محمد الوشيحي

شوية نفاق 
بالفستق واللوز

الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد النشط محمد الصبر صرّح أن عدد المسافرين عبر منافذ الحدود البرية، خلال عطلة العيد، بلغ نحو مئة ألف مسافر. لكنه كعادة الناطقين الرسميين في الكويت، بل كعادة كبار مسؤولينا الذين يجيدون استخدام زيت الزيتون الأصلي لدهن الرؤوس، أضاف حفظه الله: «معالي وزير الداخلية وسعادة وكيل الوزارة تابعا كافة الإجراءات الأمنية، وأصدرا أوامرهما بالتعامل الحضاري مع المسافرين»! والحمد لله أن صاحبنا العميد اكتفى بذلك ولم يضف «بعد سهر وسهاد، رأى معالي الوزير بنظرته الأبوية الحانية، وإحساسه المرهف بالمسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقه…».

«أشطفت وانا أبو الأسلم»، فقد كان الموظفون في الحدود على وشك خلع أحزمة بنطلوناتهم وأحذيتهم، وهات يا «تمحّط وتلشّط» وضرب ظهور المسافرين وجنوبهم، قبل أن يدخلوهم في أفران كأفران هتلر، لولا أن رحمة ربك تداركتهم بتوجيهات الوزير والوكيل. يا ما انت كريم يا رب… المسألة كانت مسألة ثوان معدودة، إذ ما إن رفع موظفو الداخلية أيديهم بأحزمتهم إلى الأعلى كي يهووا بها على المسافرين المجرمين حتى صدرت التوجيهات فتجمّدت أيديهم، إلى لحظة كتابة هذه السطور.

ونفسي ومنى عيني أن أقرأ في صحف النرويج أو السويد أو فنلندا أو هولندا أو أي دولة محترمة تصريحاً للناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية يتحدث عن توجيهات وزيره، كما يفعل الناطق باسم وزارة الداخلية عندنا، الذي صوّر الوزير وكأنه ملك الحيرة «النعمان بن المنذر بن ماء السماء» ونحن رعاياه. يجلس هو على العرش، ويقف خلفه عبدان حبشيان برمحيهما، وعلى يمينه ويساره تقف جاريتان تهفهفان عليه بريش النعام، ونحن الشعب راكعون على ركبنا، فإن غضب جلالته علينا أمر بحزّ رؤوسنا، يا ويله من الله، وإن فرح خلع علينا العطايا والجواري وصُرر الذهب وحادا بادا.

الرائع في هذه المسرحية، أن من يقرأ تصريح الأخ العميد النشط (هو فعلاً نشط) يتخيل أن منافذنا البرية تتدفق بانسيابية نهر الأمازون وسلاسته، في حين أنها صورة مصغرة ليوم الحشر العظيم… شيوخ ونساء طاعنون في السن وبكاء أطفال وتكدّس نساء بالساعات تحت «لواهيب» شمسنا الحارقة الحانقة. ولا أدري لمَ لا تضاعف وزارة الداخلية عدد موظفيها وعدد كبائنها لتقضي على مشكلة الزحمة. والظن أنها إن فعلت ذلك فلن تكون هناك حاجة إلى الواسطة التي يحرص عليها وزراؤنا، والأهم لن تكون هناك حاجة إلى «توجيهات معالي الوزير وجسّاس وسالم الزير».

ولولا تصريح الأخ الناطق الذي بيّن لنا أن الوزير والوكيل هما من تابع الإجراءات الأمنية، لما عرفت المسؤول الذي عليه متابعة الإجراءات تلك، ودقي يا مزيكا.

سحابة نفاق تمطر فوقنا بغزارة، تزاحمها سحابة فشل، وسحابة كذب، وطق يا مطر طق، بيتنا جديد ومرزامنا حديد… وكم سعر الزيت اليوم أيها الأخ العميد؟

حسن العيسى

دروب الثوابت لتورا بورا

كارثة الدولة اليوم ليست في ياسر حبيب وما كتبه في موقعه الإلكتروني، فبالأمس كان ياسر، وغداً سيخرج علينا ألف واحد من شاكلة ياسر مفصل على مقاس التطرف الجعفري، وسيقابله أكثر من ألفين من جماعات التطرف السني، وعندنا "خير وايد" من الطرفين، كارثتنا الآن في ردود الفعل على ياسر من "الأغلبية" الأصولية المهيمنة على ثقافة المجتمع.صور نشرتها جريدة الوطن بالأمس عن "التجمع الحاشد" (بتعبير الوطن) لندوة "ثوابت الأمة" لا تختلف في رمزيتها عن حشود مماثلة جرت في باكستان وأفغانستان وعدد من الدول الإسلامية. هناك في تلك الدول، التي تقبع في الدرك الأسفل من التخلف الثقافي والاجتماعي، سرعان مما تتطور الأمور فيها إلى عمليات حرق دور عبادة وعمليات تفجير انتحارية وقتل جماعي لقبائل "التوتسي" الجعفرية (رواندا وزائير في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي)، أقصد وأعي تماماً أن قبائل "الهوتو والتوتسي" في زائير (الكونغو سابقاً) لا علاقة لها بالإسلام ولا بطوائفه الدينية، لكنها تتحد وتتماثل في العقلية القبلية العنصرية سواء أفصحت عن نفسها بالنعرة القبلية أو تسترت بالرداء الديني أو الطائفي، فالجوهر واحد اسمه "أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب…" و"أنا" وحدي صاحب الدين الحقيقي، وأنا وحدي ذو المذهب الأصيل، وأنا وحدي مالك الحقيقة الكاملة، وتاريخي وتاريخ علمائي (فقهائي) هو التاريخ الصحيح… فنعلن الحرب على "الآخر" الخارج عن الملة… الخارج عن الدين… الخارج عن القبيلة… الخارج عنا وعن الجماعة ونحن الجماعة لا غيرنا…!

ماذا بعد… وماذا ننتظر من "ثوابت الأمة"، والثوابت لا تعني غير أن الزمن لا يتقدم ولا يمضي، والتاريخ تم تحنيطه منذ أكثر من ألف وأربعمئة سنة… لنقف ونسأل السادة النواب الذين تجمعوا في ندوة "الثوابت" الحاشدة ماذا يريدون؟ وماذا تركتم للعقل ولحكم القانون بعد أن زايدتم وأججتم العواطف المذهبية والدينية…؟ نسألكم ما إذا كنتم مجرد انعكاس وصور باهتة تتماهى مع مشاعر الناخبين وعواطفهم أم أنكم قادة عقل وحكمة رأي ترفعون مشاعل التنوير والوحدة الوطنية وقبلها "الوحدة الإنسانية" للأمة…؟ أعتقد أنكم تعرفون الإجابة… فقد أشعلتم النار في حطب التخلف بالدولة… فليزد لهيبها لتنير لكم الطريق لكهوف تورا بورا.

احمد الصراف

أيها الغافلون فوق التراب 2/2

تعتبر إيران من الدول النادرة جدا بمناخها وثرواتها المعدنية والطبيعية والزراعية وحتى الصناعية، اضافة لغناها بالثروة المادية والغذائية، كما أن تعداد شعبها كبير نسبيا. وقد أعطت، طوال تاريخها، البشرية والإسلام بالذات، الشيء الكثير، كما يصعب حصر الشخصيات الفارسية البارزة في كل مجال وميدان من علماء وفنانين وفلاسفة وأطباء وفلكيين ومؤرخين وروائيين وشعراء من أمثال سعدي ومهيار الديلمي وغيرهما الكثير. ولو وضعنا هذه الدولة المميزة بتاريخها الإمبراطوري العريق وأنغام سنتورها التي شنفت كل أذن و«جلو كبابها» الذي أسال ريق كل متذوق، وملاحمها التاريخية التي أبهرت الأجيال وقصائد نوابغ شعرائها التي أعجبت الكل، ومنجزات علمائها التي أشاد بها البعيد قبل القريب، وما حققته من إنجازات رياضية في كل ميدان وطبيعتها الساحرة الغناء، ووضعنا كل ذلك في كفة، وفي الكفة الثانية وضعنا وطنا لا يعود تاريخه لأكثر من 300 عام وبأرض لا تجاوز مساحتها 18 الف كلم ومناخ تختلط عواصفه الرملية برطوبته القاتلة في عقاد ابدي طوال اشهر عدة من كل عام، وحرارة طقسه الأشد في العالم وموقعه الشديد الحساسية وضعفه العسكري وبساطة عيشه، وبكل منغصاته النيابية ولجانه المتخصصة بمراقبة سلوكياتنا،، وبكل ما يتسبب به محمد هايف ووليد الطبطبائي ومحمد المهري من منغصات يومية لا تنتهي، لما اخترت، شخصيا، ولا اعتقد ان الآخرين الذين في مثل وضعي سيختلف اختيارهم عني، ومن دون أي تردد الكفة الثانية، الأكثر تواضعا، بالرغم من كل ما تعنيه إيران لي. فالكويت وطني والعربية لغتي وثقافتي، وهنا بيئتي ومنها استمد محبتي وألفتي، وهنا الأرض التي عمد الدم الغالي علاقتنا بها للأبد، هنا وطن الجميع شاء من شاء وأبى من أبى، من متكبر وغافل، وبالتالي فليصمت الواهمون مدعو العروبة مشتتو الشمل، فقد كنا هنا قبلهم هم بالذات، وبالرغم من ان هذا لا يعني الكثير، ولكن يبدو ان هذا الذي يحرق قلوبهم، وبالتالي فلا فضل لفريق على آخر، ومهما حاول الآخرون استفزازنا فلن ينالوا مرادهم، وسيظل ولاؤنا لهذا الوطن الأم التي رعتنا جميعا، ومن ينكر علينا وطنيتنا واخلاصنا لا يعرف حتما من هي امه، وسنبقى هنا ما بقيت هذه الأرض الطيبة، بترابها وغبارها!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

«تحريض» المنتديات الطائفية… هوس البطولات الوهمية

 

سنحت لي الفرصة لأن أزور مجلس وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة يوم عيد الفطر السعيد، وكما هو المعتاد، فإنك في هذا المجلس الكريم، يطيب لك أن تلتقي بالكثير من المواطنين من مختلف مناطق وقرى البحرين، بل والأهم من ذلك كله، أن الناس اعتادوا أن يطرحوا على الوزير الكثير من الملاحظات ووجهات النظر المرتبطة بقضايا الوطن دون حواجز أو موانع حتى في مجالس التهنئة، بل قد تجد مواطناً أخذ من وقت الوزير مدة وهو يطرح ما لديه من رأي بكل حرية.

هذا ما نحتاجه من كبار المسئولين اليوم، وهو أن تكون قلوبهم قبل مكاتبهم مفتوحة للناس أياً كان مستواهم، وسواء كان ذلك الإنسان مواطناً عادياً أم عالم دين أم ناشطاً أم حقوقياً فمن بين هؤلاء الكثير من المخلصين الذين لا يريدون سوى مصلحة الوطن ولا يبحثون عن مصالح شخصية أو فئوية، ولهذا تحدثت مع أحد كبار المسئولين الأمنيين في شأن الاتهامات التي يطلقها البعض على أهالي القرى وخصوصاً فيما يتعلق بالتشكيك في إخلاصهم لوطنهم، وطرحت عليه نماذج من الأنشطة التي يقوم بها الشباب والقائمون على اللجان والمآتم وكذلك المجالس الأهلية من عمل يركز على توجيه الشباب الى المشاركة في الحياة العامة بما يتوافق مع ما كفله الدستور من حقوق وواجبات، بعيداً عن أعمال العنف والتخريب والحرق والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة، والتحذير من خطابات التحريض والفتنة والدمار أياً كان مصدرها، وبالصيغة التي تتيح طرح المطالب والاحتياجات وإيصالها إلى المسئولين.

الحديث انتقل إلى كم هائل من أساليب التحريض التي تعج بها بعض المنتديات الإلكترونية البحرينية المرخصة البعيدة عن الحجب، فبعض تلك المنتديات تتبنى منهجاً تحريضياً مدمراً أيضاً ولابد من إيقافها سواء كان القائمون عليها منتمون إلى هذه الطائفة أو تلك، ومع أن تلك المنتديات لا تمثل في حقيقتها صورة المجتمع البحريني، إلا أنها على أي حال، جزء من المجتمع ويشارك فيها آلاف الناس وتطرح فيها الكثير من المواضيع وتنشر فيها معلومات وبيانات ومشاركات تهدف إلى إشعال الفتنة والتصادم وتأجيج أبناء المجتمع.

قبل أيام، راسلت إدارتي اثنين من المنتديات التي نشطت في الآونة الأخيرة على تأجيج الصراع الطائفي حول موقف الإدارة من الموضوعات الخطيرة والمدمرة التي يطرحها جيش هائل من الأسماء المستعارة، وحتى هذه اللحظة لم أتسلم أية إجابة! وقبل ذلك، تحدثت مع أحد المسئولين بوزارة الثقافة والإعلام آنذاك عن خطورة ما يطرح في تلك المنتديات، ومع تأكيده أن هناك مراقبة لما يطرح من مواضيع طائفية خطيرة، لكن لم يتخذ في شأنها أي إجراء.

على أي حال، لا يمكن اعتبار أسلوب التحريض والشتم والحملات الطائفية البغيضة في تلك المنتديات على أنها صورة من صور التعبير عن الرأي، فما هي إلا حالة من حالات هوس البطولات الوهمية الخطيرة التي تسهم في تأجيج الأوضاع في البلد، وإذا كان كبار المسئولين يفتحون المجال للناس لأن يطرحوا وجهات نظرهم وآرائهم بكل حرية، فإن تلك المستنقعات الإلكترونية القذرة، تفعل فعلاً مشيناً، وحسناً فعلت هيئة شئون الإعلام حين أغلقت كلاً من موقع «ملتقى مملكة البحرين» وموقع «مملكة البحرين العربية» وذلك لما يتضمنه هذان الموقعان من مواضيع تمس الوحدة الوطنية وتعمل على التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، كما يتضمن كل من الموقعين الإلكترونيين مواضيع ومقالات تثير الفتنة والانشقاق في المجتمع، ولكن، هل سيأتي الدور على منتديات أخرى لاتزال تصب الزيت على النار؟