترجم الدكتور المصري أحمد فريد الرفاعي، أتى الدور على الأمير سيف الاسلام فقال إن سبب مشكلة فلسطين هو العفاريت المسلطة عليهم، فترجمها المترجم الحصيف للغة الإنجليزية بأن سيف الإسلام يقول إن سبب الإشكال هو قلة الانفتاح والتواصل بين الأطراف المعنية، ثم أضاف سيف الإسلام أن الحل هو بالبخور وإحضار المختصين لإخراج العفاريت حتى يتصالح أهل فلسطين واليهود، فترجمها المترجم بأن حل الإشكال هو بخلق فرص عمل والاهتمام بالتعليم ومحاربة البطالة، ثم التفت المترجم الى الأمير المصري محمد عبدالمنعم طالبا منه ان يسكت سيف الإسلام كونه لا يستطيع مواصلة الترجمة الكاذبة، انتهى الإشكال بزعل سيف الإسلام وتركه لندن الى باريس، وعندما سأل مندوبو الصحافة البريطانية د.الرفاعي عن سبب غضب الأمير وتركه الاجتماع أجابهم بأن سموه يرفض أن يساوم على حقوق العرب، وصدرت الصحف الإنجليزية في اليوم التالي على صدر صفحاتها «أمير اليمن لا يقبل التفاوض في حقوق العرب» ويبقى من يسأل: كيف ضاعت فلسطين؟!

سامي النصف

تحت ظلال الدستور

كان تخوّف الآباء المؤسسين كبيرا من الزلات والهنات والثغرات في الدستور الذي يقومون بخلقه حتى ان أحدهم خاطب، حسبما أتى في المحاضر، الخبير الدستوري د.عثمان خليل عثمان قائلا له: انه وبلده (مصر) يتحملون أي مسؤولية مستقبلية عن اي ثغرات او اخطاء في الدستور بحكم اختصاص د.عثمان الخبير الدستوري الوحيد في لجنة الدستور.

وقد اعتقد الآباء جازمين ان الأبناء والأحفاد سيكملون المسيرة ويصححون اي زلات في الدستور لا ان يخدعوا بمن أعطى الدستور القدسية والعصمة الكاذبة كي يستغله ويستفيد منه ويسيء بالتبعية لآبائه المؤسسين، ان هناك امورا نعتقد ان في تطبيقها تحقيقا لرغبة الآباء العظام من مؤسسي الدستور الذي نحتفل هذه الأيام بالعام الـ 48 لبدئه، ومن تلك الأمور: ـ ادخال الدستور في المناهج المدرسية وخلق من محــاضر مجلسه التأسيسي ولجنة الدستور تمثيليات وحوارات يمثل فيها الطلاب شخصيات الآباء المؤسسين كوسيلة لفهم الدستور وتحبيب النشء فيه. ـ جعل عدد النواب ومعهم عدد الوزراء مفتوحا لمتطلبات الزيادة السكانية مع الحفاظ على النسبة الثابتة بينهم. ـ النظر في تعديل الفترة المتاحة لتشكيل الحكومة وإعداد برنامجها حيث ثبت من التجربة العملية ضرورة اطالتها. ـ خلق دورات تدريبية ملزمة للوزراء والنواب الجدد قبل ممارستهم لعملهم السياسي، فضمن متطلبات الدولة الحديثة لا مجال لمنهاج التجربة والخطأ. ـ خلق لجان قيم لمحاسبة النواب على الاثراء غير المشروع والاساءة اللفظية او العملية لسمعة المجلس (في بعض البرلمانات الأخرى يتخانق النواب الا ان هناك محاسبة لاحقة تصل الى حد الفصل من البرلمان). ـ منع عمليات تدمير الجهاز الحكومي عبر التدخل السافر في أعماله كما يحدث الآن كي تصبح الكفاءة لا الواسطة مقياس الترقي. ـ منع الجمع بين النيابة والعمل التجاري خاصة بعد ان اصبح راتب النائب يعادل راتب الوزير مع فارق كم العمل بينهما. ـ اصدار قوانين شفافية ومكافحة الفساد وتطبيق قوانين من اين لك هذا بعد ان اصبحت المجاهرة بأموال الفساد ظاهرة وعلنية دون وجل او خجل. ـ تفعيل دور المحكمة الدستورية حتى يمكن لجوء الناس لها وإسقاط اي تشريعات تخالف الدستور. ـ التقيد بضوابط الاستجواب كما أتى في حكم المحكمة الدستورية التاريخي قبل 5 اعوام كي لا يخرج الاستجواب عن الأهداف الخيرة المرسومة له.

آخر محطة:

يرى احد الزملاء ان دستور 62 كان أقل ديموقراطية من دستور 38، وان صحت تلك المقولة فقد يكون سببها الظروف المحيطة فقد كانــت الكويت تتأثر تاريخيا بما يجري بالعراق ومصر بالدرجة الأولى وبلاد الشام بالدرجة الثانية، وواضح ان في عــام 38 كانت العراق ومصر والشام رغم الاستعمار تتمتع بأنظمة شديدة الديموقراطية، اما في عام 61 فقد قضى الحلم الوطني في البلدان الثلاثة على الديموقراطية وزرع بدلا منها الديكتاتوريات العسكرية لذا يحسب للشيخ عبدالله السالم وللآباء المؤسسين أخذهم بالمسار الديموقراطي الفريد آنذاك بالمنطقة والعالم.