لو قمنا بعقد مقارنة بسيطة وسريعة بين مجتمعات دول مجلس التعاون والمجتمعات الأوروبية لوجدنا فوارق هائلة لا تصدق بين المجتمعين، سواء في التعليم أو الزراعة أو الاقتصاد، دع عنك ارتياد الفضاء والتجارة والسياحة والآثار والمتاحف والفنادق والطرقات والخدمات الأساسية كالكهرباء والماء ومصادر الطاقة البديلة.
ولو نظرنا إلى معاهدهم العلمية وتقدمهم في الطب ومستوى مستشفياتهم لأصابنا الذهول، ليس فقط من درجة تقدمهم، بل من مدى تخلفنا وانعدام إنتاجنا، وبؤس مساهمتنا في النشاط الإنساني.
ولو قمنا بإلقاء نظرة سريعة على الفوارق الأخلاقية بين المجتمعين، لأصبنا بذهول يصعب علاجه بغير تدخل جراحي، ففي أوروبا للمواعيد قدسيتها وللعمل احترامه، كما أن الكذب غير شائع بينهم، وعكس ذلك تماماً في مجتمعاتنا.
ولو تطرقنا لدورهم الحضاري والانساني وفضلهم على البشر أجمع في جميع المجالات، في السنوات الثلاثمائة الماضية على الأقل، لوجدنا العجب العجاب، ليس فقط في قلة مساهماتنا بل في الكم الهائل من المصائب والأحزان التي تسبب بها السفهاء منا بحق البشرية، والغرب بشكل خاص. والمجال لا يسمح هنا بتعداد أسباب ذلك، لكن لا يوجد ما يصلح للرجوع إليه من مصادرنا للتدليل على عظمة ثقافة الغرب وقيمه وأخلاقيته، أفضل مما كتبه الداعية السعودي عايض القرني، الذي لم يمنعه انتماؤه لمذهب اسلامي متشدد، وبعد أول زيارة له إلى أوروبا في شهر مارس الماضي، من أن يكتب في صحيفة سعودية.. «أنا في باريس للعلاج، أراجع الأطباء وأدخل المكتبات وأشاهد الناس وانظر إلى تعاملهم فأجد رقة الحضارة وتهذيب الطباع ولطف المشاعر وحفاوة اللقاء وحسن التأدب، كما وجدت حياة منظمة والتزاما بالمواعيد وترتيباً في شؤون الحياة، أما نحن العرب، فقد سبقني ابن خلدون في وصفنا بالتوحش والغلظة.. وبعض مشايخنا، وأنا منهم، جفاة في الخلق وتصحر في النفس.. ونحن بحاجة لمعهد تدريب على حسن الخلق وبحاجة لمؤسسة لتخريج مسؤولين يحملون الرقة والرحمة والتواضع وبحاجة لتدريس اللياقة مع الناس»!
هذا كان رأي الداعية القرني السعودي في أهل أوروبا. أما الداعية الكويتي نبيل العوضي، الكاتب في «الوطن»، والمنتمي إلى تيار عايض القرني، فقد كان له رأي مختلف تماماً في الأوروبيين، فقد كتب قبل أيام يقول: «أما علاقة الأوروبيين بخالقهم فالبهائم أفضل منهم حالاً ومالاً، فهم لا يحللون حلالاً ولا يحرمون حراماً.. والحقيقة أن أهل الغرب لا يردعهم دين ولا قيم ولا أخلاق، بل يردعهم فقط الخوف من العقوبات والغرامات، بل حتى شرطتهم ستشارك في السرقات إن غابت الرقابة.. الأوروبي في الغالب كريه الرائحة، فهو لا يغتسل إلا للضرورة! ولا يستبرئ من بول ولا يتطهر من نجاسة، ولولا أن الله رزقهم جواً بارداً لرأيت رائحتهم تزكم الأنوف وتطرد الطيور وتهلك الزرع! ومن الصفات القبيحة التي يمتاز بها الأوروبي، ولا يكاد ينافسه فيها أحد من الشعوب، صفتا الجبن والبخل، وباقي صفاتهم السيئة لا يمكن حصرها!.
المقال طويل وتضمن الكثير من الذم والمسبة والتهجم، وقد أوردنا فقط مقاطع منه لنبين حقيقة مواقف البعض منا من الآخرين، خصوصاً من أكثر شعوب الأرض تقدماً وأدباً واحتراماً وفضلاً على الأمم الأخرى.
ملاحظة: لا أقرأ مقالات نبيل العوضي، ومن اطلع على هذا المقال أخبرني بأنه قام بترجمته وسيقوم بتوزيعه على سفارات الدول الأوروبية العاملة في الكويت ليطلعوا على طريقة تفكير «علمائنا»، وليواجهوه، إن سمحت لهم قوانينهم، بما كتب عنهم في حال تقدم هذا الداعية للحصول على فيزا للعلاج في واحدة من دولهم!
نص المقالين محفوظ لدينا لمن يود الاطلاع عليهما.
أحمد الصراف