محمد الوشيحي

سيقتلون الزير سالم

هم يقولون: 'ما الكتابة إلا محاولة للتحليق بأجنحة ورقية'، وأنا أقول: 'ما الكتابة إلا محاولة للتنفس والبقاء على قيد الغضب'. ويقولون: 'السلطة تلاحق الكتّاب والسياسيين'، وأنا أقول: 'هذا كلام ملوث ومزور، السلطة لم تلاحق هؤلاء، لأنهم لم يهربوا أصلاً. محمد الجاسم لم يهرب، في المرات الثلاث، بل ذهب إليهم بنفسه عارياً إلا من ثيابه وكبريائه ووطنيته وحقيبة مستلزماته في السجن. خالد الفضالة لم يهرب، بل استقبلهم بابتسامته الشامخة وبالنشيد الوطني وبلا حقيبة، لنقص الخبرة… هذان ليسا ممن يهرب. اللصوص هم من يفعل ذلك، كما حدث مع وكيل الوزارة السابق، والنائب الإسلامي السابق، والداعية الشتام الحانق… والفرق بين الفريقين فارق… والأصدق هو القول (السلطة تتسلط على الكتّاب والسياسيين)'.

يقولون: 'وماذا لو سُجِنت أنت، وأنت أصلاً على وشك؟'، وأقول: 'ستكون حياة بنكهة أخرى، سبق أن تذوقتها مراراً… إذا سُجنت فسأدرّب الزملاء المساجين على الرقصات اليمنية، وسأبحث عن شاعر أتبادل معه القصف الشعري الحي المباشر بين صفّين من السجناء، وسأدرّب الجاسم والفضالة على لعبة (البلوت) التي أعرف قوانينها ولا أجيدها… إذا سُجنت فلن تتأخر الشمس عن موعدها، ولن تُخرج الأرض أثقالها… قلمٌ تم كسره إلى حين، ليس إلا، والمكتبات ملأى بالأقلام، وهولاكو – الذي اعتاد حرق المكتبات – مات، ولا ورثة له'.

يقولون: 'الأوضاع في الكويت اليوم ينطبق عليها اسم الفيلم المصري (الصعود إلى الهاوية)'، وأقول: 'من الذي استبدل الحاء بالهاء؟ ألا تستنشقون رائحة الأوضاع؟'.

وكنت ومجموعة من الأصدقاء نقترف جريمة النقاش السياسي حول قضية حصانة النائب الشجاع فيصل المسلم، وحصانة النواب بشكل عام تحت القبة، فتذكرت مقطعاً من أغنية 'رد السلام' للفنان اليمني الراحل محمد الحارثي 'فكّ اللثام… مابش* قمر ملثم… فك اللثام'. وبعض نوابنا أقمار ملثمة، لا تعرف مواقفهم إلا في الوقت الإضافي. يختبئ بعضهم خلف جذع الشجرة ويندسّ بعضهم الآخر بين الحشائش، ولا يخرجون إلا بعد أن يتمكنوا من رصد اتجاه الريح. ولو أنهم كلهم صرخوا 'لا' منذ الشرارة الأولى لما نشف ريق البلد طوال هذه الفترة.

شوف… هم تعمدوا تشويه الإعلام كي نصرخ مستغيثين 'سيب وأنا أسيب'، ونجحوا في ذلك نجاحاً أسود، بعد أن افتروا على خصومهم ووصفوهم بكلمات مثل 'حمار، لقيط، أبوه يبيع قات، كلب، حيوان، بنته لا تعود إلى البيت إلا بعد منتصف الليل، زوجته تطرده من المنزل' وما شابه من مفردات تعف عنها بنات الليل، إلى أن كره الناس مصطلح 'حرية الرأي'. واليوم فشلت محاولاتهم لنزع الحصانة عن النائب تحت القبة، وغداً سينطلقون في رحلة تشويه الحصانة، عبر الإيعاز إلى نوابهم بشتم الناس وأعراضهم وأجدادهم تحت القبة، كي يصرخ الناس 'هذا لا يجوز' ويرفعوا الدعاوى القضائية عليهم، فيرد أعداء الدستور بتشفٍّ 'أليس النائب محصناً تحت القبة؟ أهلاً بالحصانة'.

وفي البرلمان المقبل، الذي يلي هذا، سينجحون في مسعاهم وينزعون الحصانة عن النائب أثناء حديثه تحت القبة… المسألة مسألة وقت. واليوم هم يرددون 'لكل كليبٍ جساس'، ونحن نردد 'ولكل جساس زير'. وأجزم أن جساس سيتمكن من قتل الزير… غدراً بالطبع.

مابش: لا يوجد.

حسن العيسى

وكلاء الأمة أم وكلاء الحكومة؟

دعونا نسمع حجة واحدة للنواب الذين سيصوتون اليوم مع رفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم، نريد حجة تقنعنا بأنه لا مكان هنا لتطبيق المادتين 108 و110 من الدستور اللتين تقرران حرية النائب "في ما يقول ويبديه من الآراء والأفكار في المجلس ولجانه"، وأنه لا "سلطان عليه في المجلس" غير سلطان حكم القانون والرقابة الشعبية.

سنقتنع برأي النواب الموافقين على رفعها إذا قدموا الدليل القاطع بأن فيصل المسلم تعدى على سمو رئيس الوزراء وعلى سرية المعاملات المصرفية (بنك برقان) حين رفع شيكات سموه في قاعة المجلس، مؤكداً أن بعض نواب الشعب يتقاضون مقابلاً مالياً مقابل مواقفهم السياسية، وأن لكل نائب منهم سعره ولكل موقف مطلوب ثمنه في أسواق الذمم النيابية.

إذا افترضنا أن النيابة العامة قد تقدمت بطلب رفع الحصانة على سند من القول بأن فيصل قد حصل على صور تلك الشيكات بطريقة غير مشروعة "بأنه اشترك مع مجهول لكشف أسرار مصرفية" بالمخالفة للمادة 85 من قانون البنك المركزي…! وأن هذه الواقعة حدثت خارج البرلمان، وبالتالي لا تمتد إليها الحصانة، فهذا مردود عليه بأن "الكشف" عن تلك الشيكات بإظهارها للعلن قد تم في البرلمان، وفي سياق ممارسة النائب لعمله بالمجلس، وأنه لو لم يتم "الكشف" عن صور تلك الشيكات علناً في المجلس لما كانت هناك تهمة ما يمكن أن توجه إلى فيصل المسلم، ولظلت القضية في علم الغيب. ماذا لو حصل هذا النائب أو غيره على صور تلك الشيكات مصادفة، ثم صرف النظر عنها وركنها بعيداً هل كنا سنتصور أن تقوم أركان جريمة ما ضد النائب؟ وأياً كانت الأسباب القانونية التي تستند إليها النيابة العامة في طلبها برفع الحصانة إلا أن يقيناً بأن رفع الحصانة عن النائب هنا سيضرب بعرض الحائط النصوص الدستورية، وسينزع الحماية الدستورية المقررة للنائب حين يمارس عمله كرقيب على أعمال السلطة التنفيذية، وبالتالي فلا رقابة ولا نيابة ولا ديمقراطية (ولو كانت شكلية) يمكن الحديث عنها الآن.

اليوم سيكشف لنا نواب الأمة إن كانوا حقيقة هم وكلاء الأمة بأسرها أم وكلاء الحكومة! وسنرى ما إذا كان لدينا مجلس نيابي وسلطة ثانية أم ليس لدينا غير سلطة تنفيذية مع ملحق تابع يقبع على شارع الخليج…!

احمد الصراف

جائزة محمد مساعد

أقام «الصالون الإعلامي»، الذي يشرف عليه الزميل ماضي الخميس، قبل فترة حفل تأبين أو تكريم لذكرى فقيد الصحافة الكويتية الراحل محمد مساعد الصالح. ولسبب ما لم أدع لتلك المناسبة، ولو كنت أحدهم لطالبت، من خلال كلمة قصيرة، ذوي الفقيد وعائلته المقربين، وجميعهم تقريبا من أصحاب الأفكار الجميلة والمبادرات المميزة والنشاط المالي والثقافي المعروف، لطالبتهم بتأسيس جائزة ثقافية باسم «محمد مساعد الصالح للصحافة» يكون مبلغها مثلا عشرة آلاف دينار، تمنح سنويا لصاحب أفضل مقال صحفي، أو تحقيق أو خبر مميز! ويمكن أن تتولى القبس سنويا رعاية حفل منح أو توزيع الجائزة، التي ستحدد لجنة محايدة يتم اختيارها من ذوي الفقيد وبمشاركتهم الفعالة، اسم أو اسماء الفائزين بها.
إن المناخ الثقافي في الكويت أحوج ما يكون لمثل هذه المشاريع التنويرية الكبيرة، خاصة بعد أن تناتف الجراد كل ما تبقى من معالم الدولة التعليمية والثقافية التي سبق ان أرسى قواعدها الرواد الأوائل، وقضموا بأسنانهم المتطرفة في حدتها على الفرح والسرور في حياتنا وسعوا لمنع كل حفل ومناسبة جميلة بدعوى معارضتها لعاداتنا وتقاليدنا، وتناسى هؤلاء الحمقى أن الكثير من الفنانين الكويتيين الكبار كانوا يشدون من خلال إذاعة الدولة الرسمية بأجمل وأروع أغاني الغزل مثل «قلت أوقفي لي وارفعي البوشية خليني أروي ضامري العطشان»، قبل ان يولدوا، وليترك لهم المجال بعدها ليتحكموا في حياتنا والبعض منهم لم يتجاوز الثلاثين من عمره!
لقد حدث كل هذا الانهيار بعد أن أعلنت الحكومة، وبكل الطرق المباشرة وغيرها، عجزها التام عن التصدي لهذا القضم الديني لمعالم الدولة المدنية، الأقرب للعلمانية، التي كانت جزءا من تاريخ الوطن والتي دعمتها تاليا مواد عدة في الدستور.
وهنا أرشح نفسي لأكون أحد أعضاء لجنة الاختيار لكي لا أتهم بانني أروج لفكرة التربح من اقتراحي، علما بانني أعتقد بعدم تميزي بشيء على زملائي الآخرين.
ونتمنى أن يبادر طلال أو طارق أو نجيب، أو حتى القبس، الى تبني هذه الفكرة والسعي، مجتمعين أو منفردين، لإخراجها إلى حيز الوجود، وسنكون معهم في كل خطواتهم، مشاركين ومتعاونين.

أحمد الصراف