لأسباب يصعب حصرها كثر الخطأ وندر الصح في كثير من التشريعات الصادرة من تحت قبة البرلمان والتي تمتاز بشكل متكرر بعدم مشاورة أهل الاختصاص وقصر النظر وطغيان قضايا العاطفة والدغدغة دون النظر لمصلحة الوطن والمواطنين، إضافة الى إصدار تشريعات فريدة لا مثيل لها في تاريخ الدول الأخرى الأكثر منا ذكاء وحصافة وحكمة، لذا فالأفضل لنا هذه الأيام ولأجل الكويت العودة عن تلك التشريعات المدمرة.
ثروة الكويت وبعكس دول العالم الأخرى قائمة على مورد وحيد ناضب، فكل قطرة بترول نبيعها ونحصد ثمنها لا يمكن تعويضها، لذا يفترض ان يرتكز الصرف في أعوامنا المقبلة لا على عمليات الإرضاء السياسي واستخدام ثروتنا الناضبة لحل اشكالات الإسكان والصحة والتعليم.. الخ، بدلا من صرفها على إيجاد موارد للنفط عبر إنشاء المصانع والمزارع وتنمية الثروة السمكية والتحول للمركز المالي والتجاري المستقطب للمستثمرين والسائحين قولا وعملا.
.. وأرض الكويت ليست خضراء ذات أنهر ومياه كي نبخل بها على المطورين والمستثمرين الذين لا يمكن ان يقيموا مشاريعهم في الهواء بل هي صحراء قاحلة فائدتها الوحيدة في تطويرها وجعلها مدنا خضراء دون كلفة إضافية على الدولة عبر تسليمها ـ بعد تعديل التشريعات المقيدة الخاطئة ـ للشركات المساهمة العقارية وللمطورين ودون ذلك ستستنزف ثروتنا الناضبة على بنى ومبان ومدارس ومستشفيات نصرف عليها بدلا من ان تصرف علينا، كما اننا سنورث لمن بعدنا وبسبب تشريعات مجلس الأمة رمالا متحركة يصعب على غير الزواحف العيش فيها.
كما أن على مجلس الأمة العودة عن التشريعات التي أوقفت مشاريع B.O.T منذ صدورها وهجرت الأموال الكويتية لتعمر بلدان الآخرين ومعها إعطاء الشركات العقارية والاستثمارية حق تطوير الأراضي وإنشاء المساكن وبيعها بالأقساط طويلة الأمد على الشباب وهو ما يحتاج الى إلغاء شرط تحديد مدة القروض بـ 15 عاما وهو ما ألغى نظام «المورغج» المعمول به في جميع الدول الأخرى، إن تجربة المدن الجديدة في مصر الواقعة شرق القاهرة وفي محافظة 6 أكتوبر جديرة بزيارتها ودراستها وتقليدها وإلغاء أي تشريعات تقيد وتكبل مساهمة القطاع الخاص في حل مشاكل الإسكان والتعليم والصحة.. الخ.
كررنا في أكثر من مقال ومنذ عام 2007 حقيقة الخطأ الفادح والجسيم لخطأ مسار خصخصة «الكويتية» الذي رسمه وزير المواصلات الأسبق بدعم من بعض أعضاء مجلس الأمة وقلنا ان الخصخصة في العالم أجمع المقصود منها تخفيف العبء المالي عن الدولة لا زيادة الأعباء عليها، كما ان طريق الخصخصة في جميع التطبيقات الناجحة يمر بتحديث الأساطيل والتحول الى الربحية لا بإلغاء صفقة الطائرات ومضاعفة الخسائر كما جرت العادة ان تكون شركة الطيران هي آخر ما يتم خصخصته، هذا إذا خصص أصلا في وقت دفع بـ «الكويتية» لأن تكون أولى المؤسسات التي تجرى خصخصتها رغم حاجة مشروع كويت المركز المالي لشركة طيران وطنية تحقق أهدافه الإستراتيجية كحال جميع المراكز المالية في العالم عدانا (السنغافورية، الإماراتية، القطرية، الاتحاد، العربية، الميدل إيست، المصرية، الأردنية.. الخ).
آخر محطة:
بعد إسقاط لجنة القيم في الكونغرس الأميركي عضوية النائب الديموقراطي جيمس ترافكنت بتهمة التكسب غير المشروع، بدأت هذه الأيام اللجنة التحقيق على الهواء مع نائب ولاية نيويورك الشهير شارلز رانجلر الذي يبلغ من العمر 80 عاما والذي يكمل هذه الأيام 50 عاما من العمل النيابي المتصل ومع ذلك لم يشفع له ذلك التاريخ الطويل من المحاسبة على مخالفات تتصل باستخدام الأموال العامة لخدمة حملته الانتخابية ولا تتجاوز المبالغ المتجاوز عليها أو المستفاد منها الـ 50 ألف دولار أي 14 ألف دينار، وهو مبلغ فكه أو فراطة في جيب بعض المشرعين. ولا حول ولا قوة إلا بالله.