سنحت لي الفرصة لأن أزور مجلس وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة يوم عيد الفطر السعيد، وكما هو المعتاد، فإنك في هذا المجلس الكريم، يطيب لك أن تلتقي بالكثير من المواطنين من مختلف مناطق وقرى البحرين، بل والأهم من ذلك كله، أن الناس اعتادوا أن يطرحوا على الوزير الكثير من الملاحظات ووجهات النظر المرتبطة بقضايا الوطن دون حواجز أو موانع حتى في مجالس التهنئة، بل قد تجد مواطناً أخذ من وقت الوزير مدة وهو يطرح ما لديه من رأي بكل حرية.
هذا ما نحتاجه من كبار المسئولين اليوم، وهو أن تكون قلوبهم قبل مكاتبهم مفتوحة للناس أياً كان مستواهم، وسواء كان ذلك الإنسان مواطناً عادياً أم عالم دين أم ناشطاً أم حقوقياً فمن بين هؤلاء الكثير من المخلصين الذين لا يريدون سوى مصلحة الوطن ولا يبحثون عن مصالح شخصية أو فئوية، ولهذا تحدثت مع أحد كبار المسئولين الأمنيين في شأن الاتهامات التي يطلقها البعض على أهالي القرى وخصوصاً فيما يتعلق بالتشكيك في إخلاصهم لوطنهم، وطرحت عليه نماذج من الأنشطة التي يقوم بها الشباب والقائمون على اللجان والمآتم وكذلك المجالس الأهلية من عمل يركز على توجيه الشباب الى المشاركة في الحياة العامة بما يتوافق مع ما كفله الدستور من حقوق وواجبات، بعيداً عن أعمال العنف والتخريب والحرق والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة، والتحذير من خطابات التحريض والفتنة والدمار أياً كان مصدرها، وبالصيغة التي تتيح طرح المطالب والاحتياجات وإيصالها إلى المسئولين.
الحديث انتقل إلى كم هائل من أساليب التحريض التي تعج بها بعض المنتديات الإلكترونية البحرينية المرخصة البعيدة عن الحجب، فبعض تلك المنتديات تتبنى منهجاً تحريضياً مدمراً أيضاً ولابد من إيقافها سواء كان القائمون عليها منتمون إلى هذه الطائفة أو تلك، ومع أن تلك المنتديات لا تمثل في حقيقتها صورة المجتمع البحريني، إلا أنها على أي حال، جزء من المجتمع ويشارك فيها آلاف الناس وتطرح فيها الكثير من المواضيع وتنشر فيها معلومات وبيانات ومشاركات تهدف إلى إشعال الفتنة والتصادم وتأجيج أبناء المجتمع.
قبل أيام، راسلت إدارتي اثنين من المنتديات التي نشطت في الآونة الأخيرة على تأجيج الصراع الطائفي حول موقف الإدارة من الموضوعات الخطيرة والمدمرة التي يطرحها جيش هائل من الأسماء المستعارة، وحتى هذه اللحظة لم أتسلم أية إجابة! وقبل ذلك، تحدثت مع أحد المسئولين بوزارة الثقافة والإعلام آنذاك عن خطورة ما يطرح في تلك المنتديات، ومع تأكيده أن هناك مراقبة لما يطرح من مواضيع طائفية خطيرة، لكن لم يتخذ في شأنها أي إجراء.
على أي حال، لا يمكن اعتبار أسلوب التحريض والشتم والحملات الطائفية البغيضة في تلك المنتديات على أنها صورة من صور التعبير عن الرأي، فما هي إلا حالة من حالات هوس البطولات الوهمية الخطيرة التي تسهم في تأجيج الأوضاع في البلد، وإذا كان كبار المسئولين يفتحون المجال للناس لأن يطرحوا وجهات نظرهم وآرائهم بكل حرية، فإن تلك المستنقعات الإلكترونية القذرة، تفعل فعلاً مشيناً، وحسناً فعلت هيئة شئون الإعلام حين أغلقت كلاً من موقع «ملتقى مملكة البحرين» وموقع «مملكة البحرين العربية» وذلك لما يتضمنه هذان الموقعان من مواضيع تمس الوحدة الوطنية وتعمل على التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، كما يتضمن كل من الموقعين الإلكترونيين مواضيع ومقالات تثير الفتنة والانشقاق في المجتمع، ولكن، هل سيأتي الدور على منتديات أخرى لاتزال تصب الزيت على النار؟