قررت وزارة الداخلية قبل سنوات إقامة مخفر على ساحل «بنيدر» لخدمة المنطقة وما يحيط بها من سواحل مجاورة، ويكون مثالياً كذلك في حال وقوع حادث يتطلب التدخل من جهة البحر، ولكن مسؤولي الوزارة فوجئوا، بعد مسح المنطقة جوا، من عدم وجود أي قطعة أرض غير مستغلة محاذية للبحر يمكن استخدامها كمخفر بحري!!
ولأهمية الموضوع قام وكيل الوزارة بجس نبض شخصية أمنية كبيرة عن إمكانية استغلال جزء صغير من الشاليه الخاص بها لغرض إقامة المخفر، فلم ترحب تلك الشخصية بالفكرة!!
نكتب عن هذه الحادثة بمناسبة مشروع المصفاة الرابعة المزمع إقامتها على مساحة 16 كيلومترا مربعا، وفي وسط أغلى مناطق الشاليهات، وبين أكثر المشاريع السكنية اكتظاظاً مستقبلاً، مما يعني ان المصفاة ستكون مصدر تلوث بيئي وبحري لسكان تلك المنطقة، كما هي حال أهالي منطقة أم الهيمان وما يجاورها مع منشآت ومصافي منطقة الشعيبة الصناعية.
أخبرني شخص مطلع في مجال المصافي النفطية ان من المهم وجود المصفاة على سواحل البحار لتسهيل نقل النفط المكرر منها من جهة، ولحاجة المصافي إلى كميات كبيرة من المياه لتبريد عمليات التكرير، ولكن هذا ليس أساسياً بشكل مطلق في كل الظروف، خاصة في بلد صغير كالكويت، التي لم يتبق لمواطنيها وحكومتها مناطق تنفس بحرية. كما ان بناء المصفاة في تلك المنطقة سيكون مصدر تلوث جوي وبحري وبري ضخما، الأمر الذي يبرر نقل موقع المصفاة إلى منطقة بعيدة عن الساحل والعمران وجر المياه اللازمة لها عن طريق أنابيب، وإقامة بحيرة صناعية صغيرة عندها!! ويقول الخبير إن تكاليف النقل مهما عظمت، فإنها لا تقارن بما يمكن تحقيقه من وفر مادي وفائدة صحية عالية، وتجنيب المناطق السكنية والسواحل والمياه الشمالية خطراً بيئيا كبيرا.
نكتب ذلك للحقيقة من جهة، ولتطمئن نفوس البعض المريضة من جهة أخرى من أن ليس لنا أي مصلحة مع أي طرف من الأطراف الفائزة، أو التي ستفوز بعقد المصفاة الرابعة، والتي لا نعرف حتى كتابة هذه السطور والكلمات، حقيقة هويتها؟ كما ان ليس لنا أي مصلحة في نقل المصفاة من موقعها الحالي، إلى أي موقع آخر فلا شاليه لنا ولا أرض أو فيللا أو قصراً بعد الدائري السادس. ولكن فقط حرقة في القلب على بناء مصفاة ضخمة على الشريط الساحلي الوحيد الذي تبقى للناس شمال الكويت.
أحمد الصراف