احمد الصراف

آراء في السلف والتلف

يعتبر السلف مجموعة من المتدينين، او غير ذلك، السائرين على هدى من سبقهم من في مرحلة ما من التاريخ.
ولو افترضنا ان السلف الصالح بمجموعه كانوا فعلا على صلاح واستقامة، لوجب على اتباعهم ان تكون اخلاقياتهم وسلوكهم اليوم تشبه، او على الاقل تقارب، ما كان الاولون عليه.
ولكن بتمحيص الوضع الراهن نجد ان الحقيقة خلاف ذلك تماما، وغير ما كانت عليه اوضاع ومواقف هؤلاء قبل سنوات قليلة فقط، فمواقف السلف «القديم» من قضية المشاركة في الحياة السياسية مثلا، من خلال اطر الحضارة الغربية، كانت واضحة تماما، حيث كانت ترفض مثل هذه المشاركة جملة وتفصيلا لكونها نوعا من الشرك بالذات الالهية، واعتمادها على مصادر تشريع غير التي يؤمنون بها وقبول لحكم لا يرتضون به، واعتماد على قضاء لا يثقون بمسوغ حكمه، ولكن فوز غرمائهم في الدين من الاخوان وغيرهم بالمغانم، وعدم ترك حتى الفتات لهم، دفع «كبار مفكريهم» لتغيير مواقفهم «المبدئية» والقبول بالمشاركة في اللعبة السياسية، وبالتالي السكوت عن كل الاعيبها ومداهناتها وخشها ودسها! فهل كان هذا هو برنامج حياة واسلوب عيش السلف الصالح؟
كما يقوم الكثير من المنتمين للسلف بامامة الصلاة في عدة مساجد مقابل اجر ومكافأة، فهل كان هذا من شيم السلف الصالح؟
ويقوم عدد آخر من المحسوبين عليهم، هيئة وتسمية، بالمتاجرة بقراءة القرآن على المياه والزيوت والبصق فيها وبيعها للسذج والمرضى النفسيين مقابل مبالغ مجزية، فهل كان هذا من وظائف السلف الصالح؟
كما «يستحرم» عدد منهم توقيع اي كفالات مقابل الحصول على تسهيلات او قروض من مصارف عادية بحجة معارضة دفع فوائدها للدين!! ولكن هؤلاء انفسهم لم يترددوا في الوقت نفسه من الاقتراض من هذه المصارف وقبول دفع الفوائد الربوية لها، على ان يتحمل بقية اخوتهم وشركائهم مسؤولية كفالة تلك التسهيلات والقروض، فهل هذا من صفات السلف؟
كما يحرص العديد من قادة السلف على الطلب من العاملات لديهم، او لدى الشركات التابعة لهم، ضرورة ارتداء الحجاب، وحتى النقاب ان امكن، في اماكن العمل، ولكنهم ينسون في الوقت نفسه انفسهم واهل بيتهم، فهل كان السلف الصالح يؤمن بالمزدوج من المواقف والوصولية؟
القائمة طويلة والواحد منا لا يحتاج الى ذكاء مفرط ليعرف ان المسألة برمتها ليست الا متاجرة بالدين واستغلال له للوصول لأعلى المناصب واكثرها ربحية ونفوذا، وهذا لا يعني عدم وجود البعض من السلف البسطاء الذين بقوا على عقيدتهم السابقة التي تكفر كل افعال هولاء وغيرهم، وهؤلاء لا يزالون على اعتقادهم بانهم، وهم فقط، الفئة الناجية من النار، ويا نار كوني بردا وسلاما عليهم.. وعلينا.

أحمد الصراف
abibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

ليست سوى «خيالات مقلقة»!

 

لم تكن «أزمة» مواد البناء، التي ما كانت لتطرأ على بال الكثيرين «صورة خيالية»… كانت ولاتزال حقيقة قائمة، ولانزال نجهل كيف ستكون الحلول على رغم التحرك الحكومي! ونجهل أيضا، هل ستكون الحلول، علمية واقعية موضوعية، أم هي «ترقيعية» والسلام؟

لا أحد من أهل البلد يتمنى السوء لبلاده أبدا، ولكن، ذلك لا يمنع من أن نعترف بأن الصعود على السلالم الورقية والادعاء بأن الأمور في البلاد دائما وأبدا على خير ما يرام سيجعلنا نسقط السقطة تلو الأخرى، ثم نهب للبحث عن الحلول، وقد عزت… بعد فوات الأوان، أو حتى في أوان الفوت، لن يكون في مقدورنا التحرك لضمان الحلول المطمئنة… إذا، ما الحل؟

الحل ببساطة، أن نعترف، بأن الكثير من الأجهزة الحكومية ينقصها التخطيط الإستراتيجي، وهي حين تدعي دائما تحقيق المراتب الأولى، بل والأولى من نوعها، فإنها لن تصبح وحدها حطاما تحت جبل من المشكلات والأزمات، بل سنكون كلنا تحت ذلك الحطام لا قدر الله.

الوقت ليس مناسبا للحديث عما حققناه من إنجازات والركون إلى العافية، وكأننا لا نستطيع التحرر من مقولات ولدنا وتربينا عليها من قبيل أن العرب تسيدوا العالم… وعلماء المسلمين اكتشفوا الابتكارات قبل أن يكتشفها الغرب… وكنا، وكنا، وكنا، في السابق… في الماضي من الأيام… أما عن اليوم الحاضر، فلا شيء لدينا إلا الفخر بإنجازات الماضي، وأننا لانزال، منذ القدم، في المقدمة.

يعتقد الكثير من كبار المسئولين، وأصحاب القرار، أنهم بتكرار العظيم المنجز كل يوم، إنما هم بذلك يفرحون القيادة السياسية، ويعتقدون أيضا، أنه من العيب أن نتحدث بصراحة عن أوجه الخلل واستقراء المستقبل بعقول متفتحة تنجينا مما لا تحمد عواقبه، إذا، هم بذلك يخدعون القيادة ويخدعون الدولة ويخدعون الشعب كله! متناسين مسئوليتهم أمام الله وأمام القيادة بأن عليهم أن يكونوا صادقين، وإلا فإنهم سيغضبون القيادة وسيغضبون الشعب كلما وقعت واقعة.

لنتخيل، من باب التخيل الحر فقط الآتي:

– كيف سيكون وضعنا لو تكررت أزمة «الاثنين الأسود» وانقطعت الكهرباء عن البلاد مجددا؟

– لو لا سمح الله، تعطلت محطات تحلية المياه، ما المخزون لدينا، والى أي مدى يمكن أن يصمد؟

– ماذا لو استمرت أزمة مواد البناء، وانقطع المدد القادم عبر جسر الملك فهد لسنوات مقبلة؟

– ليس لدينا أمن غذائي إطلاقا… فلا ثروة زراعية ولا حيوانية، ولا مصانع أغذية تتوافر موادها الخام محليا… ماذا لو اشتدت أزمة الغذاء العالمي، كيف سيكون وضعنا؟

– بين حين وحين، نواجه أزمة دوائية، ودائما الحلول موجودة وناجحة، لكن ما هي؟

– ما مصادر الدخل القومي المستقبلية القادرة على الإيفاء باحتياجات الأجيال المقبلة… زادت أسعار النفط أم تدهورت؟

– نستورد كل شيء من الخارج… متى سنحصن أنفسنا داخليا؟ ماذا لو نشبت الحرب، ومرة أخرى، انقطع المدد القادم من الخارج؟

لاشك في أن كل الحلول موجودة لدينا، لكن أين وكيف ومتى؟

قد نراها مجرد «أوهام»، لكن لا يمكن أن يكون التخطيط الإستراتيجي الحقيقي وهما؟

محمد الوشيحي

عسكر العيار

كالفقير الذي ينجب المزيد من الأبناء ودخله لا يمكنه من توفير أبسط متطلباتهم، سيكون هذا هو حال مجلس الأمة في حال أسقط القضاء عضوية النائبين مبارك الوعلان وعبد الله مهدي العجمي واستبدلهما بالمرشحين عسكر العنزي وسعدون حماد العتيبي… مزيدا من «رجالة المعلم».
عسكر العنزي، في حال دخوله البرلمان، سيكون النسخة المعتمدة للنائب السابق طلال العيار، شكلا ومضمونا. كلاهما له «بيبي فيس» أو وجه طفولي، كلاهما «صاروخ معاملات»، وكلاهما صلى على راحته صلاة الميت وفتح باب منزله لأصحاب المعاملات التي لا تنتهي، بدءا من المشاريع الكبرى وانتهاء بمخالفات ممنوع الوقوف، ولا يشعران بالضجر مهما ازداد عدد المعاملات. وقد سمعت بأن ابتسامة النائب السابق طلال العيار التي يشاهدها آخر الخارجين من ديوانه هي الابتسامة ذاتها التي يشاهدها أول القادمين، والابتسامة جهد مجهد، لكنه رجل لا يكل! أمور أخرى يشترك فيها الاثنان، منها أنهما من دائرة واحدة، وأنهما لن يشعرا بألم في المعدة لو تم انتهاك الدستور… الفارق الرئيس بينهما أن عسكر العنزي لا يمكن أن يصل إلى قدرة طلال العيار في التأثير على المشهد السياسي بأكمله. طلال العيار، اتفقنا معه أو اختلفنا، شخصية مؤثرة تمتلك أدوات التفاوض والتهدئة والتصعيد، يجيد استخدامها بحسب الوقت والمكان. متابعة قراءة عسكر العيار

سامي النصف

عتب رئيس البرلمان

نقل الزميل الباسم داهم القحطاني في عدد الأمس للزميلة «الراي» عتب سعادة رئيس مجلس الأمة على رجال السلطة الرابعة وقال ان عليكم ان تتذكروا ان للمسؤولين أهلا وزوجات وأبناء وهو حس انساني راق غير مستغرب من أبو عبدالمحسن ومازلت اذكر ما قاله لي احد الاصدقاء من الوزراء من انه يقرأ الصحف يوميا بعد صلاة الفجر كي يخفي الجريدة التي تحتوي على هجوم شخصي يمسه كي لا يغضب ابناؤه او تتم الاساءة لصورته عند أهله.

هذا العتب المقبول من أبو عبدالمحسن هو بالقطع طريق ذو اتجاهين كونه يطرح بالمقابل تساؤلا حول من يسيء من رجال السلطة التشريعية للآخرين وللمؤسسة التي تضمه بل حتى لزملائه النواب حتى وصل الانحدار الأخلاقي لمستوى جديد يتقصد به النائب الأبرياء من أقارب وأهالي المواطنين حتى أصبحت الحصانة البرلمانية التي يقصد بها حماية العضو من كيدية الحكومة وسيلة يختبئ بها ممثل الشعب من أبناء الشعب المعتدى عليهم.

ان احدى الوسائل اللاأخلاقية التي يستعملها بعض النواب لتشويه صورة من يستقصدونهم هي عبر توجيه اسئلة برلمانية توزع على وسائل الاعلام يتم من خلالها وعلى سبيل المثال سؤال وزير المالية عن تفاصيل ارساء عطاء خارج اطار القانون وبعشرات الملايين على «زيد بن عمر» وهو الشخص المراد تشويه سمعته، وسؤال آخر لوزير الداخلية يتضمن طلب محاضر القبض على «محمد بن زيد بن عمر» في احدى الشقق المشبوهة وبالطبع ستأتي الاجابات اللاحقة التي تودع بالسر لدى أمانة سر مجلس الأمة نافية وجود مناقصة أرسيت أو عملية قبض تمت، وتلك العملية اللاأخلاقية نلحظها تمارس بشكل أو آخر كل صباح دون رادع ديني أو واعز أخلاقي.

ففي مصر على سبيل المثال يسيطر الحزب الوطني على أغلب مقاعد مجلس الشعب الا ان ذلك الحزب لا يتوانى كل عام في اسقاط عضوية المتجاوزين من النواب من اعضائه كمن استغلوا صفتهم البرلمانية للحصول على القروض الضخمة من البنوك وسموا بنواب القروض ومثلهم النواب الذين تورطوا في قضايا تهريب الممنوعات، لدينا بدأت هذه الأيام الأنباء تتواتر عن نواب يتاجرون بالبشر مما أوصل سمعة بلدنا للحضيض فهل سنسمع عن اي محاسبة لهؤلاء متى ما ثبتت التهم بحقهم كالحال في مصر أم سنقرأ عن رفض آخر لرفع الحصانة؟!

وسنقف بقوة مع المطالبة بالسجن 5 سنوات لمن يدعون للحل غير الدستوري بل سنطالب بمضاعفتها على شرط ان تخلق توازيا معها آلية تحاسب بعض النواب ممن تسببوا في إعطاء الصورة المشوهة جدا لممارستنا الديموقراطية حتى أوصلت قطاعا لا يستهان به من المواطنين إلى الكفر بها والمطالبة بذلك الحل غير الدستوري وأحالوها بأفعالهم من القدوة الحسنة للاخوة في الخليج والمنطقة العربية الى القدوة التي لا يريد احد الاقتداء او الاستشهاد بها، ان محاسبة المتجاوزين من الاعضاء هي الكفيلة بمعالجة أصل مرض «الحل غير الدستوري» لا اعراضه المتمثلة بدعاوى المواطنين والكتاب.

آخر محطة:
وسط ظلام قلة القدرة والكفاءة المتفشية في مجتمعنا للأسف، تسطع شموس ونجوم تضيء الطريق لأجيالنا الصاعدة، فالشكر الجزيل لطبيب العيون والغطاس البارع د.خالد السبتي على قدراته المميزة وعنايته الراقية والانسانية بمرضاه وجزاه الله كل خير عنهم وأكثر من أمثاله.

احمد الصراف

ابحث عن المستفيد

قام المرجع الاسلامي الشيعي الاعلى، السيد محمد حسن الشيرازي في عام 1891 بإصدار الفتوى التالية في ايران: «ان استعمال التبغ والتنباك اليوم بأي نحو كان يعد في حكم محاربة امام الزمان عجل الله فرجه».
مرت تحت الجسر منذ صدور تلك الفتوى قبل 117 عاما مياه كثيرة، وتغير الموقف من التبغ ليصبح سلعة اقتصادية وطنية في تلك البلاد، بعد اباحة وشيوع استخدامه، علما بأن الفتوى صدرت في حينه من مرجع ديني ضد حاكم دنيوي، هو الشاه ناصر الدين، لإجباره على الغاء اتفاقية التنباك، او التبغ، الشهيرة التي سبق ان وقعها مع شركة بريطانية احتكارية.
بعد صدور الفتوى بمائة وعشرة اعوام تقريبا اصدر السيد محمد حسين فضل الله المفتي والفقيه اللبناني المعروف فتوى قال فيها ان تدخين التنباك اثناء سريان الصيام لا يفطر. وقد سبق ان انتقدنا تلك الفتوى في حينها لا لشيء الا لمعارضتها الصحة العامة، ومن اجل المنطق. وقد قام المرجع اللبناني الكبير نفسه، الذي يحظى باحترام جم من قبل الشيعة والكثير من السنة في عدد من الدول الاسلامية، قام قبل ايام بالإدلاء بحديث مميز لموقع «العربية نت» التابع لقناة «العربية» التي تمتلكها جهات سعودية، مثّل، من وجهة نظري، قمة التسامح والقبول بالطرف الاخر دون تحزب او تعصب، حيث قال ان عبارة «عليا ولي الله» التي ترد في اذان المسلمين الشيعة، ليست جزءا من الاذان. كما ذكر أن الصفوية التي بدأت في ايران في عام 1501 ليس لها وجود الآن. وان المسلمين العرب الشيعة بمجملهم غير تابعين لغير دولهم، سواء دينيا او سياسيا، وانه ليس للشيعة في اي دولة عربية مشروع خاص بهم.
وأشار فضل الله الى مسألة السجود، عند الصلاة، على التربة، وقال إنه ليس لها اية قدسية. كما حرم ادماء الرأس في عاشوراء، او ضرب الظهور بالسلاسل، رافضا كل تقليد يحاول ان يعطي المأساة ابعادا تؤذي الجسد او تشوه الصورة الاسلامية. وحرم فضل الله تحريما مطلقا الاساءة الى الصحابة وسبهم، ومنهم السيدة عائشة. وأكد أن غالبية الشيعة لا يقولون بولاية الفقيه. كما ان زواج المتعة لديهم يعتبر من المسائل التي لا تزال موضع خلاف في الشريعة، وانطلاقا مما يمتلكون من ادلة يعتقدون بشرعية الزواج، بينما يعتقد السنة انه لا شرعية له لان الآية نسخت، وقال إن هذا بحث علمي اجتهادي لا يجوز لنا ان نتراشق فيه بالاتهامات الباطلة.
وقال إنه ليس بين الشيعة ولا واحد في المليون من يعتقد ان هناك قرآنا آخر يسمى بمصحف فاطمة.
وقال المرجع فضل الله إن ما ينسب للشيعة من حديث عن خيانة جبريل هو حديث عن خط من خطوط الكفر، ويمثل اساءة لله، لأن الله لا يمكن ان يأتمن على وحيه من يخون الامانة، ويصبح بالتالي عدم صحة هذه المقولة في احاديث الشيعة ولا في اعتقاداتهم من قريب او بعيد.
الحديث طويل وتضمن امورا عدة ويمكن الرجوع لـ «العربية ـــ نت» لقراءته كاملا.
ونحن اذ نشكر المرجع الكبير على كلامه، نتمنى ان نرى جهة تقوم بتبنيها ووضعها في اطارها الصحيح والعمل على ترويجها، علما بأن معارضة الغلاة، من الطرفين، في نشر هذه الآراء لن تكون سهلة، فمصالح الطرفين في خطر في حال تهاوي جدران الاختلاف والمعارضة بينهما، فمن مصلحة غلاة الطرفين بقاء هذه الاختلافات لأطول فترة ممكنة وضمن اكبر عدد من اتباعهم لتستمر هيمنتهم على عقول الملايين من المؤمنين السذج وقلوبهم وجيوبهم.
نقول كل ذلك بمناسبة البادرة الجميلة التي قام بها بعض كبار رجال الدين السنة في السعودية عندما صلوا في مسجد شيعي في القطيف خلف امام شيعي، وكيف ان الاتفاق تم على الرد ايجابيا على هذه المحاولة عن طريق قيام وفد شيعي بزيارة مسجد سني للصلاة خلف امام سني وما تبع ذلك من وأد لهذه المحاولة لان نفرا من غلاة السنة وجدوا في المحاولة تقاربا يضر بمصالحهم، الامر الذي دعا الفرقاء المعنيين للاتفاق على اقامة الصلاة المشتركة في مكان «سري»، لكي لا يتم تنفيذ التهديد بتخريبها!
وبعد كل هذا يعتقد الكثيرون بأن خلاصنا لا يكون الا على يد رجال الدين منا!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

ثلاثة وزراء… في السجن!

 

كثيرة هي القصص اللطيفة التي تستحق منا التأمل…

لقد أصبحت مراسلاتنا الإلكترونية مع بعضنا بعضا، وبشكل يومي في بعض الأحيان، جزءا من التنفيس والتلطيف في وجه مشاق تلاحقنا في كل لحظة… هذه القصة، عجيبة عجيبة… وتتطلب منا جميعا لحظات من التأمل، وهي ليست مقتصرة على فئة معينة، لكنها تشمل الكل… الوزير والخفير كما يقولون… لا بأس، لنقرأها معا:

في يوم من الأيام استدعى أحد الملوك وزراءه وكانوا ثلاثة، فطلب منهم طلبا غريبا: يجب على كل واحد منهم أن يأخذ كيسا ويذهب إلى بستان القصر، ويملأ ذلك الكيس بمختلف طيبات الثمار والزروع ويحضره إلى الملك، على ألا يستعين بأحد في هذه المهمة، ولا يسندها إلى أحد آخر… استغرب الوزراء من طلب الملك، لكن كل واحد منهم أخذ كيسه وانطلق إلى البستان.

فأما الوزير الأول فقد حرص على أن يرضي الملك! فجمع من كل الثمرات أفضلها وأجودها، وكان يتخير الطيب والجيد من الثمار حتى ملأ الكيس… أما الوزير الثاني، فقد كان مقتنعا بأن الملك لا يريد الثمار ولا يحتاج إليها لنفسه، وأنه لن يتفحص الثمار، فقام بجمع الثمار بكسل وإهمال فلم يتحر الطيب من الفاسد حتى ملأ الكيس بالثمار كيفما اتفق!

الوزير الثالث، لم يعتقد إطلاقا أن الملك سيهتم بمحتوى الكيس أصلا، فملأه بالحشائش والأعشاب وأوراق الأشجار. وفي اليوم التالي، أمر الملك أن يؤتى بالوزراء الثلاثة مع الأكياس التي جمعوها، فلما اجتمع الوزراء بالملك أمر الملك جنوده بأن يأخذوا الوزراء الثلاثة ويسجنوهم (انفراديا) كل واحد منهم مع الكيس الذي معه لمدة ثلاثة أشهر في سجن بعيد لا يصل إليهم فيه أحد، وأن يمنع عنهم الأكل والشراب.

فأما الوزير الأول، فظل يأكل من طيبات الثمار التي جمعها حتى انقضت الأشهر الثلاثة، وأما الوزير الثاني فقد عاش الشهور الثلاثة في ضيق وقلة حيلة معتمدا على ما صلح فقط من الثمار التي جمعها… أما الوزير الثالث فقد مات جوعا قبل أن ينقضي الشهر الأول.

وحتى نبتعد عن السياسة وبلاويها، نختتم الرسالة بهذه العبارة: «هكذا اسأل نفسك من أي نوع أنت؟ فأنت الآن في بستان الدنيا لك حرية أن تجمع من الأعمال ما تشاء… طيبها وخبيثها، ولكن غدا، عندما يأمر ملك الملوك أن تسجن في قبرك، في ذلك السجن الضيق المظلم لوحدك، ماذا تعتقد سينفعك غير طيبات الأعمال التي جمعتها في حياتك الدنيا؟

احمد الصراف

ملاحظات متفرقة

1 ــ قامت الجمعية الاميركية للاطباء النفسانيين، وهي واحدة من اهم واكثر الجمعيات احتراما في مجالها قامت بمنح الطبيب الكويتي، محمد السويدان، جائزة الجمعية السنوية، علما بأن هذه الجائزة تمنح لخمسة اطباء فقط من دول العالم كافة! يحدث ذلك في دولة «لجنة الظواهر السلبية»، ويمر الخبر مرور الكرام، لأنه ليس فيه ما يهم اللجنة ويسترعي انتباهها، ولولا قيام د. فؤاد العلي، عميد كلية الطب، بتكريم السويدان لما سمع احد بالخبر!

2 ــ الصفعة الشهيرة التي تلقاها الداعية «الجندي» غريم ومنافس الداعية الاخر «عمرو خالد» لا تزال اصداء صوتها تتردد في الصحافة المصرية ووسائل اعلامها المرئية بشكل مكثف، ويقال ان الضجة وراءها قضية تتعلق بالملايين التي يجنيها هؤلاء «النجوم» على حساب السذج، وبالذات من السيدات!

3 ــ أهم اتهام «سياسي ديني» تردد في أروقة مجلس الامة خلال الاربعين عاما الماضية كان ذلك الذي ورد على لسان احمد باقر، وزير التجارة والصناعة بحق مسلم البراك عضو المجلس، بأنه لا يصلي!! فهل سيكون هذا الاتهام مثالا لما يمكن ان تتحفنا به مستقبلا «لجنة الظواهر السلبية»؟

4 ــ أكدت القمة الروحية الاسلامية ــ المسيحية التي عقدت في قصر رئاسة الجمهورية اللبنانية على ضرورة الامتناع عن او العودة لاستخدام السلاح او العنف لتحقيق المكاسب السياسية، وشدد حضور الملتقى، ضمن امور كثيرة اخرى، على اهمية الحوار واحترام صيغة التنوع حتى يبقى لبنان واحة للحرية للحوار البناء!
ما تناسى الحضور التطرق له هو مدى استعداد هذه القيادات الروحية للاستقالة من مناصبها في سبيل استقرار لبنان ورفعته! فطالما كانت مصالحهم الطائفية تأتي قبل مصلحة وطنهم، فإن لبنان سوف لن يرى الاستقرار او يعرف الامان او تكون فيه حرية!!

5 ــ التقى وزير العدل ووزير الاوقاف مسؤولي مركز «الوسطية» بحضور الوكيل والوكيل المساعد والامين السوداني للمركز، وورد في الخبر ان الوزير تناول مع قياديي المركز الملاحظات التي وجهت وتوجه للمركز، وان الوزير استمع الى رد مفصل على كل تلك الملاحظات، وانه ثمن «الدور الكبير» الذي يقوم به المركز في ابراز صورة الاسلام السمحة! ليعذرنا الوزير القول بأن الصورة التي تكلم عنها او التي اعطيت له لم يشاهدها احد حتى الآن! وان ما صرف على المركز (اكثر من 50 مليون دولار) قد ذهب هباء منثورا، وان كان معاليه يريد زيارة المركز مرة اخرى، فنحن على استعداد لمرافقته وتوضيح حقيقة دوره، الذي لم يخرج عن اقامة الولائم وصرف المكافآت السخية للجان «مركز الوسطية» التي يرأس بعضها وكيل الوزارة ويرأس اخرى الوكيل المساعد!
أحمد الصراف
habibi [email protected]

سامي النصف

رجال الدين ورجال السياسة

تمتاز اللعبة السياسية العربية، ولربما بعكس الألعاب السياسية في الدول الأخرى، بتواجد رجال الدين ضمن لاعبيها من منظور حقيقي هو ان الإسلام «دين ودولة»، وهو أمر نافع ومفيد لأخلاقيات تلك اللعبة متى ارتفع رجل الدين بالسياسية لمستواه بدلا من أن ينزل هو لمستوى ومتطلبات اللعبة السياسية التي تحتاج في بعض الأحيان إلى كثير من الغش والكذب والخداع وهي أمور لا تصح ولا تصلح أبدا لرجل الدين الذي لا يمثل كحال رجل السياسة نفسه بل يمثل العقيدة التي يتدثر بردائها الكريم وينعكس بالتالي أداؤه على نظرة الناس لها.

لذا فمن بديهيات القول ان على رجال الدين وهم يمارسون السياسة ألا يضعوا «إعادة الانتخاب» أو خدمة الناخب، ظالما أو مظلوما، هدفا لتحركاتهم وممارستهم بل عليهم تحكيم الضمير، وان يكونوا القدوة الحسنة في أخلاقهم وتصرفاتهم فلا يشتموا أو يفحشوا أو يغضبوا أو يفجروا في الخصومة عند الاختلاف حتى تصبح الممارسة الخليجية والعربية والإسلامية مثالا يرفع أمام الأمم الديموقراطية الأخرى.

وفي المقابل، على الناخبين ان يجلوا ويحترموا رجال الدين من الساسة فلا يتعاملوا معهم كما يتعاملون مع بقية النواب أي ان يستغلوهم في حروبهم وخصوماتهم وأكاذيبهم وافتراءاتهم حتى لا تتسبب تلك الأفعال الدنيئة في الضرر لرجال يفترض ان يكونوا فوق تلك الترهات والادعاءات، وان يكون الناخب أول الحريصين على عدم إيذاء سمعتهم وكرامتهم ومن ثم زجهم في تعدياتهم على الأبرياء.

أما رجال السياسة من أهل الدين فنذكرهم ونذكر أنفسنا ونذكر بقية النواب بحديث رسول الأمة ( صلى الله عليه وسلم ) «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» فمطلوب من النواب وخصوصا رجال الدين منهم ان يحفظوا الأمانة ويصدقوا في القول ويحفظوا ما عاهدوا الأمة عليه في قسمهم وألا يفجروا في الخصومة كأن ينحرفوا بالأدوات الدستورية عن مقاصدها الخيرة وغيرها من ممارسات سالبة.

آخر محطة:
أتى في صحيح الكافي عن أبي جعفر ( رضي الله عنه ) «إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره» الى آخر الحديث الذي يدل على ما للغضب من ضرر على الناس فلنسمع ولنتعلم ولنتعظ.

احمد الصراف

أنا والمخدرات

احتفل العالم قبل أيام باليوم العالمي للمخدرات، وكان الافضل تسميته اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، لكن هذه قضية أخرى.
وبهذه المناسبة اعلنت ادارة مكافحة المخدرات عن مصرع 32 شخصاً عام 2007 نتيجة التعاطي، 25 منهم مواطنون (!!)، كما بلغ اجمالي قضايا المخدرات 1290 قضية من تعاط واتجار وجلب ووفاة، كانت نسبة الكويتيين منهم اكثر من النصف بكثير.
من الواضح ان الادارة المعنية تبذل جهودا ضخمة في عملها، كما ان هناك زيادة كبيرة في قضايا المخدرات بمختلف انواعها، ومعروف ان اي زيادة في عمليات الكشف عن جرائم التهريب تعني ان كميات اكبر تنجح في الدخول الى البلاد من غير ضبط، والعكس ليس بالضرورة صحيحا.
لا نود هنا التقليل من دور مسؤولي الادارة العامة لمكافحة المخدرات، او الادارة العامة للجمارك، فهؤلاء يعملون في بيئة صعبة، كما انهم معرضون لضغوط نفسية ومادية وامنية كبيرة بسبب خطورة مهامهم وضخامة الاموال المستثمرة في عمليات التهريب.
من اكثر طرق تهريب المخدرات شيوعاً تلك التي تتم فيها الاستعانة بمهربين سذج من الحالمين بالثراء السريع، ولكن متى ما دخلت المخدرات للبلاد فان عمليات توزيعها وبيعها تتطلب مهارات وشراسة اكبر.
ومن الحقائق المعروفة كذلك ان المخدرات تخرج من دول فقيرة وذات كثافة سكانية عالية، الى دول مستهلكة اكثر ثراء، فمخدرات الكويت تأتي من باكستان وايران وافغانستان وبعض دول شرق آسيا، واحيانا الهند، ويكون المهرب عادة شابا جاهلاً تماما بالمصير المميت الذي ينتظره ان القي القبض عليه بتهمة التهريب، علما بان المخدرات لا تعامل بالخطورة نفسها في بلد الانتاج او المصدر، فكل ما يراه هؤلاء المهربون السذج ذلك الثراء الهائل الذي اصاب البعض نتيجة قيامهم بعملية تهريب ناجحة.
ومطلوب هنا من الادارة العامة لمكافحة المخدرات والجمارك التعاون على طبع اقرارات، بعدد لغات الدول التي تأتي منها المخدرات الى الكويت، تبين فيها خطورة هذه المواد على صحة الانسان والمصير المميت الذي ينتظر مهربيها، مع إيراد صور وأرقام عن أحكام الاعدام التي صدرت بحق بعض مواطني تلك الدول.
إن الوقاية خير من العلاج، وتوعية المسافر القادم للكويت، سواء عن طريق البحر أو الجو، من خطورة هذا العمل كفيلة بردع الكثيرين. ويمكن في المرحلة الأولى الاكتفاء بتوزيع الإقرارات على ركاب «الكويتية» و«الجزيرة» قبل تعميم الإجراء ذاته على ركاب شركات الطيران الأخرى القادمة الى الكويت، وهذا حق سيادي للدولة لا ينازعها أحد عليه.
نبدي استعدادنا لتمويل عملية إنتاج وإخراج وطباعة هذه الإقرارات أو الكتيبات بعدة لغات، إن وافقت الجهات المعنية على التكفل بتوزيعها على القادمين الى الكويت، ونود ان نذكر هنا ان قرارا صدر قبل أشهر يتعلق بضرورة توقيع القادمين الى الكويت على إقرارات إدخال عملات نقدية للبلاد، ولكن لم يوضع القرار موضع التنفيذ بشكل فعال حتى الآن!

أحمد الصراف
habibi [email protected]