علي محمود خاجه

… وإذا ساوموها يا مسلّم؟

الموضوع كما أراه ينقسم إلى شقّين: الشقّ الأول هو مبدأ المساومة على المواقف، وهو ما يعني المتاجرة بالرأي والكلمة، وهو بلا شك أمر مرفوض ولا يجب القبول به بأي شكل من الأشكال خصوصا من نوّاب الأمة، ولكن السؤال الموجه إلى النائب البرّاك: هل الحكومة هي فقط من يساوم النوّاب؟ وقد تنجح مع البعض وتفشل مع البعض الآخر؟ أولم يساوم النوّاب الحكومة من ذي قبل؟ بل ساوموا بعضهم بعضا أيضا، ولكن في تلك الحالة فإنهم يسمونه تنسيقا نيابيا!! أولم يشترط على النواب القسم في تجمع العقيلة مثلا؟! فإما أن يقف النائب معكم وإما أن ترهبوه بانتزاع رداء الوطنية منه، وتشخصوه بأنه انبطاحي متنفع؟

إذن فمبدأ المساومة، وإن كان مرفوضا جملة وتفصيلا، قائم وممارس من قبلكم ومن الآخر سواء كانت الحكومة أو غيرها، فلا يجوز بعد ذلك أبدا أن تكون الحكومة هي صاحبة المساومة الخسيسة ومساومتكم تعتبر تنسيقا نيابيا وتوحيدا للصف الوطني.

أما الشق الآخر من حديث البرّاك فيتمحور حول فحوى القضية التي ادعى «بوحمود» مساومة الحكومة فيها للنائبة العوضي، وهي قضية إحالة القانون السيئ الذكر رقم 96/24 والمتعلق بفصل التعليم المشترك إلى المحكمة الدستورية.

كل المتابعين للشأن السياسي في الكويت يعلمون علم اليقين أن نوابا كأسيل العوضي وصالح الملا وعبدالرحمن العنجري وعلي الراشد يضعون قضايا الحريات وعدم التمييز والمساواة على رأس أولوياتهم التشريعية، وأبرز تلك القضايا بالنسبة إليهم هي قضية التعليم المشترك، بل قد لا يخلو حديث في ملتقياتهم وندواتهم العامة عن هذا الموضوع وتحركاتهم في سبيل تغيير قانون فصل التعليم، وهو قانون، بالنسبة للكثيرين وأنا منهم، غير دستوري وسبة في حق الدستور وواضعيه ومؤيديه، والتحرك في هذه القضية ليس وليد اليوم، بل هو ممتد عبر السنين، وهو ما يعني أن النائب البرّاك لم يكشف سرا دفينا في الحديث عن رغبة أسيل العوضي في إحالة القانون إلى المحكمة الدستورية، أما عن موقف الحكومة إن كان فعلا كما تفضلت بأنها ستؤيد الإحالة إلى المحكمة الدستورية، فهو ما يعني أنها في هذه القضية متمسكة بالدستور وتسعى إلى الحفاظ عليه، فهي طبقت القانون السيئ الذكر ولم تهمله أو توقفه، وفي الوقت ذاته وافقت على التحقق من دستوريته لتكون الكلمة الفصل لأهل الاختصاص والشأن.

إن واجبك اليوم يا«بوحمود»، ولكي تثبت للجميع أن الدستور أخوك كما تفضلت من ذي قبل، هو الدفع بكل ما أوتيت من قوة لإحالة هذا القانون وغيره من قوانين تحوم حولها الشبهات الدستورية إلى المحكمة الدستورية، لا أن «تعاير» من يرغب في تطبيق الدستور واستيضاح بعض مكامن الخلل فيه، فهل ستمضي قدما في الدفاع عن أخيك حتى إن كنت معجبا بفصل الاختلاط، أم أنك ستتبرأ من «خليصك»؟

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

المسطول القادم من أسطال

في الستينيات تآمرت امبراطورية الشر السوفييتية القابعة في موسكو على الامة العربية مرتين بقصد احراج الرئيس جمال عبدالناصر، الاولى عندما دفعت المعتوه عبدالكريم قاسم للمطالبة بالكويت «لحرق» فكرة الوحدة العربية، والثانية عندما بدأت في مثل هذه الايام من عام 67 بتحريض النظام الثوري القائم آنذاك بدمشق على المزايدة والادعاء بأن اسرائيل تهدد بغزوهم بعد حادث ضرب الجرار الزراعي.

وابلغت موسكو في حينها رئيس مجلس الامة المصري محمد انور السادات الزائر لها بأن اسرائيل ستغزو سورية، كما خدعت وزير الحربية شمس بدران عندما وعدته بأن تدخل الحرب مع مصر ان لم تكن هي البادئة بالهجوم، مما مهد لمبدأ قبول الضربة الاولى، وقد كشف الباحث العسكري عبده مباشر في كتاب صدر له عن «اسرار وحقائق الحروب المصرية الاسرائيلية» ان وزير حربية ناصر الفريق محمد فوزي ابلغه ان قرار الانسحاب الذي تسبب في هزيمة 67 لم يصدر من مسطول قرية اسطال المشير ـ مجازا ـ عبدالحكيم عامر، بل اتى مباشرة من الرئيس عبدالناصر الذي سبق له ان اصدر قرار انسحاب مماثلا ابان حرب 56 ضمن خطابه الشهير.. «هنحارب».

«الهيكلية» نسبة لمضلل العقل العربي محمد حسنين هيكل أكلت «الناصرية» نسبة لعبدالناصر، ولم تبق منها الا هياكل خاوية وعظاما متكسرة كما اتى في احد التحليلات، يدعم ويمول فاحش الثراء السيد محمد حسنين هيكل جريدة «الشروق» ذات النفس الليبرالي اليساري في مقابل الانتشار الساحق لجريدة «المصري اليوم» ذات التوجه الليبرالي الوسطى، والتي اسسها المهندس صلاح دياب وهو رجل رائع في فكره وتوجهه السياسي الاصلاحي، ويرأس تحريرها زميلنا سابقا في «الأنباء» المبدع مجدي الجلاد، وقد دعيت للكتابة في تلك الصحيفة التي بات توزيعها يقارب توزيع جريدة «الاهرام» اعرق الصحف العربية قاطبة.

وتقوم جريدة «الشروق» هذه الايام وعبر النهج الهيكلي الصحافي (من الصحاف) المعتاد القائم على الغوغائية والتضليل والتوريط بدعم ترشيح د.محمد البرادعي للرئاسة، وتدفع بمناصرين زائفين تلبسهم الجلاليب تارة ولبس العمال تارة اخرى لاظهار ذلك التأييد «الاعلامي» الزائف، وقد استخدم البرادعي ـ ومثله ايمن نور ـ المساجد والكنائس للترويج لآرائهما السياسية، وهو ما اثار استهجان الناس.

وقد نشرت مجلة روز اليوسف لقاء مطولا مع شيخ اساتذة الطاقة النووية في مصر د.محمد ناجي ذكر ضمنه ان عمليات التفتيش المكثفة التي اختص بها د.البرادعي بلده هي ما قضى نهائيا على امكانية تطوير مصر لخيارها النووي، ارجح شخصيا ان دفع البرادعي للواجهة يقصد منه تلقي الصدمة الاولى والاحتراق لصالح ترشيح لاحق للسيد عمرو موسى بعد تركه لمنصبه الحالي.

آخر محطة:

حليف صدام السياسي والمحامي والنائب طلعت السادات اسقطه الله في شر اعماله بعد اتهامه بتلقي الرشاوى من رجل الاعمال عز الدين ابو عوض مقابل مساعدته للحصول على شركة سياحية! طلعت بأسلوبه الكوميدي والبلدي الشهير ادعى ان البرادعي سيتهم كذلك بأنه سرق قنبلتين نوويتين خبأهما في جيبه (!)، واضاف ان بعض زملائه من نواب المعارضة تلقى رشاوى ضخمة ـ يعني اشمعنى انا ـ حتى ان احدهم اشترى قصرا منيفا ووضع «كنبة» امامه وجلس عليها لأن اصله ـ حسب قوله ـ كان حارسا او بوابا!

الاكيد ان طلعت «طلع» من الحياة السياسية المصرية التي اعلن اعتزاله لها بـ «فضيحة مجلجلة»! وعقبال الخروج المبكر او «البكري» لنائب واعلامي آخر.

احمد الصراف

المفاصل الإسلامية وكلمة الشرف

بعد أن انتهينا من السروال الإسلامي والحجاب الإسلامي وغير ذلك من البدع التجارية جاء من يبشرنا بنجاح علمائنا في «اختراع» مفاصل بشرية إسلامية. ففي مقابلة في «الوطن 3/26» مع طبيب المفاصل هشام عبدالفتاح ورد في صدر الصفحة بالبنط العريض جدا: «.. المفصل الإسلامي» أحدث الطرق للقضاء على الخشونة والالتهابات! وعندما تقرأ المقال لا تجد فيه شيئا من هذا، بل تجد ان العنوان مضلل تماما ومسيء دينيا، وزيادة في السخرية من عقل القارئ ترد في الفقرة الأخيرة من المقال أن المفصل الذي يتحدث عنه صاحبنا هو من صناعة غربية كافرة وأطلقت عليه تسمية «الإسلامي» فقط لأنه «يعيد الحركة للإنسان ويمكنه من أداء الصلاة دون مشاكل»! وكأن المفاصل الصناعية الأخرى تعيق الإنسان من الحركة وتمنعه من أداء الصلاة، وتشجعه على الفجور!
وفي الحلقة الأخيرة من الترجمة الدقيقة لكتاب «مشاهدات الرحالة فريا ستارك» التي قدمها الزميل حمزة عليان (القبس 3/23)، ورد أن أبناء البادية تكفيهم «كلمة الشرف» لشراء البضائع، أو عند إجراء أي تعاملات بيع وشراء. وبالرغم من صحة هذا الكلام، الذي ورد في أكثر من مرجع، فإنه ناتج عن ظروف البيئة الصحراوية ولا علاقة له بالضرورة بالأخلاقيات. ففي ظل غياب الورقة والقلم والشهود، والأهم من ذلك السلطة، المقبولة من الطرفين، التي بإمكانها الاقتصاص من المقصر وردّ الحقوق لأصحابها، عند وقوع خلاف مالي، فإن إعطاء كلمة الشرف هي الوسيلة الوحيدة المتاحة لعقد الصفقات. كما أن الوفاء بالدين، بشكل عام، يكون عادة ناتجا عن الرغبة في الاستمرار في التعامل مع الغير، أكثر منه أمانة أو صدقا في التعامل، وكثيرا ما شاهدنا عند وقوع الأزمات والكوارث المالية أن الجميع على استعداد لسجن صديقه وأخته وأخيه في سبيل المال، وتجارب سوق المناخ العديدة خير دليل، هذا في الكويت التي كان شعبها من دون منازع، وإلى وقت قريب، أكثر الشعوب العربية والإسلامية أمانة، فما بالك بحال البقية!
* * *
أعتقد بأن شخصية «جحا»، الذي تروى الكثير من الطرائف على لسانه، شخصية خيالية على الأرجح، هذا على الرغم من وجود أسر لبنانية وفلسطينية ومصرية، من المسلمين والمسيحيين، تحمل الاسم نفسه. ويقال إن جحا هو الاسم الحركي لأبو الغصين الفزاري، الذي عاش أيام الأمويين، أو أنه الملا نور الدين الذي عاش في زمن الصفويين في إيران، أو هو الشيخ نصر الله خوجه الذي عاش زمن العثمانيين. وكما جحا هناك أيضا أشعب وشخصية أبو العبد البيروتي الذي تروى الكثير من النكت «الجنسية» على لسانه!
ويروى أن جحا اصطحب يوما ابنه للسوق واشترى حمارا، وفي الطريق سمع الناس يسخرون من قسوة قلبه لتركه ابنه الصبي يمشي إلى جواره. فترجل عن الحمار وطلب من ابنه امتطاءه، وهنا صادف جمعا آخر فسمعهم يصفون ابنه بقلة الأدب لسماحه لنفسه بركوب الحمار وترك أبيه الكهل يمشي! وهنا قام جحا بمشاركة ابنه في امتطاء الحمار ومر بجمع فسمعهم يشتكون من قسوة قلبه ويشفقون على الحمار من ثقل ما حمل، فترجل وابنه عنه وسارا بجانبه، فسمع جماعة اخرى تسخر من منظره وابنه وهما يسيران بجانب حمار اشترياه أصلا للركوب لا السير معه، فلم يجد جحا بداً من قيامه وابنه بحمل الحمار على رأسيهما، فحملاه وسارا به، فضحك الناس من غباء الاثنين. وهنا نظر جحا لابنه وقال له: انك لا تستطيع أن ترضي الناس جميعا. وهكذا حالنا، وحال غيرنا، مع التعليقات على مقالاتنا التي ترد موقع «القبس» على الإنترنت.

أحمد الصراف