ولولا وسائل الإعلام لبطش بعض حكام الدول بشعوبهم بطشا يحبه قلبك… وكان ديكتاتور زيمبابوي روبرت موغابي يحتفظ داخل أسوار قصره الشاسع بمبنى البنك المركزي، وبسبب مقالة لمراسل أجنبي، كتبها وهرب، تم بناء سور يفصل القصر عن البنك. صحيح أن شيئا لم يتغير في الواقع، إلا أن الأكيد أن موغابي الذي لا يستحي من شيء استحى بعد تلك المقالة أو خاف. وإذا كان خبراء الاقتصاد يحذرون من خطورة معدلات التضخم المرتفعة في دول مجلس التعاون الخليجي والتي بلغت سبعة في المئة، ففي زيمبابوي بلغ التضخم أربعة ملايين في المئة بفضل الأستاذ روبرت موغابي الذي يمتلك أكثر من أربعين قصرا خياليا ويحكم شعبا هو الأشد جوعا في العالم. ولم يستح موغابي أو يخف من أي شيء سوى من مقالة صغيرة نشرت من وراء البحار. متابعة قراءة سطوة محببة
اليوم: 28 أغسطس، 2008
الحل في العلمانية
يقول الزميل فهد راشد المطيري «إن التعايش السلمي بين الأديان ممكن فقط في ظل نظام يفصل بين الدين والسياسة، وأن فرصة الوجود غير المشروط لأي دين تحت مظلة دين آخر ضعيفة جداً، ان لم تكن مستحيلة، وربما نستثني من ذلك تاريخ دخول البوذية لليابان وتعايشها السلمي مع ديانة الشينتو الأصلية».
بالرغم من تعدد ديانات منطقة جنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية وتشعبها فإنه من المعروف ان المنطقة برمتها، وطوال آلاف السنين، لم تعرف أي حروب دينية، فجميع ديانات المنطقة من بوذية وهندوسية وشنتو وكنفوشيوسية لا تميل للعنف أصلاً ولا تدعو أتباعها للتبشير بها، وأكثرها يسمح بتعدد الآلهة وتعدد صور الاعتقاد والعبادة.
فتح، أو غزو، القائد الأموي محمد القاسم للهند قلب الموازين في المنطقة وجعل من الحروب الدينية جزءاً من تقاليدها، وإن بقيت في حدود ضيقة، وشبه محصورة بين المسلمين من جهة، واتباع الديانات الأخرى من جهة ثانية.
نقطة الانقلاب الحقيقية بدأت عند تأسيس حزب «جاناتا» الهندوسي المتطرف في الهند، وبعد أكثر من ألف عام تقريباً على الغزو الإسلامي. حيث قام هذا الحزب بقلب المعادلة، والبدء بشن حرب دينية ضد اتباع الديانات الأخرى كافة، والمسلمين منهم بالذات، واضعاً بذلك حداً للتسلط النفسي الإسلامي الذي طال كثيراً على الأغلبية الهندوسية. وقد بلغ ذلك العنف ذروته قبل سنوات عندما أقدم اتباع ذلك الحزب بهدم مسجد «بابري» التاريخي، الذي شكل زواله علامة فارقة في تاريخ الصراع الديني في المنطقة.
نعود إلى موضوع مقالنا لنقول إن ما يكمن حقيقة في نفوس المشاركين في مؤتمرات حوار الأديان أو تقارب المذاهب شيء، وما يصدر عنهم من تصريحات دينية سياسية شيء آخر. فالتقارب بين أي قطبين أو طرفين أو أكثر يتطلب أولاً اعتراف كل طرف بالطرف الآخر، أو الأطراف الأخرى، وأن لهم الحق في الاعتقاد، وهذا بحد ذاته كفيل بهدم الأسس التي تقوم عليها ديانات محددة، هذا إن اتفقنا على أن المشاركين في هذه المؤتمرات لهم الحق الديني في تمثيل الآخرين، وهكذا نجد ان المسألة لا تتطلب مؤتمرات حوار مع الآخر بقدر حاجتنا أولاً إلى مؤتمرات حوار مذاهب داخل كل مذهب، ومن ثم كل المذاهب داخل الدين الواحد قبل التفكير في الحوار مع اتباع الديانات الأخرى!
نعم، نحن بحاجة إلى المصارحة والمناصحة بيننا قبل أن نسعى لتحقيقها مع الآخر. فعندما لا يعترف الشيعي هذا بمرجعية ذاك، وعندما يبغض السلفي جاره الإخوانجي، وعندما يسعى اللبناني السني الحبشي لقتل السني الطرابلسي.. وعندما.. وعندما.. فكيف نسمح لأنفسنا بمجرد التفكير في التنطح لقراع الخطوب مع أصحاب الديانات الأخرى.
وعليه فالحل يكمن في العلمانية التي تحفظ وتحترم لكل طرف حقه في الاعتقاد والعبادة.
• ملاحظة: المواطن السوداني عصام البشير العضو في المكتب الحاكم في السودان، وأمين عام الاختراع الكويتي المسمى بـ «المركز العالمي لنشر الوسطية»، أصبح مثل الشوكة في خاصرة الحكومة. فحزب الإخوان، الفرع المحلي للتنظيم العالمي، الذي أحضره وفصل له ذلك المنصب، لعدم وجود من يجاريه في الكفاءة بين أكثر من مائة ألف مواطن كويتي، يصر على بقائه في منصبه، والسلف يسعون جاهدين لإخراجه، ليس لعدم كفاءته، بل لأنه لم يسلمهم أيا من خيوط اللعبة داخل اللجنة، وبالتالي حصر أموالها ومزاياها على الإخوان الذين يدين لهم بالفضل والمنة!!
أحمد الصراف