سامي النصف

أمامك 24 ساعة وإلا..!

علينا هذه المرة أن نتوقف عند ما يحدث لدينا من أزمات سياسية متلاحقة منذ 20 عاما، استقالت خلالها عدة حكومات وحلت على أثرها عدة مجالس نيابية وأبعد كجزء من استحقاقاتها العديد من الوزراء ولم تنته للحظة تلك الأزمات والمشاحنات السياسية التي أوقفت حال البلد وجعلتنا «فرجة» للخلق.

ويتحدث البعض في كل مرة وكل أزمة عن أن الاستجواب هو أداة دستورية وكأن الدستور لا يحتوي الا على المادة 100 المختصة بالاستجواب فقط لا غير، وينسى هذا البعض أن تلك المادة تسبقها المادة 50 التي تنص على فصل السلطات و«تعاونها» وليس من التعاون في شيء التهديد والوعيد و.. أمامك مهلة 24 ساعة وإلا..

لقد بدأت أعمال الفصل التشريعي الحالي – للتذكير – أواخر شهر مايو الماضي وتلاه عطلة صيفية جاوزت اربعة أشهر، لذا فإن العمل الفعلي للحكومة ولمجلس الأمة الحاليين لا يتجاوز أسابيع قليلة، ومع ذلك انتهى الحال بالأزمة الخانقة الحالية التي أدت الى استقالة الحكومة، ان الاكتفاء بحكومة ومجلس جديدين يحلان الاشكال كونهما جربا مرارا وتكرارا في الماضي وقد حان الأوان لأن نتداعى جميعا لخلق حلول مؤسسية تمنع تكرار منهاج الازمات التي تلد أزمات، التي أصبحت كأنها تعويذة شريرة لا فكاك منها.

ومن ذلك الحاجة لخلق دورات تعريف وتثقيف في العمل السياسي للنواب وحتى للوزراء الجدد كما هو الحال في البرلمانات المتقدمة حتى لا يتسبب النائب الجديد وفهمه الخاطئ لبعض مواد الدستور في أزمات فادحة الأثمان يدفعها الوطن والمواطنون غير السعداء بما يجري أمامهم، كذلك يجب أن يوضح المحاضرون للقادمين الجدد للعمل السياسي أن أصول اللعبة السياسية والاعراف الراسخة للديموقراطية تقوم على معطى الحوار الدائم وإبداء حسن النوايا وطلب الممكن لا الحلم بالمستحيل.

إن الحاجة باتت ملحة وضرورية لأن تتم اعادة النظر في أداة الاستجواب عبر تجارب السنوات الماضية، وان تخلق لجنة قيم تحاسب النائب المخطئ، فقد بدأ الإشكال الحالي على سبيل المثال نتيجة لتوسط أحد «النواب» لإدخال شخص عليه قيود أمنية، كما تواترت الأنباء عن مصالح وأموال متداخلة في الإشكال الحالي، فإلى متى يعامل النائب وكأنه شخص معصوم لا يأتيه الباطل من أمامه أو خلفه؟!

ومما نحتاج اليه ضرورة خلق رقابة مالية شديدة ومغلظة محاربة للفساد المالي والاداري لدى منضوي السلطات الثلاث، وأن يمنع الجمع بين التجارة والنيابة بعد أن أصبح دخول المجلس مفتاحا لتمرير المصالح وللإثراء الفاحش غير المشروع والتي بات يعلم بها الصغير قبل الكبير.