احمد الصراف

قصة فضلات الفضاء

من المعروف، طبقا لقانون الجاذبية الذي اكتشفه اسحاق نيوتن، أعظم علماء البشرية، أن الفواكه تسقط عن الأشجار، والأثقال تسقط من غير سند إلى الأرض بفعل عامل جاذبية كامن في مركز الأرض، وأن الفكاك من جاذبية الأرض ليس بالأمر السهل، ولهذا تجد جميع الأجسام المادية صعوبة وهي تحاول الابتعاد عن الأرض طيرانا أو حتى تسلقا لدرج عمارة. ولو طبقنا القانون ذاته على رواد الفضاء لوجدنا أن انعدام الجاذبية في المحطات والسفن الفضائية يجعل من الصعب عليهم تثبيت أجسامهم في وضع معين، وتصبح العملية أكثر إحراجا، أو إلحاحا، عند الرغبة في قضاء الحاجة!! ومن اجل ذلك قام علماء وكالة الفضاء الأميركيون بتصميم مراحيض خاصة لرواد الفضاء بحيث يمكنهم القيام بما عليهم القيام به بأقل قدر من العناء والتلوث؟ فالجاذبية الأرضية التي تساعد الفضلات في الخروج من الجسم استبدلت بأدوات خاصة وطرق أكثر تطورا.
لذا قام علماء حقيقيون، لا علماؤنا، بتزويد كراسي مراحيض السفن والمحطات الفضائية بأحزمة تثبت الرائد، أو زميلته، بكرسي الحمام لكي لا يرتفع في الجو بعيدا عنه وهو في منتصف قضاء حاجته. كما قاموا بتصميم طرق مختلفة للتخلص من الفضلات السائلة والصلبة، حيث يقوم الرجال بالتخلص من السوائل في أنابيب خاصة، والنساء في أدوات تشبه القمع، وتسري السوائل من خلالها بفعل ضغط هوائي محدد الدرجة ينقلها لحاويات خاصة. ولكن التخلص من المواد الصلبة أكثر صعوبة، لأن المواد على الأرض تسقط بفعل الجاذبية، أما في سفينة أو محطة فضاء فتخرج من الجسم وقد ترتفع فوق رأس الرائد وتتطاير من حوله وقد تعاود الدخول لجسمه عن طريق الفم مثلا، وهذا أمر مقزز، ولهذا تم تجهيز مراحيض السفن الفضائية بأنظمة شفط المواد الصلبة ونقلها مباشرة لخزان، حيث تجمد، وتعالج فورا، فيقتل كل ما بها من بكتيريا فتزول رائحتها غير المرغوب فيها. وعند تجمع كمية من هذه الفضلات توضع على ظهر سفينة فضاء صغيرة من غير ملاح وتطلق في الفضاء مع خاصية احتراق سريعة!!
ويقول أحد علماء «وكالة الفضاء الأميركية» اننا عندما نرى نجما مضيئا يحترق في السماء ويتلاشى وميضه خلال ثوانٍ فإنه غالبا ما يكون النور الصادر نتيجة حرق فضلات بشرية عائدة لعدد من رواد الفضاء!!
وأتذكر عندما كنا صغارا جهلة، وربما لا نزال، كان البعض منا يعتقد بأن تلك النجوم الخاطفة التي تمر بالسماء مثل البرق وتختفي في لحظات هي سيوف تمنع الشياطين والأبالسة والجن، ولا أعرف الفرق بينها، من دخول ملكوت السماء!!

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *