نحتاج دائماً وأبداً إلى فسحة من الترفيه نطيح بها ما تراكم في القلوب والنفوس من مقالات وكتابات وأخبار وتقارير ولقاءات فضائية لا طائل من ورائها إلا ضغط النفس حول ما يجري في بلادنا الغالية، ولربما أصبحت فسحة الترفيه تلك موجعة وأكثر إيلاماً من سواها…
بالنسبة إلى القراء الذين تساءلوا عن موقفي تجاه ما يجري في البلد، فإنني من الناس الذين يعترفون بقدر أنفسهم ولا أجد في نفسي شخصاً ينتظر الناس منه إعلان موقف، ومع ذلك، فقد أشرت في كتابات كثيرة إلى أن كل مواطن بحريني يؤيد الخطوات التي يوجه لها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى لحفظ الأمن والاستقرار، وكل مواطن حريص على مصلحة البلد لابد وأن يفرق بين المطالبة المشروعة بالحقوق وأساليبها، وبين معاول الهدم من خطابات تحريض وفتنة وتحريق وتخريب واعتداءات وتهديدات وتشكيك في الانتماء وافتراءات على المواطنين.
ومع تأييد كل الخطوات التي من شأنها تجنيب بلادنا الغالية من كل مكروه، ندعو أيضاً إلى عدم أخذ السقيم بالصحيح أو السماح بدعوات العقاب الجماعي أو اعتبار كل بحريني يعيش في قرية، متهماً مشكوكاً في ولائه لبلاده وقيادته، لكن مع ذلك، ولأن طبعي طبع ابن البحريين فإن كل ما يقال في هذا الشأن، مشكوك فيه من أبواب عدة منها التقية والنفاق وإظهار خلاف ما نبطن… شيء عجيب والله.
***
في مقال يوم الخميس 16 سبتمبر/ أيلول وتحت عنوان: «تحريض المنتديات الطائفية… هوس البطولات الوهمية»، أثنيت، كما أثنى غيري، على خطوة هيئة شئون الإعلام بإغلاق، واستمرار إغلاق المواقع الإلكترونية التي تنشر مواضيع تمس الوحدة الوطنية وتعمل على التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وتساءلتُ عما إذا كان الدور سيأتي على منتديات أخرى لاتزال تصب الزيت على النار، حتى المغلق منها، لأجد واحداً منها، وفي قمة الجهل والتخلف والهمجية ونوايا الشر بالوطن وأهله، ينشر موضوعاً بعنوان: «اصنع قنبلة بنفسك»، فينبري بعض خفافيش الظلام ليهاجموا عضواً دعا إلى التصدي لمثل هذه الأفكار النارية بدلاً من أن يهاجموا كاتب الموضوع المجهول، وكما فعلتُ شخصياً مع منتديات أخرى، خاطبتُ إدارة ذلك المنتدى حول مدى وجود (عقل) في رؤوسهم لكي يقبلوا بنشر مثل ذلك الموضوع الغبي، ولم أتلقَّ رداً، لكن الموضوع ألغي بالفعل ولله الحمد، ولأن طبعي طبع بحريني، فإن كل من يهاجم مثل تلك الأفكار والموضوعات المدسوسة يصبح مندساً أو جاسوساً أو مضاداً لحركة النضال! أما سلامة الوطن بالنسبة لأولئك الخفافيش فهي لا تعنيهم، ولكنها تعني كل بحريني مخلص.
***
في البحرين، وكذلك في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، صدرت بيانات من علماء ومثقفين من الطائفة الشيعية ترفض الإساءة إلى أم المؤمنين عائشة (رض)، وتلك المواقف، أخضعت أيضاً لدى شريحة من ذوي الطباع الطائفية العدوانية تحت عنوان (التقية)… بمعنى أن أي موقف أو بيان ما هو إلا كذب محض، ولأن طبعي طبع ابن البحرين، فإن القوم لن ينفكوا من تشويه كل موقف كريم يدافع عن نبي الأمة (ص) وعن أمهات المؤمنين وعن أهل البيت عليهم السلام… لكن كل ذلك لا يهم، إنما الأعمال بالنيات.
***
يخطئ من يعتقد أن الدولة تترصد للمعارضين أو الناشطين الذين ينتقدون أداء الدولة ويفتحون ملفات مهمة تدخل ضمن الحرص على «المصلحة العليا للوطن» بموضوعية واحترام للنظام وللقوانين، ولذلك، لم يرق للبعض أن يشارك أمين عام جمعية «وعد» إبراهيم شريف في حوار بإحدى القنوات الفضائية، ثم يسيء للدولة حسب زعمهم، ويعود إلى بلاده بكل حرية بعد تلك الإساءات، متناسين أن الدولة قبلت على مدى سنين طويلة أطروحات مختلفة الحدة من قبل المتصدين للعمل السياسي ولم ولن ترفض المعتدل منها في الطرح، وهنا، ليس في مقدور أولئك التفريق بين الانتقاد البناء المقبول، وبين التحريض على العنف والتخريب والحرق والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة والنيل من استقرار البلد وهو مرفوض… ولأن طبعي طبع ابن البحرين، فلا يمكن أن أقبل دعوات الفتنة ومعاول هدم المجتمع، وفي الوقت ذاته، لا يمكن أن أقبل بخنق كل صوت بحريني يتحدث بكل موضوعية وصراحة ونية صادقة لخدمة الوطن وخصوصاً أن لب المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل، فتح المجال للمعارضة الوطنية المخلصة لأن تعمل في مسار تصونه الدولة بكل حرية وأمان.