علي محمود خاجه

حكومة الوحدة

«وحدة وطنية» هي شعار المرحلة، ومعظم رافعيها هم ممن مزقوا الوحدة أصلا، ولكي نلعب «عالمكشوف» ونكشف جميع الأوراق لنجيب عن التساؤلات الآتية ونعرف من مزّق الوحدة: من المسؤول عن بعثرة الوحدة الوطنية بالتجنيس العشوائي في العقود الماضية لغاية سمجة كريهة، وهي ترجيح موازين القوى السياسية لمصلحتها لبرهة من الزمن؟ ومن الذي منح العشوائيين الضوء الأخضر لتجاوز أي نص قانوني سارت عليه الكويت، فتمخضت تلك عن ثقافة اللا قانون والكثرة والاحتماء وراء القبيلة والعائلة والطائفة؟ ومن الذي قرر أن يقسم الكويت إلى خمس وعشرين دائرة قوامها التكدس المذهبي والقبلي والعائلي فجعلوا من الدسمة والرميثية وكيفان وخيطان دوائر مستقلة قائمة بذاتها؟ ومن الذي فتح الباب على مصراعيه للتيارات السياسية القائمة على المذهب الواحد وأغلقها أمام كل تيار شمولي؟ ومن الذي أغلق كل جمعيات النفع العام وحل إداراتها إلا جمعية الإصلاح الاجتماعي في فترة سابقة؟ ومن الذي أقر مناهج للأطفال تقر قتل المشرك وتنص في درسها التالي على أن من يجلس بجانبه من ملّة المشركين؟ ومن الذي يرفض ويأبى أن تتصدر أسماء الشهداء شوارع الكويت لتحكي للتاريخ عن اللحمة الوطنية الحقة في فترة الغزو؟ ومن الذي قسم الكويت طائفيا وعائليا وقبليا رغم محاولة الإصلاح في الدوائر الانتخابية الخمس، فجعل دائرة للمطران والرشايدة وأخرى للعجمان والعوازم وواحدة للشيعة وثانية للسنّة؟ ومن الذي يمد الجهلة والمفرقين من أبناء المجتمع بكل المواد الإعلامية لتعزيز وسائلهم الإعلامية وقنواتهم؟ ومن الذي «يتشاطر» على أن يبقى المعرض دون كتاب ويحجر الفكر وفي الوقت ذاته يقف متفرجا على كل رسائل نصية بغيضة تملأ القنوات الفضائية؟ بإمكاني أن أكمل التساؤلات إلى آخر الصفحة، وبإمكان غيري إضافة أكثر من ذلك، والسبب واحد ومعروف ومحدد، فإن كنا نريد الإصلاح فالمصارحة قبل المصالحة كما قال المرحوم الفذ أحمد الربعي، اعترفوا بأخطائكم قبل أن تهددونا بنفاد صبركم، قوّموا اعوجاجكم قبل أن تدعوا إلى الضرب بيد من حديد. لن نقبل منكم أي كلمة إصلاح مادمتم وعلى مدار خمسين عاما ترسخون الانقسام ولم تتغيروا بعد، ولن تنطلي علينا أي حيلة مسكنة وآنية، اعترفوا أولا وسيفتح باب الإصلاح تلقائيا بعدها. خارج نطاق التغطية: افتتح استاد جابر بكيفه، يريد تغيير مقر الاتحاد الكويتي لكرة القدم بكيفه، يشارك بالبطولات ويتخذ القرارات بكيفه، يعاقب ويكرم ويسلم أملاك الدولة ويوزعها بكيفه، كل هذا وهو غير شرعي بالنسبة للحكومة كما تدعي، فماذا لو كنت شرعيا يا طلال؟

سامي النصف

الرجل الذي فقد عقله

انتقم أدباء وصحافيو مصر من قيادة عبدالناصر السلطوية عبر رواية الأديب ثروت أباظة الشهيرة «شيء من الخوف» التي تحولت إلى فيلم سينمائي يستحق المشاهدة حيث أسقطوا عليه شخصية الطاغية عتريس وعلى مصر شخصية فؤادة، وردّد الناس آنذاك العبارة الشهيرة «زواج عتريس من فؤادة باطل».. للدلالة على أن حكم عبدالناصر لمصر غير شرعي كونه أتى بالانقلاب لا بالانتخاب الشرعي.

وإذا كان أدباء مصر قد انتقموا مرة من عبدالناصر فقد انتقموا من هيكل عشرات المرات في كتبهم ورواياتهم التي تحولت إلى أفلام سينمائية والتي صورته بصورة الصحافي الانتهازي وغير الأخلاقي في تعامله مع الآخرين، فهو محور قصة فتحي غانم «الرجل الذي فقد ظله» وهو «محفوظ عجب» في رواية موسى صبري «دموع صاحبة الجلالة»، وهو «خالد عزوز» في «ثرثرة فوق النيل» و«عامر بك» في «ميرامار» و«رؤوف علوان» في «اللص والكلاب».

ولم يكن أدباء وصحافيو مصر بعيدين عن الواقع فيما ذكروه وصوروه، فقد تبنت السيدة روز اليوسف الأستاذ هيكل في بداياته فأمم لها المجلة المسماة باسمها، وعينه صحافي مصر الأول محمد التابعي مديرا لتحرير مجلته «آخر ساعة» فأفلسها وتحول التابعي لصحافي صغير في دار أخبار اليوم، وفي ذلك يروي ناصر الدين النشاشيبي أنه رأى التابعي الكبير يجلس ينتظر هيكل مع حارس عمارته تذللا له، كما رآه يُلطع عند سكرتيرة هيكل لساعات وساعات، أما الأخوان أمين اللذان بنى خيره من لحم أكتافهما حتى أنه سمى ابنه عليا على اسم علي أمين، فقد تفنن في إيذائهما حتى أخرج أحدهما مطرودا من مصر ورمى الثاني في سجونها بأبشع تهمة.

وبعد منع هيكل من الكتابة في صحافة مصر فتحت له الصحف الكويتية أبوابها لينشر مقالاته وكتبه في حقبتي السبعينيات والثمانينيات في حين لم يثق به صدام قط، إلا أنه غدر بنا إبان الغزو الغاشم وتبنى وجهة نظر الطاغية كاملة حتى عاب عليه مؤرخ مصر العظيم «عبدالعظيم رمضان» ذلك الأمر وقال ان هيكل يرى الأحداث بعين صدام ويسمعها بأذن طارق عزيز، كما رد عليه عدد كبير من كبار كتّاب مصر أمثال د.عبدالمنعم السعيد ود.جلال كشك وحنفي المحلاوي، ومعهم المؤرخ العراقي المعروف د.سيار الجميل الذي قال ان هيكل «يتوهّم» حدوث الأشياء فيصدّقها ويكتبها خاصة إذا كان شهودها أمواتا، فهو يذهب إلى فرنسا فيتصوّر أنه التقى رئيسها ويذهب إلى اسبانيا فيتخيّل أنه التقى ملكها.. الخ، أما كشك فقد قارن بين ما يكتبه هيكل في كتابه المطبوع بالإنجليزي وكتابه المطبوع بالعربي واكتشف أنه وبالقرائن والأدلة، يكذب كثيرا في كتبه الموجهة للقارئ العربي.

وضمن كتاب لهيكل «حرب الخليج» يتبنى بالكامل دعاوى المؤرخ الصدامي وليد الأعظمي كما يتبنى الوثيقة التي أعلنها إعلام لطيف نصيف لإثبات تواطؤ الكويت مع المخابرات الأميركية عبر الرسالة المفبركة من مدير عام أمن الدولة آنذاك اللواء فهد الفهد لوزير الداخلية الشيخ سالم الصباح، وقد التقيت قبل مدة قصيرة باللواء المتقاعد الفهد وذكّرته بتلك الرسالة فكذّبها بالكامل، وقال انه لم يكن فعلا موجودا في الكويت بتاريخ إرسالها كما عُرف عنه أنه لا يستخدم أسلوب الرسائل في القضايا الهامة بل يتحدث بها شفاهة، وأضاف أنه لم يجر، عرفا، في الكويت مخاطبة الوزير بـ «سمو» كما أتى في الرسالة المزعومة مما يدل على كذبها كما انها نصت على انني اصطحبت معي للقاء السلطات الأميركية ضابط مباحث الأحمدي وهو أمر مستهجن حيث ان إدارة أمن الدولة مليئة بالضباط المختصين الأكفاء فما الحاجة لضابط غير مختص من خارج الدائرة؟!

آخر محطة:

(1) أقر هيكل – وللمرة الأولى – إبان شهادته في محكمة تعذيب مصطفى أمين عام 76 وردا على سؤال المحامي شوكت التوني، بأنه تعرض لمحاولة اغتيال في زمن عبدالناصر عندما أطلقت عليه جهة «أمنية»، حسب قوله، رصاصتين أثناء خروجه من جريدة الأهرام مع مرافق له مما قد يعني أن هيكل قرر أن يتغدى بعبدالناصر قبل أن يتعشى به، وفي أربعينية عبدالناصر كتب مقاله الشهير «عبدالناصر ليس أسطورة» الذي كان بمثابة السكين الأولى في جثمان عبدالناصر ثم وقف مع الرئيس السادات في صراعه مع القيادة الناصرية آنذاك، فإذا كانت هذه أفعال من يدعي ود وحب عبدالناصر فماذا ترك لأعدائه أن يفعلوا؟!

(2) وددنا حقا من هيكل، وقد بلغ أرذل العمر، أن يراجع مسيرته وأن يكفّر عن أفعاله وأكاذيبه تجاه الآخرين لا أن يتمادى فيها ويضيف لها ادعاءات زائفة وكاذبة أخرى.