سامي النصف

اعتذر جعجع فمتى يعتذر عون؟

بئر نفط لبنان الشقيق هي السياحة، وأعتقد ان على وزارة السياحة هناك استغلال حلول شهر رمضان المبارك خلال الاعوام المقبلة في اشهر الصيف ومواسم الاجازات لتسويق لبنان كأمثل وأفضل مركز سياحي لقضاء الاجازة الرمضانية، حيث برودة الطقس واعتدال ساعة الافطار – بعكس اوروبا – اضافة الى توافر المساجد والاجواء الرمضانية فيه.

وتبقى السياحة الخليجية والعربية والاسلامية للبنان محدودة مقارنة بالسياحة الدولية للقادمين من اميركا واوروبا والصين واليابان ودول شرق آسيا.. الخ، لذا يجب التقيد بمقترح ازالة صور الزعامات والقيادات من بيروت الكبرى على ان تتبعها بقية المناطق، خاصة ضمن المناطق المحيطة بالمطار، حيث يصعب على الاجانب تقبل الاصطياف في بلد يظهر نفسه، ومنذ الوهلة الاولى، على أنه في حالة اصطفاف مع الدول المتشددة في المنطقة، او يحاول الايحاء بأن الدولة اللبنانية لا وجود لها حال مغادرة المطار.

واشتريت خلال زيارتي للبنان شريطا أنتجته محطة «O.T.V» التابعة للجنرال عون، يباع في كل مكان، عن مجزرة «اهدن»، تم خلاله استضافة اهالي الضحايا وإلقاء اللوم في تلك المذبحة الرهيبة على القيادي د.جعجع، كما تم لومه ايضا على عملية اغتيال الرئيس رشيد كرامي وفي كلتا الجريمتين لا يمكن لأحد الا ان يتعاطف مع الاهالي ويلقي باللائمة على الفاعلين متى ما ثبتت الجرائم عليهم بالأدلة والقرائن.

وقد أنتجت احدى الشركات الاجنبية عام 2000 برنامجا وثائقيا محايدا عن «حرب لبنان» غطّى، عبر مئات المقابلات مع مختلف الاطراف، احداثها منذ بدئها حتى انتهائها وصدر على شكل اشرطة ممغنطة، ومما اتى ضمن تلك اللقاءات مقابلة مع الجنرال عون اقر فيها بأنه، كقائد للجيش، قد رسم خطة اجتياح مخيم تل الزعتر الذي انتهى كما هو معروف بمذابح فظيعة طالت المئات من النساء والاطفال، والمخطط للشيء كفاعله.

كما اعادت تلك الاشرطة للأذهان ذكرى احداث الثمانينيات عندما قام الجنرال عون بشن «حرب الإلغاء» على بيروت الشرقية وما نتج عنها من ضحايا تجاوزوا المئات، كما أظهرت الاشرطة الوثائقية ان حرب الجنرال على السوريين التي ورط الجيش اللبناني فيها لم تكن على الاطلاق حربا بدوافع وطنية بل كانت بالكامل حربا «مأجورة» لصدام الذي دفع ثمنها عدّا ونقدا وأرسل اسلحتها بحرا.

وقد خلفت «حرب البندقية المأجورة» لعون مئات القتلى من اللبنانيين والسوريين، عسكريين ومدنيين، وانتهت بترك الجنرال لعائلته في القصر المحاصر ولجوئه وحده للسفارة الفرنسية، وأتى ضمن الاشرطة اتهام سوري رسمي للجنرال آنذاك بأنه من اغتال المفتي حسن الخالد والرئيس رينيه معوض لمعارضتهما وصوله لسدة الرئاسة، اضافة الى قصفه المعابر بين شطري بيروت لمنع قيام الانتخابات الرئاسية، مما ادى الى قتل مئات الابرياء.

إن نبش الماضي اللبناني وإخراج الجثث يثير الاحقاد والمواجع ويحيي الفتن ويحضّر الارضية لحرب اهلية جديدة في لبنان، وهو ما فعله تماما الجنرال عون عبر محطته «O.T.V» وحصد تبعا لذلك اعتذارا من جعجع، فهل سنشهد من الاخير اشرطة تتضمن لقاءات ومقابلات مع ضحايا حروب الجنرال وحروب الاخوة الآخرين التي دمرت مناطقهم كي يعتذر البقية من لوردات الحرب عن افعالهم الماضية كما فعل جعجع؟! لست أدري!