سامي النصف

«ماكو أوامر» من أنشاص إلى سرت

رغم تسمية القمة الدورية الحالية بالثانية والعشرين إلا أن الزعماء العرب اجتمعوا في حقيقة الأمر حتى الآن في 34 قمة عادية وغير عادية، والغريب أن قمة أنشاص (29/5/46) لم تسم القمة العربية الأولى ولا حتى قمة لبنان (13/11/56)، بل قرر إعلام هيكل وأحمد سعيد أن يسمي القمة التي دعا إليها الرئيس عبدالناصر في 13/1/64 بالقمة العربية الأولى كحال تسمية الداعي لها بأول رئيس جمهورية لمصر متناسين الرئيس محمد نجيب، والغريب أن القمة العربية العاشرة عقدت في تونس (20/11/79) وقد تلتها القمة العربية الثانية عشرة في المغرب (25/11/1981) ولا أحد يعلم أين ذهبت أو عقدت القمة الحادية عشرة؟!

 

أغلب النكبات العربية من احتلال فلسطين حتى احتلال الكويت سبقها عقد مؤتمر قمة عربي، ففي عام 46 التقى القادة العرب على معطى المسألة الفلسطينية التي بدأت غيومها الداكنة تظهر في الأفق، وكان القادة العرب منقسمين آنذاك ما بين قادة مخلصين للقضية وقادة آخرين يظهرون خلاف ما يبطنون، وقد أظهرت حقائق ما بعد النكبة من كان يعمل منهم للمشاركة في التهام الكعكة الفلسطينية ومن أرسل الجيوش التي رفع قادتها شعار «ماكو أوامر» الشهير.

 

وكان حريا بالقمة الحالية أن تسمى بقمة «الحفاظ على السودان» وتحصر أعمالها ومناقشاتها في إيجاد حل سلمي لإقناع الجنوب السوداني بالبقاء ضمن الدولة الواحدة عبر خلق مشروع مارشال عربي لتطوير الجنوب وإبقائه ضمن الدولة الأم، وواضح أن أمرا كهذا لم يتم، وعندما يسأل التاريخ يوما قادة صناديق التنمية العربية عن سبب إحجامهم عن الاستثمار في الجزء الأفريقي من السودان وتضييعه بالتبعية ستأتي الإجابة.. ماكو أوامر!

 

إن السودان بات مرشحا لأن يصبح يوغسلافيا القرن الجديد وستغطي مذابحه وحروبه الأهلية – من تاني – على القضية الفلسطينية كما حدث ابان حرب لبنان والحرب العراقية – الإيرانية والغزو الصدامي للكويت حيث تراجعت أخبار فلسطين الى الصفحات الداخلية من الصحف مع فارق أن انشطار يوغسلافيا بقي محصورا في أرضها بينما قد يمتد انشطار السودان إلى أراضي الدول الأخرى.

 

آخر محطة: (1) صدر كتاب محامي صدام، خليل الدليمي، وينسب ضمنه للطاغية قوله نصا «ان الكويتيين من العسكريين كانوا شجعانا وأبدوا مقاومة حقيقية تستحق كل الاحترام» والشهادة ما شهد به الأعداء وبه رد على بعض الافتراء.

(2) وعن موقف عزة الدوري (ابي احمد) في مؤتمر جدة يقول صدام «إن أخي أبا أحمد قد أبدى الموقف المتشدد بناء على توجيهاتي وكان الغرض من التشدد دفع الكويت لحل النزاع!».. رد حازم على من يدعي أن التشدد الكويتي في جدة هو من تسبـب في الغزو.

(3) وأرسل صدام رسائل خاصة ضمن الكتاب (ص 460) إلى 3 من الإعلاميين العرب هم: مصطفى بكري وعبدالباري عطوان ود.محمد المسفر، وفي هذا يقول الدليمي (ص115) «كان الرئيس صدام يدرك بعمق أهمية الإعلام ودوره الحيوي».

احمد الصراف

أنا واليهود.. والتشريح!

في منتصف السبعينات، دخلت وزوجتي أحد فنادق روما للمبيت فيه، وكان الوقت متأخرا، وما هي إلا لحظات حتى امتلأ البهو بعدد من الشباب، وخلال لحظات عرفنا أنهم يهود وعلموا من نحن. لم نهنأ بنومنا في تلك الليلة، لاعتقادنا بأننا سنتعرض حتما للأذى أو الإزعاج منهم، ولكننا كنا نعيش في وهم كبير. بعدها بسنوات زارني والدي في لندن فاصطحبته وأبنائي الى حديقة عامة، وفجأة وقع ابننا محمد من احدى الألعاب، ومن علو 3 أمتار تقريبا على الأرض، دون حراك، فحملته وأنا أتلفت طالبا المساعدة فلم أجد أحدا، فركضت به كالمجنون نحو الطريق الخالي تماما ولمحت، بعد دهر، سيارة قادمة توقف سائقها ونقلني لأقرب مستشفى، وفي الطريق تناهشتني الأفكار من كل صوب فموت محمد يعني موت أمه حزنا عليه! وماذا عن أبي والأولاد الذين تركتهم في الحديقة من غير علم، وغير ذلك من الأفكار المقلقة جدا. في المستشفى استعاد الصبي وعيه، ولكن الخطر لم يزل عنه كليا، فشكرت الرجل الشهم على مساعدته وودعته فرفض، وقال انه سينتظر لحين زوال الخطر ليعيدني من حيث أتى بي! من حديثنا المقتضب علمت أنه مهندس بريطاني وعرف من أكون. حالتي النفسية لم تسمح بالاسترسال أكثر. بعدها بأشهر تقدم لي رجل في حفل وصافحني متسائلا إن كنت أتذكر أين التقينا، فهززت رأسي بالنفي، فقال انه الذي نقلني وابني للمستشفى فعانقته بحرارة، واعتذرت له على تقصيري في حقه، ولكنه قال انه لم يكن ليختلف لو كان في وضعي، وعلمت بعدها أنه يهودي ملتزم.
لا أقصد من وراء ما سردته أعلاه تجميل صورة اليهود، فهم حسب تجاربي الكثيرة، ويشاركني الرأي من عرفهم عن كثب، لا يختلفون عن غيرهم، ففيهم، كما هي الحال معنا، الطيب والشرير، ولكن المشكلة أن تراثنا الديني يأبى علينا ذلك، ويدفع للعداء الأزلي ليس فقط مع الكفرة والمشركين والزنادقة والملحدين، بل وحتى مع الليبراليين والعلمانيين والمسيحيين واليهود، دع عنك البوذيين والهندوس وغيرهم.
وفي موقع الشبكة الإسلامية www.islamweb.net ورد النص التالي، الذي يعطي فكرة عن حقيقة نظرتنا لبعض القضايا، ففي فتوى عن موضوع تشريح الجثث في كليات الطب يقول هؤلاء انه لا يمكن أن يحدث تساهل في تشريح الجثث، فيؤتى بجثة مسلم لتشرح، فهذا لا يجوز مطلقا. ولكن لضرورة التعليم يؤتى بأجساد ليست لمسلمين «ليحصل عليها» قضايا التعلم.

أحمد الصراف