ليس في مقدوري أن أحدد رقما بالضبط، لكن الاتصالات التي وردت من الأحبة أهالي مدينة المحرق العامرة كثيرة ليس بإمكاني عدها… لكنها المرة الأولى التي أتسلم فيها مكالمات يومية بهذا الحجم، والسبب، أو الدافع وراء تلك المكالمات التي وردت من الطائفتين الكريمتين هو توجيه كلمة شكر متبوعة بتأييد… ولكن على ماذا؟
القصة باختصار، ترجعنا إلى قبل أسبوع مضى عندما نظمت «جمعية الهدى الإسلامية» في قرية الدير، لقاء تحت عنوان «التعايش بين الطائفتين في مدينة المحرق» حضره الكثير من أبناء المدينة من الطائفتين، وتحدث فيه الشيخ راشد المريخي، وهو اللقاء الذي جاء بمناسبة إحياء ذكرى مولد الإمام الحسين بن علي (ع) في جامع الدير الغربي.
وأعتقد أن الكثيرين قرأوا وتابعوا ما نشرته «الوسط» كتغطية لذلك اللقاء الذي وجدته مهما للغاية، ونافعا وصادقا ويتماشى مع تطلعات القيادة في توحيد الصفوف وإزالة أسباب الفرقة والخلاف بين أبناء البلد، فاللقاء جاء لإحياء مناسبة دينية هي خاصة بأبناء الطائفة الجعفرية، لكن وجود إخوانهم من الطائفة السنية الكريمة في لقاء يعقد في بيت من بيوت الله، وتحت شعار «الأخوة الإسلامية» لهو شيء مهم حتى وإن انتقص الآخرون من مثل هذا اللقاء ووصفوا كل المتحدثين والحضور بأنهم من «المنحرفين عقائديا» وهي الفكرة التي ترسخت في نفوس ذوي العقول الصدئة الذي يرون في أنفسهم أوصياء على الدين وأنهم حماته.
ليس أولئك هم من يهمنا، فالذي يهم هو أن يكون التعامل مع هذه القضية نابعا من صدق وإخلاص وليس مجرد شعارات جوفاء… لقد كانت الاتصالات التي وردت ولاتزال، تعقب على مداخلة قدمتها في اللقاء بعد انتهاء محاضرة الشيخ المريخي، التي ركزت فيها على حاجتنا إلى التعامل الصادق لعلاج «الطائفية» من جانب علماء الأمة من الطائفتين، كما أن على جميع المواطنين أن يتصدوا للأفكار المنحرفة التي تصدر عن كل طائفة، سواء إن اتجهت هذه الطائفة اتجاه شتم الصحابة وأمهات المسلمين لإشعال العداوات والكراهية والفتنة، أو اتجهت تلك الطائفة إلى تكفير الشيعة والضرب في معتقداتهم وإخراجهم من ملة الإسلام… متى ما توقف هؤلاء وأولئك عن هذا العمل القبيح، ستجد الباحثين عن الفتنة يتلفتون يمنة ويسرة بحثا عن أي شيء يعيدون به إشعال فتيل النزاع والتقاتل من جديد.
وحين يتفق معي غالبية من حضر اللقاء من أهالي المحرق من الطائفتين الكريمتين، أو حين يتصل أحد المسئولين ليؤكد الحاجة إلى أهداف مثل ذلك اللقاء، وأنه أنموذج لفعاليات مكثفة قادمة يجب أن تستمر، فإنني لا أدعي كوني قياديا ضمن هذا المسار التوحيدي الوطني المخلص، ولكنني كنت ومازلت مجرد مواطن حضر اللقاء، وقال ما قدره الله أن يقوله من كلام، ولست أجد نفسي مبتعدا عن الكتابة عن موضوع «الطائفية» أبدا، لأنني وجدت ثماره يانعة… فأصحاب النفوس الطيبة يزدادون تألقا وكرما، وأصحاب النفوس الدنيئة يتمرغون في وحل العفن والأحقاد.