محمد الوشيحي

ولج الجمل 
في سَمِّ الخياط

هل أنا في حلم أم في علم؟ هل توقفت الأرض عن دورانها فجأة أثناء مرور الكويت بجانب فرنسا فأصابتنا عدوى الديمقراطية وقبول الرأي الآخر؟

كنت قد اعتدت، بعد كل مقالة أكتبها أنتقد فيها شخصية ما، على عدة ردود أفعال (وأظن أن الزملاء يتعرضون مثلي للحالات التي سأسوقها)… إما أن تبعث هذه الشخصية رداً مكتوباً تبين فيه موقفها فأنشره في عمودي الصحافي، وهذه حالة نادرة، لا أظنها تكررت أكثر من خمس مرات أو ست… أو تهاتف هذه الشخصية ناشر الجريدة أو رئيس تحريرها متذمرة شاكية باكية، دموعها كالساقية، وهذه الحالة تتكرر باستمرار… والحالة الثالثة هي أن تهاتف الشخصية التي انتقدتها أحد معارفي أو زملائي لتصبّ عليه «التشرّه» والعتب: «قل للوشيحي أنني منه وفيه، وصحيح أنني حضري لكن شقيقي مناسب العجمان، فهل يفعل العجمان بأنسبائهم ما فعله الوشيحي بي؟»، على اعتبار أن «مَن ناسبَ العجمان فهو آمن»… أو يهاتفني المسؤول الذي انتقدته مباشرة معاتباً ولائماً ومكذّباً ما جاء في المقالة… أو يأخذها المسؤول من قصيرها ويرفع عليّ دعوى قضائية… أو يتجاهل المسؤول مضمون المقالة ويطنش، وهذه حالة نادرة… أو ينتقم المسؤول فيهاجمني في كل مناسبة (النائب حسين القلاف مثالاً)… بالإضافة إلى تعليقات المعلقين وتدوينات المدونين الذين ينتفضون دفاعاً عن هذا المسؤول أو ذاك…

لكنّ أمراً ما حدث صباح الخميس الماضي كان أقرب إلى المعجزة. أمر جعلني أقف حائراً مشدوهاً، فاغراً فمي «كأنّ على عقلي الطير» كما يقول الأديب العميق يوسف إدريس رحمه الله. إذ بعد أن نشرت «الجريدة» مقالتي الماضية «شوية نفاق بالفستق واللوز» في موقعها الإلكتروني منتصف ليل الأربعاء – الخميس جاءني اتصال من هاتف لا أعرفه، فأهملته، فجاءني اتصال صباح الخميس من المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد محمد هاشم الصبر… «أهلاً أبا هاشم»، قلت ذلك وأنا أتحسس مسدسي وأتفقد طلقاته، فإذا هو يضحك ضحكته العملاقة التي تتناسب وحجمه الماردي العملاق «هاهاها الله يغربل ابليسك يا بو سلمان على مقالة اليوم»، فتذكرت عمنا «نيوتن»، فرددت بضحكة عملاقة مساوية لها بالمقدار مخالفة لها في الاتجاه، والجروح قصاص… فصعقني: «معك حق، أنا أخطأت، ما كان يجب أن يكون تصريحي بهذا الشكل»! فاستفسرت بصوت مذهول مهزول: «عفواً أبا هاشم، كرر ما قلت، لم أسمعك»، فكرر وأعاد، وقبل أن يسترسل قاطعته: «يا حبيبنا العميد، نحن في الكويت فكيف تعتذر وتقرّ بالخطأ؟ ألا تعلم أن مسؤولينا لا يخطئون ولا يفسدون، الكويت هي التي فسدت من تلقاء نفسها، ومن دون فعل فاعل»، فواصلَ حديثه، وهو ما لا يهمني (مع التقدير)، بقدر ما أذهلني قبوله الانتقاد بروح رياضية، واعترافه بالخطأ، وثقته بنفسه…

والحمد لله الذي أحياني إلى هذا اليوم، وأنا الذي كنت أقول «لن يعترف مسؤول كويتي بخطئه إلا إذا ولجَ الجمل في سَمِّ الخياط»، وها هو الجمل يلج.

***

ما فعله الخاسر الخسيس يهزّ الأبدان والأوطان، لا شك، لكن رئيس الوزراء بالنيابة معالي الشيخ جابر المبارك ليس من المسؤولين الذين يتربحون من التفرقة والفتن، وقد أعلن أنه سيتخذ الخطوات اللازمة، فلنثق به ولنعطه الفرصة ولنهدأ قليلاً فنلتفت إلى مصالح الناس. أرجوكم ضعوا نقطة في آخر السطر.

سامي النصف

ياسر.. هل أنت ضد النواصب أم منهم؟!

إبان الفتنة الكبرى التي يريد البعض تجديدها هذه الأيام واقتتال المسلمين، قامت مجاميع خارجة بشتم وحتى تكفير الإمام علي، كرّم الله وجهه، كحال الخوارج رغم أن الإمام لم يكفّرهم بالمقابل، كما قام آخرون بشتمه من على المنابر، وقد توقفت واندثرت، ولله الحمد، تلك الجماعة منذ ما يقارب 1300 عام، فلا يحظى الإمام علي عليه السلام وأهل بيته الكرام إلا بالتوقير والاحترام حتى ان أسماء أهل السنة يغلب عليها مسميات «علي وحسن وحسين وخديجة وفاطمة» وفي ذلك يقول الشيخ ابن عثيمين: «النواصب هم الذين يناصبون العداء لآل البيت ويقدحون فيهم فهم على النقيض من أهل السنة».

بعلم أو بجهل يدعو ياسر الحبيب في أقواله وأفعاله لإحياء تراث النواصب المشتهر بالشتم فهو تارة يوسع من تعريف الناصبي حتى يشمل أهل السنة وأهل الزيدية بعكس ما أفتى به السيد السيستاني وغيره من كبار المراجع، وتارة يشتم الصحابة وأمهات المؤمنين مما قد يخلق نواصب جددا يبادلون الشتم بالشتم في وقت نهت الآيات البيّنات حتى عن شتم الأوثان والأصنام والأنصاب حتى لا يرد المشركون بشتم رب العباد (ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدوا بغير علم) الآية الكريمة، وقد أتى في الحديث الشريف نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن أن يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه.

وقد أتى في رد ياسر على استشهادي بالآيات التي برأت السيدة عائشة رضي الله عنها من حديث الإفك، إنكاره ذلك المعلوم بالضرورة وقوله إن الآية لم تذكر اسم السيدة عائشة، وهذا تماما منطق النواصب مع الإمام علي والعترة الشريفة من أهل بيته حتى استباحوا دماءهم حيث كانوا يقدحون بهم وينكرون فضلهم «عليهم السلام» عبر طرح نفس السؤال الخبيث أي: من قال ان تلك الآيات نزلت بهم؟ وأين أسماؤهم فيها؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومما أتى في ردّه، قدحه وشتمه أمهات المؤمنين، محتجا بما أتى في القرآن من آيات حول زوجتي النبيين نوح ولوط، ولا شك أن النواصب الجدد سيسعدون بتلك الحجة حيث ستسمح لهم باستخدام السور والآيات التي طعنت واستهزأت بعم الرسول أبي لهب وزوجته للطعن في الأتقياء الأنقياء من أئمة أهل البيت وزوجاتهم، علما بأنه ذكر نصا أن هناك زانيات من أزواج الأنبياء والأئمة «عليهم السلام»، فهل هذا قول مقبول؟!

كما تضمن ردّه على قولنا بعصمة زوجات الرسول ما يضع حجة كبرى بيد النواصب الذين يعمل جاهدا لإحياء تراثهم وثقافتهم عندما ذكر ان تلك «العصمة» ستقيم الحجة على رب العباد في الآخرة حيث ستقول النساء ومنهن الزانيات: كيف تحاسبنا على أعمالنا وقد عصمت نساء مثلنا كونهن فقط تزوجن الرسول؟ وفي هذا حجة على الله وانه لم يعامل النساء بعدالة، وفي معتقدنا – حسب قوله – ان الله عدل مُطلق لا يجوز إقامة الحجة عليه، حجة كهذه سيستخدمها النواصب للطعن كذلك في عصمة أهل البيت، عليهم السلام، أي سيحتج الكفار بأنه من الظلم القاؤهم في النار كون رب العالمين قد حصّن الأئمة المعصومين بسبب قرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحصّنهم بجعلهم من نسبه وضمن عصمته، وما أسعد، وبحق، النواصب بتلك الأقوال يا ياسر..!

ثم ماذا أبقيت بعد ذلك للطاعنين في دين الحق وفي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي تدعي دفاعك عنه بعد أن طعنت بعرضه وعرض أزواجه ثم قدحت وكفّرت وطعنت حتى بأنساب أصحابه وخلفائه وتركت الباب مفتوحا للنواصب لاستخدام أدلتك وبراهينك للطعن في أئمة بيته الأبرار أي سيقول الطاعنون: كيف يكون الرسول صلى الله عليه وسلم على حق وهؤلاء هم أزواجه وأصحابه وخلفاؤه وحواريوه وأهل بيته؟!

آخر محطة:

(1) يصعب على أحد فهم ما تقوله يا ياسر ومقصده، فواضح أن شتم أمهات المؤمنين الذي لم يكسبك تعاطف الشيعة، لن يتسبب في تحول أهل السنة لما تدعيه، فالشتم لا يكسب أحدا قضية قط والآية التي لا يختلف اثنان على تفسيرها تنص على (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة).

(2) جنسية ياسر الحبيب يجب أن ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها كوننا نعيش ضمن دولة مدنية تحترم القانون، فإذا ما صدر في الغد تشريع يسقط الجنسية عنه، كما ذكر في الصحف، عندها تصبح أقواله مسؤولية 1.3 مليار مسلم لا قضية مختصة بنا، وأول هؤلاء مسلمو بريطانيا الذين يمكنهم رفع الدعاوى القضائية عليه بتهمة القدح في مقدساتهم والتظاهر ضده ويقفل ملف قضيته في الكويت.

(3) لا أود شخصيا لياسر العقوبة ولا السمعة السيئة التي حصدها خاصة انه من أسرة كويتية كريمة أعرف الكثير من أفرادها الأفاضل، بل أود أن يعود عن مثل تلك الأقوال التي لا علاقة لها بالبحث العلمي أو الشرعي وأن يتفرغ لاستخدام ما يقرأ لا للطعن بالإسلام والمسلمين وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المنتجبين، بل للدفاع عن دين الحق في وقت تكالبت أمم الأرض عليه.

 

حسن العيسى

لدعاة الوحدة الوطنية


فككت وزارة الداخلية خيمة في الجهراء لأحد الناشطين في ملهاة "توسنامي" ياسر حبيب، فهرول نائب "الثوابت" إلى مسجد قريب كي يقول ما لم يتمكن من قوله في الخيمة المفككة، وكتبت صحيفة بالخط العريض معلقة على الخبر "القانون يكشر عن أنيابه"… وهكذا تسير الأمور بحفظ الله ورعايته بدولتنا الفتية المتسامحة! خيم مفككة وقوانين لها "أنياب" كالأسود تقطع اللحم وتكسر عظام الطائفية… الحمد لله "غدا الشر" وانتهينا من زلزال ياسر وموعظته الكبيرة التي لم يكن أحد يدري عنها ولا عنه لولا بركة دعوات أصحاب الخيام وندوات الثأر وأنياب القانون، ولم يتبق لنا من القضية سوى "إزالة آثار العدوان" بسحب الجنسية من ياسر ليس بحكم القانون والمحاكم بل بحكم طلاب الحق ودعاة "الوحدة الوطنية"… ولم لا تسحب الجنسية من ياسر من غير حكم القانون… فقد سحبت من سليمان بوغيث في السابق من غير حكم القانون وإنما بحكم "الأنياب" القاطعة… وكانت سابقة في بلد لا يعرف نظامه القانوني مبدأ السوابق القضائية، لكنه يعلم ويعمل السوابق السياسية.


هل انتهينا اليوم بتفكيك الخيام وبتكشير أنياب القانون… أم ماذا؟ الطائفية والقبلية ليستا نتاج اللحظة، وإنما هما وليدتا ممارسة ممتدة في تاريخ هذه الدولة وبقية دول القبليات والهويات الدينية التي تحرص دساتيرها على تأكيد مثل هذه الهوية للدولة في مقدمة كل دستور منها، مع أن الدول لا دين لها، فالدولة بتعبير السيد "إياد جمال الدين" على ما أذكر لا تصلي ولا تصوم… وإنما البشر هم الذين يؤمنون ويصلون ويصومون… وكل حسب دينه أو معتقده الشخصي.


قضية ياسر لن تنتهي بالتفكيك ولا بالأنياب، فهي قضية ثقافة مجتمع تم تكريسها عبر عقود ممتدة من الزمن، وتأصلت في وجدان الناس بعد أن أفل نجم القومية العربية في هزيمة 67، وسقطت وتفككت الدولة السوفياتية معلنة نهاية الحلم الاشتراكي، وهلت بركات "نهاية التاريخ" عند فوكوياما لينهض مع هذه النهاية صراع الحضارات عند صموئيل هنتغتون، وليس في هذا "صراع الحضارات" كما يتشبث به يمينيو الغرب وتتعذر فيه الأصوليات الإسلامية لإعلان الحرب على دول الكفار، وإنما هو صراع القبليات والطوائف… قضيتنا يفترض أن تمضي في محاربة الفكر الديني، كما يجتره شيوخ فتاوى التحريم ورضاعة الكبير وحل الدماء… ولن يكون هناك سلام ولن يكون هناك تقدم ولا حداثة بغير قيام دول علمانية ديمقراطية تنهض على وعي إنساني وتؤمن بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية من غير أن تفرض جماعة معينة فكرها وعقيدتها على الآخرين، ولو كان "الآخرون" أقليات والأولون هم الأكثرية.


لا تبحثوا عن الأنياب المكشرة لفك القانون المرتخي ولا عن بقايا الخيام المفككة، ابحثوا عن الثقافة الإنسانية الغائبة، ابحثوا في معارض الكتاب التي تقيمها الدولة، وشاهدوا نوعية الكتب التي يروج لها والكتب الممنوعة والمحرمة في دولة الرقباء والأوصياء، فتشوا عن الرياء الديني في خطابات الرسميين واستغلالهم للفكر الديني بكل مناسبة وطنية، فالدين هو الرافعة للنظام حين تغيب الشرعية الديمقراطية الصحيحة… ابحثوا في مناهج التعليم وماذا يتعلم الأطفال في المدارس… وماذا يتلقنون في المنازل ودور العبادة… تأملوا السباق الحثيث على أولوية "الشرعية" الدينية بين الخطاب الحاكم والخطاب الشعبي الراسخ في التخلف… ابحثوا في أضابير الفساد السياسي والإداري ومواقف القوى التي تزعم تقدميتها في تلك القضايا… وبعدها يمكنكم الحديث عن الوحدة الوطنية.


احمد الصراف

عندما سقطت الخيمة (1/4)

لجأ صاحبنا في أوائل الخمسينات إلى الكويت هاربا من حكم بالسجن نتيجة موقفه من النظام كأحد شبيبة «الإخوان المسلمين». بعد أيام من وصوله طلب منه شريكه الكويتي مقابلة مسؤول حكومي ليساعده في الحصول على عقد بناء، ولما ذهب لمقابلته طلب منه أن يعود اليه في اليوم التالي ومعه حقيبة يد محددة يشتريها من «مكتبة الرويح» ويضع بداخلها 5000 روبية نقدا من فئة محددة. وعندما زاره في اليوم التالي أخذ المسؤول الحقيبة وسلمه أخرى مماثلة وطلب منه «التوكل على الله»! يقول صاحبنا انه وجد بداخلها رزمة من ورق الجرائد مقصوصة بحجم وسماكة المبلغ نفسه الذي سلمه للمسؤول، كما وجد أمر بناء سور لمقبرة كبيرة بسعر مريح جدا! توالت السنون وأصبح ذلك المسؤول يشغل أكبر المناصب التشريعية وأصبح صاحبنا المصري من كبار رجال الأعمال، وهو الذي روى لي هذه القصة. وخلال عملي مديرا لإدارة الاعتمادات في بنك الخليج، كان احد كبار عملائي مسؤولا كبيرا في الحكومة، وكان يحضر بنفسه لفتح اعتمادات مستندية بمبالغ كبيرة، وعلمت تاليا أنه يقوم باستيرادها لبيعها للجهة التي كان يعمل بها! وهذا الرجل انتهى الأمر به ليصبح مليارديرا، وليتبوأ أعلى المناصب السياسية والتشريعية والتجارية.
ويعرف الكثيرون بالطبع قصصا مماثلة يعج بها تاريخ الكويت، خاصة في نصف القرن الأخير، ولولا ما اشتهرت به القيادة السياسية العليا من زهد لكانت الأوضاع أكثر سوءا.
وفي الشهرين الماضيين -فقط- طالعتنا الصحف بكم رهيب من الفوضى الإدارية التي إن دلت على شيء فعلى قلة اهتمامنا بقضايا التخطيط والمتابعة والمحاسبة.
فلم يكن غريبا ما رأيناه من عدم اكتراث أحد في الحكومة بعدم وجود جوازات سفر جديدة لدى الإدارة المعنية! وكيف أن على المرضى والمرتبطين بمواعيد خارج البلاد وأصحاب التذاكر غير القابلة للتعديل ورجال الأعمال انتظار الفرج.. حتى إشعار آخر!
وخلال فترة قصيرة ترتكب شركة «متواضعة الإمكانات» جريمة بيع مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري، وبكميات خرافية، لثلاث مرات على الأقل، من دون موافقة الجهات المعنية، ومن دون خوف من عقاب حتى الآن. ولو أضفنا الى ذلك «كارثة مشرف» التي ضاعت وماعت المسؤولية فيها -كالعادة- ومشكلة الكهرباء التي قاسى الجميع منها، ولا يزالون، والتي تسببت في ضياع مئات ملايين الدنانير من المال العام في شراء محولات منتهية الصلاحية، وأيضا من دون أن يطول العقاب حتى فراش كبار موظفي الوزارة أو الشركات المنفذة، ولو تمدد تساؤلنا ليصل لفضيحة مشروع مستشفى جابر لعلمنا بحجم التسيب الذي نعيشه جميعا! ثم تصل «التراجيديا» الى قمتها بسقوط الهيكل الحديدي للخيمة التي أقامتها «جمعية المهندسين» لحفلتها الرمضانية، بسبب «سوء التصميم والإشراف»، وليكتشف الجميع حقيقة الوضع الذي نحن فيه.
هذه مجرد مقدمة لمقال الغد، وما سيتبعه.. فهذه هي الكويت، صلوا على النبي!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

هل ننجح في تعزيز «الحماية الاجتماعية»؟

 

من بين الأهداف الثمانية الإنمائية للألفية، تنضوي أهداف: القضاء على الفقر المدقع والجوع والبطالة، وتحقيق تعميم التعليم وتعزيز المساواة بين الجنسين وتخفيض معدل وفيات الطفل وتحسين الصحة النفاسية… تنضوي تحت عنوان: «الحماية الاجتماعية» كما تصفها مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورئيسة الوزراء السابقة لنيوزيلندا هيلين كلارك.

إن الأهداف الثمانية تشمل: القضاء على الفقر المدقع والجوع، تحقيق تعميم التعليم الابتدائي، تعزيز المساواة بين الجنسين، تخفيض معدل وفيات الطفل، تحسين الصحة النفاسية، مكافحة فيروس المناعة البشرية، كفالة الاستدامة البيئية وإقامة شراكة عالمية، لذلك، فإن التحدي الأكبر الذي يتوجب على الدولة مواجهته باقتدار في اتجاه إحراز تقدم على مستوى تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الثالثة بحلول العام 2015، هو تعزيز «الحماية الاجتماعية» لكافة فئات المجتمع البحريني، وإذا كان أمام 189 دولة خيار تسريع وتيرة العمل خلال السنوات الخمس المقبلة، فإن قمة نيويورك التي ستعقد على مدى يومي 20 و22 من الشهر الجاري، ستكون منطلقاً مهماً لإنجاز جوانب كثيرة قابلة للتحقيق في بلادنا، لكنها في حاجة إلى برنامج عمل طموح ينطلق من تلبية احتياجات الأسرة البحرينية في الأساس.

ليس من الإنصاف أن ننكر جهود الدولة في مجال مكافحة الفقر والعوز، ومواجهة المشكلة الإسكانية المتزايدة، والقضاء على البطالة وتعزيز الخدمات التعليمية والاجتماعية والحضرية، لكن من اللازم أن نخضع كل ما تقدم إلى تقييم دقيق وصريح لتحديد جوانب التقصير وتلافيها، وتشخيص مواقع النجاح ومضاعفتها، وخصوصاً أن البحرين ستستضيف أعمال المنتدى الحضري العالمي السادس في العام 2012 وهو يعكس حرص البحرين على دعم الجهود الدولية الرامية إلى حشد العمل الجماعي المنظم لتحقيق أهداف الألفية الإنمائية، والإيمان بضرورة تنفيذ الالتزامات الدولية في مجال التنمية المستدامة.

محور توفير «الحماية الاجتماعية» لجميع المواطنين… بل وللمقيمين أيضاً من وجهة نظري، يتطلب إعادة نظر، وهذا لا يعني أن الخطوات التي أنجزت في مسار إعادة الحياة الديمقراطية وتمكين المرأة سياسياً، والمحافظة على البيئة والحد من الكوارث وتغير المناخ وتبوء مكانة متقدمة على صعيد التنمية البشرية وحقوق الإنسان هي خطوات هامشية أبداً، لكن لابد من تخصيص موازنات أكبر لخدمات الحماية الاجتماعية بما تشمله من حق السكن والعمل والأمن والتعليم والصحة، ذلك لأن الزيادة السكانية الملحوظة وارتفاع الطلب على الخدمات على اختلافها، يمثل تحدياً كبيراً للدولة يتوجب أن تواجهه بجدارة وخصوصاً أن الصرف على الحماية الاجتماعية كما يقول الخبراء، لا يمثل استنزافاً لموازنة الدول، بل يعد استثماراً مهماً في بناء ما يسمى (القوة المرنة اللازمة للتعامل مع الصدمات الحاضرة والمستقبلية).

بلادنا تتمتع ولله الحمد بعقول بحرينية خلاقة قادرة على وضع التصورات والخطط الإستراتيجية، وهذه العقول هي التي يجب الاعتماد عليها، وحتى ننجح في تعزيز الحماية الاجتماعية، يلزمنا مراجعة صريحة وحقيقية لما تم إنجازه ولما أخفقنا في إنجازه لأن هذا المستوى من المكاشفة يجعلنا نحدد بالضبط أين نقف، ومن ثم نواصل بثقة طريق تحقيق أهداف الألفية