سامي النصف

هل قتل هيكل ناصر والسادات معاً؟ (1ـ2)

 روى مؤخرا الاستاذ هيكل ما جرى إبان قمة عام 70 في القاهرة، ومما ذكره انه كان في جناح الرئيس عبدالناصر مع عرفات والسادات عندما قام نائب الرئيس وأخرج الطباخ النوبي وعمل بنفسه قهوة مسمومة لعبدالناصر توفي على اثرها بعد ثلاثة ايام وهي رواية يقولها للمرة الأولى الاستاذ هيكل الذي يحتفل هذه الأيام بعيد ميلاده الـ 87 وكالعادة جميع شهود تلك القضية من الأموات الذين لا يتكلمون!

بعكس معارضي رواية الاستاذ، أنا أول المصدقين بما قاله من موت الرئيس المستهدف عبدالناصر بالسم، حيث توفي بشكل مفاجئ وهو في الثانية والخمسين من عمره وكان يخضع للفحوصات الطبية بشكل منتظم. ان المنطق يشير الى ان الفاعل المرجح هو هيكل لا السادات ومن ثم فما نشهده هو صحوة ضمير متأخرة وان حاول عبر الطريقة المخابراتية المعروفة بـ Dis-information اي قول جزء من الحقيقة ثم تحريفها عن مقاصدها لإلصاق تلك الجريمة بالرئيس السادات تصفية لحسابه معه وقد قارب الاستاذ التسعين من عمره ولم تخمد براكين حقده التي تثور بين وقت وآخر وقد كتبت قبل أشهر قليلة مقالا أسميته «أحقد من هيكل».

فهل يعقل أن يقوم نائب الرئيس بعمل قهوة في وجود شخص اقل منه رتبة ونعني السيد هيكل دون ان يفرض البروتوكول والذوق السليم تطوعه بعملها بدلا منه؟ وللمعلومة لم يكن لنائب الرئيس السادات آنذاك اي خلافات ومشاكل مع عبدالناصر تدفعه لارتكاب الجريمة بعكس هيكل الذي كانت علاقته وباعترافه تمر بأسوأ ظروفها مع الرئيس ناصر الذي قرر اخيرا التخلص منه عبر ترفيعه الى رتبة وزير تمهيدا لإخراجه من الحياة السياسية المصرية في اول تعديل وزاري، لذا فهم هيكل القصد ورفض بشدة ذلك التعيين واعتكف في عزبته.

وأوعز هيكل آنذاك لتوفيق الحكيم ان يكتب رسالة لعبدالناصر كي يثنيه عن قرار التوزير مما جعله يحال للتحقيق وتزداد العلاقة سوءا بين ناصر وهيكل، وبعد تعيين هيكل وزيرا في صيف عام 70 قبضت المخابرات على سكرتيرته الخاصة نوال المحلاوي وزوجها وصديقه لطفي الخولي وزوجته وتوفيق الحكيم في قضية تظهر شك عبدالناصر في صديقه ووزير اعلامه، حيث تم زرع اجهزة تنصت في بيته ومكتبه وحتى بيت صديقه الذي تحدثوا فيه وقد ظهر للعلن في ذلك الصيف ان عبدالناصر قد رفع غطاء الحماية عن العاملين في جريدة الاهرام ولم يمض شهر ونيف على تفجر الخلاف بعد عملية التخلص الى الأعلى حتى توفي أو قتل الرئيس حسب رواية هيكل الاخيرة في ظروف غامضة يشكك فيها حتى اهل بيته ومنهم ابنتاه هدى التي نرجو ان تقرأ هذا المقال حتى تعرف ان هناك لربما «يهوذا» أو «بروتوس» آخر.

وقد تكرر هذا الأمر مع الرئيس السادات الذي شعر في عام 81 بان هناك قوى متنفذة دولية تحاول التخلص منه بنفس طريقة تخلصها من شاه إيران آنذاك وذلك عبر شن حملة اعلامية عالمية عليه وتحريض الجماعات الاسلامية ضده لذا قام الرئيس السادات فور عودته من واشنطن بحملة اعتقالات في 3 سبتمبر 81 شملت الاستاذ هيكل ومرة اخرى لا يمهل القدر من يسيء للأستاذ ففي اقل من شهر يقتل الرئيس السادات في ظروف غامضة مازالت تثير كثيرا من التساؤلات خاصة لدى ارملته جيهان السادات،. لقد بقي الرئيس ناصر آمنا في موقعه لمدة 16 عاما حتى أغضب هيكل فقتل كما بقي الرئيس السادات آمنا لمدة 11 عاما حتى أغضب هيكل فقتل، ألا تشير تلك الحوادث الغامضة الشكوك في هيكل، أكثر منها في السادات المراد قتله حيا وميتا.

وفي الغد الحديث عن الحادث الغامض في حياة الأستاذ هيكل، والذي تسبب في وفاة زوجة أبيه صالحة وأبنائها (إخوته غير الأشقاء) أحمد ومجاهد وحامد ونعيمة في شهر واحد حتى أصبح هو الابن الوحيد لوالده، فهل كانت وفاتهم بالسم، وهل هناك شبهة جنائية كما تساءل الأستاذ إبراهيم الويشي عام 83؟!

آخر محطة:

لماذا لا تطالب عائلة عبدالناصر ومثلها عائلة عرفات بتشريح الجثمان من قبل اطباء شرعيين للتحقق من اسباب الوفاة الحقيقية وحسم الجدل حول هذا الموضوع فالسموم تبقى في الشعر والاظافر والعظام ولا تزول مع مرور السنين؟

احمد الصراف

لماذا تعمر النساء؟

كان والداي جالسين أمام التلفزيون في مساء ذلك اليوم، ولسبب ما قررت مراقبة سلوك والدتي في تلك الليلة وتدوين كل حركة تقوم بها قبل خلودها للنوم، لأفاجئها بما كتبت في يوم ما.
ما ان نهضت من مكانها بجانب أبي حتى سمعتها تقول ان الوقت قد تأخر عليها وهي تعبة وتريد الخلود للنوم! في طريقها ذهبت إلى المطبخ، وهناك قامت بتحضير عدد من السندويشات لليوم التالي لنأخذها معنا إلى المدرسة. كما قامت بغسل حلة البوبكورن، وأزالت قطعة من اللحم المجلد من الثلاجة لكي تكون جاهزة للطبخ في اليوم التالي، وأضافت بعض النخالة في حاويات خاصة، وجهزت إبريق القهوة لصباح اليوم التالي، ونقلت الملابس الرطبة من الغسالة إلى النشافة وقامت بتشغيلها، وكوت قميص المدرسة الخاص بأخي، وسكبت بعض الماء على مزروعات المطبخ، وانتقلت للصالة والتقطت الألعاب المتناثرة على الأرض ووضعتها في صناديقها الخاصة، ونقلت دليل الهاتف لمكانه، وهنا وضعت يدا على فمها وتثاءبت ووضعت الأخرى على خاصرتها وكأنها تشكو من الإجهاد ومشت بخطوات بطيئة لغرفة النوم، ولكنها توقفت في طريقها أمام المكتب ودونت بعض الملاحظات لمعلمة المدرسة ووضعت بعض النقود على الورقة لتغطية مصاريف رحلة الغد المدرسية لأختي الصغيرة، وأزالت كتابا كان مخفيا خلف المقعد، ووقعت بطاقة معايدة لصديقة لها وجهزتها لبريد اليوم التالي، ولم تنس تحضير قائمة المشتريات من السوبرماركت، ثم ذهبت للحمام وهناك استخدمت ثلاثة أنواع من مستحضرات التنظيف لوجهها وعنقها، ومسحت مناطق حول عينيها بكريمات مقاومة التجاعيد وانتهت في دقائق من فرش أسنانها واستخدام الخيط لإزالة أية آثار بين الأسنان، ثم مررت المبرد سريعا على أظافرها وغسلت يديها، وهنا سمعت أبي وهو يقول بأنه خالها قد أوت للنوم، فقالت انها ستأوي حالا، وطلبت منه قبل أن ينام ألا ينسى وضع ماء في وعاء القطة. وهنا تذكرت أمي أنها لم تطفئ إضاءة الفناء الخارجي، ولم تتأكد من أن باب البيت قد اقفل بإحكام، وفي طريقها للقيام بذلك عرجت على غرف نومنا وتأكدت أننا جميعا بخير، وأطفأت الإضاءة والراديو والتلفزيون في غرفنا، وشاهدتها من تحت الغطاء وهي تلتقط جواربنا وملابسنا الداخلية المستعملة المرمية على الأرض وتضعها في سلة الحمام، وعندما أصبحت في غرفتها قامت بوضع المنبه على ساعة محددة، ورتبت رف الأحذية والتقطت بعض الملابس التي رماها أبي على الأريكة وطوتها ووضعتها في خزانة ملابسه، وما ان استلقت أخيرا على الفراش حتى سمعت خطوات أبي وهو يكلم نفسه: أنا ذاهب للنوم! وهذا ما فعله بالضبط من دون أن يحرك إصبعا أو يقوم بشيء، بل اتجه لجانبه من الفراش ورمى بنفسه عليه وأدار ظهره لأمي وسرعان ما ارتفع شخيره للسماء!
تسللت لغرفتي وأنا أقول لنفسي: هل هناك أمر غير عادي هنا؟ وهل يجب أن نتساءل عن سبب تمتع النساء بعمر أطول من الرجال؟ وجواب ذلك يكمن في ما رأيته ودونته في هذه الليلة، لأن النساء وجدن لقطع الرحلات الطويلة، وهن بالتالي على غير استعداد للموت مبكرا، لأن لديهن دائما الكثير للقيام به في اليوم التالي!
***
(من الإنترنت بتصرف كبير)

أحمد الصراف