لم ننتقل بعد إلى مرحلة الأحزاب السياسية في التسمية فقط، ولكننا نعامل التيارات السياسية الموجودة كأنها أحزاب، فكل تيار له لوائحه التنظيمية وطلبات انتسابه وغيرها من شؤون تنظيمية أخرى، وكل تيار له برنامج عمل، أو من أعرفهم على الأقل، فـ»حدس» و»المنبر» و»التحالف» والبقية البارزة كذلك. «طيب»… ما الهدف من الانتساب إلى تيار سياسي معين؟ كما أرى فإن المنتسبين إلى التيارات السياسية ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: الأول، ينتسب لإظهار تأييده للتيار، فنجد هذا النوع هو من لا يشاهَد إلا في الملتقيات والأحداث التي ينظمها تياره كالندوات والملتقيات الأخرى. الثاني، هو من ينتسب لأسباب كالروابط القوية مع رموز هذا التيار وقد يعمل أحياناً في تقوية وتسويق تياره بوسائل مختلفة. أما الثالث، وهو الأهم برأيي، فهو من يعمل فعلاً ويجنّد نفسه لخدمة التيار والدفاع عن أهدافه ومبادئه، بل إن هذا النوع هو من يصنع الأهداف والمبادئ ويتحول حينئذ إلى رمز من رموز التيار، حتى وإن كان لا يشغل أي منصب في أمانته العامة أو مكتبه التنفيذي أو أياً كان مسمّاه، وهذا النوع في الغالب لا يتجاوز أفراده العشرين شخصاً مهما كبر حجم أعضاء التيار أو صغر. وبما أن أحزابنا السياسية غير المشهرة والمعروفة بالتيارات السياسية تؤثر وتتأثر في كياني السلطتين التنفيذية والتشريعية، فإن هذا يعني أن تعاطي السلطتين مع أفراد التيارات السياسية وتحديداً من النوع الثالث يختلف عن طبيعة تعاطيهما مع بقية أفراد الرأي العام، بمعنى أن وزير الكهرباء مثلاً حين يستمع إلى شكوى من مواطن عادي فإن تعامله مع هذا الشكوى سيختلف عن تعامله مع شكوى أحد رموز التيارات السياسية، وهو الحال الذي يسقط على النواب أيضاً وتفاعلهم مع المواطن العادي والتيار السياسي، والسبب باختصار هو أن المواطن العادي في الغالب لا يتمكن من تشكيل المواقف القوية التي قد تشكل هاجساً للسلطات كتلك المواقف التي من الممكن أن يقوم بها التيار السياسي. لذا فإننا إن وجدنا أي تيار سياسي أو رموزه يستغلون تلك المعاملة المميزة من السلطات لتمرير وتخليص أمورهم الخاصة سواء كان ذلك التيار يمثلنا أو ينافسنا، فإن هذا وبكل تجرد فساد واستغلال نفوذ مرفوض. فما هو مرفوض بالنسبة لي من ممارسات «حدس» هو مرفوض لي إن مارسه رموز «المنبر» و»التحالف»، ولن أفهم أبداً أي تبرير بقانونية أو مشروعية العمل من عدمه، فتساؤل لماذا حصل هذا الرمز على هذا العمل أو المنصب؟ سيظل محل شك وريبة. برأيي الخاص إن من يريد العمل السياسي المحترم يجب أن ينأى بنفسه عن أي صفقات تحقق الوجاهة الاجتماعية أو الربح التجاري، خصوصاً مع أطراف لا يقوم التيار السياسي أصلاً إلا على التعامل معها ومتابعتها ومراقبتها. قد يكون الاختيار صعباً وقد يكون ترتيب الأولويات غير يسير أبداً وقد نخسر طاقات مفيدة للتيارات السياسية، ولكن هذا هو الحال القائم، ولا أود أن يموت تيار بسبب جشع بعض رموزه أو قرارات فردية حمقاء. ملاحظة: كنت آمل ألا أكتب عن السياسة في رمضان ولكن الظروف أجبرتني على ذلك. خارج نطاق التغطية: بما أننا دولة تمنح الـ30 من رمضان عطلة، فإني أطالب بأن يكون الخامس من شوّال عطلة مرة واحدة. وعيدكم مبارك مقدماً.
اليوم: 6 سبتمبر، 2010
دموع على أستار الكعبة
كعادته كل عام دعا السيد عبدالعزيز البابطين مجموعة من الشخصيات الكويتية لأداء العمرة في هذه الأيام الرمضانية المباركة وللقاء كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية الشقيقة.
تزامن وصولنا الى مكة المكرمة مع موعد الإفطار فأفطرنا وصلينا ثم بدأنا في أداء المناسك بعد أن لاحظنا بادرة طيبة لرجال الأمن السعوديين وهي نصح غير المعتمرين بعدم دخول المسجد الحرام حتى انتهاء صلاة العشاء مما سهل عملية الطواف حتى قاربنا أستار الكعبة التي ابتلت بدموع الطائفين والزائرين.
ثم انتقلنا للمسعى الذي تمت توسعته فأصبح ميسرا على المعتمرين ونقولها بصدق إنه لا توجد دولة في تاريخ العالم اعتنت بالأماكن المقدسة الموجودة على أرضها كما تقوم بذلك المملكة العربية السعودية الشقيقة، وقد صادفت زيارتنا وصول خادم الحرمين الشريفين لتدشين مشروع سقيا زمزم، كما شاهدنا بدايات العمل الجاد في مشروع توسعة الملك عبدالله للحرم المكي والتي ستتسع لمليوني مصل وستزيد مرة ونصف المرة عما هو قائم الآن.
تشرفنا بعد أداء المناسك بلقاء صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الذي نقل تحياته القلبية للقيادة والشعب الكويتي، متمنيا استمرار مسيرة الخير والرفاه للبلدين الشقيقين، ومكررا أن ما يمس الكويت يمس المملكة العربية السعودية.
ثم توجهنا لزيارة سمو الأمير الملكي أحمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية، وتم تبادل الأحاديث معه، ومما ذكره سموه انه يجب ان تتوقف الخلافات القائمة بين المسلمين كونها تضيع الموارد دون فائدة وتهلك الزرع والضرع وتخالف تعاليم رب العباد الذي خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف لا لنتعارك، وردا على سؤال عن عدد المعتمرين هذا العام أجاب سموه بأنهم قاربوا الـ 4 ملايين معتمر، وقد حضر جانبا من اللقاء سمو الأمير الوليد بن طلال الذي أثنى على اللقاء والحوار الذي تم وتمنى تكراره أكثر من مرة خلال العام، وقد تناولنا وجبة السحور على مائدة الأمير أحمد وأبنائه الأفاضل قبل التوجه للمطار للمغادرة للكويت.
آخر محطة:
«السعي بين الصفا والصفوة» هو ما جرى لبعض أعضاء الوفد ممن التبس عليهم الأمر بعد انتهاء مناسك العمرة فسعوا لأكثر من سبع مرات بين فندقي الصفا والصفوة.. وكله أجر وعافية إن شاء الله!
محطة الشيخ
يمتلك أحد أفراد الأسرة الحاكمة في الكويت قناة تلفزيونية جديدة، وربما رغبة في خلق شهرة للقناة بأي ثمن، حتى على حساب الذوق العام والتربية السليمة، فقد قام اثنان من مقدميها الشباب باستضافة ج. ش، المعالج الروحي والمتخصص في فك السحر، وصاحب الطرق السرية في التخاطب مع الجان، ليقوم بمعالجة أمراض المشاهدين المتعلقة بالتلبس والجن والأرواح، وعلى البث المباشر، ولم يتردد الضيف المعالج، الحليق الشارب واللحية، من إعطاء رقم هاتفه النقال للمشاهدين، والطلب منهم الاتصال به وزيارته ليقوم بفك السحر عنهم، وانه سيأخذ مالا منهم في المقابل، ولكن من كانت ظروفه صعبة فسيتسامح معه!
بدأت الحلقة، والتي شاهدت جزءا منها على اليوتيوب على الرابط التالي:
www.youtube.com/watch?v=u_Vw5Q_0FNE والتي نقلت للعالم أجمع مدى ما تتسم به عقول بعضنا من تفاهة وقلة فهم، بسؤال لسيدة تشكو من أنها ترى أيدياً بشرية حولها، فاختصر صاحبنا الجواب، مقاطعا المتصلة، طالبا منها الاتصال به ليعالجها! وعندما سأل أحد مقدمي البرنامج عن كيفية تحضير الجن وكيف نعرفه؟ أجاب الخبير المعالج، وبطريقة ركيكة وجمل غير مترابطة، غير ذات معنى واضح، ومضحكة أيضا، بالتالي: «سين من الناس ذهب لساحر، وهذا الساحر مضمون %100، ولديه تعامل مع رئيس عصابة من الجن، وهذا الجني غير شريف وقذر ونذل ولئيم ومجرم وطلب مساعدته، ولكن هذا لا يقوم بالمساعدة من غير قيام المجرم البشري، أي الساحر، بأداء شيء للجني كمعصية مثلا، وبعدها يقبل الجني بأداء المطلوب إن فعلت فيه المعصية!! ويذهب الجني إلى عالم الجن، ويطلب أن يحضروا له يتيما، لماذا يتيم؟ لأن لا أحد يسأل عنه إن اختفى أو يدعي عليه، لأن الجن عندهم دعاوٍ ومحاكم وكل شيء مثل دوائر الشرطة وكل شيء.. مثلنا، وبالتالي فإما يخطفون يتيما أو يصبحون مثل بعض الذين قمت بعلاجهم اخيرا، وهم 3 بنات قامت زوجة أخيهن بإدخال الجن فيهن، فعالجتهن، فقلت للجني عبدالله، القادم من الصبية، وعمره 30 سنة، ومحمد البصام: أنتو من أين أتيتوا؟ فقالوا …..»! وهكذا يستمر كلامه وسط ذهول مقدمي البرنامج الأكثر سذاجة منه، وربما منا، من غير تسلسل ولا ترابط ولا معنى، إضافة الى كم آخر من الكلام الفارغ الخالي من أي منطق، وافتقاره حتى للسرد الطفولي الواضح، ويبدو أن الهدف يكمن في تخريب العقول وكسب المال بأسهل الطرق. والمشكلة أننا نفتقر الى نصوص قانونية واضحة يمكن بها تجريم هذه الأعمال، ولا يبدو أن أعضاء مجلس الأمة، ولجنة الظواهر السلبية بالذات، في وارد التفكير بتشريع ما يمنع مثل هذا التخريب العقلي، لأنهم ببساطة من المستفيدين في نهاية الأمر من انتشار مثل هذا الهراء وهذا الخراب الفكري والعقلي. ولا نملك بالتالي غير أن نتمنى على الشيخ صاحب القناة وضع حد لمثل هذا الابتذال الخلقي والتخريب العقلي، الذي ربما لا يكون عالما به، رحمة بأعصاب الناس وبعقول العامة، فكيفينا ما نحن فيه من تخلف وبعد عن العالم وكأننا لا نزال نعيش في القرون الوسطى.
أحمد الصراف