سامي النصف

السعادة من الدراجة إلى الطائرة

أهدانا في زيارتنا الأخيرة لمنطقة الغاط اللواء طيار عبدالله السعدون كتاب سيرته الذاتية المعنون بـ«عشت سعيدا من الدراجة الى الطائرة» وقد صدر المطبوع لمؤلفه غير المعروف من داري نشر في الدار البيضاء وبيروت، وقد أعيدت طباعته سريعا لعنوانه الجذاب ومحتواه الرائع الذي يروي قصة السعادة والنجاح اللذين أصبحنا نفتقدهما بشدة هذه الأيام حتى ان دكتورة اتصلت به لتخبره بانها اشترت عشر نسخ لإهدائها لمن تود كي تمنحه السعادة والأمل.

وقد قام وزير الدولة السعودي الشيخ الفاضل عبدالعزيز الخويطر ذو الـ 84 عاما ـ أطال الله في عمره ـ وصاحب 25 مؤلفا والذي كان أول من حمل شهادة دكتوراه في المملكة، بتأليف كتاب من 600 صفحة عنوانه «هنيئا لك السعادة» خطه وخصه للثناء على مطبوع عبدالله السعدون دون سابق معرفة بينهما، ما يدل على أهمية ذلك الكتاب الذي يستحق القراءة من الغلاف إلى الغلاف.

ولي عادة هي ثني أو طي رأس أي صفحة أرى أهميتها في الكتب التي أقرأها كي يمكن لي العودة السريعة لها مستقبلا، وقد وجدت انني قاربت على ثني وكسر أغلب الـ 450 صفحة التي احتواها كتاب الصديق أبونايف لثراء وأهمية كل صفحة في كتاب السيرة، وقد أثنى على الكتاب كثير من الكتاب والصحافيين الذين اطلعوا عليه في الصحف السعودية والعربية والدولية.

يثني المؤلف على دور والدته المشجع له خاصة ان والده قد توفي، وهو لم يبلغ الثانية من عمره، كما تظهر أوراق السيرة مدى عصاميته وذكائه وإصراره على التفوق والنجاح ومثابرته للوصول للهدف حتى انه وضع لنفسه ثلاثة أهداف هي: الاول تخرجه كطيار وكانت نسبة الفشل في ذلك العلم كبيرة، والثاني حصوله على المركز الأول مع مرتبة الشرف والثالث ألا يرتكب أخطاء كبيرة يحاسب عليها وقد حصد الثلاثة أهداف بامتياز.

ولا يؤمن المؤلف باستخدام «العصا» إلا عندما تستنفد أداة «الجزرة» ويكره العقوبات الشخصية المذلة المتفشية في بعض الجيوش العربية والأجنبية ويحبذ تقليل الجزاءات فمن كان سلاحه الوحيد هو المطرقة فلن يرى أمامه سوى المسامير، كما ينتقد أصحاب الملايين والبلايين ممن لا يسهمون في جعل أموالهم جسرا للمحبة ولتخفيف معاناة الناس وخلق البسمة على شفاههم.

ويستمر الكتاب الشائق بطريقة سلسلة في خلق ما هو أشبه بروشتة تفاؤل وسعادة أو خارطة طريق نجاح وفوز للناس، وقد سألت المؤلف أبونايف ونحن على سفح مرتفع بمنطقة ضيدان الخضراء وهو يعمل بجد لإعداد غداء شهي لضيوفه لا دهن ولا شحم فيه، عن أهم أمور الحياة، فروى لي قصة الثري الأميركي الذي تفرغ لصنع المال حتى حصل على ملياره الأول ونسي في طريقه الاعتناء بصحته حتى سقط من الإعياء وقارب على الموت ففحصه طبيب حكيم وقال له ان ثروتك هي عبارة عن رقم «1» وقبله العديد من الأصفار، وصحتك هي هذا الرقم الفردي الذي لو ألغي لما أصبح لتلك الأصفار مهما كثرت

آخر محطة:

العزاء الحار لآل السميط الكرام بوفاة الصديق حمد محمد السميط، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولزوجته الفاضلة وابنه وأهله وأصدقائه وذويه الصبر والسلوان، وقد توفي الصديق بووليد بشكل مفاجئ فجر امس بالسكتة القلبية وقد عرف عنه طيبة القلب الشديدة والعيش بسعادة غامرة، حيث لم يعرف قلبه الحقد والحسد او الاهتمام بصغائر الأمور.

احمد الصراف

التحدي الديني والتربوي

قال زياد نجيم، وهو إعلامي لبناني معروف، في مقابلة مع قناة OTV في 14 أكتوبر ان الكثيرين منا يستخدمون مختلف أساليب الحديث لتجنب الاعتراف بحقائق الأمور في مجتمعاتنا.
فثقافتنا، الشرقية العربية اللبنانية، سمّها ما تشاء، مبنية على أمر مفرد وهو الإنكار Denial. فنحن مثلا نرفض أن نقول «إسرائيل»، ونصر على «فلسطين المحتلة»! ربما لاعتقادنا أن هذه التسمية ستعيد فلسطين للفلسطينيين. كما نرفض الاعتراف بأن هناك مشكلة بين المسلمين والمسيحيين، ونصرّ على أننا أخوة، وكل بضع سنوات تنشب الحرب بين الطرفين ويذهب ضحيتها الآلاف. كما نرفض الاعتراف بأن هناك مشكلة بين الرجل والمرأة، ونصرّ على مثالية العائلة اللبنانية، أو غيرها! وبالتالي فإن ثقافتنا الشرقية مبنية على الكذب والانكار، حيث ننكر ونكرر ان المشكلة دائما من ومع إسرائيل، وأننا نحن العرب ممتازون ومسالمون و«بنجنن» ولسنا طائفيين ولا مذهبيين، واننا ليبراليون ونؤمن بتداول السلطة بشكل سلمي، وزعماؤنا لا يبقون في الحكم أكثر مما يجب، وكل مشاكلنا هي مع إسرائيل! وقال انه يفكر لو حدث مثلا في يوم ما أن قامت إيران أو أميركا أو لبنان أو حتى حزب الله بالقضاء على إسرائيل فلمن سنوجه سبابنا، وعلى من نضع اللوم في كل مشاكلنا؟
ما ذكره زياد نجيم يعتبر ظاهرة عامة في الدول العربية، والاسلامية عموما، فميلنا للمجاملة، ومحاولتنا عدم تكدير خاطر الطرف الآخر بمصارحته بما نشعر به تجاهه وتجاه آرائه، تجنبا لجرح مشاعره، تقودنا لأن نصبح، مع الوقت، ودون أن نشعر، كذبة محترفين. اضافة الى ذلك تدفعنا الكثير من الضغوط الاجتماعية، ومتطلبات المجاملة، لأن نصرح بغير ما نضمر، فلا شك أن عدد الصائمين مثلا في رمضان يبدو كبيرا، ولكن الحقيقة قد تكون غير ذلك، فلو تواجد بعض هؤلاء «الصائمين» في مجتمعات اكثر تسامحا لما اضطروا للادعاء بالصيام! والامر ذاته ينسحب على امور كثيرة اخرى، والغريب حقا ان الكثير من رجال الدين يميلون لتأييد مثل هذا الكذب بالقول انه لا بأس لو قام الصبي أو من هو أكبر منه بادعاء الصيام أو الصلاة من خلال الحركات فقط، فسيأتي وقت يصلون فيه ويصومون بطريقة سليمة!
قد يكون هذا صحيحا في الجانب التعبدي من الأمر، ولكن آثاره السلبية تكمن في الخوف من اعتياد هؤلاء على الكذب واستمرائه! وانظروا حولكم تروا الكثير من الأمثلة!
وهنا يكمن التحدي التربوي الذي لا يود أحد التصدي له من خلال المناهج الدراسية.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

تشويه حرية الكلمة!

عندما تحدثنا في مقال سابق عن أهمية وجود ميثاق شرف بين الصحافيين ورجال الاعلام، كنا ننشد النأي بالصحافة عن مواطن الفتن وسوء الاستغلال، والرقي بها الى مستوى يحق لنا عنده التشرف بوجود صحافة حرة!
لكن ادعياء الحرية واعداء النزاهة رفضوا ذلك بحجج كلنا نعرفها. ففاقد الشيء لا يعطيه! وأقرب مثال كان منع عدد قليل من الكتب من معرض الكتاب لأسباب اخلاقية وأمنية وعقائدية، ولكن لعدم احترام البعض لحرية الكلمة ولفقدان المصداقية في النقل تم عرض الموضوع وكأنه تكميم للأفواه وتقييد للحريات وتكبيل للكُتّاب! فمارسوا اسبوعين من الردح ينعون فيه حرية الكلمة ظلما وزوراً. مثال آخر، نتائج انتخابات البحرين البرلمانية، حيث أبرزوا خسارة «الاخوان» و«السلف» لكراسي في البرلمان وأظهروا للقارئ انحسار التيار الديني، وغضوا الطرف عن حقيقة أن التيار الليبرالي «لم ينجح منه أحد» وان جميع النساء المرشحات «لم تنجح منهن واحدة»، وهكذا عدم احترام حرية الكلمة ومستلزماتها ادى الى ممارسة البعض هذا التشويه في النقل! مثال قريب جدّا وهو رفض المجلس البلدي لانشاء كنيسة في منطقة المهبولة! عرضت القضية وكأن المتشددين في المجلس البلدي، (يوجد فقط اثنان ملتحيان غير منتميين) رفضوا انشاء كنيسة من حيث المبدأ. وخذ تعليقات من أقلام الردح العلماني، وكأن المجلس البلدي أصبح وكراً لــ«القاعدة» أو ملجأ للحوثيين! ولكن ما ضرهم لو نقلوا الحدث كما هو بكل شفافية من دون تشويه؟!
لقد اضطرت الامانة العامة للمجلس البلدي الى اصدار توضيح يبين مخالفة الطلب لشروط الموافقة، وهو وجود موافقة مسبقة من الجهة الرسمية وهي وزارة الأوقاف، كما أن هناك سببا موضوعيا غير السبب الاجرائي الذي ذكرناه، وهو ان الموقع المقترح للكنيسة في منطقة مأهولة بالسكان المسلمين ومزدحمة، لذلك جاء الرفض! وكنت أتمنى ان يصل العتب الى النواب المنسحبين الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء توضيح الأسباب القانونية والموضوعية لهذا الرفض. وبصراحة، انا شخصيا أعتب على ابو ابراهيم اكثر من غيره لمعرفتي الشخصية بمنطلقاته، التي لا تصب في خانة منطلقات الآخرين، مع احترامي للجميع!
مرة أخرى، وجود ميثاق شرف أصبح ضرورياً للحد من افتراءات بعض الأقلام على بعض الرموز الوطنية المخلصة، وللحد من تشويه المعلومات وعرضها بشكل خاطئ، مما يُوجد بلبلة في المجتمع وزعزعة وعدم استقرار، نتيجة أخبار غير صحيحة عرضت بشكل متعمد. «بس المشكلة اذا اوجدنا ميثاق الشرف هذا.. فالكثير من الكُتاب الليبراليين وين يروحون؟!».
* * *
لفتة كريمة
شكراً كبيرة للنائب السابق مبارك صنيدح على مقالته الجمعة الماضي في «الوطن»، وأتمنى ان اكون عند حسن ظنه، وشكراً كبيرة للنائب الحالي د. وليد الطبطبائي على اطرائه لي في مقابلته في قناة الوطن، وهذه الاسماء أعتز باطرائها لي، مثل اعتزازي بشتمي من بعض الأقلام، التي يعتبر انتقادها لي بهذا الاسلوب دليلا على انني أسير في الطريق الصحيح.

مبارك فهد الدويلة