هم يقولون: 'ما الكتابة إلا محاولة للتحليق بأجنحة ورقية'، وأنا أقول: 'ما الكتابة إلا محاولة للتنفس والبقاء على قيد الغضب'. ويقولون: 'السلطة تلاحق الكتّاب والسياسيين'، وأنا أقول: 'هذا كلام ملوث ومزور، السلطة لم تلاحق هؤلاء، لأنهم لم يهربوا أصلاً. محمد الجاسم لم يهرب، في المرات الثلاث، بل ذهب إليهم بنفسه عارياً إلا من ثيابه وكبريائه ووطنيته وحقيبة مستلزماته في السجن. خالد الفضالة لم يهرب، بل استقبلهم بابتسامته الشامخة وبالنشيد الوطني وبلا حقيبة، لنقص الخبرة… هذان ليسا ممن يهرب. اللصوص هم من يفعل ذلك، كما حدث مع وكيل الوزارة السابق، والنائب الإسلامي السابق، والداعية الشتام الحانق… والفرق بين الفريقين فارق… والأصدق هو القول (السلطة تتسلط على الكتّاب والسياسيين)'.
يقولون: 'وماذا لو سُجِنت أنت، وأنت أصلاً على وشك؟'، وأقول: 'ستكون حياة بنكهة أخرى، سبق أن تذوقتها مراراً… إذا سُجنت فسأدرّب الزملاء المساجين على الرقصات اليمنية، وسأبحث عن شاعر أتبادل معه القصف الشعري الحي المباشر بين صفّين من السجناء، وسأدرّب الجاسم والفضالة على لعبة (البلوت) التي أعرف قوانينها ولا أجيدها… إذا سُجنت فلن تتأخر الشمس عن موعدها، ولن تُخرج الأرض أثقالها… قلمٌ تم كسره إلى حين، ليس إلا، والمكتبات ملأى بالأقلام، وهولاكو – الذي اعتاد حرق المكتبات – مات، ولا ورثة له'.
يقولون: 'الأوضاع في الكويت اليوم ينطبق عليها اسم الفيلم المصري (الصعود إلى الهاوية)'، وأقول: 'من الذي استبدل الحاء بالهاء؟ ألا تستنشقون رائحة الأوضاع؟'.
وكنت ومجموعة من الأصدقاء نقترف جريمة النقاش السياسي حول قضية حصانة النائب الشجاع فيصل المسلم، وحصانة النواب بشكل عام تحت القبة، فتذكرت مقطعاً من أغنية 'رد السلام' للفنان اليمني الراحل محمد الحارثي 'فكّ اللثام… مابش* قمر ملثم… فك اللثام'. وبعض نوابنا أقمار ملثمة، لا تعرف مواقفهم إلا في الوقت الإضافي. يختبئ بعضهم خلف جذع الشجرة ويندسّ بعضهم الآخر بين الحشائش، ولا يخرجون إلا بعد أن يتمكنوا من رصد اتجاه الريح. ولو أنهم كلهم صرخوا 'لا' منذ الشرارة الأولى لما نشف ريق البلد طوال هذه الفترة.
شوف… هم تعمدوا تشويه الإعلام كي نصرخ مستغيثين 'سيب وأنا أسيب'، ونجحوا في ذلك نجاحاً أسود، بعد أن افتروا على خصومهم ووصفوهم بكلمات مثل 'حمار، لقيط، أبوه يبيع قات، كلب، حيوان، بنته لا تعود إلى البيت إلا بعد منتصف الليل، زوجته تطرده من المنزل' وما شابه من مفردات تعف عنها بنات الليل، إلى أن كره الناس مصطلح 'حرية الرأي'. واليوم فشلت محاولاتهم لنزع الحصانة عن النائب تحت القبة، وغداً سينطلقون في رحلة تشويه الحصانة، عبر الإيعاز إلى نوابهم بشتم الناس وأعراضهم وأجدادهم تحت القبة، كي يصرخ الناس 'هذا لا يجوز' ويرفعوا الدعاوى القضائية عليهم، فيرد أعداء الدستور بتشفٍّ 'أليس النائب محصناً تحت القبة؟ أهلاً بالحصانة'.
وفي البرلمان المقبل، الذي يلي هذا، سينجحون في مسعاهم وينزعون الحصانة عن النائب أثناء حديثه تحت القبة… المسألة مسألة وقت. واليوم هم يرددون 'لكل كليبٍ جساس'، ونحن نردد 'ولكل جساس زير'. وأجزم أن جساس سيتمكن من قتل الزير… غدراً بالطبع.
مابش: لا يوجد.