خالد الفضالة هذا الشاب الجميل بات هو قضية الصيف التي تزاحم كأس العالم، وخطتنا التنموية التي بدأت أولى ثمارها بتوقيع ميناء بوبيان مع شركة أطالت أمد إنشاء ملعب من عامين إلى ستة أعوام!! بغض النظر عن شخصية خالد المحبوبة وشهادة جميع المحيطين به المجروحة، وهذا الالتفاف الجميل لمؤازرته، والذي أجزم بأنه لم يكن ليتحقق لو كانت القضية تمس شخصية شابّة أخرى غير خالد، لكن ماذا نريد؟ وما الهدف مما نصنعه؟ وعلى ماذا نحتّج؟ لا نرفض أبدا أن يلجأ سمو الرئيس إلى القضاء، وإن كنا لا نتمنى ذلك لأنه يمثل رأس التنفيذ، فقد نقسو في نقدنا، ورده علينا يجب أن يكون بالعمل لمصلحتنا ومصلحته، لا أن يكون محراب القضاء ساحته وملعبه الوحيد… لا نشكك أبدا في قضائنا، ولكن هذا لا يعني ألا ننتقد أحكامه وهو حق أصيل لنا، وانتقاد الأحكام لا يعني بأي شكل من الأشكال عدم تطبيقها. عندما نجد أن خالد هو الشخص الوحيد في تاريخ الدولة الذي يحبس في حكم درجة أولى بتهمة سب وقذف فإننا نشعر بغصّة لذلك، عندما نجد قضية استخدم فيها أحد أبناء الأسرة كل محتويات قاموس الشتائم في حق النائب العام وتكون العقوبة غرامة 500 دينار، فإننا نشعر بنوع من الغبن، عندما نجد شخصية كالسيد طلال الفهد ترفض الالتزام بقوانين الدولة، ولم تزل كذلك، وتكون عقوبته الوحيدة تغيير مكان مكتبه غير الشرعي من العديلية للجابرية، فإننا نشعر بسيادة الجبروت على الدولة. عندما نرى أمام ناظرينا أن أكبر نهب لأموالنا لم يعاقب فيه سوى شخص واحد من أصل خمسة أو أكثر فإن ذلك بالتأكيد يهز مشاعرنا ويجعلنا نترنح في أماكننا. القضية ليست قضية خالد ووطنيته، وليست مسألة أنه آلى ألا يبيع وطنه، وليست قضية قانون مطبوعات، القضية يا سادتي برمتها لا تعدو كون أن يشعر كويتي واحد بأنه ظُلم في الوقت الذي يجد فيه أن من فعل ما هو أشنع وأبغض وأسوأ في حق وطن بكامله وليس أفرادا فحسب يسرح ويمرح. نحن لا نريد سوى هذا النص «شرف القضاء، ونزاهة القضاة وعدلهم، أساس الملك وضمان للحقوق والحريات»، فما أقسى أن يشعر من ترعرع حراً في كنف وطن عادل بالظلم!! خارج نطاق التغطية: منذ عام 2005 وتحديدا مع الصحوة الشبابية السياسية الجديدة في إقرار الحق السياسي للمرأة، مرورا بالحركة الأكثر نضجا في مسألة تقليص الدوائر، بدأت الأقلام والألسنة المتضررة تصف الشباب بأشنع الألفاظ، لعدم مواءمة ميول هؤلاء الشباب للمتضررين، فبدءا بـ»يهال» إلى «أدوات بيد الكبار» وغيرها من مصطلحات تطورت اليوم لتصبح «شباب طائش» «مطفوق»، أقول لهم بأنه مع الافتراض الخيالي بصحة ما تقولون، ولكن هذا الطيش الشبابي لم يتحرك إلا عندما وجد أن حكمتكم التي تدّعون لم تقدنا إلا إلى الخلف، فكفّوا ألسنتكم وتعلموا منّا كيف تُبنى الكويت.
اليوم: 12 يوليو، 2010
وبينما نحن مشغولون بخلافاتنا الكبرى
نشرت «السياسة» مقالا قبل أمس للزميل أحمد الجارالله أظهر فيه ان قيمة سوق الكويت للأوراق المالية انخفضت خلال الفترة القصيرة الماضية من 65 مليار دينار (لا دولار) إلى 29 مليارا، ما أصاب بالضرر الفادح بنوكا وشركات كبرى و160 ألف متداول (لو أضفنا لهم عائلاتهم لقارب الرقم عدد سكان الكويت)، يتزامن هذا مع تصريح لوزير الاقتصاد الإماراتي ذكر فيه ان الأرقام تثبت تعافي الإمارات من تداعيات الأزمة الاقتصادية وآخر لوزيرة التجارة الخارجية الشيخة لبنى القاسمي يظهر عودة الاستثمارات الأجنبية بقوة لبلدهم المشغول ـ عكسنا ـ بالاقتصاد عن هواء السياسة الساخن.
كما نشرت الزميلة «القبس» في نفس اليوم وعلى صدر صفحتها الأولى ان أرقام الأمم المتحدة تضع الكويت الثالثة عالميا اكتظاظا بالسكان، أي قبل الهند والصين وبنغلاديش، بسبب محدودية المساحات المستغلة للبناء والسكن والزراعة وتربية الماشية، كما بينت الصحيفة ان الكويت تعتمد بنسبة 93.5% من غذائها على الخارج في حين ان المعدل العالمي هو 30%، وان الكويت هي الأعلى حسب بيانات معهد التمويل الدولي في حجم القروض المتعثرة عربيا توازيا مع تراجع الوضع الاقتصادي المستقبلي بعين المستهلكين.
ونشرت «الأنباء» في عدد أمس تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات وما عكسه من أرقام محزنة جدا فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي المحلي، حيث تصدرت السعودية الدول العربية المستقطبة للاستثمار الأجنبي المباشر بـ 35.5 مليار دولار تلتها قطر بـ 8.9 مليارات تدرجا الى اليمن بـ 660 مليون دولار، وأخيرا الكويت بـ 146 مليون دولار فقط، أي ما يعادل 42 مليون دينار كويتي.
وقد تصدرت الكويت المركز الأول (أخيرا) في حجم الاستثمارات «المصدرة» منها للدول الأخرى بإجمالي قدره 6.1 مليارات دولار أو ما نسبته 33% من حجم الأموال الكلية المصدرة، توجه منها 4 مليارات للاستثمار المباشر في السعودية، و1.5 مليار في الإمارات ثم بقية الدول الخليجية والعربية والأجنبية.
ونشرت صحف امس تقرير الشال الأسبوعي الذي حذر من خطورة التضخم «السالب» او انهيار أسعار الأصول على الاقتصاد الكويتي جراء الأوضاع القائمة، كما أشار الى قضية خطيرة هي حقيقة ان ضمان الدولة لودائع البنوك المقدر بما يقارب الـ 90 مليار دولار قد يفعّل، حيث ان التضخم السالب بالاقتصاد هو الخطر الأكبر على هذا الضمان المالي.
ونختم بما ذكرته مؤخرا لجنة الكويت للتنافسية من ان الهدر الشديد في الكهرباء والماء توازيا مع إنشاء عدة مدن جديدة ضمن خطة التنمية، قد يجعلنا نحول شريان الحياة الوحيد في الكويت، أي تصدير النفط، الى استهلاك الداخل بقصد توفير الطاقة والمياه للمدن الجديدة فتنجح العملية بعد موت المريض، كما حذرت اللجنة من التوجه المتعجل للخيار النووي الذي تصدره لنا دول توقفت منذ عقود عن بناء المفاعلات النووية على أرضها بسبب الكلفة الضخمة لإنشاء المفاعلات وتشغيلها وصيانتها والتخلص من نفاياتها السامة.
آخر محطة: (1) نشرت «الأهرام» على صفحتها الأولى قبل أمس مقالا للدكتور عبدالمنعم سعيد أسماه «البعض يفضلونها بائرة» استكمالا لمقاله السابق «رسالة العمران» حذر فيه مما سبق ان حذرنا بلدنا منه وهو استماع الدولة للغوغائيين والمدغدغين ممن يودون بقاء الأراضي العامة بوراً وخرائب ينعق فيها البوم على ان يطورها المطورون، واستشهد بحقيقة ان منح الدولة المصرية للأراضي في السابق نتج عنه إنشاء 33 مدينة من قبل القطاع الخاص تسكنها أعداد تزيد على أعداد القاطنين في الكويت والإمارات معا، حسب قوله.
(2) هل ستجعلنا الحقائق والأرقام الدامغة السابقة نغير المسار أم سنبقى على انشغالنا بالمنازعات والخلافات البيزنطية والحفاظ على المصالح الذاتية الى ان يقع ما يحذرنا المختصون منه؟! الإجابة واضحة وانظروا لمانشيتات وسائط الإعلام المقبلة..!
هل يشعر بعض مسؤولينا بالخجل؟
للسنة الخمسين على التوالي شكلت وزارة الاوقاف لجانا للسفر إلى الخارج لاختيار ائمة ومؤذنين للعمل في الكويت، ومواجهة العدد المتزايد من الطلبات على شاغلي هاتين المهنتين. كما بين المصدر امكانية استحداث لجان اخرى لاختيار الائمة والمؤذنين من دول غير مصر والمغرب، اختصارا للوقت والجهد. وهذا يعني زيادة تدين المجتمع وزيادة المرافق الدينية، كالمساجد! ولكن اين يذهب كل عام مئات الكويتيين «المتدينين» من خريجي المعاهد الدينية والتعليم الديني الجامعي، ومئات خريجي دور القرآن الذين لا يجدون عملا لعدم اعتراف الديوان بشهاداتهم؟ ولماذا يرفض هؤلاء العمل في افضل واشرف المهن الدينية، ذات الاجر الدنيوي العالي والثواب الاخروي الاعلى؟ ولماذا لم يتساءل كبير مسؤولي وزارة الاوقاف قط عن سبب تدني تواجد الكويتيين بين شاغلي هذه الوظائف عاما بعد آخر؟ واذا كان التدين بمثل هذا الانتشار في المجتمع الكويتي من واقع الطلب المتزايد على الائمة والمؤذنين، فلماذا تزداد في الوقت نفسه اعداد المنحرفين من الشباب؟ ولماذا تكتظ العيادات والاقسام الخاصة في المستشفيات بمدمني المخدرات؟ ولماذا يتكرر تحذير مسؤولي الشؤون من تزايد اعداد الاحداث المنحرفين في دور الرعاية؟
أفهم، وبصعوبة شديدة، عدم رغبة الكويتي في القيام بأعمال جمع القمامة وسلخ الماشية والبناء، ولكن لماذا هذا العزوف عن العمل كمؤذنين وأئمة؟
ولو استعرضنا الائمة الكويتيين، على قلتهم، والمؤذنين، الاكثر ندرة بينهم، لوجدنا انهم ينقسمون الى فئات ثلاث: القسم الاول نجدهم مؤدلجين، سلفيين، وغالبا لهم اهداف سياسية واضحة. وفئة ثانية تبحث عن الشهرة والثراء، اقتداء بما حصل عليه من تولى هذه الوظيفة قبلهم، واصبحوا مسؤولين كبارا واعضاء في مجلس الامة، اما الفئة الثالثة، والتي لا تكاد تذكر، فهي التي تقوم بعملها لوجه الله، او لأن لا عمل آخر تتقنه.
وفي هذه المناسبة نود ان نذكر بأن وزارة الاوقاف تضغط بشدة على ديوان الخدمة المدنية للاعتراف بشهادات «خريجي» دور القرآن! (القبس 6/9) ورفض الديوان مبني على حقيقة ان هؤلاء «الخريجين» لم يتعلموا لا الحساب ولا اي كلمة انكليزية، دع عنك دراسة الكيمياء والفيزياء، وحتى التربية الوطنية، وغيرها من العلوم الضرورية، فكيف تريد الاوقاف من الدولة الاعتراف بشهادات هؤلاء، وهم لا يعرفون غير قراءة القرآن والبعض من قواعده؟ والاهم من ذلك لماذا لا تقوم الوزارة بتوجيه هؤلاء للعمل كمؤذنين وائمة مساجد، اذا كانوا بكل هذا الفهم والعلم؟ ولماذا يصلح صوت المغربي كمؤذن، ولا يصلح صوت خريج دور القرآن للمهمة نفسها؟ واخيرا لماذا لا يود احد من آلاف العاطلين عن العمل، المسجلين لدى جهاز اعادة هيكلة وظائف الدولة، العمل في وزارة الأوقاف؟
أحمد الصراف