محمد الوشيحي

منعي من دخول مصر


لا أحب الحديث عن نفسي إلا متهكماً، ولا أحب أن أتقدم بشكوى ضد أحد، ولم يسبق أن اشتكيت أحداً، وأتمنى أن يزورني عزرائيل بأوراق جرده قبل أن أفعل ذلك، وربما هذا ما شجع بعض صحف البلاط، أي الصحف التي كالبلاط، وكتّابها اللعاقين على اختلاق أكاذيب عني. وعندما اكتشفوا أنني مخلوق من الأسمنت المدعوم والحديد المسموم، وبلا إحساس، وأنني أعتبر شتائمهم كماليات، توجهوا إلى شتم والدي رحمه الله والتطاول عليه وعلى أسرتي بأقذع السباب.

على أن ذكرى والدي ومكانته في قلبي هما نقطة ضعفي ويدي التي تؤلمني. أعترف بذلك. لكنني أعترف أيضاً أنني كلما قرأت مقالات تشتمه، رغم أن لا ناقة له في الموضوع، ضحكت وتخيلت لو أن عمر المختار (الوالد كما كان يسميه الأصدقاء، فصورته تشبه إلى حد التطابق صورة شيخ الشهداء الثائر الليبي الخالد. واللافت أن المختار أُعدمَ في السادس عشر من سبتمبر، وشبيهه توفي في السابع عشر من سبتمبر، رحمهما الله)، أقول تخيلت لو أن والدي التقى شاتميه وجهاً لوجه في «صحصحٍ خال» كما يقول الشاعر خالد الفيصل، أي في صحراء لا أحد فيها، ولا قوانين دولة تحكمها، كيف ستكون ردة فعلهم أمام ذلك الوحش المتهور عندما يرتفع حاجباه غضباً ويعضّ شفته السفلى كعادته؟ أتخيل ذلك فأضحك حتى تدمع عيني.

ولا أدري كيف جرّني الكلام إلى ذكرى الوالد بعد أن كنت أنوي الرد على ما نشر في بعض الصحف الكويتية والمصرية، وبعض الصحف الإلكترونية العربية، عن منعي من دخول مصر، وعن استدعائي إلى النيابة المصرية للمثول أمامها على خلفية مقالاتي التي أنشرها في جريدة الدستور المصرية.

والمضحك أنني آخر من يعلم عن قصة هذه الرحلة المزعومة التي تدّعي أنني «سافرت من بيروت إلى القاهرة، لكن السلطات الأمنية في مطار القاهرة رفضت دخولي وأعادتني إلى حيث أتيت». والمضحك أكثر أنني والصحيفة المعنية آخر من يعلم عن استدعائي للنيابة! أما المضحك إلى درجة الهبل فهو أن غالبية هذه الصحف صاغت الخبر بهذه الصورة «ذكرت مصادر أمنية موثوقة رفيعة المستوى لصحيفتنا أن…»، ويبدو أن المصادر «الموثوقة» كانت «مرتخية» لسوء الحظ، ويبدو أن المصدر الأمني الرفيع هو العسكري الذي ينظم المرور أمام باب المطار.

وللحق… الصحيفتان الوحيدتان اللتان احترمتا مهنيتهما واتصلتا بي قبل النشر هما صحيفة «رقابة الإلكترونية» وصحيفة «المصري اليوم»، لكنهما اصطدمتا بموبايلي المغلق فنشرت الأولى خبر استدعائي إلى النيابة، ونشرت الثانية خبر منعي من دخول مصر.

والخبر الصحيح هو أن آخر رحلة لي إلى القاهرة كانت منذ نحو أربعة أشهر، وكانت للمشاركة في عزاء عم الكتّاب الساخرين محمود السعدني. والصحيح أيضاً أنني لم أتلقّ أي استدعاء إلى النيابة، لا أنا ولا صحيفة الدستور المصرية التي أكتب فيها، إلى ساعة كتابة هذه المقالة. وسلامتكم.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *