أمضينا عطلة نهاية الاسبوع في مدينة الغاط بمنطقة نجد التاريخية وسط المملكة العربية السعودية وعلى بعد 30 كلم من الزلفي التي قدمت منها، كما هو معروف، كثير من العائلات الكويتية، وقد تمتعنا بصحبة طيبة وضيافة 7 نجوم من الاخوة الأعزاء عبدالله السديري محافظ الغاط وشقيقه الصديق محمد السديري ومعهما اللواء طيار عبدالله السعدون قائد كلية الملك فيصل الجوية السابق وعضو مجلس الشورى الحالي.
وقد عشنا أنا وموسوعة الشعر والأدب الزميل حمود البغيلي والاخوة سعد ومهدي آل طفلة والدكتور جابر المري والشاعر الباسم بندر العتيبي، 3 أيام جميلة فوق هضبة صحراء النفود التي يبلغ ارتفاعها ألفي قدم عن سطح البحر، والتي هي بداية حزام أخضر يمتد لما يقارب الألف كلم وينتهي في صحراء الربع الخالي بالقرب من وادي الدواسر.
كما زرنا بعض الأماكن التاريخية التي تحدث عنها شعراء الجاهلية وأصحاب المعلقات الشهيرة، كما شاهدنا الجهد المميز لمحافظ الغاط وهيئته السياحية لتأهيل القرى هناك وتحويلها الى أماكن اقامة وترفيه سبع نجوم، كما لاحظنا بدء شركة «سما» السعودية بإنشاء استراحات اقامة ومطاعم وأسواق على الطرق الرئيسية السريعة قريبة مما نراه في الولايات المتحدة وهو ما سيستقطب المزيد من السياحة الداخلية والخارجية ويساعد على تنقل العرب والخليجيين عبر المملكة.
وقد دار حديث شيق مع الصديق محمد السديري حيث كانت له وجهة نظر جديرة بالاهتمام مضمونها ان شعراء الدولة الأموية ينتمون في النهاية لأرض الشام حتى لو انتموا في الأصول لجزيرة العرب، وشعراء الدولة العباسية ينتمون لأرض العراق، أما شعراء الجاهلية فانتماؤهم وديارهم ومفرداتهم نابعة من نجد، لذا فما كان لعميد الأدب العربي د.طه حسين ان يلغي بجرة قلم الشعر الجاهلي، وهو الذي توزع ترحاله بين مصر وفرنسا.
وقد ضرب لنا أبوناصر عشرات الأمثلة من قصائد أصحاب المعلقات الشهيرة التي أخطئ في فهم معانيها بسبب عدم زيارة الأدباء والباحثين في المجمع اللغوي بالقاهرة ودمشق وبغداد والمغرب العربي لنجد وتتبع الأماكن التي ذكرها الشعراء، وسؤال أهل نجد عن معاني مفرداتها، ويقول ان الاستثناء هو السفير الأميركي الأسبق في المملكة الذي أمضى أسابيع في المنطقة يتتبع أماكن معلقة لبيد ويسأل أهل نجد عن معانيها.
ونجْد رائعة في مخزونها التراثي وتاريخها وسمرها وسهرها حيث الصحراء الجميلة والسماء الصافية والجو البارد والنار الدافئة والصحبة الطيبة والربابة صاحبة الوتر الواحد والألحان المتعددة والتي كلما ابتعدت قليلا عن مكان عزفها كان لصوتها التأثير الأكبر، فهي متعة السمر والسامرين.
آخر محطة:
(1) يقال ان المؤرخ والعلامة حمد الجاسر بدأ الاهتمام بتاريخ المملكة عندما كان يشرح لطلابه الصغار في مدينة ينبع عن جبل «رضوى» وسألهم سؤالا عنه فابتسموا وأشاروا بيدهم إلى جبل قريب وقالوا له هذا هو الجبل الذي تسألنا عنه.
(2) الغائب الحاضر في زيارتنا هو الزميل الراحل د.أحمد الربعي الذي كان الرفيق الدائم في مثل تلك الزيارات.