سعيد محمد سعيد

حوار ديني يرعاه الملك

 

سيكون علماء الدين من الطائفتين الكريمتين في البلاد أمام امتحان صعب… لا خيار آخر أمامهم جميعا غير النجاح في ذلك اللقاء الذي أعلن رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة الترتيب لعقده قريبا برعاية جلالة عاهل البلاد، ولابد من إعداد العدة من الآن لهذا الحدث الذي لا أعتقد أن أحدا يريده محاطا بالمجاملات والتنميق وإطلاق التوصيات التي تذهب أدراج الرياح، أو الاكتفاء بمظهرية الشعارات التي شبعنا منها كثيرا إلى درجة أن المواطن البسيط صار ينفر منها، لأنها لا تغني ولا تسمن من جوع.

طوال سنوات مضت، بعد مرحلة الإصلاح في البلاد وقبلها، لم يجلس علماء الدين في البلاد مع بعضهم بعضا… حتى عندما نشطت «خفافيش الظلام» في تنفيذ محاولات تفكيكية أخذت من الطائفية والتفريق والتأليب شعارا لها، لم تكن للعلماء العاملين ذوي الحضور المقبول في المجتمع أية مبادرة أو تحرك لصد الأفكار السلبية المؤثرة على حياة الناس من الطائفتين الكريمتين في البلد، بل كانت خطابات الشحن وكتابات النزاع هي التي ظهرت وانتشرت، وإن كانت قليلة محدودة، لكن لا يمكن إنكار تأثيرها السيئ.

والحمد لله، أن المبادرة جاءت من جلالة الملك، وكأن العلماء الأفاضل لا يمكنهم أن يمارسوا مسئوليتهم الدينية والاجتماعية والوطنية إلا من خلال التوجيهات الملكية! بلاشك، نحن نحترم المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ونحترم كذلك المجلس العلمائي، ونكن التقدير لكل العلماء والمشايخ الذين يحملون هموم الوطن، لكننا في الوقت ذاته، لا يمكننا القبول بحال التباعد التي لا تخفيها اللقاءات الرسمية أو المنتديات الفكرية والدينية، فكثيرا ما وجدنا تلك اللقاءات في جانب، والقضايا الملحة والحساسة على مستوى الهم الوطني في جانب آخر، والكل يعلم أن تأثير ودور علماء الدين في نفوس الناس، له الأثر البالغ والتجاوب الأكبر، لكن لو سألت أي مواطن: كيف ترى دور علماء الدين؟ فإن إجابته لن تتجاوز عبارة: كثر الله خيرهم، وجزاهم الله خير الجزاء، لكن ننتظر منهم المزيد، غير خطب الجمعة، والمحاضرات والبيانات والدروس الفقهية.

كنت قد كتبت ذات يوم، أن حال التباعد والجفاء بين علماء الدين، وخصوصا من الطائفة الجعفرية، وبين الديوان الملكي هي حال سلبية يجب ألا تستمر، لكن بعض الإخوة الأفاضل من القراء الكرام، ادعى أنني لا أرى الصورة واضحة، وهي صورة حصروها في المناسبات كعاشوراء والزيجات الجماعية واللقاءات الدورية في مجالس الشيوخ، لكن لم يستطع أحدا أن يقنعني بأن هناك تواصلا وطنيا للتباحث بشأن قضايا الوطن الحساسة، قد وجدت المبادرة من العلماء، واكتفى البعض بالقول إن العلماء يمدون يدهم لكنهم لا يجدون التجاوب المطلوب!

إن الدعوة التي أعلنها رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة لعدد من المعنيين بالشأن الديني في البلاد، إلى لقاء ودي تحت سقف المصارحة والتحاور الحر المباشر وطرح أمور الدين الحنيف بشفافية وصدق ورؤية قائمة على العلم والبحث النزيه، تتجه نحو خطاب وطني في المجالس والمنابر والجمعيات والصحافة، وفي الحياة العامة عموما كما ورد في البيان، لكننا نتمنى أن يكون هذا اللقاء المرتقب، جسرا نعبر من خلاله إلى ما يشبه «لقاءات الحوار الوطني»، يبدأ بعلماء الدين والرموز الدينية الفاعلة في الساحة، ولا ينتهي إلا بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني مستقبلا، لوضع النقاط على الحروف وبشكل واضح… لإنهاء كل ملفاتنا المؤرقة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *