علي محمود خاجه

والله ما أقدر

لماذا لا تكتب عن مآسي وزارة الصحة؟ هل تعلم أن هناك طوابير من الوافدين يحتاجون للعلاج الفوري، ولكن لا يتم علاجهم والسبب عدم قدرتهم على دفع مبالغ العلاج؟

لماذا لا تكتب عن تخبطات وزارة الأشغال؟ هل تذكر أنك مررت في شارع بالكويت يخلو من الحفر؟

لماذا لا تكتب عن مآسي مجمع الصوابر السكني؟ هل تعلم أن بعض ملاك الشقق في هذا المجمع قاموا بتأجير شققهم على وافدين وعزّاب ليتحوّل مجمع الصوابر في عاصمة الكويت إلى مكان قذر مشبوه؟

لماذا لا تكتب عن مؤسسات الدولة الخدماتية؟ هل تعلم أن الموظفين الكويتيين باتوا يتلقون الرشاوى التي قد يصل مستواها إلى كروت تعبئة الهاتف من أجل تخليص الأعمال والمعاملات؟

لماذا لا تكتب عن أبناء الكويتيات الأرامل والمطلقات؟ هل تعلم أن هناك ما يفوق الألف مستحق ومستحقة للجنسية الكويتية من هؤلاء الأبناء لم يتم منحهم الجنسية بعد، والسبب أن مجلس الوزراء لم ينهِ التوقيع بعد؟

لماذا لا تكتب عن دولة اسمها جليب الشيوخ؟ هل تعلم أنها باتت دولة مستقلة بذاتها ولا يستطيع أي نظام أن يحكمها؟

لماذا لا تكتب عن القاذورات التي أزكمت أنوف أهل مشرف ولوثت بحر المسيلة منذ عامين أو أكثر؟ هل تعلم أن لجان التحقيق لم تنته بعد من التحقيق؟

أستطيع أن أستمر بسرد ما تم اقتراحه عليّ خلال الفترة القصيرة الماضية ما بين واقع ومبالغة من ناقلي المواضيع دون توقف، وأعلم أن كلاً منكم لديه العشرات من المصائب التي لم أذكرها أو أسمع بها حتى، بل إني لو طلبت من أي شخص أن يذكر لي 10 إيجابيات (وأقول هنا إيجابيات وليس وضعا طبيعيا مفروضا) في هذا البلد الصغير سيجد صعوبة بالغة في ذكر ذلك، هذا إن حصل على عشر إيجابيات أصلا.

ولكن فعلا لماذا لا أكتب عن كل تلك المشاكل رغم أهميتها لكثير من الناس وملامستها لهمومهم مباشرة؟

إجابتي يا سادتي وبكل بساطة أنني لا أرى جدوى في ذلك أبدا، فأنا لست ببلد يسير جيدا باستثناء بعض الهفوات هنا وهناك، كي أشير أنا أو غيري لها فيتجاوب المسؤولون وتنصلح الحال، فالمأزق أكبر من ذلك بكثير، فنحن لم نعد بحاجة لتقويم اعوجاج بسيط أو حتى كبير في مؤسسة أو إدارة أو وزارة واحدة، بل إن المشكلة مشكلة نظام وآلية عمل مفقودة وهوية مبتورة.

نعم مصيبتنا مصيبة إدارة تتحملها الحكومة الحالية والحكومات السابقة أيا كان هذه الحكومات، فما هو مرفوض هنا مقبول هناك، وما هو صالح في تلك الزاوية فاسد في الزاوية المقابلة لأنه وباختصار لا آلية ولا طريقة ولا مسطرة ولا قانون، بل اجتهادات تصيب مرة وتخطئ ألف مرة، ولن أتمكن أبدا من إبقاء بيتي في وسط الصحراء خاليا من الرمال مهما أجريت من عمليات تنظيف مادمت لا أغلق الثغرة الكبيرة التي تدخل الرمال، ولن يفيدني جهدي في التنظيف والعناية ما دامت الثغرة موجودة، هذه هي حال بلادي، ولهذا لا أكتب إلا عن الفتحة ومشاكلها ولا أهتم بالأوساخ المرمية في أطراف البيت، فمتى ما سُدّت الثغرة سهل التنظيف.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

بذخ واستنزاف ثروة

ما ان يعطل البلد حتى لا يبقى فيه احد، وهذه ظاهرة تحتاج الى دراسة مختصة و«معالجة»، فالكويت ليست بذلك السوء انما هناك قصور واضح في تسويق ما هو موجود ومعه بيروقراطية عقيمة تمنع من يريد استثمار ماله في تطوير القطاع السياحي عبر انشاء القرى السياحية على البحر وفي المناطق الزراعية ووجود «تشريعات حسد وحقد» مضمونها «ان اراضينا العامة نورثها صفراء قاحلة ولا نسمح لاحد بأن يطورها»، ان الخروج او النزوح الجماعي الذي نشهده يكلف الخزينة العامة مليارات الدولارات من الثروة الضائعة.

البعض يسافر دون حاجة بسبب الاستخدام السيئ لـ «الكردت كارد» والذي نلحظه حتى في الجمعيات الاستهلاكية والاسواق العامة حتى اصبح شراء «العلك» يتم بـ «الكردت» والسلف، قبل ايام استخدم مليونير صيني من هونغ كونغ بطاقته الائتمانية لدفع اجرة تاكسي اقله من المطار الى قلب «منهاتن» والمبلغ لا يزيد عادة على 60 دولارا فأساء صاحب التاكسي استخدام معلومات البطاقة وحصد ما مجموعه 880 الف دولار من حساب الثري الصيني فيما اعتبرته جريدة «النيويورك بوست» اغلى مشوار تاكسي في التاريخ.

ومن اوجه البذخ غير المفهومة حقيقة ان الكويت بلد قصير المسافات لا توجد فيه جبال ومرتفعات تبرر الحاجة لشراء سيارات ذات سرعة عالية توفر الوقت او ذات مكائن ضخمة كـ «الثمانية سلندر» وحتى «الستة سلندر» للصعود وللنزول، ومع ذلك فالكويت تحوز اعلى النسب في العالم فيما يخص الضخامة غير المبررة لمكائن السيارات التي تستنزف الكثير من الوقود المدعوم الذي لا يمكن تعويضه.

وبلدنا لا انهار ولا امطار فيه ومع ذلك فنحن الاكثر استهلاكا للمياه العذبة في العالم وكأننا بلد استوائي تنهمر عليه الامطار طوال العام، لو قمنا بايقاف هدر المياه عندما «نفرّش» اسناننا وعند اخذنا «الدوش» وكذلك عند غسل السيارات وري الزرع لاستطعنا وبسهولة مطلقة توفير ما يقارب الـ 50 أو 70% من المياه المهدرة دون داعٍ كل صباح ومساء.

آخر محطة:

سأل وزير الخارجية البريطاني انتوني ايدن عام 39 وابان مؤتمر لندن، الامير فيصل بن عبدالعزيز وزير الخارجية السعودي آنذاك عما يمكن لبلديهما ان يتبادلاه، ولم تكن السعودية قد بدأت بانتاج وتصدير النفط، فأجاب على البديهة «يمكن لنا ان نصدر لكم شمسنا ويمكن لكم ان تصدروا لنا امطاركم».

احمد الصراف

حلم التمسح بالحرير

قامت الحكومة قبل سنوات بسحب وإلغاء عقد إدارة المنطقة الحرة من إحدى الشركات بحجة وقوع مخالفات منها، ولا ننكر هنا صحة البعض منها! صفق الكثيرون وقتها للخطوة، وباركوها، ولكن، وبعد مرور سنوات لم نجد أن شيئا تغير إلى الأحسن في المنطقة، بعد تولي أجهزة «الحكومة الرشيدة» مهمة إدارتها! وربما «لاشي» تكون مقبولة، ولكن الحقيقة أن وضعها ــ وهنا أكتب بتجرد فلا مصلحة لي مع أي طرف ولست مستأجرا ولا مالكا فيها ــ تدهور فلا عوائد الدولة ارتفعت ولا المخالفات أزيلت ولم تصبح شوارعها أفضل ولا مساحتها المزروعة أجمل ولا طرقاتها أكثر وضوحا بأرقامها وعلاماتها المفقودة أصلا، فلا تعرف كيف تصل لأي مبنى بغير شرح وخريطة واستدلال بمكتب فلان وفندق علان. كما زادت أعماق حفر الشوارع المتهالكة التي لم تعرف الصيانة أبدا، وأصبحت المنطقة عنوانا لفوضى السير، خاصة في ساعات الذروة، وانقطعت الصلة بها وبالهدف الذي انشئت من أجله، فلا تجارة حرة ولا مدينة مستقبلية، ولا تخطيط مستقبلي ولا شيء من هذا القبيل. ولو قام أي شخص بالاطلاع على فكرة المنطقة في بدايتها والتي تضمنت إنشاء الحديث من المباني الذكية والشوارع العالية التخطيط، والمساحات الجميلة الاخضرار، وحرية التجارة والحركة، وقارن كل ذلك بحالها الآن لشعر بحزن. حتى مجرد دخول المنطقة والخروج، من خلال بوابتها الوحيدة، أصبح بائسا ويشكل كابوسا لمراجعي المنطقة ومستغليها، والطريف أنك عندما تنجح في تخطي الازدحام تقابلك لوحة اعلانية ضخمة عن مشروع تأهيل الشريط الساحلي، الذي يبدو أنه لن يتم، بعد أن مرت سنة 2006، وهي سنة الانتهاء من المشروع، دون علم ولا خبر عن موعد تنفيذه!
موضوعنا هنا لا يتعلق بالمنطقة الحرة البائسة، بل كمثال لما يحدث لأي مشروع تتولى الحكومة امره. فهذا المشروع الرائد والحيوي اصبح مكانا نموذجيا لمقاهي الشيشة، والكبائن الخاصة وتداول الممنوعات، كما ورد في خبر أمني نشر اخيرا! ولا تزال المنطقة حتى اليوم تفتقر لمحطة وقود وعيادة طبية ومركز إطفاء، ولو وقع اي حادث خطير فيها أثناء ساعات العمل لصعب على سيارات الشرطة والاطفاء والإسعاف الوصول لداخلها لأسباب عدة! وهكذا أصبحنا نشاهد الموت البطيء لفكرة المنطقة التجارية الحرة!
حديثنا عن هذا المشروع يجرنا الى بناء وإدارة مدينة الحرير، التي تزيد في حجمها وتعقيداتها ومتطلباتها المنطقة الحرة بعشرات المرات. فكيف ستتمكن الحكومة نفسها التي فشلت في إدارة المنطقة الحرة من تنفيذ مشروع مدينة الحرير، أو بقية مشاريع خطة التنمية العملاقة؟ فالأحلام والأماني التي يتحدث عنها المروجون لمشاريع خطة التنمية هي الأحلام والأماني نفسها التي سبق ان تحدثوا عنها عند توقيع عقد المنطقة الحرة، أو مدينة المستقبل!!
وهل يأتي يوم نعي فيه أن الجهاز الحكومي غير قادر على تنفيذ أي مشروع بكفاءة عالية، دع عنك معضلة إدارته بطريقة سليمة؟ ومتى نقتنع أن القطاع الخاص هو الجهة الوحيدة المؤهلة للقيام بمثل هذه المشاريع؟

أحمد الصراف