محمد الوشيحي

زعماء تحرير الصحف

الكويتيون شعب مبالغ فيه. يحتاج من يتعامل معنا إلى كاتالوج. ولا يضحكني شيء كما تضحكني اجتماعات "رؤساء التحرير"، مع التقدير، التي هي الابنة الكبرى لاجتماعات "القمة العربية"، والتي هي مثل ذاكرتي، لا يعوّل عليها. على أن صورة رؤساء التحرير مجتمعين كانت مفيدة، فقد عرفت أن رئيس تحرير جريدتنا، الزميل خالد الهلال، دقّ الشنب، أو هو خففه بعد أن كان كثّاً غليظاً، ويبدو أنه قرّر التوغل أكثر في الليبرالية والعياذ بالله (تعريف الليبرالية في الكويت هو "دق الشنب")، أقول ذلك وأنا لم ألتقِه منذ أكثر من شهرين. وعرفت أيضاً أن رئيس تحرير جريدة "الراي" الشقيقة، الزميل يوسف الجلاهمة، هو الأطول بين الرؤساء وزعماء الصحافة. وعرفت أن رئيس تحرير "القبس"، الزميل وليد النصف، مستعجل وعلى وجه سفر، كعادته، ولا وقت لديه لترتيب غترته ووضع نظارته في جيبه. وعرفت من خلال نظرة نائب رئيس تحرير جريدة "الوطن"، الزميل وليد الجاسم (رئيس التحرير الزميل خليفة العلي لا يحضر إلا اجتماعات صاحب السمو أمير البلاد فقط، كما أظن)، أقول وليد الجاسم، من خلال نظراته الواضحة في الصورة، يفكر كيف يوفّر كميات هائلة من البنزين، لزوم المرحلة المقبلة، فهذا هو ملعب "الوطن". وعاش "بو خالد" وعاش من قال.

أما رئيس تحرير "عالم اليوم"، الزميل عبد الحميد الدعاس، ذو الابتسامة الشاسعة، فيبدو أنه كان أسعد الحضور في هذا الاجتماع (حديثي كله عن اجتماع رئيس مجلس الوزراء بالنيابة معالي الشيخ جابر المبارك مع رؤساء التحرير)، ولا أدري ما سبب كل هذه الابتسامة المترامية الأطراف على وجه "أبي يوسف" في حين أن الأخ الواقف على الطرف، الذي هو أقصر الموجودين، والذي لا أعرف من هو، كان في حالة تكشيرة مرعبة، "دير بالك عليه بو يوسف".

أما الأخ قبل الأخير، الواقف بجانب الأخ المكشر، فيبدو أنه الزميل بركات الهديبان، رئيس تحرير جريدة "الصباح"، أو الجريدة التي تخصصت في أمرين لا ثالث لهما، مدح سمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر، والهجوم على النائب الدكتور فيصل المسلم، وقد قرأتها مرة وتبت توبة نصوحاً.أما رئيس تحرير جريدة "النهار" الزميل عماد بوخمسين، فكان كجريدته تماماً، مبتسماً مسالماً محترماً، في حين أثبت الزميل عدنان الراشد، نائب رئيس تحرير جريدة "الأنباء" أنه "قريب من السلطة"، حتى في الصورة… ويذكرني بالرواية الروسية "الحياة أجمل في الدفء".

ولا أدري أيّ الحضور هو رئيس تحرير جريدة "الدار"، كي أستفسر منه عن سعر البنزين بعد أن استحوذ عليه كله، وترك نائب رئيس تحرير "الوطن" وليد الجاسم في العراء. يالله معلش يا بو خالد… "قزّرها بالقاز"، ومن لم يجد الماء فليتيمّم.

حسن العيسى

حتى يمشون تحت الساس

الحكومة في ورطة، فهي تريد منع التجمّعات "التحريضية" ضد الشيعة والتي تقودها التيارات الدينية السنّية، والقانون لا يسعفها، مع ملاحظة أن تلك التجمّعات الأصولية السنّية تلفق مزاعمَ بأن ما يحدث هو دفاع عن أمِّ المؤمنين من افتراءات الأصولي الجعفري ياسر حبيب، لكن الحقيقة هي أن تلك الجماعات الأصولية وجدتها مناسبة لقمع الجماعات الجعفرية حتى "تمشي تحت الساس"، وكانت ملاحظة الزميل عبداللطيف الدعيج في مكانها عن تصريح الشيخ ناظم المسباح، بأن أمام المرجعيات الشيعية الآن فرصة تاريخية للتبرؤ من كل الكتب والمصادر التي يستقي منها ياسر حبيب…"! وهذه العبارة لا تعبّر عن رأي الشيخ ناظم المسباح فقط، بل هي من أصول فكر مشايخ "قادة الرأي" المتحجّر في الدولة الآن، ولم يكُن ياسر حبيب ولا من هُمْ على شاكلته غير فرصة لدولة الأصوليات السنّية المستترة لترفع أعلامها وتفرض "مذهبها" ونظامها، ليس على الحياة الاجتماعية فقط، كما هو حاصل الآن بالتواطؤ مع نظام الحكم، بل على شيعة الكويت، وإذا لم تكُن عبارة الشيخ ناظم المسباح بدعوته إلى قبر التراث الشيعي سوى محكمة تفتيش حديثة في الدولة، مع ما تحمله من مضامين امتداد "حرب الثلاثين عاماً" الدينية من لبنان والعراق وبقية دول الطوائف والقبائل العربية حتى الكويت.

الحكومة في ورطة كبيرة، ولم تكُن تصريحات وزارة الداخلية عن إعمال قانون التجمّعات موفقة، فلا فرق في المعنى بين "الاجتماعات العامة" كما وردت في المرسوم بقانون رقم 65 والتجمّعات، وحكم المحكمة الدستورية عام 2006 بعدم دستورية المواد 1 و2 و3 و4 من هذا المرسوم، هدَمَ الأساس الذي قام عليه، ولا يصح أن يصدر من وزارة الداخلية ولا من الحكومة تصريحات مثل "بأن هناك ثغرات في القانون مازالت قائمة ويحق للأجهزة الأمنية تفعيلها… فالسلطة مهمّتها إعمال القانون واحترام حكم المحكمة الدستورية، لا البحث عن ثغرات فيه.

الحكومة في مأزق لا تُحسَد عليه، والدولة بكاملها على حافة هاوية، بعد أن غاب العقل وساد التعصب المذهبي. هذا المأزق هو نتاج السلطة التي رعت تلك التيارات الأصولية وتركتها تصول وتجول في الساحة وتحالفت معها قبل عقود طويلة، وهي الآن أمام مواجهة محتملة معها لا تعرف كيف تخرج منها، وخشْيتنا كبيرة أن يُطاح القليل المتبقي من هامش الحريات بسبب "عوير وزوير" السلف.

احمد الصراف

عندما سقطت الخيمة (3/4)

هنا نجد أننا نواجه الملاحظات التالية، وهي غيض من فيض، والتي لا يمكن تجاهلها بسهولة، إن أردنا تجنيب الخطة أكبر قدر من المشاكل والمعوقات:
1 – لا توجد فلسفة واضحة وراء الخطة: هل هي الصرف من أجل التنمية لكي تسير عجلة الاقتصاد، أم تعديل التركيبة السكانية، أم توفير المساكن لعشرات آلاف الطلبات، أم إعطاء التعليم ما يستحقه من اهتمام أم تكليف القطاع الخاص بدور أكبر في إدارة الدولة وتقليص دور الحكومة، أم تنفيع الجميع من خلال خطة توزيع أموال، ومن ثم نترك كل شيء لقانون البقاء للأصلح؟
2 – معروف أن القدرة التنفيذية والاستيعابية لكل أجهزة الدولة والقطاع الخاص لا تزيد في أحسن الأحوال على 550 مليون دينار. وصرف مليارات الدولارات في السنة الواحدة ستنتج عنه اختلالات وتبعات خطيرة على الجميع، وسنأتي لشرح ذلك لاحقا.
3 – يشكو قطاع البناء والتشييد من محدودية عدد شركات المقاولات المؤهلة. كما أن نسبة منها مؤهلة ورقيا فقط، فلا طواقم فنية ولا رؤوس أموال ولا قدرة على إصدار الكفالات لديها، كما يعاني بعضها من ديون مصرفية كبيرة.
4 – ندرة الأيدي العاملة والفنية والإدارية في السوق المحلي، وجلب مزيد من هؤلاء ستنتج عنه إصابة التركيبة السكانية بخلل أخطر مما هي عليه الآن.
5 – ندرة مواد البناء في السوق المحلي ومحدودية القدرة التخزينية في الظروف الحالية، وسينتج عن استيراد ما تتطلبه الخطة من مواد ضغط أشد على طلب المخازن، وارتفاع أسعار المعروض منها.
6 – ضعف قدرة الموانئ على التخليص والتخزين وضعف بقية أجهزة الدولة من جمارك ومراقبة الأغذية وإدارات العمل والهجرة والكهرباء والماء والطرقات على مواجهة تدفق مئات آلاف الأيدي العاملة لتنفيذ مشاريع بأكثر من خمسين مليار دولار في سوق محدود وصغير كالسوق الكويتي. وسينتج عن كل ذلك تضخم خطير قد لا يستطيع صاحب الدخل المتوسط التعامل معه، فكيف بصاحب الدخل الأقل؟!
7 – حاجة الجهة المناط بها حاليا تطبيق الخطة لمصداقية أكبر، فقد صرح الوزير الشيخ أحمد الفهد أن %25 من خطة التنمية قد تم انجازها وتبعه بعد أيام وزير الأشغال والبلدية بالقول إن ما أنجز من الخطة وصل إلى %27 ليصرح بعدهما النائب أحمد السعدون بأيام، ويقول إن ما أنجز لا يتعدى الصفر! والحقيقة أن المشاريع التي تكلم عنها الوزيران سبق وان تم إقرارها ورصد ميزانياتها قبل سنوات، وتم الانتهاء من تنفيذها أخيرا فقط ولا علاقة لخطة التنمية بها أصلا!
8 – من الواضح أن الحكومة، أو من يمثلها هنا، لا يمانع من قيام القطاع المصرفي بعملية تمويل احتياجات الشركات المساهمة الجديدة، مع قيامها بدعم جزء من الفوائد، شريطة عدم التزام المصارف حرفيا بأساسيات العمل المصرفي من تحليل ائتماني ودراسة الجدوى والرهونات والتدفقات النقدية، لأن هذه الأمور بنظرها، ستأخذ كثيرا من الوقت وتؤخر التنفيذ، ورفض البنوك ذلك سيدفع الحكومة إلى أن «تعتقد» بأن فوائد البنوك عالية ومن غير المجدي الاقتراض منها! علما بأن جهات قوية في مجلس الأمة تعارض استخدام المال العام في تغطية الفرق بين ما تطلبه البنوك، وما تقبله الشركات من أسعار فائدة.
9 – خلاف ذلك يعني تدخل الدولة مباشرة في عملية التمويل الضخمة بنسب فائدة متدنية، وتكمن في ذلك خطورة خلق كيانات مالية كبيرة تخضع للتدخلات والتأثيرات السياسية المباشرة في توزيع التمويل والتدخل في تحديد كلفته وشروطه. كما أن إخراج البنوك من عملية التمويل يعني غياب معايير التمويل الجيدة ودراسات الجدوى والضمانات، وهذا سيخلق أيضا كيانات بيروقراطية ضخمة لا تمتلك الكفاءة، ولا مقومات الاستمرار. كما ستعطي المشرف على تنفيذ الخطة دورا مهماً في عملية التعيينات الإدارية العليا، وكيفية عمل الشركات الجديدة.
10 – خلق مدن جديدة قد ينتج عنه توجيه فئات معينة للسكن فيها، وبالتالي زيادة فرقة المجتمع وفصله عرقيا ومذهبيا وقبليا لتسهل السيطرة عليه انتخابيا، ولكن فقط على المدى القصير.
نكمل غدا.

أحمد الصراف