سامي النصف

كي يزداد السوق الأخضر اخضراراً

اللون البهيج الاخضر الذي صبغ تداول يوم الخميس الماضي يحتاج الى متابعة كي يبتعد عن الانهيارات التي اصابت بعض الاسواق الاخرى، خاصة ان الآخرين في المنطقة يتوقعون الحلول من الكويت صاحبة التجربة الرائدة في الأسواق المالية، ومن الامور التي تحتاج الى تسليط الضوء عليها حقيقة ان بنوكنا وشركاتنا مرتبطة بأسواقنا المحلية وقل ان تجد في ميزانياتها من له امتداد فاعل بالاسواق الاميركية الا ما ندر، كما ان اقتصادنا قد فك ارتباطه بشكل مبكر مع الدولار الاميركي الذي يتعرض للضغوط هذه الايام.

لقد ضخت الدول المتقدمة مئات المليارات في اسواقها المالية ولا يحتاج الامر في الكويت إلا لإنشاء محفظة «جامبو» لا تزيد مدتها عن 3 سنوات ولا يزيد رأسمالها عن مليار دينار كي تقوم بتوفير السيولة العاجلة للسوق لتمنع انهياره، ويمكن لهذه المحفظة ان يكون لها مردود مالي جيد حال استرداد السوق عافيته كونها ستشتري الاصول بأدنى أسعارها لبيعها حال انتهاء موجة الانخفاض.

والشركات المساهمة المدرجة بالبورصة هي المنفذ البديل لتوظيف الكويتيين واي ضرر يصيبها سيرغمها على القيام بعمليات خفض عمالة مما سيزيد من عدد العاطلين الكويتيين ويرسل رسالة قوية للشباب مضمونها عدم وجود ضمان وظيفي في شركات القطاع الخاص مهما كبرت، ومن ثم سيصطف الجميع مستقبلا في طوابير الخدمة المدنية كي توظفهم الدولة.

ويمكن للكارثة الحالية ان تصبح اداة تقييم ومحاسبة لأداء المدراء في البنوك والشركات فيكافأ من خرج من الازمة بأقل الخسائر ويعاقب من تسبب بخسائر معقولة تفهما للظروف العامة، ويحاسب من نام بالعسل وورط شركاته فيما لا يحتمل واكتشف انه لا يملك الذكاء والدهاء والمعرفة والمتابعة المطلوبة، إن نظرية أن المدراء هم كأسنان المشط في ادائهم لا صحة لها على الاطلاق والازمة الحالية هي اقرب للنار التي تمتحن بها معادن المدراء.

ومما هو ملاحظ ان الدول المتقدمة لا تربط امرا بأمر آخر، فحال وقوع الكارثة المالية العالمية قامت على الفور بضخ مئات المليارات لإنقاذ وتعويم الاسواق والشركات، ولم يقم احد بالكونغرس الاميركي او غيره بربط تلك الحلول بأمور اخرى كالقول لماذا ندفع للأسواق المالية ولدينا ملايين العاطلين ومن ينامون في الشوارع؟ ان القضايا المختلفة تناقش بشكل منفصل حتى لا نكرر في الاقتصاد ما قام به صدام في السياسة، اي عندما اعلن انه لن ينسحب من الكويت إلا اذا انسحبت سورية من لبنان واسرائيل من فلسطين.. الخ.

آخر محطة:
 اخشى ما اخشاه هو ان تنتهي الازمة العالمية الطارئة لتبدأ بعدها كارثة عربية واقليمية دائمة.

احمد الصراف

«الهاكرز».. والقرضاوي

ورد في وسائل الإعلام المهتمة بالإنترنت أن صراعا داميا نشب بين متشددي الشيعة وغلاة السنة في الآونة الأخيرة كانت ساحته الفضاء الإلكتروني، حيث قامت مجموعة من «الهاكرز الشيعة» بشن هجمات على مواقع إلكترونية تخص شيوخ ورجال دين سنة، وقاموا بتدميرها. وقد فوجئ زائرو تلك المواقع بوجود ما يدل على هوية «الهاكرز» الذي قام بتدمير تلك المواقع وشعاره المعبر عن هويته وما يشبه العلم الإيراني يغطي وجه شخص وآية قرآنية تقول: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم»، في إشارة إلى هجوم سابق تعرضت له بعض المواقع الشيعية، ومنها موقع المرجع الشيعي علي السيستاني، إضافة الى ثلاثمائة موقع شيعي اخرى للتسخيري والصفار وغيرهما، حيث تم تخريبها وإتلاف كامل محتوياتها التي لا تقدر، عند كل طرف بثمن، حيث أنها تختصر جهود سنوات طويلة من العمل الكتابي والفني المضني. كما حرص الهاكرز المفترض أنه شيعي، على وضع خلفية موسيقية للمواقع التي تم تدميرها مع صورة لعلم إسرائيلي ممزق وخارطة لدول الخليج، بعد وصفه بالفارسي!!
وكان الموقع الإلكتروني العائد لرجل الدين السعودي المتشدد عايض القرني أحد تلك المواقع التي تم تدميرها بكاملها. كما لم يسلم موقع «البرهان» لفالح الصغير وموقع «الصوفية» وموقع «عبدالعزيز بن باز» من التدمير. وورد في الصحف السعودية أن عدد المواقع التي تعرضت للهجوم ربما بلغ 900 موقع.
ويبدو أن أوار هذه الحرب التي تفتقد الى الاخلاق لدى الأطراف المخربة، التي لا أحد يعرف حتى الآن هويتها الحقيقية، التي ربما لا تؤمن أصلا بحرية الرأي، ستستمر لبعض الوقت، بسبب ضيق صدر كل طرف بأدبيات ومعتقدات الطرف الآخر، على الرغم من إدعائهم بأن دينا ورسالة أخلاقية واحدة يجمعانهم(!!) كما بينت هذه الاعتداءات الخطيرة مدى عمق الخلافات الدينية والعرقية بين الجهات الممثلة لطرفي الصراع، التي لم تفلح أي من مؤتمرات التقارب الوهمية في القضاء عليها أو تقريب أي طرف لنفسية الطرف الآخر، لإحساس كل منهم وثقته بأنه على حق وما على الآخر غير التنازل والاعتراف له بصحة موقفه ومعتقده، مهما كانت تصرفاته الدينية غير منطقية في بعض أو كل جوانبها!!
ويبدو أن لتصريحات يوسف القرضاوي، الداعية القطري المصري الإخونجي، التي أعلن فيها الحرب على التقارب بين المذهبين السني والشيعي، بسبب سعي القوى السياسية الشيعية للتمدد للمجتمعات السنية، علاقة بنشاط هؤلاء الهاكرز. والحقيقة أن هذه الأفعال التخريبية وأقوال القرضاوي في أنشطة الشيعة بينت بوضوح أن غالبية أتباع كل طرف لا تؤمن على الإطلاق بصحة عقيدة الطرف الآخر. وأن الفوارق الفقهية بين الطرفين أعمق بكثير مما يحاول البعض تصويره على أنها اختلافات فرعية، فالاختلافات الفرعية لا تؤدي عادة الى مثل هذا التكفير الذي نقرأه في أدبيات الطرفين، وما نسمعه في القنوات الفضائية لكل طرف بحق الطرف الآخر، وأن الشائع والمتفق عليه بين «كبار وخيرة» كل طرف أن الآخر ليس على حق، وأن هناك فئة واحدة ستدخل الجنة وهي التي على الحق، وهذا ما قاله يوسف القرضاوي في كلمته الأخيرة المثيرة للجدل وما كرره في رده على من تهجم عليه. فإذا كان الشيعة فرقة ضالة بنظر السنة، وإذا كان السنة فرقة ضالة بنظر الشيعة فمن هي إذاً الفرقة الناجية؟ وألم يحن الوقت لتتقدم العلمانية وتطرح نفسها كحل وحيد ونهائي لكل معاناتنا النفسية والأخلاقية والدينية؟!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

في «عشكم» ثعبان – 3

 

لا أملك الاّ أنْ أنحني احتراما وإجلالا لكل أهالي المحرّق، رجالا ونساء.. ممن اتصل مبديا وجهة نظره بشأن موضوع «الثعابين»، وذلك الحس الوطني العظيم الذي أجمعوا عليه والذي يؤكد دون أدنى شك أنّ أهالي المحرّق، جميعهم بلا استثناء، يرفضون كلّ الممارسات التي تهدف الى تقويض الاستقرار والسلم والتعايش البحريني العريق في هذه المدينة.. أيا كان مصدر تلك الممارسات وشخوصها، وأيا كان نوع «الثعابين» التي تنوي شرا.

لماذا التركيز على مدينة المحرّق من دون غيرها؟

والإجابة لا تحتاج الى عناء كثير، فلأنها تمثل النموذج الحضاري الكبير للتعايش بين أبناء الطائفتين، ولأنها امتداد تاريخي مهم ولأنها جزء نابض بحب الوطن.. تتجه إليها أنظار من يريد أنْ يعبث ويحاول إضعاف ذلك الموروث الذي لا يمكن للبحرين أنْ تتخلى عنه يوما.

كل ذلك، يجعل من «ثعبان» المحرّق وغيره من الثعابين في كل مكان في البلد، يصطدمون بالخيبة والخسران كلما حاولوا أن يبثوا سمومهم، فحين يسعى «الثعبان» لأنْ يثير الضغائن والأحقاد، ويؤجّج الفتنة الطائفية ويتحرّك في المجالس تارة، وفي المنتديات الإلكترونية تارة أخرى، ويصدر البيانات التي لا تتحدث إلاّ عما يطمح إليه من مكاسب شخصية على حساب السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، فإنه يريد أنْ يظهر بمظهر المواطن الشريف المخلص لوطنه، في محاولة يائسة كريهة عفنة، بحثا عن راحة نفسه «الخبيثة» التي لا ترتاح إلاّ بمشاهدة مظاهر الصدام والنزاع والخلافات.. لكن أنى لتلك النفس أنْ ترتاح والناس في هذا البلد لا يساومون على تعاضدهم وإصرارهم على التصدّي لكلّ عمل خبيث ظاهرة الخير والوطنية، وباطنه التدمير والتأجيج.

والثعابين ليست في المحرّق فحسب.. يُخطئ من يعتقد ذلك! فهي موجودة هنا وهناك، وحتى إذا تحركت بخفية فإنّ حفيفها يصبح مسموعا ولا غرابة في أنْ يصل ذلك الحفيف الى آذان المخلصين من أهل البلد من الطائفتين.. نعم، لابدّ من الاعتراف بأنّ هناك محاولات نشهدها بين الحين والحين لإرهاق البلد وأبنائه بمشاحنات لا طائل من ورائها الاّ التأزيم.

على أيّ حال، لا يمكن قبول محاولات الثعابين التي تؤجّج الوضع في البلد وتثيرالناس ضد الدولة وضد الطائفة السنية الكريمة وتعرّض الأرواح والممتلكات للخطر، والعكس صحيح، فلن يكون مقبولا السماح لمَنْ يُريد التشكيك في ولاء وانتماء أبناء الطائفة الشيعية، وينسب ولاءهم الى إيران أو الى العمائم أو الى الصفويين ومؤامرتهم الكبيرة الخطيرة للنيل من المجتمع الإسلامي وتحطيمه بحسب الزعم، والعمل ليلا نهارا لرفع شعار الدفاع عن الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم؛ لتبقى نار العداوة مشتعلة بقوّة، لكن، العتب كلّ العتب على أجهزة الدولة التي تتهاون، وعلى رجال البلد من وجهاء وعلماء دين ممن لا نرى منهم تحركا حقيقيا للتصدي لتلك المحاولات، اللهم إلا القليل منهم، وذلك القليل، يتعرّض في الغالب الى التهميش والإقصاء ونشاط الثعابين لإحباط تحركهم الوطني الذي يصب في مصلحة البلد وأهل البلد.

لن يتوقف فحيح الثعابين إلا بتطبيق القانون على كل صوت يسعى لإشعال الفتنة ويستمر في غيه غير مكترث بالمصلحة العليا للوطن، ولا نقصد هنا أخذ الناس بالظنة ظلما وبهتانا، بل بإثبات الدليل على أيّ طرف تمادى في إلحاق الضرر، جهرا وسرا، بأهم ما نملك، وهو أمن البلد واستقراره، وحق الناس في العيش بأمان وصيانة للحقوق..

ولا أعتقد بأننا سننسى أنّ البحرين للجميع.