سامي النصف

ياسر.. أتاك الرد فهل تتوقف؟!

ظهر الزميل في الإعلام والسياسة، وليس في قضايا الفقه والدين، ياسر الحبيب ضمن لقاء على اليوتيوب استغرق ساعة طالب فيه بالرد بالأدلة والعقل والمنطق على ما قاله بحق أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، ومما ذكره ان الطعن بها ليس طعنا بعرض الرسول صلى الله عليه وسلم، مستشهدا بزوجتي النبيين نوح ولوط عليهما السلام، وان مسمى «حميراء» شتم لها من زوجها كونها سمراء كحال قبيلتها بني تيم ولو كانت بيضاء ـ حسب قوله ـ لوجب تسميتها بالزهراء كحال السيدة فاطمة رضي الله عنها كون العرب يسمون الأبيض: أزهر.

وإليك الرد كما طلبت من إعلامي إلى إعلامي، وأوله الآية الكريمة (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم)، ولا اجتهاد في وجود النص، فلو كان رسول الأمة رأى على السيدة عائشة ما تدعيه لطلقها، وقد سبق له أن طلق إحدى زوجاته طلقة رجعية بسبب إفشائها السر، والطلاق ليس ممنوعا على الرسل (يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) الآية الكريمة، وواضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي في بيت السيدة عائشة وفي يومها وبين سَحْرِها ونَحْرها.

وقد أكرمها الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه بعد موقعة «الجمل»، ولو كانت قاتلة الرسول (!) كما يدعي ياسر لوجب على الإمام تطبيق الحد عليها، وقد أتى في الأثر انه أرسل القعقاع بن عمرو ليضرب عنق اثنين من أهل العراق تعرضا للسيدة عائشة وقدحا بها كما يفعل ياسر، فهل نصدق الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم والإمام عليا أم نصدق خريج العلوم السياسية القابع في لندن؟!

أما مقولة ان قذف السيدة عائشة ليس قدحا بعرض النبي صلى الله عليه وسلم أو عرض أشقائها وكانوا من أنصار وشيعة الإمام علي، فواضح في كل الأزمان والعصور ان الطعن بالزوجة هو طعن بالزوج والأشقاء، وهي القاعدة المطبقة بالأمس واليوم والغد على مليارات البشر ومئات الأنبياء والرسل، أما زوجتا النبيين نوح ولوط عليهما السلام فهما ـ إن سلّمنا جدلا بما قاله ـ «الاستثناء» الذي لا تبنى عليه قاعدة، فالقرآن الكريم الذي أدان الزوجتين هو ذاته الذي برأ السيدة عائشة من أكاذيب المنافق عبدالله بن أبي في الآية (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم..) فهل نصدق القرآن أم القول المرسل لياسر؟!

إن المحذور الأكبر من القبول باستشهاد ياسر بالآيات القرآنية المختصة بزوجتي نوح ولوط عليهما السلام للطعن بالسيدة عائشة رضي الله عنها، هو ان يستخدم أي زنديق وكافر الآيات القرآنية التي نزلت في عم الرسول أبي لهب للطعن في الأطهار الأبرار الأنقياء الأتقياء من أهل بيته الكرام.

على أن المفسرين فسروا الخيانة الواردة في زوجتي نوح ولوط عليهما السلام بأنها خيانة العقيدة أي انهما كانتا كافرتين، وليست كما ادعى ياسر!

واللون الأسمر السائد على قبيلة بني تيم ـ إن صدق ياسر ـ ليس حجة ضد بياض وحمرة السيدة عائشة ومن ثم تسميتها بـ «الحميراء» مدحا لا قدحا، فجميع القبائل قديما وحديثا تتعدد ألوان بشرة أفرادها ولا يتم إخراج أحد من نسبها بسبب ذلك التعدد اللوني، كما ان تسمية السيدة فاطمة بالزهراء قد تمت لأسباب عديدة كما ورد في أحاديث الشيعة والسنة وليس بالضرورة بسبب بشرتها البيضاء المعروفة، فقد روي عن الإمام جعفر الصادق انها سميت بالزهراء كونها إذا قامت من محرابها يزهو نورها لأهل السماء والأرض، كما قيل انها سميت بذلك كونها لا تحيض وإذا ولدت طهرت للصلاة وتلك أمور اختصت بها السيدة فاطمة ولم تنسب للسيدة عائشة حتى تسمى بالزهراء، إضافة الى انه ليس من المنطق ان يسمي رسول الأمة صلى الله عليه وسلم زوجته بكنية ابنته.

آخر محطة:

(1) يدعي ياسر الحبيب انه لا يكفّر أهل السنة ومنهم حكام بلده وجيرانه وزملاء دراسته، إلا ان فتاواه وردود أسئلته على موقعه تثبت انه وسّع من تعريف «الناصبي» الكافر حتى شمل جميع أهل السنة فكفّرهم جميعاً.

(2) هل من الوطنية في شيء ما قاله ياسر من دعوة لإنشاء دولة في البحرين تضم لها الكويت؟! وما الفرق بين هذه الدعوة ودعوة احد الدكاترة قبل اسابيع قليلة التي تتنبأ باختفاء الكويت؟!

(3) يدعي ياسر ان السيدة عائشة رضي الله عنها معلقة يحرق جلدها بالنار هذه الأيام، فهل وصلت إليه تلك المعلومة عن طريق ملاك مرسل من الآخرة أم عبر شيطان من شياطين الأرض مليئة يداه بالذهب والفضة لخلق فتنة لن تتوقف حتى تسيل الدماء أنهارا بين المسلمين؟!

(4) لا أكتب عادة في الأمور الدينية لحساسيتها الشديدة، إلا انني رددت ذات مرة على من قدح بالسيد السيستاني، وأرى ان الرد واجب كذلك على من يطعن بعرض النبي صلى الله عليه وسلم وبأمهات المؤمنين.

(5) لقد توقف القس الأميركي عن دعوته لحرق القرآن التي وحّدت المسلمين خوفا على دماء المسيحيين، فهل توقف يا ياسر دعاواك التي تفرق المسلمين وتستبيح دماءهم؟! نرجو ذلك.

سعيد محمد سعيد

وفيات ليلة العيد… نعوذ بالله!

 

حالات الوفاة التي تابعها الآلاف من المواطنين البحرينيين والمقيمين ولربما ملايين الناس من الخليجيين والعرب ليلة العيد، جعلتني شخصياً أربط بين ما حدث من قصص موت مؤلمة في تلك الليلة، وبين ما نعيشه في بلادنا في هذه المرحلة الحساسة، لكن على أي حال، ترسخت القناعات لدي كما هي لدى الكثيرين، بأن الخاتمة لأي أزمة أو معاناة أو ظرف صعب لا يمكن أن تكون (الموت والقضاء المبرم) فقط! عدا ذلك، لا نهاية أخرى (مفرحة) مهما كانت أفق الحل.

أعتقد أن الكثيرين منكم استغربوا الإشارة الى وفيات ليلة العيد، جعله الله عيداً سعيداً على الجميع في هذا الوطن قيادةً وحكومةً وشعباً، من نتفق معهم ومن نختلف… من يحبوننا ومن يكرهوننا، لكن الوفيات – حفظكم الله وأطال أعماركم – هي تلك التي اختتمت بها معظم المسلسلات الدرامية الخليجية الرمضانية… معظم الأبطال ماتوا! وعلى الرغم من أن كتاب القصص والسيناريوهات لتلك المسلسلات من ألمع الكتاب الخليجيين، وأبدعوا أيما إبداع هذا العام وفي الأعوام السابقة، لكن لا أدري كيف تواردت الأفكار لأن تنتهي مسلسلات زوارة خميس وشر النفوس في جزئه الثالث وليلة عيد وكريموه وخيوط ملونة كلها بموت الأبطال… اللهم يا كافي الشر يا دافع البلاء! نعم، عالجت تلك المسلسلات قضايا اجتماعية مهمة، بكل تفاصيل المعاناة والمأساة، لكن حرام عليكم يا جماعة تحزنون الناس في ليلة العيد.

على أية حال، وليسمح لي القارئ الكريم أن أنتقل من تلك الصورة إلى إسقاط على وضعنا في بلادنا اليوم، فعلى الرغم من أن الوضع في غاية الحساسية ويتطلب ما يتطلب من حكمة وضبط للنفس وتعقل في الطرح والمعالجة وتقارب لصياغة الحلول بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات ومختلف الفئات الفاعلة من مسئولين وعلماء دين ومثقفين وصحافة وإعلام، لكن من غير المعقول أن تظهر إلى السطح دعوات مبطنة حيناً وظاهرة حيناً آخر لاقتلاع ما حققته البلاد على مدى السنوات العشر الماضية من تحول ملحوظ – وإن بنسب متفاوتة يراها الناس كل حسب وجهة نظره – في الحراك السياسي والاجتماعي وتدرج في الممارسة الديموقراطية، حتى وكأن البعض يتمنى أن تزداد الأوضاع سوءاً ويتوقف مسار التحول الديموقراطي ودولة القانون والمؤسسات، و(قتل) كل مبادرة أو توجه لإصلاح الأوضاع والحفاظ على اللحمة الوطنية والتواصل بين السلطة والناس.

وسواء اختلفنا أو اتفقنا في التفاصيل، فإن من حق الدولة أن تحافظ على الأمن والاستقرار وصيانة السلم الاجتماعي فللدولة هيبة يجب أن تصان، ومن حق كل من تورط في أي ممارسة مخالفة للنظم والقوانين أن يدافع عن نفسه أمام القضاء، نعم، ونقول أيضاً إن من حق كل مواطن يشعر بأن حقوقه انتهكت وتعرض للقمع والتعذيب والتجاوزات أياً كان شكلها أن يطالب بحقه بالأسلوب القانوني السلمي، ومن حق مؤسسات المجتمع المدني أن تنتقد أي إجراءات غير قانونية ومن حق الناشطين الحقوقيين أن يقوموا بعملهم على أكمل وجه مهما كانت المصاعب، لكن ليس من حق أحد أن يحرق ويدمر ويخرب ويشتم ويلعن ويفرض على الكل منهجه العنيف من جهة، وليس من حق أي أحد أن يضع طائفة أو شريحة أو مؤسسات في قفص الاتهام المطلق من جهة أخرى، ولا يحق لأي طرف أن يشكك في مبادرات علماء أو إعلاميين أو شخصيات لحلحلة الوضع، أو يسخر من مواطنين رفعوا شعار: «نحن أهل سلم»، أو يتمنى أن تزال شريحة بكاملها من المجتمع…

صوت الحكمة يجب أن يكون مسموعاً ومحترماً من جانب الدولة ومن جانب منظمات المجتمع المدني التي تمثل حلقة الوصل مع الدولة، ولا يجب أن ننسى بأننا نعيش في مجتمع متعدد، فإذا كان هناك فئة تؤمن بالعنف وبالتخريب وبالإضرار بالدولة والوطن تحت شعار «الحق»، فهناك فئة أو ربما فئات لا تقبل بهذا المنهج وترفض أن يفرض عليها الآخرون ما يجب عليها أن تعمله وترى في ذلك الأسلوب خراباً للبلاد والعباد.

هذه الأوضاع ستزول بعون الله، لكن حري بالجميع أن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وأن يكون خطابه وفعاله وصوته نابعاً من مسئولية وطنية، وكلنا ثقة في أن قيادة البلاد الرشيدة، هي أول من يضع مصلحة الوطن على رأس الأولويات