محمد الوشيحي

صبايانا وصباياهم

الله على الطقس هذه الأيام، رائع، مثير، لذيذ، يقدّر الحياة الزوجية. شكراً للحكومة، ولا يهون مجلس الأمة.

ووالله لو كانت هذه النسمة التي تداعبني الآن امرأة لكانت الأجمل بين النساء، والأبسق قواماً، والأكثر فتنة. ولو كانت صبية لأجلستها على حجري، وللثمت شفاهها، ولأشعلت لها الشموع، ولنقّلت خدها بين صدري وزندي ومواضع أخرى، ولغنّيت لها وهي تتفقد شفاهها بعد هدوء الزلزال ونقل المصابين: "أحرَقَت جمرة شفاهك شفّتي".

والحديث عن جمال الطقس يجرني بيدي إلى الحديث عن جمال النساء، وسأترك قلمي يتحدث نيابة عني، ويلقي أمتعة قلبي أمامكم على الأرض، فإن أغاظكم فاشتموه، تبّاً له، وإن راقكم فادعوا لصاحبه يرحمني ويرحمكم الله…

الجمال لملمَ أوراقه، ولوّح بيده مودعاً نساء الكويت وصباياها، إلا من رحم ربي. وشبّان الكويت أجمل بكثير من شاباتها. لذلك نشاهد هذه المبالغة في ماكياج صبايانا، وترعبنا رؤوسهن الممطوطة، ولا الصواريخ البالستية، في حين تتسابق صبايا الخليج "الهواويات" على شبان الكويت… كما ينقل لي الرواة الثقات، الذين أثق بهم كما أثق بنفسي.

والصبية الكويتية لا تفتقد الذوق في الماكياج فقط، بل في الغزل أيضاً… ويتغزل أحدنا بالصبية الكويتية: "كم التاريخ اليوم؟ ورودك تفتحت. هل داهمنا الربيع على غفلة منا؟"، فتقمعه وهي تطرقع علكتها وتغمز بعينها وتهز رأسها كالهنود: "يا سلام. كم واحدة غيري قلت لها هذا الكلام؟ أجبني بصراحة، فأنا أعلم أنك محاطٌ بالنساء"، فينقلب مزاجه، فإن قال لها "كثيرات"، أصبحت كلماته "ساكند هاند" مستعملة تفتقد لذة الجديد والخصوصية، وإن قال "لا أحد" لم تصدقه، لكنه على أي حال يرد عليها وهو يتلفت بحثاً عن كأس ماء تنقذه من حالة القرف: "حتى لو كنتُ محاطاً بالنساء… أنت واحدة منهن، أنت أجملهن… إلا إذا كنتِ (معلّم كاشي) دون أن أعرف"، ويواصل قصفه الانتقامي: "الصينيون كسروا سوقكم، يومية معلم الكاشي منهم أربعة دنانير. يا بلاش"… يقول لها ذلك ويغادر ويتركها تحك رأسها وتحسب تكلفة الأسمنت الذي ملأه.

والوضع في البحرين يُبكي، إن على مستوى الشابات أو الشبّان، والجمال عندما مر على صحراء العرب، سلك الطريق الآخر، فلم يمر على البحرين. والوضع في قطر كارثي، وماكياج بناتنا يُعتبر في الحد الأدنى مقارنة بماكياج بنات قطر، وأجزم أن شركات الماكياج تحسب لقطر ألف حساب، وشبان قطر يُرعبون الثعابين فتصرخ "يمّه"، وترفع التماسيح يديها: "الحمد لله الذي فضّلنا على كثير من خلقه". أما صبايا الإمارات وفتيانها فيسمعون عن الذوق لكن لم يسبق لهم مصافحته ولا السلام عليه، خذ مصاريف وماركات باذخة وسيارات فارهة، وخذ مقابلها "كندورة" صفراء ولا بقرة اليهود، منفوخة كالخيمة، وفساتين تلمع في عز الظهر، ورولز رايس.

وحدها السعودية، تحديداً منطقة "نجد"، سبقت الجميع وغرفَت من بئر الجمال ما يكفيها ويزيد. ووصلَ أهل شمال المملكة متأخرين فإذا البئر جافة، وتاه أهل الجنوب عن موقع البئر فكادوا يموتون لشدة الدمامة والقبح، أما أهل الغربية فشربوا من آبار مختلفة، فأثمرت بساتينهم يوماً "خوخ" ويوماً "حنظل"، في حين شرب أهل الشرقية من بئر البحرين وقطر والكويت، مياهاً ملوثة.

وإن خرجنا من صحراء العرب، وضربنا في عرض الوطن العربي، فلا جمال يفوق صبايا أهل سورية، سقاها الغيم، لولا فظاظة لهجتهن وغلظة تصرفاتهن.

حسن العيسى

الفساد في عقولكم

الفساد ليس في اللحوم ولا في الأغذية التي لم يراع تجارها أصول التخزين فقط، الفساد يطوق الدولة كلها من ألفها إلى يائها! البلدية "التي ما يشيل فسادها البعارين"، على حد تعبير سمو الأمير حين كان رئيساً للوزراء، هي التي ضبطت بعض اللحوم والأغذية الفاسدة، وبالتأكيد الكمية المضبوطة هي مجرد الجزء الظاهر من جبل الجليد العائم، لكن المجلس البلدي بأعضائه المنتخبين والمهيمن على بلدية البعارين يقدم لنا نوعاً آخر من الفساد وفصيلة منقحة منه، هو فساد الفكر والثقافة، وهو فساد التزمت الديني والتعصب الأصولي والمتاجرة بالشعارات الدينية، فأغلبية الأعضاء وبفارق صوت واحد صوتت على رفض طلب وزارة الخارجية إنشاء كنيسة في منطقة المهبولة للمرة الثانية، في المرة الأولى كانت حجة أولياء الله الصالحين في المجلس أسباباً فنية تذرع بها الولاة لرفض طلب الخارجية، كانت هذه "علثتهم" التي أخفوا خلفها أصوليتهم، فماذا سيقولون الآن، وماذا سيقول محاموهم من جماعة الفرقة الناجية في زوايا البؤس بجرائد "القرقيعان" الكويتية…؟

"ياليت" الدول الغربية والولايات المتحدة، التي بسطت أراضيها لبناء مساجد للمسلمين هناك من غير حساب، تمنع دخول أعضاء البلدي الذين صوتوا على رفض إنشاء الكنيسة، وتقول لهم العين بالعين والسن بالسن، من دون شرط المعاملة بالمثل، وذلك بمنع بناء المساجد في تلك الدول، فليس ذنب المسلمين المعتدلين في تلك الدول أن يدفعوا جزية وضريبة وكلاء تنظيم القاعدة في الكويت وبقية الدول العربية والإسلامية المتنطعة بدين الدولة، طبعاً كلمة "ياليت" لن تقدم أو تؤخر، بل هي مجرد أمنية من خيال يائس، فهو يئس من حال الدولة بنظامها ومجتمعها. نظام سياسي حاكم متعقل بدرجة محدودة حين يصير الحديث عن بعض حريات الضمير، لكن هذا النظام ينسى نفسه حين يرتفع سقف النقد ليمسه، وإذا تركنا هذا النظام الحاكم نصعق من ناحية أخرى بمجتمع يتأصل فيه يوماً بعد يوم الجهل، وتقنن في وجدانه ثقافة التزمت الديني ورفض الآخر، والتباعد عن الجوهر الإنساني، فأين نذهب وقد تمت محاصرة حرياتنا من كل الجهات؟