الحكومة في ورطة، فهي تريد منع التجمّعات "التحريضية" ضد الشيعة والتي تقودها التيارات الدينية السنّية، والقانون لا يسعفها، مع ملاحظة أن تلك التجمّعات الأصولية السنّية تلفق مزاعمَ بأن ما يحدث هو دفاع عن أمِّ المؤمنين من افتراءات الأصولي الجعفري ياسر حبيب، لكن الحقيقة هي أن تلك الجماعات الأصولية وجدتها مناسبة لقمع الجماعات الجعفرية حتى "تمشي تحت الساس"، وكانت ملاحظة الزميل عبداللطيف الدعيج في مكانها عن تصريح الشيخ ناظم المسباح، بأن أمام المرجعيات الشيعية الآن فرصة تاريخية للتبرؤ من كل الكتب والمصادر التي يستقي منها ياسر حبيب…"! وهذه العبارة لا تعبّر عن رأي الشيخ ناظم المسباح فقط، بل هي من أصول فكر مشايخ "قادة الرأي" المتحجّر في الدولة الآن، ولم يكُن ياسر حبيب ولا من هُمْ على شاكلته غير فرصة لدولة الأصوليات السنّية المستترة لترفع أعلامها وتفرض "مذهبها" ونظامها، ليس على الحياة الاجتماعية فقط، كما هو حاصل الآن بالتواطؤ مع نظام الحكم، بل على شيعة الكويت، وإذا لم تكُن عبارة الشيخ ناظم المسباح بدعوته إلى قبر التراث الشيعي سوى محكمة تفتيش حديثة في الدولة، مع ما تحمله من مضامين امتداد "حرب الثلاثين عاماً" الدينية من لبنان والعراق وبقية دول الطوائف والقبائل العربية حتى الكويت.
الحكومة في ورطة كبيرة، ولم تكُن تصريحات وزارة الداخلية عن إعمال قانون التجمّعات موفقة، فلا فرق في المعنى بين "الاجتماعات العامة" كما وردت في المرسوم بقانون رقم 65 والتجمّعات، وحكم المحكمة الدستورية عام 2006 بعدم دستورية المواد 1 و2 و3 و4 من هذا المرسوم، هدَمَ الأساس الذي قام عليه، ولا يصح أن يصدر من وزارة الداخلية ولا من الحكومة تصريحات مثل "بأن هناك ثغرات في القانون مازالت قائمة ويحق للأجهزة الأمنية تفعيلها… فالسلطة مهمّتها إعمال القانون واحترام حكم المحكمة الدستورية، لا البحث عن ثغرات فيه.
الحكومة في مأزق لا تُحسَد عليه، والدولة بكاملها على حافة هاوية، بعد أن غاب العقل وساد التعصب المذهبي. هذا المأزق هو نتاج السلطة التي رعت تلك التيارات الأصولية وتركتها تصول وتجول في الساحة وتحالفت معها قبل عقود طويلة، وهي الآن أمام مواجهة محتملة معها لا تعرف كيف تخرج منها، وخشْيتنا كبيرة أن يُطاح القليل المتبقي من هامش الحريات بسبب "عوير وزوير" السلف.