سامي النصف

حديث المدينة

وصلتنا رسالة من سفيرنا في السويد السيد علي إبراهيم النخيلان توضح ان لديهم هناك جهازا يدعى الامبدسمان (OMPUDSMAN) أو جهاز الرقابة الدستورية، والذي يهدف الى حماية الحقوق والحريات العامة من أن تجور عليها إحدى السلطات أو تتسلط عليها الأغلبية في إحدى الحقب.

وجهاز الامبدسمان قائم في كثير من الدول المتقدمة وضمن دول الاتحاد الأوروبي، وقد عمل به في السويد عام 1809 إلا أن فكرته الأصلية نبعت من الملك السويدي شارلز السابع (عام 1713) عندما كان منفيا في تركيا فاستوحى ذلك التشريع الضامن لتطبيق القوانين بالعدل والسوية بين الناس، من نظام ديوان المظالم الذي أنشأه الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، والذي كان يعمل به في الدولة العثمانية.

لدينا في الكويت عدة معضلات كبرى قادمة على الطريق، منها السيل العارم من المطالبات الشعبوية غير العقلانية وغير الدستورية التي تخل في الأغلب بمبادئ العدالة والمساواة، والإشكال القائم هو ان النواب الحكماء والعقلاء يفقدون في كل مرة يتصدون فيها لتلك المطالب المجنونة، والتي ستنتهي قطعا بإفلاس الكويت، جزءا من الدعم الجماهيري لهم، فالتصدي للزيادات التي تطلبها الجماعة «أ» سيفقدهم دعم منضويها، وتصديهم لطلبات الجماعة «ب» غير العقلانية سيفقدهم شريحة أخرى.

إن ما اقترحناه وعقّب عليه السفير الفاضل النخيلان من مد مظلة المحكمة الدستورية لإسقاط التشريعات غير الدستورية والتي تتعارض مع مواد الدستور، له فوائد جمة، فهو يتطابق من ناحية مع ما هو معمول به في الديموقراطيات المتقدمة، كذلك يمتاز قضاة المحكمة الدستورية عن بعض النواب بتحررهم من الضغوط الشعبية المدمرة، اضافة الى اختصاصهم الشديد في وقت قد تأتي فيه التشريعات المدغدغة من نواب غير مختصين لم يتم إلحاقهم حتى بدورات تأهيل برلمانية.

وأحد إشكالات الأطروحــات الشعبوية المدغدغة – وما أكثرها – انها تناقش وتقر خارج إطار الميزانية العامة للدولة ودون معرفة كلفتها الإجمالية على المال العام خلال هذا العام والعشرة أعوام المقبلة على سبيل المثال، وما إذا كنا قادرين على دفعها، وقد يكون من المناسب في هذا السياق إجراء تعديلات تمنع طرح مشاريع قوانين لها كلفة مالية ما لم يكن قد خصص لها مبالغ في الميزانية العامة المقرّة، كما يجب ان يفرض على من يقدم المقترح المدغدغ، ان يقدم معه ما يثبت انه نظام معمول به في الدول الخليجية والدول الأخرى حتى لا نصبح «طماشة» للخلق.

ومما زاد الطين بلة تفشي عمليات التهديد والإرعاب، أي اعطونا أو نقوم بالاضراب، ونعيد للذاكرة ان السد العالي الذي كان قائما للحد من تلك الاضرابات هو شرط موافقة مجلس الخدمة المدنية على المطالب، وقد تم هدم ذلك السد بغباء شديد من قبل أحد الوزراء النواب السابقين الذي تعهد في سبيل حصد الشعبوية لإحدى الجماعات بضمان الموافقة المسبقة للديوان على مطالبهم، مما أرسل رسالة سريعة للآخرين فحواها ان الوزراء قادرون على إخراج الكوادر من ديوان الخدمة متى ما تم الضغط عليهم بالإضرابات والحملات الإعلامية، وكم تدفع الكويت الثمن باهظا للتعيين الخاطئ لذلك الوزير!

آخر محطة:

نبارك للأخت الفاضلة مضاوي العتيبي صدور العدد الأول من مجلتها الإلكترونية «حديث المدينة»
(www.city talks.co.uk) والتي تصدرتها جملة معبرة جميلة هي «لكل مدينة حديث ولحديث مدينة» وعقبال العدد الأول.. بعد المليون..!

حسن العيسى

هي قضية وحدة وطن

أسوأ من القوانين الجائرة هي تلك القوانين المَنْسيّة، وهي التشريعات التي حشرتها السلطة التنفيذية في أدراجها المُغبَرَّة، ونسيتها أو تناستها حسب مصالحها، ثم عادت ونفخت فيها الروح وأحيتها كما تريد أهواء السياسة المتقلبة.

ليس جديداً أن نقرر أن عدداً من التشريعات -وإن كان نافذاً نظرياً- غيرُ مُفعَّلٍ على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك عدد من مواد قانون المرور أو تشريع منع التدخين في الأماكن العامة ومنع الانتخابات الفرعية، وغيرها، لا مكان لها إلَّا في مدوّنة التشريعات، فالسلطة إما هي عاجزة عن أعمالها كتجريم الانتخابات الفرعية، أو أنها ليست جادة وغير راغبة في تفعيلها، مثل قانونَي منع التدخين والمرور.

قانون حظر الجمع بين الجنسية الكويتية وأُخرى، أو ما يُسمَّى ازدواج الجنسية، يعتبر مثالاً حياً على القوانين المَنْسيّة او المُتناسى أمرُها، فالسلطة كانت على علم وإدراك سابقَين بأن الكثير من المواطنين يحملون أكثر من جنسية، وسكتت سنوات ممتدة عن هذا الخرق لحكم القانون، ثم صَحَت فجأة لتذكِّرنا به في معرض مشروع صفقات سياسية، وبعد أن تعرَّض لأمره النائب علي الراشد.

ما هو خطير الآن، ليس موضوع "ازدواج الجنسية" ومخالفة القانون من قِبل عدد من المواطنين، إما طمعاً في كسب ميزات ومنافع مادية أو أنهم وجدوا أنفسهم غير مخيَّرين في تابعيتهم لدول أُخرى، إنما المصيبة في أن يصبح موضوع ازدواج الجنسية ترجمة ودعوة إلى تكريس التفرقة بين أبناء الوطن، ويصبح مرآة لإطلاق شعارات التهديد والوعيد، ليس ضد الحكومة، إنما وسيلة استغلال سياسي لاستدرار التعاطف العشائري أولاً، ثم يُكرَّس ثانياً كأداة للتقسيم العنصري بين بدو وحضر، وطائفي بين شيعة وسنّة، ولم يكن تصريح النائب محمد الحويلة المُخجِل عن الجناسي الإيرانية والأميركية والدماء الزرقاء، إلّا ترجمة فعلية لواقع الفرز الذي يُقنَّن الآن، ليس من السلطة الحاكمة كما حدث في السابق، إنما من نواب يُفترَض أنهم يمثِّلون الأمة بمجملها لا مناطقهم وجماعتهم.

هنا، لم تعُد قضية اليوم حلَّ معضلة "ازدواج الجنسية" وحكم القانون، إنما هي قضية وحدة وطن وإعادة الاعتبار إلى دستور الدولة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

الوزيرة الحمود وكلية الشريعة

في مقال الخميس الماضي شكرت وزيرة التربية لقرارها طرح مناقصة شراء 71 ألف جهاز كمبيوتر لطلبة المدارس، ورد أحدهم ساخرا بأنني شكرت لكوني مستفيدا من المناقصة، فيا لسذاجة الحسد، فلو كانت لدي مصلحة أو شركة كمبيوتر لما فتحت فمي لكي لا أثير الشبهات، فهذه مناقصة وليست عقد توريد! وربما نحن في غنى عن القول إننا نمدح ونشكر عندما يتطلب المقام ذلك، ونفعل العكس أيضا، وللطرف نفسه!
ففي الصفحة الأخيرة من «وطن الجمعة» شعرت بالسعادة للحظات وأنا أقرأ تصريح عائشة الروضان، وكيلة «التربية» بالإنابة، أن الوزارة، واستجابة للمطالب العديدة، قررت إعادة النظر في كتب التربية الإسلامية، وأنها شكلت لجنة تحكيم للكتب الإسلامية الجديدة. ولكن سعادتي لم تدم طويلا وغمرني الحزن وأنا أكمل قراءة الخبر بأنه عملا بسياسة الوزارة الرامية لتطوير المناهج والوصول بها لما يواكب المستجدات التربوية والتكنولوجية في مجال التعليم فقد جاء تشكيل لجنة التحكيم برئاسة عميد كلية الشريعة وعضوية اثنين آخرين من أساتذة الكلية نفسها إضافة لرئيس وحدة التربية الدينية في الوزارة لتنظر في قضية مواكبة المناهج الجديدة للمستجدات التربوية و«التكنولوجية»! وهنا ربما نسيت الوكيلة أن أساتذة ومخرجات ومؤثرات هذه الكلية نفسها هي التي وضعت المناهج الحالية، فكيف يا سيدتي الوكيلة يكون خلاص مناهج التربية الدينية على يد كلية الشريعة، و«أساتذتها» و«علمائها» هم الذين سبق أن تسببوا في كل هذا التطرف والحدة اللذين أصابا المناهج الدينية في المقام الأول؟! ألم يكن من الأفضل تطعيم اللجنة بخبراء تربية من خارج هذه الكلية بالذات التي سيطر السلف وإخوتهم على مقدراتها منذ تاريخ إنشائها؟ ولماذا نحن بحاجة الى مجموعة من حملة الشهادات العليا(!!) ليضعوا مناهج دين يصفه الجميع بــ «دين الفطرة»؟
نتمنى على وزيرة التربية الفاضلة التدخل لإعادة النظر في تشكيل هذه اللجنة لكي لا يأتي وقت، وهو آت حتما إن بقيت اللجنة على أعضائها، يقول فيه وزير تربية جديد ان الوقت قد حان لتطوير مناهج التربية الدينية وجعلها مواكبة للمستجدات التربوية و«التكنولوجية»!
***
على الرغم من آلام الظهر التي تنتابني بين الفترة والأخرى، فإنني لم أحاول منع نفسي من السقوط على ظهري من الضحك وأنا أقرأ عن ما يعانيه الإسلاميون من تكتيم للأفواه ومنعهم من حرية التعبير وحرية النقد وحرية كشف الظواهر السلبية (!)

أحمد الصراف