محمد الوشيحي

فوائد السلطة الخضراء

إذا كانت الحكومة، أي حكومة، رخوة ولا فقارية و"آي واي ياي"، فلا يمكن لها أن تنزل حلبة المنافسة والعمل الجاد، لأن بشرتها حساسة، وكريمات الـ"بودي لوشن" غير متوافرة مع الأسف، والغبار يُمّه منه.

وأكبر مثال حكومة الكوبة، أقصد حكومة "كوبا"، وهي التي كانت ضد تحرير الكويت الله يغربلها، وهي لرخاوتها المريعة وخيبتها الذريعة ورشاواها الفظيعة استطاعت تكوين "لوبي" من عقلاء البرلمان الكوبي يدافع عنها، وفرّقت الشعب الكوبي مللاً وطوائف كي تسهل السيطرة عليه، وتمكنت من تركيع الصحف ووسائل الإعلام وتكبيل يديها خلفها.

ومع كل ذا لم تنجح، ولن تنجح، والفشل سيكون "للرُّكَب"، إذ حتى لو لم يجد كتّاب المعارضة أمامهم إلا الكتابة عن فوائد السلطة الخضراء، أو مضار التدخين على المرأة الحامل، فقد يُنشئ بعضهم صحفاً إلكترونية، وقد يضربونها وأنصارها بقسوة ولا ضرب المرحومة جدّتي وضحة للأمثال، ضربٌ لا هوادة فيه ولا رحمة، وقد تنشأ صحيفة إلكترونية في كل شارع وخلف كل زقاق، فتحتار حكومة كوبا وتضرب أخماسها بأسداسها، فلا تدري من هو "طقّاقها"، فتصرخ "ياااي يا مامي"… بالكوبي طبعاً.

***

من بين مليون ومئة ألف نسمة، هم تعداد الكويتيين، فقط ستة وعشرون نفراً لم يسألوني عن "سبب عدم الكتابة عن قانون غرفة التجارة؟" وعن "سبب انتقادي رئيسَ البرلمان جاسم الخرافي هنا، في هذه الجريدة، وعدم انتقادي له عندما كنت في جريدة (الراي)"، وهما سؤالان استعباطيان من اللون الأحمر، وأحمر من كذا مفيش. فالسائل، والصلب أيضاً، يعرف، أو يخمّن، موقفي تجاه قانون الغرفة، فرغم يقيني بأن الضباع هي التي ستستحوذ على الغرفة في حال تنفيذ مقترح مجلس الأمة، إلا أنني مع هذا المقترح، أباً عن جد، بل عن جد الجد.

الغريب أن أحداً لم يسأل الكتّاب الرئيسيين في جريدة الوطن، مثلاً، عن رأيهم في قضية اختفاء خمسة مليارات دينار أثناء الغزو. مثلاً يعني. والغريب أيضاً، أنه سبق أن بيّنت وقلت بالصوت والصورة في قناة "العربية"، إن الزميل محمد الصقر، ناشر هذه الجريدة، قد يمنع مقالاتي، ومقالات غيري، إذا تحدثنا فيها عن غرفة التجارة، فهي جريدته التي أنشأها لمثل هذه الأمور، كما أظن، وأنا أفهم ذلك لكنني لا أتفهمه، فالكاتب حر في ما يكتب، ولسنا أعضاء "حزب الجريدة" كي تتوحد أفكارنا، ولا "الجريدة" هي جريدة "الوطن" ولا جريدة "الدار"، كي نكتب ما يمليه المعازيب، ونسير على الخطوط الأرضية المرسومة لنا، فلا معازيب هنا، ولا "شيوخ وفداوية"، معلش يعني.

والكاتب الذي يمشي على "الأوامر" لن تُمنع له مقالة، والكاتب الذي يمشي على نهجه ستُمنع له المقالة تلو المقالة، وعقول الناس في رؤوسها لا في أحذيتها. على أنني أحمد لهذه الجريدة نشر مقالاتي التي لطالما خالفَت توجهاتها وخطها.

***

منتدى الشبكة الوطنية، المنتدى الإلكتروني الكويتي السياسي الأكبر، الذي يضم عشرات الآلاف من الكويتيين، يتبنى شبابه حملة وطنية رائعة بعنوان "يا نواب الأمة… احموا الدستور من الاعتداء"، ويتحدثون عن تفريغ أهم المواد الدستورية من محتواها. تابعوا حملتهم على هذا الرابط، بعد أن تصفقوا لكاتب الموضوع العضو "دستورنا سورنا" وقوفاً:

http://www.nationalkuwait.com/vb/showthread.php?t=148716

حسن العيسى

شركة ميري وراجو لصناعة الخدم

يمكنك أن تضع قطعة من السماد وتلفها في ورق سوليفان فاخر وتروجها على أنها حلوى لذيذة، وهذا على ما يبدو ما تفعله الحكومة بإنشاء شركة حكومية مساهمة لاستقدام العمالة المنزلية، وذريعة النوايا الحكومية ممثلة في وزارات الأوقاف والداخلية والتجارة هي "رفع اسم الكويت من قائمة الدول المتهمة بالاتجار بالبشر" (قبس الاثنين)، وستطرح هذه الشركة الحكومية أسهمها للاكتتاب العام، وسيساهم فيها أهل الكويت المساكين، وذلك حتى يعم الخير على الجميع، وبطبيعة الحال فإن شركة "السماد لاستقدام العمالة" ستواجه اعتراضات من بعض نواب الأمة، لأنها ستكون احتكارية، بمعنى لا توجد شركة أخرى في نشاطها الإنساني، وسيجتهد النواب لإنشاء شركة ثانية وثالثة بأغراض مشابهة، وستشتعل حرب المنافسة بين شركات السماد للخدم, وستحصل الشركة الأولى على وكالة حصرية لاستقدام الفلبينيات، وستكون هناك فلبينية بها "بلوتوث" وشاشة خلفية تعمل باللمس، تصلح للشباب وبألوان مختلفة، وستكون هناك ماركات أخرى مثل "فلبينية بحجاب" مخصصة للعمل في بيوت العادات والتقاليد الأصيلة، وستطرح الشركات المنافسة منتوجاتها من عمالة منافسة صنعت في الهند أو سريلانكا أو بنغلادش، ومنتجات الهند هي الأفضل لأنها الأكثر تقدماً، والخادمات والخدم مزودون بأجهزة "جي بي إس" تدل سيدة المنزل على طرق الطبخ والنفخ.

الحمد والشكر لله على هذه الهداية العقلانية المنسجمة مع تاريخنا ونضالنا التجاري العريق، فحتى قضايا انتهاكات حقوق الإنسان يمكن حلها بكل بساطة بإنشاء شركات مساهمة عامة لها حق الاقتراض وتداول أسهم الخادمات وعدم السداد بحماية البنك المركزي، ولنا أن نتخيل كيف ستكون "أغراض" الشركة كما يجب أن تدون في عقد التأسيس؟ هل سيكتبون أن الهدف منها "استقدام الخادمات والخدم من تلك الدول… من أجل خدمة أهل الكويت وتوفير سبل الراحة لهم بنقل كفالات الخدم من الأفراد إلى الشركات حسب الشروط التي تقررها لوائح الشركة بعدد ساعات العمل وأيام الراحة والإجازات"… طبعاً كل هذا يتم بلوائح داخلية لشركات "ميري" و"راجو" للعمالة، وسيتجنب حصفاء الديرة إصدار تشريع خاص يضمن أبسط حقوق العمالة المنزلية، ويلغي نظام الكفالة المخجل… هذا طريقنا المزدحم إلى التنمية المستدامة… وتحياتنا لصين الخليج القادم.

احمد الصراف

أسئلة مير رحمن (2/2)

يقول مير: أنا لا أحاول هنا الدفاع عن سعي إيران لامتلاك سلاح نووي، ولكني أتساءل: لماذا تتجنبون النقاش العلني في هذ الموضوع، وهنا في هارفارد بالذات، وبحضور إيراني؟ وأنا لا أقول إن مساعداتكم السخية لإسرائيل، إضافة لمجموعة من الأنظمة الدكتاتورية والإسلامية غير الشرعية، يجب أن تتوقف، ولكني أتساءل لماذا لا يوجد نقاش لمدى هذا الدعم وتكلفته على أميركا والعالم؟
والحقيقة أنني في أوقات كثيرة أشعر بأن أميركا، من منطلق أدبي ورغبة في الإصلاح السياسي، وليس بالضرورة الأيديولوجي، تتجنب التصدي لقضايا سياسية حقيقية، وأشعر بالفضول عندما أرى ميل وسائل الإعلام الاميركية لتصوير الاشتراكية ككلمة سيئة، لا تقل سوءا عن الشيوعية، وأنا لا أقول إن أميركا، كالدول الصناعية المتقدمة الأخرى، يجب أن توفر العناية الطبية مجانا لمواطنيها، ولكني أتساءل: لماذا لا يوجد نقاش في وسائل الإعلام عن الفرق بين الاشتراكية والشيوعية؟
وأنا لا أحاول الإيحاء بأن أميركا ما كان يجب أن تنفق ثلاثة تريليونات دولار على الحرب في العراق وأفغانستان، ولكني أتساءل: لماذا لا يوجد نقاش علني عن العائد من الحروب؟
وأنا لا أسأل لماذا لدى أميركا أعلى نسب قضايا المحاكم، وعن إيمانها الصلب بنظامها المحاسبي للمخطئين، ولكني أتساءل: لماذا لا تقومون بمحاكمة أولئك الذين تسببوا في حرب «غير عادلة» في العراق، والتي نتج عنها موت الملايين؟!
وأنا لا أقول إن على المواطن الأميركي العادي أن يعرف عن كل زاوية في العالم، ولكني أتساءل: من المستفيد من كون الأميركي الأكثر جهلا بما يجري من حوله في العالم، وبلده هي رائدة العولمة؟
أنا لا أقول إن النظام السياسي الأميركي توقف في أن يكون النظام الأمثل في العالم، والذي يمثل العدالة والكفاءة، ولكني أتساءل عن سبب حاجة برلماني اميركي مثلا، لأن يجمع ما بين عشرة إلى 30 مليون دولار لتمويل حملة إعادة انتخابه؟
وأنا لا أقول إن واشنطن يجب ألا يكون بها 40 ألفا من العاملين في لوبيات تسويق قضايا الدول والجماعات والشركات لدى الكونغرس، والذين ينفقون عادة 4 مليارات دولار سنويا، ولكني أتساءل: لماذا لا يكون هناك نقاش عن سبب عدم «رؤية» فساد في أميركا؟ هل لأنكم قمتم بتشريع وتقنين معظم حالات الفساد والرشوة؟
إن هدفي هنا هو أن أثير لديكم الرغبة في السؤال، وليس إثارتكم. قد لا نتفق على الأجوبة، ولكن أتمنى أن تتفقوا معي على ضرورة طرح الأسئلة!
لقد آمن جدي بتقاليد أميركا العريقة في طرح السؤال، وأنا أؤمن بأن الحلول ستأتي من خلال هذه التقاليد نفسها. وفي النهاية أترككم بسؤال أخير مستوحى من سؤال للراباي «هيللي»: إذا لم يكن هنا، في هارفارد، فأين إذاً؟ وإن لم يكن الآن، فمتى؟ وإن لم نسألكم أنتم، فمن؟ انتهى!
لو تمعنا في هذه الأسئلة العميقة التي تمسّ العصب الأكثر حساسية في الجسد الأميركي الذي أصبح مثخنا بالجراح، لوجدنا أن عظمة الأمم تكمن في قدرتها على تقبل طرح مثل هذه الأسئلة من أي كان، وأن تعمل على إصلاح أوضاعها في نهاية الأمر. ولكن هل بمقدورنا طرح مثل هذه الأسئلة في مجتمعاتنا؟ وهل نتوقع إجابة عنها؟ ألا نحتاج إلى عقد مؤتمر وطني بعيدا عن برلماننا المتخلف، لمناقشة اوضاعنا المأساوية التي ليس من الصعب ملاحظتها؟ ألا نستحق إدارة أفضل من الحالية، والتي قام جناح منها بتقديم طلب للأمم المتحدة لإصدار تعهّد يدعو إلى احترام الأديان، وقام جناح آخر ـ معين من قبلها في غالبيته ـ برفض طلب تخصيص موقع كنيسة في الكويت؟

أحمد الصراف