يقال إن مصر بناها حلواني، لذا فدم شعبها شربات، الكويت على الأرجح بناها طبيب نفساني لكثرة العقد النفسية المتفشية فيها والتي تعكس ظواهر عدة منها كثرة المشاكل في العمل وتفشي حالات الطلاق وسرعة الغضب والأزمات السياسية التي لا تنتهي.
أصدرت جمعية الأطباء النفسيين في الولايات المتحدة نتائج دراسة قامت بها الجمعية أثبتت خلالها أن الأزمة الاقتصادية زادت من تفشي الأمراض النفسية وأن النساء أكثر انفتاحا وبنسبة 28% من الرجال بالإشكالات النفسية التي يتعرضن لها مما يساعد على معالجتها، بينما يسود على الرجال ظاهرة الإنكار والمكابرة فيبقى المرض دون علاج حتى يقع الفاس بالراس.
وهناك في منطقتنا خلط واضح وفاضح بين المرض النفسي الذي يحتاج إلى علاج من قبل دكاترة مختصين يتضمن جلسات علاج هادئة وأدوية طبية مجربة، والاعتقاد بالمقابل بتلبس المريض النفسي بالجن والعفاريت التي يتم إخراجها بالتف والصراخ الهستيري واستخدام العصي التي تنتهي في بعض الأحيان بموت المريض من شدة الضرب كما حدث مؤخرا في السعودية حيث يعتقد المعالج الجاهل ـ الذي قد تكون له أساسا ميول سادية تجعله يسعد بالأذى والتعذيب ـ أن من يتلقى الضرب هو الجني وليس الضحية الجالس أمامه.
ولو أدخلت كلمة JINN على «اليوتيوب» لرأيت بعض الممارسات العجيبة لإخراج الجن من مرضى مسلمين ومسيحيين واتباع العديد من الديانات القديمة الأخرى مما يدل على ان الأمراض النفسية التي ينكرها البعض قديمة قدم التاريخ وأن تغيير الصوت والهيئة والشكل دلالة على المرض النفسي لا على العفريت اللاإنسي.
آخر محطة:
في العام 1949 عقد في لندن مؤتمر فلسطين الذي رعته الحكومة البريطانية وحضرته 3 دول عربية منها المتوكلية اليمنية التي مثلها الأمير سيف الإسلام وكان المترجم الدكتور المصري أحمد فريد الرفاعي، أتى الدور على الأمير سيف الاسلام فقال إن سبب مشكلة فلسطين هو العفاريت المسلطة عليهم، فترجمها المترجم الحصيف للغة الإنجليزية بأن سيف الإسلام يقول إن سبب الإشكال هو قلة الانفتاح والتواصل بين الأطراف المعنية، ثم أضاف سيف الإسلام أن الحل هو بالبخور وإحضار المختصين لإخراج العفاريت حتى يتصالح أهل فلسطين واليهود، فترجمها المترجم بأن حل الإشكال هو بخلق فرص عمل والاهتمام بالتعليم ومحاربة البطالة، ثم التفت المترجم الى الأمير المصري محمد عبدالمنعم طالبا منه ان يسكت سيف الإسلام كونه لا يستطيع مواصلة الترجمة الكاذبة، انتهى الإشكال بزعل سيف الإسلام وتركه لندن الى باريس، وعندما سأل مندوبو الصحافة البريطانية د.الرفاعي عن سبب غضب الأمير وتركه الاجتماع أجابهم بأن سموه يرفض أن يساوم على حقوق العرب، وصدرت الصحف الإنجليزية في اليوم التالي على صدر صفحاتها «أمير اليمن لا يقبل التفاوض في حقوق العرب» ويبقى من يسأل: كيف ضاعت فلسطين؟!