حصلت لمياء على شهادة الدكتوراه في تخصص نادر، وعملت قبل الغزو والاحتلال في وزارة الصحة في مجال المناعة الوراثية، واستمرت فيه لما بعد التحرير، ثم انتقلت للعمل في لندن، وهناك تسلمت وظيفة إدارية عالية في أحد أكبر مستشفياتها، وبعدها انتقلت الى روما، حيث بدأ نجمها العلمي والعملي بالظهور، بعد أن عينت مندوبة دائمة للكويت في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، وهي المنظمة الأكثر نشاطا وأهمية بين جميع المنظمات الدولية. وفي الفاو، ومن واقع شهادات مكتوبة ممن عملت معهم من كبار سفراء الدول العظمي، أبلت بلاء حسنا في وظيفتها المرموقة، وخلال فترة ترؤسها للجنة الـ77 التي تضم أكثر من 130، وفي المناصب الأخرى التي تولتها في المنظمة وبرنامج الأغذية العالمي، والذي كان له الأثر الايجابي على اعمال المنظمة ووطنها بشكل عام.
وفجأة، أقيلت لمياء من وظيفتها، وجميع مهامها الأخرى، وشوهت سمعتها من خلال صحف معروفة بعدائها للمرأة، وتركت في روما لكي «تعابل» نفسها، بعد أن رفضت حكومتها حتى التكفل بأمر عودتها الى وطنها.
هذه هي لمياء السقاف، التي كانت وجه الكويت الحضاري في المنتديات والمحافل الدولية، والتي تمت قبل فترة قصيرة إقالتها من وظيفتها المهمة، التابعة للهيئة العامة للزراعة، وبطلب من وزارة الخارجية الكويتية!
قد يكون لنائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية، الشيخ الدكتور محمد الصباح أسبابه في ما قام به، وقد يكون لمدير عام هيئة الزراعة عذره هو الآخر في قبول الأوامر، ولكن من المؤسف حقا أن نرى كفاءة نادرة تقال هكذا دون الاستفادة من خبراتها وعلاقاتها الدولية لأسباب ضخمت بشكل غير صحيح، وهي الآن منظورة أمام القضاء العادل، كالقول بانها متزوجة من غير جنسية الكويت، ولكن هؤلاء فات عليهم أنها ليست دبلوماسية، وبالتالي لا يشملها الحظر، علما أن هناك أكثر من حالة مستثناة من هذا النظام، ضمن السلك الدبلوماسي.
كما أن ما اتهمت به من اقامة حفلة مخالفة للعادات والتقاليد (!!) لأربع نائبات كويتيات لا صحة له، وغير ذلك من التهم التي لا تستحق حتى التطرق اليها.
إن البعض منا لا يكتفي بالتعدي على مخرجات التعليم وتشويه تربية النشء، بل يسعون كذلك لوأد الكفاءات، وكأن ما لدينا يزيد على حاجتنا بكثير.
لست هنا في معرض الدفاع عن السيدة لمياء، ولا أعتقد أنها بحاجة لدفاعي او للوظيفة الحكومية، ولكن مؤلم أن نرى كيف يعامل الإنسان المخلص في أروقة الحكومة، فلو كانت هذه السيدة رجلا يدخل الدواوين ويعرف النواب لكان الوضع مختلفا. كما أن تجاربها مع «الموظف الكويتي» أعادتني الى فترة الستينات، عندما كنت أعمل رئيس قسم في أحد المصارف، حيث كنت أعاني الكثير مع الفئة نفسها التي تسببت في المشكل للمياء، وهي الفئة التي تأتي السوالف وطلب زيادة الراتب والمزايا عندها قبل واجبات الوظيفة والتفاني في أدائها!
نعم، مؤسف أن نرى من تعبت على تعليم نفسها وتثقيف ذاتها تقبع في البيت للقيام بأعمال تستطيع مدبرة منزل متواضعة الفهم، ومقابل 60 دينارا، القيام بها، نقول ذلك ونحن على ثقة ان معرفة الحقيقة في هذه القضية ليست بالأمر الصعب المنال.
أحمد الصراف
habibi [email protected]