يبدو أن توجيهات جلالة عاهل البلاد وما تركته من آثار ذات صدى طيب في المجتمع البحريني، لم ترق للبعض ولم تمسح على قلبه بما يرضى! فوجد في نفسه الغضب الشديد والحنق والمرارة وكأنه فقد الشريان الذي يمده بالحياة، وهو شريان «الطائفية البغيض».
كلنا يعلم، بأن تلك الممارسات المؤدلجة حينا والمنظمة حينا آخر والمفتعلة أحيان أخرى والساذجة في بعضها، تصدر من أناس كثيرين، وتصنيفاتهم كثيرة، ولكنهم اليوم، أيا كان انتماؤهم المذهبي، لا يجب أن يكونوا في حل من المساءلة حال إثبات تهمة تأجيج الطائفية عليهم…
ومن المبشر أيضا أن يكون هناك من الناس، من يصدق مع نفسه ومع غيره في التصدي لممارسات الطائفية…لكن، هل تريدون قصة حدثت في الصباح الباكر بأحد المستشفيات المرموقة لتعرفوا حقيقة العلاقة بين أهل البلد مع بعضهم من جهة، ووجود مرضى الطائفية من جهة أخرى؟ حسنا تفضلوا لنتعرف على صنف من الناس لا يزال يعتقد بأنه يمتلك مهارات لإثارة الطائفية بأسلوب «مقنن»…
في صباح يوم الأربعاء الماضي، أوقف حراس المستشفى سيارة «مواطن» قبل الدخول، فما كان من أحد «المدنيين» إلا أن طلب من السائق تسليم الصور المتدلية من المرآة العاكسة، وكانت عبارة عن مجسم صغير يحمل صور عدد من الرموز الدينية التي اعتاد البعض أن يعلقها في كل مكان… تساءل المواطن :»لماذا تريد الصور؟»، فأبلغه الشخص بأن هذا ممنوع! وعليه تسليم الصور ثم العودة لتسلمها حال خروجه من المستشفى وهذا ما حدث… دخل المواطن المستشفى ليوصل صديقه ووالدته المريضة، وبعد المراجعة عاد الجميع إلى السيارة وانطلقوا ليقفوا بالقرب من البوابة إذ أراد السائق استعادة الصور، فرفض «المدني المذكور» تسليم تلك الصور رفضا قاطعا! الشاهد هنا، أن السائق كان من طائفة، أما صديقه ووالدته فكانا من الطائفة الأخرى وهم جيران يعيشون في حي واحد بمدينة حمد، فما كان من الشاب إلا أن استشاط غضبا على ما فعله ذلك «المدني» باعتبار أن ليس في الأمر خطأ وأن هذا (مذهب صديقه ومعتقده) ولا شأن لذلك الشخص في التدخل في معتقده… وقعت مشادة كلامية بين الجميع، لكن في اليوم التالي، ذهب الشاب صاحب القضية ليشكي إلى المسئول ما حدث، فاستقبله برحابة صدر واعتذر له مؤكدا أن ما حدث تصرف شخصي من «المدني» الذي أحضره المسئول ليعتذر إلى المواطن على فعلته التي لا غاية من ورائها إلا إثارة الفتنة.
شخصيا، أنا ضد رفع صور الرموز الدينية (غير البحرينية) بمناسبة وبغير مناسبة، وضد استخدام البعض لهذه الصور من أجل إثارة واستفزاز الطرف الآخر بعقلية صبيانية صغيرة… وهذا الأمر تناولته على مدى سنوات طويلة، ليس لأنه يعكس انتماء لدولة أخرى فهذا الكلام من «الهراء»، فالمرجعية الدينية شيء والولاء والمواطنة شيء آخر! لكن، أنا مؤمن بأن من حق أي إنسان أن يعلق في بيته وفي سيارته ما يشاء من صور على ألا يتعدى ذلك للأماكن العامة والشوارع! فالقانون قانون يجب أن يسري على الجميع… أما أن يفتعل البعض المشكلات الطائفية ويتصيد ليثير النزاع، فهذه ممارسة لا تنتهي بالاعتذار، بل بمحاسبة من قام بالفعل محاسبة تردعه عن تكرار ما فعل…