للوهلة الأولى، قد يعتقد بعض القراء أن هناك تهويلاً وتضخيماً حينما نتحدث عن افتقار الكثير من الناس، من مواطنين ومقيمين، للأسرة الآمنة… ذلك في الحقيقة أخطر ما يمكن أن يهدد استقرار الإنسان في أي مكان في العالم، وأشد ما غفل عنه الكثير من المسئولين والباحثين الاجتماعيين والمرشدين والمهتمين بالحقل الاجتماعي في البحرين، ذلك النمط من الاغتراب والجفاء والهوة بين أفراد الأسرة الواحدة.
الخطر كبير، والحل ليس مستعصياً، فالخطوة الأولى أن يبدأ كل واحد منا بنفسه، ليعيد النظر بدقة وموضوعية وحرص ليرى الصورة واضحة… هل أسرته آمنة أم لا؟ وما الذي ينقصها… أو بالأخرى، ما الذي يهدد أمنها وطمأنينتها؟ هل هي أسباب في يده أم خارج عن إرادته؟ هل تعجز أجهزة الدولة عن المساهمة في حل بعض المشكلات أم أن الخدمات الاجتماعية الحكومية هي الأخرى منعدمة؟ لكن الأهم وقبل كل شيء، أن يدرك الكثير من أولياء الأمور، المتعلمين منهم وذوي التعليم المتوسط والأميين، أنه على رغم الافتقار إلى الدراسات الميدانية، لكن الكثير من الأسر في البحرين تعيش ظروفاً اجتماعية سيئة، ليست على المستوى المادي فحسب، بل على مستوى التواد والترابط والتراحم… وليس أفضل من اتخاذ قرار بإعادة النظر في مستوى تعاملنا الأسري في هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل.
والإعلام البحريني، أهمل كثيراً هذا الجانب، لكنني ولله الحمد، وجدت وأنا أبحث عن مواضيع تخدم الموضوع، أن «الوسط» كانت قد بادرت منذ العام 2005 بتناول الموضوع بين الفينة والأخرى، وكان للزميلة زينب التاجر موضوع رائع تناولت فيه تحت عنوان :»البحث عن الأسرة الآمنة» العديد من النقاط التي نحتاج أن نكررها ونركز عليها حتى تصل إلى جميع الفئات في المجتمع، وليتبادلها الناس فيما بينهم لتصل حتى إلى أولئك الذين يعيشون في حالة من الجهل والفقر وضيق ذات اليد لتمتد يد المساعدة إليهم… ولا تقولوا لي إنها (الدولة وهذه مسئوليتها) فهذا صحيح، لكن مع ذلك، فإن الكثير من أصحاب الأيادي البيضاء ساهموا ولايزالون في الدفع في هذا الاتجاه.
وفي الواقع، يشعر الإنسان بالأسى والحسرة حينما يقرأ بعض الأخبار والأحكام الصادرة عن المحاكم، أن يجد في مراكز الشرطة والمراكز الاجتماعية كماً هائلاً من القضايا التي ربما لن يصدقها البعض إن قلنا إنها وقعت في المجتمع البحريني حتى أن البعض منها يصل إلى حد التقاتل بين الأب وابنه وبين الأخوة أو الأقارب…
البحث عن الأسرة الآمنة مفتاحه في يد كل واحد منا… فأول خطوة هي التصدي للشيطان الرجيم الذي يسعى لتدمير البيوت، والخطوة الأولى هي الاعتراف بأننا مخطئون في حق أسرنا، وأننا، في مقدرونا، أن نرجع البسمة الجميلة إلى وجوه أفراد أسرنا صغاراً وكباراً.
عيدكم مبارك مقدماً… وسيكون حديثنا الخميس المقبل، حديث (عيد الأسرة البحرينية)